|
قوانين النجاح الروحية السبع - قانون التباعد المحسوب عن الهدف
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 926 - 2004 / 8 / 15 - 12:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قوانين النجاح الروحية السبع _ The Seven Spirtual Laws Of Success القانون السادس -6- ترجمةكامل السعدون
القانون أو المبدأ الروحي السادس لتحقيق النجاح يعتمد على فكرة التباعد المحسوب بين وعيك والهدف ، بمعنى إن أردت أن تحقق هدفاً ما في الحياة ، وبالذات الأهداف السامية ذات القيمة الكبيرة ، فعليك أن تحافظ على Distance مسافة معينة بينك وبين هدفك ، فلا يصبح هذا الهدف شغلك الشاغل في يومك العادي ، بحيث تفسد عليك حياتك ، دون أن تنفع الهدف كثيراً أو تقربه . لا يعني هذا أن تسقط الهدف من حسابك أو أن لا تركز عليه ، لكن أن لا تتعلق به بشكل مرضي بحيث أن لا تنشغل إلا به ولا تفكر إلا بشأنه ، حتى ليغدو قيداً يفسد أيامك واستمتاعك بالحياة . صراحةٍ …هذا المبدأ يشكل تقنية خطيرة لتحقيق الأهداف بانسيابية شديدة ، من خلال أن يكون لديك هدف مستنبت في العقل الباطن ، وبذات الآن هناك مساحة فاصلة وبأحكام وبوعي بينك وبين هذا الهدف ، مسافة أنت من خلقها وأنت من سيطر على بواباتها وأمسك مفاتيحها . حيث تستزرع هدفاً وتسقيه بماء الإرادة والإيمان والثقة ومبررات التحقيق ، ثم تودعه في العقل الباطن وتتابع عيش حياتك حسب آلياتها الاعتيادية ، فأنت بهذا تضمن للهدف التحقق في وقته وحينه ، وإذ يأتيك يأتيك وأنت سعيد أصلاً وناجح ومنسجم ومتوازن ذهنياً وسيكولوجياً ، لأنك تعيش الواقع كما هو دون أن تترك هدفك المؤجل يفسد هذا الواقع أو يعكر صفوه . لماذا نتشبث نحن وبقوة بأهداف معينة أو أحلام أو رغبات ، بحيث نتلف أيامنا بأحلام اليقظة والتفكير المواظب بها ؟ إنه الشعور باللا أمان ، إنه الخوف ، وتلك ثمار الجهل بالذات ، الجهل بذواتنا الحقيقية الأصلية ، التي هي منبع كل الثروات والنعم . الذات الحقة هي الوعي الجوهري الذي يعرف كيف تشبع كل الاحتياجات وكيف يتحقق التوازن النفسي والشعوري وكيف ينسجم الكائن الفرد مع ظروفه الاجتماعية وحركة الواقع خارج إطار الجسد والذات الفردية . الذات العليا هي الجوهر الروحي الشفيف العادل المنسجم ، أما الذات السفلى ال ( EGO ) ، فما هي إلا تلك الذات التي تربت على الخوف والجهل والطمع والقسوة والجبن بذات الحين ، إنها الذات الاجتماعية ، القناع الذي استعرناه من المجتمع لنعيش فيه مع هذا المجتمع وننسجم فيه مع العقل الجمعي لهذا المجتمع . السعادة الحقة لا يمكن أن تنال بالمقتنيات المادية ، كائنة ما كانت تلك المقتنيات ، سيارات ، فلل ، أطيان ، أرصدة مصرفية …الخ …الخ . جميع هذا ليس إلا رموز للثروة وليست الثروة الحقة ، إنها رموز تذهب وتجيء ، وغالباً ما تخذلنا لأنها لا تمنح إلا شبح سعادة وليس السعادة الحقيقية ، خصوصاً ما إذا جاءت تلك الثروات على النقيض من جواهرنا وقيمنا الجوهرية الأصيلة . التعلق المرضي بالهدف ، يدل على الفقر الروحي ، فقر الوعي الذي يجعل الواحد منا يتشبث بالرمز المادي كدليل على الغنى أو القوة أو الحرية ، ويستبدل بالرمز ما هو جديرٌ بالاعتبار وهو الثراء النفسي ، ثراء الجاذبية الروحية والنفسية ، ثراء المعرفة الحقة ، ثراء الاقتدار الروحي الحق الذي لا يغلب ولا يهزمْ . بعكسه ، فوعي التباعد المحسوب عن الهدف ، يدل على أنك غني وواثق من وصولك إلى الهدف ، وواثق من امتلاكك للقوة والقدرة والطاقة الداخلية الهائلة التي تمكنك من الوصول إلى هدفك في وقت نضوجه ، لا في الوقت الذي تقرره ذاتك الخائفة المترددة الخائرة . وعي التباعد المحسوب عن التعلق بالهدف ، يضمن لك حرية الخلق لأنك حرٌ من أي هدف قريب ( دون أن تكون بلا هدف ) ، يضمن لك حرية الاستمتاع بيومك ، بحاضرك ، بإمكاناتك الموجودة في يومك هذا ، لا في المستقبل . التعلق المرضي بالأهداف يفضي إلى الوقوع في فخاخٍ عديدةٍ متنوعة ، الشعور بالتوتر ، الكآبة بين الحين والآخر ، الشعور بالعجز ، اليأس ( وجميع تلك المشاعر تنبع من الشك بتحقق الهدف والتعلق الشديد به ، بحيث نضع كل رصيدنا من الطاقة النفسية والفسيولوجية والروحية في كفّة هذا الهدف ) . الوعي الحقيقي الصادق هو وعي الثراء الموجود لا المنتظر ، وعي أننا في واقع الحال أثرياء ونملك كل شيء في داخلنا ، وما هذا الذي نريده في الخارج أو من الخارج فهو لا أكثر من استعراض قوتنا الداخلية وليس لأننا محتاجون لثراء الخارج ، مثل هكذا وعي هو وحده الذي يحررنا من الأمل الخائب والانتظار القلق للنتائج ، وبذات الآن مثل هكذا وعي ، هو ما يجعلنا نحوز على أفضل النتائج . هناك شيء عرفه الحكماء والمتصوفة منذ فجر التاريخ ، إلا وهو الإيمان بالمجهول وما يسمى حكمة المجهول ، الإيمان بأن هناك شيء عظيمٌ في الانتظار ، هناك شيءٌ جميل وكبير سيحصل وسيغني حياتنا ويجعلها أكثر رحابةٍ واكثر حرية ، هكذا إيمان يتميز بأنه غير متلهف ، هادئ ومستقر وقائم على ثقة وأيمان داخلي بأن شيء سيحصل وأن الحياة في الخارج غنية جداً ولها قوانينها الخفية في أن تهب الثروة والقوة والجمال والسعادة لأولئك غير المتلهفين ، غير الخائفين ، غير القلقين ، بل الواثقين المؤمنين بالمجهول وكنوز المجهول . هذه الحكمة لا تقوم على التعلق الشديد حد الالتصاق بهدف واحد أو أمل واحد والتشبث به واستعجاله للتحقق ، فإن تحقق كان زائفاً هشاً رخيصاً سهل الكسر . إن لم تؤمن بأنك قوياً في داخلك ، لن تستطيع أي قوة في الخارج أن تغني ضعفك أو تزيله ، وإن كنت فقيراً في داخلك فإن كل ثروات العالم لن تغنيك ، وإن كنت تعيساً مع نفسك وفي داخلك ، فلن يسعدك شيء آت من الخارج ، وعليه فإن بناء قوة الداخل وحكمة الداخل وسعادة الداخل هي الأساس لتحقيق النجاح والتطور والنمو الطبيعي للشخصية ، في الخارج . أولئك الذين يبحثون عن الأمان في الخارج ، يطاردون شبحاً لا يمكن الإمساك به ، لأن الأمان لا يمكن أن يتحقق عبر المال ، والقلق الشديد على الأمان الموهوم المنتظر مجيئه من الخارج ، يفضي بالمرء لأن يخسر الكثير من روحه ولا يكسب أمانا ولو أجتمع له كل مال الدنيا . ثم ما هو الأمان وممن تريد أن تأمن ؟ أتريد الأمان لتعيش حياة عادية لا جديد فيها ولا تغيير ولا تطور ؟ وما الجدوى وهل هذه هي الحياة الحقيقية التي تستحق أن تعاش ؟ لا … فأنت هنا مجرد تكرر نفسك أو تكرر ذات التجربة التي يعيشها كل العجزة والمعوقين والمسطحين ، ومم تريد أن تأمن ؟ من الفقر ، من المرض ، من الأعداء ، من السلطة والمجتمع ؟ حسناً …كل هذا يمكن أن تأمن منه بأن تطور وعيك وتثق بقدراتك وإمكاناتك وتبرمج مسارك الحياتي وتستحصل المعرفة وبذات الآن تؤمن بكنوز العالم ، كنوز المجهول التي يمكن أن يكون لك فيها حصة ، إذا ما أبعدت ذهنك عن أهدافك المستقبلية وتركت فضاءٍ واسعاً للحركة ، يمكن أن تتسرب منه رياح المجهول . تخلى عن التعلق الشديد بهذا الذي تعرف ولج بنفسك في فضاءات ما لا تعرف ، بهذا يمكن لك أن تضمن لك نصيباً أسمى من هذا الذي حسبته وخططت له ، وكلنا عاش غرائب الحياة ورأى كيف يمكن أن تأتي الفرصة الغير متوقعة بل ما تبدو وكأنها معجزات ، تأتي عبر بوابة الإيمان بثراء العالم والابتعاد عن التعلق الضيق بوهم الأمان ووهم ( ما تعرفه خير مما لا تعرفه ) . المجهول الذي لا نعرف ، هو تلك الإمكانات الجبارة التي لا تعد ولا تحصى والتي يمكن أن تفتح لنا عبر الإيمان بها وعبر عيش الحاضر بحميمية والابتعاد عن الأهداف الكبرى عقب ترسيخها في العقل الباطن . طبعاً لا نقول أنك لا ينبغي أن تضع إستراتيجية أو خطة عمل للوصول إلى أهدافك ، قطعاً لا …! ولكن نقول لا تضع خطة تفتقد المرونة ولا تستوعب احتمالات التغيير أو التعديل ، ولا تعش المستقبل بذهنك وخيالك ، بينما جسدك وروحك في الحاضر ، لا …ضع خطة مرنة وقابلة للتغيير وأحبب حاضرك وأؤمن بأنه هو الأجمل وهو الممكن الوحيد الذي تملكه الآن ويجب أن تعيشه بعقلك وعواطفك وروحك ، وكأنه آخر يومٍ لديك ، بذات الوقت… أترك في خطتك أو إستراتيجيتك فراغات تستوعب الاحتمالات القادمة . الجميل في المجهول أو الغامض الذي لا يرى ولكنه موجود ، هو أن هناك إمكانيات تنظيم وتعديل مسارات زمنية – مكانية لا تعد ولا تحصى لتحقيق الأغراض الإستراتيجية التي وضعتها لنفسك ، بحيث بينما أنت تبدو وكأنك ناسياً لهدفك الإستراتيجي ، تجد أن قوى المجهول تنظم نفسها وتنسق العلائق والأحداث الزمكانية ، بحيث تحقق لك هدفك في الوقت والمكان المناسب ، وبطريقة ربما أنت لم تفكر فيها أبداً . إنك إذا تشبثت بشكل مرضي بهدفك ، تكون قد ضيقت إبداعات المجهول وقللت فرص تحركه الحر لأنك فرضت عليك ما تعرف فقط من خيارات وفرص مصطنعة وقد تكون زائفة كالورود البلاستيكية ، أفتستبدل ورود الكون الجميلة المتميزة بنكهتها وعطرها ، بورود بلاستيكية ؟ بالمناسبة ، قانون التباعد المحسوب عن الهدف والامتناع عن التشبث المرضي بالهدف ، لا يتعارض أبداً مع القانون السابق الذي تحدثنا عنه في الفصل السابق ، أي قانون الرغبة والغرض ، لا أبداً ، ولكن قانوننا هذا يقول أنك وبينما تضع لك هدف إستراتيجي سامي ، أترك بين النقطة ( أ ) التي تمثل نقطة الطلاق الهدف ، والنقطة ( ب ) نقطة الوصول إليه ونيل النتيجة ، اترك فراغاً لكل الاحتمالات التي لا تبدو متوقعة في الحاضر ، ولكنها موجودة في المجهول ويمكن أن تنظم نفسها وتخدمك ساعة تكتمل الظروف الزمكانية والعلائق الضرورية ، ودون تدخل حاسم منك . هذا الفراغ الذي تتركه من خلال عدم الالتصاق بالتفاصيل ، يؤدي إلى أنك لن تضغط حلول متسرعة ربما تنسف الهدف بأكمله أو تشوهه أو تؤدي بك إلى الكآبة والضيق واليأس والشعور بالعجز ، إذا ما فشلت في أن توصلك لما تريد. حين خلق الخالق الكون ، خلقه لا لأنه يشعر بالعجز أو الضعف أو الملل أو الكآبة ، بل لأنه أراد أن يستعرض أمام عينيه قوته وعظمة إبداعه . كن مثل هذا الخالق ، لأنك في جوهرك تملك سمات الخالق ، الثقة والقوة والرغبة بالتجسد في الخارج …! جسد نفسك وإبداعك في الخارج ولا تنتظر من هذا الخارج أن يعطيك ما لا تملك ، بل إنه يعطيك حسب…. أرباح ما تملك أصلاً ، مزيد من السعادة ، مزيد من التألق ، مزيد من الجمال ، فإن لم يعطيك شيئاً فأنت لم تخسر شيء لأن ما لديك من رأسمال موجود في جوهرك وسيبقى ولن يستهلك .
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى تتحرر المرأة عندنا ...كشقيقتها الأوربية ...؟
-
قوة بلا حدود -أستنساخ القدرات المتطورة لدى المتفوقين
-
قوة بلا حدود -الفصل الأول
-
من ليس لديه أزدواجية ولاء فليرمي الشيعة بألف حجر
-
شهداء الكلدان ...شهداء العراق الأبرار ...!
-
هذا الإعصار الذي كنّا بحاجة إليه
-
القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!
-
قوة اللحظة الحاضرة -قراءة في كتاب في التنوير الذاتي
-
لغة التعامل مع الطفل
-
في اليوم الأول للمدرسة - قصة مترجمة
-
قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الخامس _ الرغبة والهدف
-
العائد - قصة مترجمة
-
الآيات الشيطانية -1-
-
في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس
-
إيرانيون أكثر من أحفاد كسرى
-
تأثير الحب على العمر البيولوجي - ج2
-
تأثير الحب على العمر البيولوجي
-
قوانين النجاح الورحية السبع The Seven Spirtual Laws
-
قوانين النجاح الروحية السبع -3-
-
تقنيات السيطرة على المخ- 2
المزيد.....
-
مثل -عائلة جتسون-.. هل نستخدم التاكسي الطائر قريبًا؟
-
رجل يمشي حرًا بعد قضاء قرابة 30 عامًا في السجن لجريمة لم يرت
...
-
آبل تراهن على هاتف آيفون جديد بمزايا ذكاء اصطناعي وبتكلفة أق
...
-
روبيو: لقاء بوتين وترامب مرهون بتقدم المحادثات حول أوكرانيا
...
-
نتنياهو يتوعد حماس ويطلق عملية عسكرية مكثفة بالضفة الغربية
-
طهران: -الوعد الصادق 3- ستنفذ بالوقت المناسب وسندمر إسرائيل
...
-
-أكسيوس-: واشنطن قدمت لكييف مسودة -محسنة- لاتفاقية المعادن
-
الاتحاد الأوروبي يهدد مولدوفا بوقف المساعدات المالية
-
للمرة الأولى.. المحكمة العليا بأوكرانيا تقضي ببطلان عقوبات ف
...
-
-حماس- تعلق على هوية -الجثة الغامضة-
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|