أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - روجيه عوطة - مفتاح السجن في يد السجين














المزيد.....

مفتاح السجن في يد السجين


روجيه عوطة

الحوار المتمدن-العدد: 3043 - 2010 / 6 / 24 - 19:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


• الشيوخ:علينا إذن أن نراقب الأحياء
• كريون:نعم،قد يوجد بينهم من لا يعجبه أوامري
• الشيوخ:لا يوجد بيننا أحد بلغ منه الجنون حداً يريد معه أن يموت
• كريون:لا يوجد أحد يظهر أنه يريد أن يموت لكن كثيرين يهزون رؤوسهم فتتدحرج في نهاية الأمر،يجب أن ننظف المدينة
مقطع من مسرحية "آنتيجون"،ب.بريشت


حاول أحد الفلاسفة في فرنسا خلال منتصف القرن العشرين، أن يصل الى غور السمات السلطوية، وفرضها لآليات إديولوجية شاملة على الفرد، الذي يدور في قعرها،وذلك للسيطرة عليه، والحفاظ على كُنها الظاهر، وذاتها القائمة.
هذا الفيلسوف، الذي أطلق عليه لقب "البنيوي"، رغم كرهه العميق لهذا اللقب، وبُعده عن بنيوية عصره,هو مزيج من "باخوس" ، "مينيرفا" و"بروميثيوس"،ميشال فوكو الذي ما فتئ يبتعد عن الوعي العام، والخاص النفغي، ليحيى حياة اللاوعي النفسي/الإجتماعي ،حتى آخر حبة رمل في ساعة حياته.
فكيف يمكن تحليل هذا المقطع المسرحي حسب منهج "فوكو"؟والوصول الى التقطعات الكلامية والشيئية فيه؟ ومن ثم تعميمه كنموذج فوكوي؟

