محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ
(Mohamed Wagdy)
الحوار المتمدن-العدد: 3042 - 2010 / 6 / 23 - 22:32
المحور:
الادب والفن
الزمان نهايات عام 2002 … المكان مطعم باربيكيو بشارع فارسكور في ميدان سفير بمصر الجديدة .
صاحب المحل هو الناشط الحقوقي جورج اسحاق مؤسس حركة كفاية أو ” الخواجة ” كما كنت أسميه أنا وماجد جرس “
كان العمل يجري في المحل على قدم وساق لمدة لا تقل عن اثني عشر ساعة ، وقد عملت في هذا المحل في إحدى فترات أزماتي المالية ” وما اااااا أكثرها ” .
كانت بدايات اليوم تبدأ بإشعال الفحم استعدادا ً للشواء ، ثم بعد ذلك إعداد المحل لاستقبال الزبائن وتجهيز الفراخ النصف مشوية ، ثم إكمالها وقت مجيء الزبون .
والحق أن العمل تحت رئاسة ماجد جرس لم يكن مريعا ً كما كنت أتصور في البداية لأنني فهمت بعدها سبب عصبيته الدائمة وهو مجيء الخواجة مرتين يوميا ُ لجرد المحل ، وحضوره متجهما ً يكفي وحده لقتل أي مصدر للتفاؤل ورغم ذلك كنا نجعل من تجهمه هذا مادة لتندرنا ” بعد رحيله طبعا ” .
وكان ممنوعا ً على طباخ السم أن يذوقه إلا في الأعياد في ذلك المحل وقد حضرت عيدين في ذلك المكان : عيد الميلاد وعيد القيامة وفزت فيهما مرة بدجاجة مشوية ” وقد أقسم ماجد يومها بالمسيح والعذراء وجميع القديسين أن الخواجة مريض بحمى لأنها نوبة كرم لا تتكرر كثيرا ”
ومرة ً أخرى ب” تي شيرت جديد ” ( يومها أكد ماجد تأكيدا ً لا يرقى إليه شك أن الخواجة قريب من الموت وأنه يحاول إحسان خاتمته بعدما شعر بدنو أجله ” ملحوظة : ما زال جورج إسحاق حيا ً ويرزق وبغزارة ” )
وفي أحد الأيام واجهتنا مشكلة ، وهو عدم حضور عامل توصيل الطلبات فوضع ذلك علينا عبئا ً زائدا ُ ، فاقتصرنا على طلبات المناطق القريبة جدا ً .
وكالعادة اتصل تليفونيا ً أحد الأشخاص وطلب فرخة ( حتى الآن الطلب ليس فيه عجيب ) ، ولكنه طلب أن تكون الفرخة نصف مشوية وأن لا يوضع عليها الزعتر ( وهو علامة من علامات المحل البارزة ) .. فكان الطلب غريبا ً بعض الشيء فكيف يتناول الفرخة ناقصة التسوية ؟؟؟؟؟؟
تطوعت ” نتيجة لأني فضولي ” بالذهاب لتوصيل الطلب ، ووصلت .
فتح الباب وتناول ” البيه ” الأوردر ، وأنقدني الثمن ورسوم التوصيل ، ولم أملك فضولي فسألته عن سبب طلبه العجيب فأجاب ببساطة
” دا عشان الكلب ، نص سوا عشان معدته ما تتعبهوش ولو انتو حطيتو زعتر هيقرف “
لا يعلم أحد أنواع المشاعر المختلطة التي انتابتني ساعتها من دهشة واستغراب وذهول وخليط من مشاعر مختلفة لم أستطع لها حصرا ً ولا وصفا ً
ولكنني ابتلعت كل هذا ، واستعدت مرحي قبل أن أمضي لشأني وناوشت الكلب متمنيا ً أن يرضى قائلا ً
” ما تديني ورك ينوبك ثواب “
#محمد_وجدي (هاشتاغ)
Mohamed_Wagdy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