أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 22:30
المحور: الادب والفن
    


ابتعدت عن وفاء بعد ان اعترفت لي بأنها متزوجة, وغرقت في حزن واكتئاب. ثم فوجئت بعودة منى من أميركا مع ابنها, بعد وفاة زوجها. وكان وجودها الى جانبي يواسيني ويشعرني براحة نفسية ويجعلني أتناسى آلامي. وفي يوم, رأتني وفاء بصحبتها, فأدركت من ملامحها انها شعرت بالغيرة. وفي اليوم التالي, فوجئت بها وهي تدخل الى مكتبي.
قالت دون ان تخطو خطوة الى الداخل: "هل تسمح لي بدقيقة من وقتك؟"
قلت لها: "تفضلي," وأشرت لها بالجلوس.
جلست أمامي في المقعد مرتبكة بعض الشيء. بعد لحظة, توجّهت اليّ, وكان وجهها في غاية الجدية, وفتحت بقولها: "عمر, أريد أن اعتذر لك عن كل شيء حصل بيننا. انا... لم أكن أقصد التسبب لك بأي جرح أو ازعاج. كنت أستلطفك وأحب صداقتك. وعندما شعرت بأن الذي بيننا يمكن أن يتعدى الحد المسموح... ابتعدت عنك. ثم صارحتك بالحقيقة. ولكن, يبدو أني كنت قد تأخّرت, فتسبّبت بجرحك."
أنصتّ لها دون ان أنبس بكلمة. أحسست انها صادقة. قلت بعد برهة: "أنا مصدّق أنك لم تتقصّدي تجريحي. ولكني لا افهمك. لماذا قلت لي انك تسكنين لوحدك وسمحت لي ان أوصلك الى بيتك؟"
أجابت: "انا فعلا أسكن لوحدي."
"وزوجك؟"
"زوجي بعيد, ولكنه موجود."
"ألا يوجد لديكما أولاد؟"
"لا."
ساد صمت بيننا. وبعد برهة, قالت وفاء: "هل لي بسؤال؟"
"تفضّلي."
فسألت بشيء من التردد: "لو كنت قد أحببتني بحق, كيف استطعت الإرتباط بامرأة أخرى بهذه السرعة؟"
"أية امرأة؟"
"تلك المرأة الجميلة التي ترافقها منذ فترة."
أجبتها بنبرة جدية: "منى كنت أعرفها من قبل."
"عرفتها قبلي؟"
"نعم. قبل مدة طويلة. كانت مسافرة والآن عادت."
"ولماذا سافرت؟"
تنهّدت قليلا وأجبت: "كي تبتعد عني. بعثها أهلها الى أميركا حتى تكون بعيدة."
بدت وفاء مستغربة. "وكيف عادت الآن؟"
"عادت ومعها ابنها بعد ان توفي زوجها." أجبت, ثم قلت لها: "أريد أن أسألك, كيف تسكنين لوحدك وزوجك بعيد؟"
"انا وزوجي لا نلتقي كثيرا. فهو مشغول جدا بعمله وأولاده."
"اولاده؟"
"من امرأة أخرى."
"وأين يعيش أولاده؟"
"في لندن."
"وكيف تعرّفتما؟"
"هو يعرف بعض أقربائي. تعرّف علي وطلبني للزواج."
"وانت؟ كيف وافقت ان تتزوجي من رجل وتكونين بعيدة عنه؟"
"انها الظروف."
"ولماذا تسكنين لوحدك هنا بعيدا عن أهلك؟"
"انها ظروف العمل."
"وزوجك لا يعرف أنك تسكنين لوحدك؟"
"لا. انه يتّصل دائما قبل مجيئه الى البلاد فأعود الى القدس, أقضي معه يومين أو ثلاثة, حتى يغادر هو وأعود أنا الى هنا."
"هل يزور البلاد كثيرا؟"
"مرة كل شكرين أو ثلاثة."
