أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - حين يخذل الفكر العقل... الجابري نمودجا














المزيد.....

حين يخذل الفكر العقل... الجابري نمودجا


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 20:57
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في الأيام الماضية رحل الجابري إلى الدار الأخرى... رحمه الله واسكنه فسيح جنانه... وقصدت هنا الحديث عن الجابري كفكر فعل فعلته في تمويه الحقيقة لا كشخص رحل و ووري الثرى، وكفاعل خلف وراءه أبحاثا وأفكارا وتأويلات توزعت بين البحث في التراث والدين والمجتمع والثقافة والفلسفة... وفنا عمره في تتبع الشبكة الدماغية للعقل العربي، فظل تائها بين بنية فوقية عربية من نتاج واقع اجتماعي شرقي موغل في التخلف وبين واقعه الحقيقي الأمازيغي الذي له بنيته الخاصة وكان منذ القديم محط لقاء للحضارات ومهدا للثقافة والعلوم... وهو ابن أمازيغ فجيج الشامخة... فجيج التي لم يجد لها أثرا حين حفر في ذاكرته... بعد أن ترك واقعه الاجتماعي، وثقافته الأصيلة تتمرغ في وحل الإقصاء والتهميش، بل ولم يدخر جهدا لينفي حضارة أجداده الأمازيغ عبر البحث عن أدهى التبريرات والمراوغات التاريخية لإخفاء حقيقتها بحقيقة كاذبة... أجل تخلى عن أهم مكون لشخصيته ليرحل إلى أقاصي بنية عقل عربي غارق في أوحال الميتافيزيقا ويبحث فيه عن مدخل ما نحو شعاع شمس أبت إلا أن تشرق من الغرب... ففي الوقت الذي كان فيه الراحل يصول بين الدهاليز المظلمة للمخ العربي ويتبادل النيران مع مفكري الشرق حول حضارة بنت مجدها على غزو الآخرين وقتلهم وإتلاف محاصيلهم الفكرية... كان علماء الغرب قد تخلصوا من عقدهم، وشمروا على سواعدهم باعتمادهم على لغتهم وحضارتهم وأصلهم فانطلقوا في غزو الفضاء وصقل علم الجراحة والطب واختراع الكهرباء والتكنولوجيا في فضاء من الحرية والديمقراطية حيث لا سلطة تعلو سلطة العقل...
والحصيلة...
الحصيلة ها نحن وراءهم نلهث كالكلاب الضالة نحو منتجاتهم نفترسها، نستمتع بتلفازهم، بمكيفاتهم الهوائية، بتلفونهم الخلوي، بسياراتهم وطائراتهم... وننعم بعوازلهم الطبية ونحن ننكح ما ملكت أيماننا...
رحل الجابري... رحل ولم يعبه يوما بأنه ابن تربة لها تاريخ، لها أجداد وحضارة... رحل دون أن يعترف بأن هناك عقل أمازيغي له بنيته هو الآخر كان أولى عليه أن يستقصيها، أن يبحث فيها ويقشر قشرتها المتكلسة بفعل الإقصاء والتغييب... رحل دون أن يبحث عن سر حضارة الأمازيغ التي توقفت فجأة... وانقطعت كما ينقطع تيار الكهرباء... فتكونت فجوة عميقة أحدثت قطيعة مع ما تركه يوبا الثاني، المثقف والعالم الأمازيغي، وأفولاي صاحب أول رواية في التاريخ "الحمار الذهبي"، والفيلسوف ابن باجة والكاتب دوناتوس وغيرهم كثيرون...
فعوض أن يتجه مفكرونا نحو البحث والتنقيب عن سر هذا النكوص الذي يشهده الوضع الراهن ومحاولة فهم سر هذا الاندحار الحضاري والثقافي... حوّل جلهم صحنهم الفضائي نحو الشرق ليتيهوا في شرح الأفكار وتأويل النصوص وشحذ الفلسفات... وتلميع الجنس العربي مقابل تبخيس الأجناس الأصلية... وهم بذلك يقفزون عن الحاضر ويعمقون الهوة بين المستقبل والتاريخ ويبتعدون يوما بعد يوم عن سر التقدم... هذا السر المدفون بتربة أرضنا المعطاءة...
نعم رحل الجابري... ولم ترحل الحضارة الأمازيغية... وسيرحل كثيرون في آتي الأيام... وحدها الحقيقة ستتسمر في العلا وستظل ثقافتنا تتجذر أكثر فأكثر بفعل تشبث أبنائها البررة بها...
مقالي هذا ليس جلدا لشخص ميت... حاشا... لأنني أومن بأن موت الجابري كانسان يقتضي مني كل الاحترام... لكن فكر الجابري لا زال حيا يغذيه أناس لا زالوا حاقدين على هوية هذا الشعب الأصلية... وتراهم، بلا حياء، يؤسسون جمعيات للدفاع عن لغة ابتلعت كل شيء في المغرب... ومع ذلك ينبحون... أناس يستديرون بأعناقهم نحو البعاد حتى تكاد تتهرس، فيما أرجلهم تطأ تربة أرض يحلبونها بأفواههم المجوفة من كل لسان...
وها هي اللجنة المكلفة بميثاق التربية والتكوين تستعد للاجتماع هذا الشهر كي تُفعّل نيتها المبيتة في طرد الأمازيغية من التعليم وتحسم مع لغة تعلقت بحنجرتها كعلقة تُبرزِطُها كلما حاولت النطق...
هكذا يريدون محونا ثقافيا، لغويا وحضاريا... أو على الأقل أن يحولوننا لشيء ما سوانا... ونمنحهم سكوتنا هدية الاشتراك...

وبلا عقد...
تاريخنا القديم أرصت دعائمه حضارة عريقة تطورت في شتى الميادين، علمية، عمرانية، ثقافية وحربية...
وبغتة طاح الظلام... فابتعدنا عن النور وفقدنا الارتباط بالعلوم والفكر وأدوات التطور...
ورُفِعت معاول وفؤوس لتفتيت مظاهر الحياة وتغتير ملامح حضارة قاومت عبر التاريخ... وسُخِرت لذلك عقول تمحي وتبرمج وأدمغة تزور وتبرر وفلسفات تلغي وتوطّد...
لكن...
وحدها الحقيقة ستستمر... وستثبت أن كل من يريد أن يمحي حضارة ما بجرة قلم، أو بفذلكة تأويل أو حتى بضربة تزوير إنما كمن يريد تسلق الحائط بدبره... أو كمن خذل عقله بفكره...
رحم الله الجابري... وحفظ الله هويتنا وحضارتنا الأمازيغية من كل فكر مدمر... آمين انك سميع مجيب...



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللجوء اللغوي
- الإعلام والمجتمع سوء الفهم الكبير
- رسالة بدون طابع
- الصراع الطبقي
- أن نكون نينيين أو لا نكون
- الشتاء قادمة بِدْجْوارو والشَّفْشافْ1...
- أمازيغ 00 سكر
- الحصلة الأمازيغية بين متزحلق ومنزلق
- العرب و...
- اِحْضوا أنفسكم (اِحترسوا) إنهم يضربونها...
- رمضان وإعادة جدولة الشهوة
- ممحاة لمحو الجهل بمحو الأمية
- إيْ اِتْشْ وانْ إن وانْ... و الدَمْعُون
- طير يا حْمامْ
- اللغة والبكاء...والإنصاف
- انتخابات.. ولا أصوات
- الكذب على الذات
- الرقص على لغتين
- تعريب السحور ..
- أَيور وشهر أيار... وباسل.


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - حين يخذل الفكر العقل... الجابري نمودجا