قام ميشال فوكو بالخروج من تحت وطأة الألم التراجيدي الشبه الشعري النيتشاوي من جهة، ومن تحت وطأة الفلسفة الكينونية الهيدغرية من جهة أخرى،وذلك بوضع منهج قادر على إبراز التمفصلات والتقطعات الخطابية وآلياتها وأشكالها المتعددة في المستويات التاريخية والإنتروبولوجية والإبستمولوجية،وقد عُرف هذا المنهج ب"منهج الأركيولوجيا"، الذي لا يكتفي بوصف وتحليل الحالة الخطابية، بل يبرز مكونات الخطاب الكامنة في مفاصله وتقاطعاته لاسيما المظلمة منها.
حسب فوكو،المؤسسات الرقابية الإجتماعية تُعنى بوظيفتين،الأولى، وضع "إستعمال للزمن" من أجل مراقبة فكر الإنسان وممارسته النظرية خلال وقت محدد،كتحديد توقيت فتح الأسواق والمدارس والمستشفيات، الثانية، مراقبة أجساد الأفراد كالقيام بحملات التلقيح ومكافحة الأوبئة والحد من الوفيات...
وهذا ما يسمى بآليات سياسة السلطة الإحيائية، التي تعتمد بالدرجة الأولى على البيولوجيا والسياسة أيضاً،كل هذه الآليات، تمارسها الأنظمة من أجل الحفاظ على حالتها الوضعية وإستقرارها،وذلك بمعنى آخر، ببث كلمات تفرضها على ما يوجد في المجتمع من أشياء مفروضة بدورها على الأفراد الذين يدركون ذاتهم عبر بعضهم البعض، مشبعين بإيديولوجيا، تقع عليهم من فوق بعيداُ عن إدراكهم الفعلي.
إذا قمنا، بتفكيك مدلولات هذا المقطع من المسرحية،لا بد أن نصل إلى تمفصلات خطابية تكشف النقاب عن أهمية الضبط والقمع لدى أي سلطة أو نظام،إذ أن كل سلطة ليست سلطة سيادة بل سلطة قمع.
نرى أن جوهر المناقشة التي تدور بين "كريون" الطاغية، ومستشاريه "الشيوخ" ، ليس إلا الرقابة،" علينا إذاً أن نراقب الأحياء"، أي نضع آليات رقابية، لتحديد موقع كل فرد على الخريطة الإجتماعية والسياسية والثقافية, لمعرفة إن كان ضمن لواء السلطة وعياً ولا وعياً، ويُفَضَل الحالة الأخيرة.
ونحن، في هذه المسرحية، أمام سلطة مختصرة بشخص "كريون" ،الذي يريد تفعيل رقابة نظامه، حتى لا يبقى أحد في المجتمع لا يعجبه أمره، وما أمره إلا كلماته وأشيائه المفروضة.
في الشق الثالث من المقطع يطلق الشيوخ كلمة/صفة بالغة الأهمية،إعتبرها فوكو مفتاح مهم لمنهجه، ألا وهي الجنون،" لا يوجد بيننا أحد بلغ منه الجنون حداً يريد معه أن يموت".
فكل من يخالف أوامر السلطة الرقابية ، يتم أسلبَتِه، وإعتباره شاذ ومنحرف، وبالتالي مجنون,فهذا الأخير ليس إلا من تَمَرد على الوعي العام، وتصرف على أساس وعيه المنقطع عن ذهنية العوام.
فالمنحرفين ،المجرمين، ودعاة العنف في المجتمع، يشكلوا الوجه الحقيقي للمجتمع، بعكس القناع التي تُحاول سلطة فرضه على السياق الإجتماعي،فطبقة الوعي العام العاقلة حسب السلطة ليست سوى قشرة يختبئ وراءها لا وعي عام، قليلاً ما يظهر،هنا يجب الإشارة للتتابع الخطابي لإشكالية الجنون عبر التاريخ، الذي تأثر بعدة عوامل إجتقصادية.
في نهايه المقطع المسرحي،يأتي" كريون " على ذكر عبارة ذات مدلول شديد الأهمية ألا وهي "يجب أن ننظف المدينة"، فالسؤال يطرح نفسه مِن مَن ننظفها؟
الجواب ظاهر في "من لا يعجبه أوامري"، بمعنى آخر،يجب تنظيفها من اللاوعي الإجتماعي ، لكي تحافظ السلطة على الوعي الوضعي المفروض عبر رقابتها الشديدة.
لقد وجدنا أن هذا النقاش الدائر بين حاكم ومستشاريه ليست إلا توضيح لعمل السلطة باتجاه أفراد يتلقون وعياً يخدم مصلحة طبقة حاكمة،ومن يخالف هذا النظام ليس سوى كلمة نكرة في السياق الإجتماعي.
لقد وضع فوكو مفتاح السجن/المجتمع،في يد الأفراد/السجناء،وعلى الرغم من ذلك،لا يمكنهم الوصول الى الحرية، في وجه مراقبة السلطة لتفاصبل حياتهم،فهل نسيَّ الفرد آلية إستخدام المفتاح؟ أم أنها خديعة السلطة،خديعة إغلاق الزنزانة، وترك المفتاح في مكان قريب، لا يتوقعه السجين؟أم، حتى، أنه ليس بمفتاح ؟



#روجيه_عوطة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية والدين
- هل من سبب للطائفية في لبنان؟


المزيد.....




- بايدن مازحا خلال لقاء في البيت الأبيض: -أنا أبحث عن وظيفة-
- ثوران بركان إتنا في جزيرة صقلية الإيطالية (فيديو + صور)
- جي دي فانس: يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن لعب دور شرط ...
- هيئة الأركان الأوكرانية تعترف بتوتر الوضع بالنسبة لقواتها عل ...
- جنرال بولندي يتوقع حربا وشيكة بين أعضاء الناتو
- والز يعلن استعداده للمناظرة مع فانس
- ديمقراطيو كاليفورنيا يدعون إدارة بايدن إلى تجنب -دوامة الموت ...
- وزير الخارجية المغربي: خطاب العرش وضع المحددات الثلاثة لموقف ...
- إعلام إسباني: تعرض والد نجم برشلونة لامين يامال إلى عملية طع ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل استنفدت إمكاناتها العسكرية في المعر ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - روجيه عوطة - مفتاح السجن في يد السجين