جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 00:27
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقد حيرتني كلمة (العائلة) في اللغة العربية لانها تشير الى افراد اسرة واحدة علاقاتها قوية بفضل رابطة الدم و لكن العربية تسمي هذه العلاقة المصيرية بعائلة وهي مشتقة من (عول) اي علاقة الاعتماد على البعض وكلمة (العيال) جمع (عيل) في (اللهجة المصرية) تشير الى الطفل الصغير الذي يعتمد في حياته اعتمادا كليا على العائلة اي انه ثقل و (عالة) على (العائلة). لست اعلم فيما اذا كانت هذه الكلمة صيغت لان المحيط العربي الصحراوي و طريقة تنظيم العرب و الانتماء الى قبائل كانت تعطي للعائلة دورا آخر يختلف عن اليوم كان يتحتم الاعتماد الكلي على البعض لاجل البقاء على قيد الحياة في محيط صحراوي قاسي. العويل هو البكاء بصوت مؤلم و (الاعالة) هي حمل و ثقل على الاكتاف لاجل التمويل و دفع نفقات العيش. العائل او المعيل هو الذي يكسب القوت لاجل تحمل ثقل العائلة. ولكن هذه معاني سلبية نوعما بمفهومنا الحاضر تعكس الحمل الثقيل الذي كان ينقض الظهر كما انقض ظهر محمد.
كانت العرب (و لايزال البدو الى يومنا هذا) تعيش في الخيام بسبب الحاجة الى التنقل و لذلك تعتبر كثير من الكلمات التي تشير الى الهندسة و المعمار دخيلة على العربية. كانت العرب تطلق على الخيمة (اهل) وكانت العائلة تسكن في (اهل) مما ادى الى تغيير معناه من (الخيمة) الى (العائلة) و الى الترحيب في (اهلا و سهلا) تماما مثلما تغيير معنى كلمة (لحم) من (خبز) الى (لحم) او (العيش) في اللهجة المصرية لاعتماد القبائل العربية اساسيا على اللحم لعدم وجود الزراعة في المحيط الصحراوي. كلمة (منزل) هي الكلمة المناسبة للقبائل الصحراوية لتنزل فيها مؤقتا و هذا ايضا يبين سبب كثرة استعمال القرآن كلمة (نزول) الايات. المقصود بنزول الوحي اذن ليس النزول من السماء و انما النزول في منزل و خيمة كأهل.
اما كلمة الاسرة فلست اعلم فيما اذا توجد هناك علاقة مع الاسر و الاسير او تشير الى مجموعة كما في عبارة (باسره) اي بمجموعه. و لكن هناك حقيقة لايمكن ان تنكر بان العائلة رغم دورها الايجابي في المجتمع هي ثقل على اكتاف المعيل في المناطق الفقيرة و العائلة الكبيرة بدأت تتلاشى في بعض البلدان لتحل محلها العائلة النووية nuclear family التي قد تتغيير بدورها ايضا او بدأت فعلا بالتغيير.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