"ولماذا أنتما متزوجان؟"
"هو تزوجني لأنه يريد أن يلقى أحدا خلال مكوثه في البلاد, وأنا ..."
"أنت ماذا؟؟"
بقيت وفاء صامتة دون رد, وكان القلق واضحا على وجهها. فسألتها: "هل هو ثري؟ لا بد أنه ثري جدا."
"نعم, إنه كذلك. ولكني لم أتزوجه طمعا في ماله. تزوجته كي أنقذ عائلتي من الإنهيار بعد إفلاس والدي. لقد ساعد عائلتي وأمّن لنا كل شيء يمكن لنا أن نطلب ولا ينقصنا شيء."
"وأنت؟ ألا ينقصك شيء؟"
لم ترد وفاء, بل أرخت رأسها وشردت بذهنها. ثم ذهبت دون قول شيء.
لم تفارق وفاء تفكيري طوال الأيام التالية. أحسست بالعطف نحوها. لقد ضحّت بنفسها من أجل عائلتها وأصبحت زوجة ذلك الرجل الثري, الذي تراه مرة كل شهرين او ثلاثة, لمدة ايام قليلة, ثم تعود لتعيش في شقتها وحيدة, وكأن ليس لها أحد. أهي راضية بحياتها؟ لا بد أنها تعاني كثيرا.
ولكن ذلك لم يكن باديا عليها في البدء. فقد عرفتها انسانة مفعمة بالنشاط والحيوية وواثقة من نفسها الى حد بعيد... ولكن, منذ أن عادت من سفرها بدا عليها الحزن. لماذا؟؟
هل تحبّني؟
"انا لا أستطيع! لا أستطيع!" هذا ما قالته لي حين سألتها ذلك.
انها لا تستطيع أن تحبني لأنها متزوجة. ولكن, هل هذا يعني أنها لا تحبني؟! أشفقت عليها, وأشفقت على نفسي. وعدت أقول في نفسي مرارا: لو لم تكن متزوجة...!
في الأيام التالية رأيت وفاء عدة مرات في أنحاء المحكمة. عرفت أنها ما تزال تغطي قضايا أخرى وتتردد في المحكمة, الا أني لم أكلّمها بأكثر من تحية عابرة. وذات يوم, رأيتها وهي جالسة في زاوية الجلوس شاردة بعينيها, وكأنها تسرح في عالم آخر. لم ترني. فأحسست برغبة شديدة في الذهاب اليها والتحدّث اليها. وقفت جامدا للحظات, أفكّر, وفي داخلي أرجو أن ترفع نظرها اليّ. ولكني سرعان ما تركت المكان وعدت الى مكتبي.
بقيت ألتقي بمنى من حين الى آخر, أتناول الغداء معها في احد المطاعم, او تأتي اليّ الى المكتب فندردش قليلا. ثم أخبرتني أنها تبحث عن عمل. وكانت قد أكملت دراسة الحقوق في أميركا. فاقترحت عليها وظيفة عند أحد المحامين الذي تربطني به معرفة. فسُرّت بذلك واستلمت عملها.
ثم اختفت وفاء من جديد. لم أعد أراها في المحكمة. استغربت من الأمر, وكنت على وشك الإتّصال بها أكثر من مرة, الا أني كنت أمنع نفسي من فعل ذلك في كل مرة. ومضى أكثر من شهر على هذه الحال... الى أن لمحتها ذات يوم وهي جالسة وحدها في زاوية الجلوس. اقتربت منها. فلم تنظر اليّ. كانت شاردة في عالم آخر, كما رأيتها في المرة الأخيرة, تكسو وجهها تكشيرة فيها يأس. جلست في المقعد المجاور, الا انها بقيت غارقة في شرودها, دون أن تلحظ وجودي. وبعد لحظات ... تنبّهت فجأة لما حولها ورأتني أمامها.


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة