|
الكنيسة الكاثوليكية والاعتداءات على الاطفال
سارة ناجي الياسري
الحوار المتمدن-العدد: 3041 - 2010 / 6 / 22 - 09:23
المحور:
حقوق الانسان
ظهرت في وسائل الاعلام الامريكية والبريطانية والاوربية عموما الكثير من الاتهامات ضد الكنيسة الكاثوليكية وبابا الفاتيكان حول تهم تتعلق بالاعتداء على الاطفال الايتام الذين هم في عهدة مؤسسات تابعة للكنيسة ويتم الاشراف عليها من قبل رهبان وكرادلة وقساوسة والاتهامات للقساوسة بممارسة كافة الوان الاعتداءات على الاطفال جسديا وعاطفيا ومعنويا وكل ضروب الاساءة اما التهمة الموجه لبابا الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية هي بالتستر على التقارير التي كانت تصل وذلك حماية لسمعة الكنيسة وعدم اخذها على محمل الجد حيث نشرت صحيفة (النيوورك تايمز) الامريكية رسائل بين البابا وقس امريكي متهم بالاعتداء على أطفال واشارت الى ان البابا الذي كان كاهنا ثم كاردينال في المانيا التي هي مسقط رأسه حيث كان رئيس مجمع عقيدة الايمان المكلفة بالتحقيق في الجرائم الكبرى ومعاقبة مرتكبيها قد سعى باصرار لمنع عزل الكاهن وذلك انطلاقا من حرصه على خير الكنيسة الجامعة ومن جهة وسائل اعلام الفاتيكان فقد نددت بما وصفته( حمله دعائية كبيرة ضد البابا والكاثوليك) مما تتناقله وسائل اعلام اوروبيه وامريكيه ونفت ان يكون هناك اي تستر من البابا بشأن القس الامريكي وان الفاتيكان لم يعلم الا بعد 20 عام من وقوعها وبدأت التحقيقات ثم اسقطت التهم عن القس وقد قدم البابا اعتذار رسمي الى ضحايا الاعتداءات وقد قرئت في كل اوربا وكان نصها (انني اسف حقا باسم الكنيسة واعبر علنا عن العار والندم الذي يعترينا) وقال ايضا (لقد تمت خيانة الثقة وانتهاك الكرامة). وسوف يقوم الفاتيكان بدفع تعويضات ماليه للضحايا القائمين بدعاوى قضائية بعد هذا العرض لتراشق الاتهامات والادعاءات بين الطرفين نرغب بتحليل هذه الواقعة التي تناولتها وسائل الاعلام والاستفادة منها باخذ الدروس والعبر وتحليلها بموضوعية وحياديه ويجب على المتعلم او المثقف العربي ان لا يأخذ الامور كما هي عليه بدون تفكير ويجب ان يحاول ان يطور نفسه عبر تغيير مفاهيمه وافكاره من خلال بعض الحوادث التي تنشر ويجب ان لا يمر عليها مرور الكرام اولا يجب علينا ان لا نؤمن ونصدق بكل ما تتناوله وسائل الاعلام وانا لا اعني هنا انكار وجود اعتداءات او غير ذلك وانما اعني ان لا نؤمن بنزاهة وسائل الاعلام المطلقة فالنزاهة المطلقة وانعدام المصالح الخاصة والتوجيه الخاص لا وجود لها في وسائل الاعلام جميعا ثانيا هناك لجان تحقيق تشكلت لبحث الموضوع والبحث في التهم فيجب ان لا نصدر الاحكام جزافا وتسرعا ثالثا ان لا نقوم بالطعن بالديانة المسيحية والمذهب الكاثوليكي بسبب هذه الحادثه كما استغلها البعض للتنكيل والتنديد ويجب على كل من يفكر بان ينتقد دين معين ايا كان هذا الدين فيجب عليه ان يدرسه او يطلع عليه لكي يهاجم ويقارع بالحجة والديانة المسيحيه هي رسالة روحانيه انسانيه ساميه ومن يسيء تطبيقها فهذا شأنه وليس شأن الدين .اذن يجب ان نتعلم ان النظريات تختلف عن التطبيقات اي ان فكر دين معين اذا لم تراه متجسد تجسيد حقيقي في سلوك افراده فلا تظلم الدين لانه غير سؤول عن مدى التزام افراده به .
الاعتداءات على الاطفال هي جريمة انسانية بشعة بكل ما في قاموس هذه الدنيا من بشاعة لان الانسان الواعي المدرك لخطورتها هو الذي يرى حتى هذه الكلمات قليله بوصفها والمعتدون على براءة الاطفال هم وحوش بهيئة بشرية ويجب عليهم ان يعاقبوا بأشد العقوبات وللذي لا يعرف ماذا يفعل الاعتداء بالاطفال سوف نشرح ونفسر له مبدئيا كما يرى علماء النفس ان الخمس سنوات الاولى من عمر الطفل هي التي سوف ترسم الخطوط العريضة لشخصيته وسوف تبقى حتى مماته ولن يستطيع تغييرها فهل ولد طفل مرغوب ام غير مرغوب ؟ هل أحيط بحنان ورعاية ام اهمل؟ هل كان والديه يحوطانه ام منفصلين؟ هذه كلها وغيرها ترسم معالم شخصيته ومقدار ضبط عواطفه المستقبلية وغيرها؟ يؤدي الاعتداء الجسدي على الطفل الى عواقب مختلفه حسب صفات الطفل كالعمر والوعي ودرجة الحساسية وهي اولا عواقب جسدية كالجروح والكدمات او أذى في الاعضاء الداخلية ثانيا عواقب انفعالية كمشاعر الرعب والقلق والعجز وسوف يكون لدىالفرد مستقبلا حالات قلق واكتئاب وضعف القدرة على ضبط الانفعالات ويكون هؤلاء شكوكين وقليلي الثقة بانفسهم وغالبا عدوانيين مع اقرانهم في المدرسة ومع افراد اسرتهم عند الكبر ثالثاعواقب نفسية كمشاعر الذنب والخجل وكره النفس وانخفاض تقدير الذات ووجود بعض المشاعر التي سترافقه مدى العمر كالحزن والالم وافكار انتحارية رابعا الاعتداء الجسدي سوف يجعل الضحية في المستقبل تخاف من صنع الحب فانها غالبا ما تتجنب ذلك ويصبح الحب علاقة مؤلمة وتمتد اثار المشكلة طوال طفولة الضحية ومراهقته وبلوغه وشيخوخته ومن هذه المشاكل عاطفية وسلوكية وضعف التحصيل الدراسي وتكرار التعرض للاعتداء الضحية بدوره يطور نمط من السلوك لتدمير الذات وللانفصال عن الواقع والحقيقة كالادمان على المخدرات او الكحول او الافراط في الاكل والاضطرابات المعوية ناهيك عن احتمال كونه سيصبح متحرش بالاطفال في المستقبل اومجرم او مخنث او فاشل او مشرد اوعاهرة اذا كانت بنت الا من رحم ربي واستطاع ان يجتاز المحنة وهو عدد قليل حسب الاحصاءات والدراسات وباختصار شديد من يعتدي على الطفل فقد وقع على وثيقة ضياعه واعدامه ورسم خريطة مستقبله مملوءة بالالام والاحزان بتلك الذكريات الرهيبه . هذا ما قام به القساوسه في امريكا وايرلندا وهولندا وسويسرا وكثير من دول العالم ولا يفوتنا ان نذكر بان معاناة الاطفال والتحرش بهم في ملاجيء الايتام هي ظاهرة عالمية تتجاوز دين معين او بلد معين فهي منتشرة في كل انحاء العالم والبلدان حيث اننا بني البشر مهما حاولنا ان ندعي الرقي والتطور والاحساس والوعي الانساني ونعيب على مملكة الحيوان شريعة الغاب الذي تكون فيه السيطرة للاقوى فاننا محكومون بهذا القانون ولاعطاء الحيوان حقه فهو دوما متهما بالوحشية والغرائزيه الا انه لم يحدث ابدا ان ترك حيوان اطفاله كما يفعل كثير من بني البشر دون اي وخز ضمير او تقدير للمسؤولية عندما تقوم باستغلال طفل عاجز لا حول له ولا قوة ولا عائلة افظع استغلال وتعذبه وتستعبده مستغلا قدرتك لا لشيء سوى للذة والمتعة الشاذه فهذه هي شريعة الغاب وخصوصا عندما تستغل الثقة التي اوكلت لك بها اذا كنت رجل دين كان يجب على الفاتيكان ان يحسن اختيار قساوسته المسؤولين عن الاطفال ويختبرونهم ويتأكدون من سلامتهم النفسية واذا ما وصلت تقارير اساءة كان يجب التعامل معها بحزم وجدية لانقاذ براءة الاطفال واخلاصا للامانة وللشعار الديني المنضوين تحت لوائه وبعد هذا كله اما حان الوقت للشعوب الجاهلة الداخلة في سبات ان تستيقظ من مفاهيمها القديمة التي لم تحاول حتى التدقيق بها والتأمل فيها من اجل التغيير والتطور فليس كل من ارتدى عباءة الدين بيده مفاتيح الجنان ومنزه عن الخطأ وكلمته العليا في حياتنا وليس كل من ارتدى ثياب غريبه عن ثقافتنا فهو فاسق وكافر وما الى ذلك من اوصاف كفانا عشقا للمظاهر الخادعة فقد قالها شكسبير منذ القرون الوسطى (ليس كل ما يلمع ذهبا) فثقافتنا التي ورثناها هي ثقافة القشور التافهة الخادعة والتي نحكم على الناس من خلال ادعاءاتهم ومظاهرهم لا من خلال سلوكهم فعندما نحكم على الناس من خلال سلوكهم فاننا نكتسب ثقافة الجوهر ولكي نكون صائبين في احكامنا على الناس يجب ان نكون متسامحين ومتفهمين وان لا نحكم احكام مسبقة بناء على مفاهيمنا الموروثه التي قامت بتجميد عقولنا وان نجعل السلوك هو الدليل القاطع في الحكم على اي انسان ولقول كلمة حق دعونا ان لا ندين اوننظر الى بعض الفئات المجتمعية باستصغار او احتقار او ادانة فليس جميعنا ولد لعائلة محترمة او لعائلة متماسكة ومن المؤكد ان في داخل كل منا رغبه بان يحيا حياة كريمة محترمة ولكن ليس جميعنا تتحقق له رغبته فبعضنا يجبر على ان يحيا حياة ذل وهوان او حياة لا يعرف كيف الخلاص والفرار منها فلا تحتقر اي انسان بل دوما احترمه واحترم انسانيته قبل اي شيء فأقدارنا وظروفنا هي التي تحكمنا وليست رغباتنا وارادتنا الى حد بعيد
#سارة_ناجي_الياسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأملات في وضع الفتيات العراقيات
-
ثقافة الدم
-
اسباب انخراط الشباب في الارهاب
-
العراق على وشك ان يصبح اكبر فضيحة فساد في التاريخ
-
هل لحرية التعبيرحدود تقف عندها ؟
-
-العراق بين العلمانية والاسلام السياسي-
-
ظاهرة التمييز ضد المرأة بين الماضي والحاضر والمستقبل
-
-حق الانسان في العمل-
-
-على هامش السيطرات التفتيشية-
-
الضغوط على المرأة تطعن بمكتسبات حريتها
-
المرأة وجرائم الشرف
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|