|
نقد رواية الحفيدة الامريكية للكاتبة والصحفية انعام كججي بقلم سوسن سيف
سوسن سيف
شاعر وكاتب وفنان تشكيلي
(Sawsan Saif)
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 14:06
المحور:
الادب والفن
الحفيدة الأمريكية أنعام كججي نحن العراقيون كنا نحتاج او نريد كتابا كهذا‘ كتاب يصف كل ما يجري هناك ‘ لصعوبة الوصول ‘ ولعدم قدرتنا على السفر‘ ربما الخوف قد يزرع الكثير من العراقيل لتحقيق تلك الرغبة السافرة ‘ يا الهي متى أصبح الذهاب الى الوطن كارثة؟ ولكن بأعتراف شابة عراقية تسكن أمريكا ‘ تأتي الى العراق كمترجمة بملابس مجندة أمريكية الشكل الأخيرالذي لا يحبه العراقيون قادمة مع جنود الاحتلال وهذا يكفي للتعرف على ماذا يجري . هنا ‘ اجمل ما كتبت المؤلفة وجعلت من نفسها على علاقة بالمجندة الشابة احدهما تحس بالاخرى طوال جو الرواية المشحون بالتناقضات صديقتان .. عدوتان.. لا نعرف نكتشف هذا في النهاية . العراق كله قد تجمع في شخصية الجدة الرائعة العراق كله الجدة رحمه بعاداته بتقاليده برائحة النخيل والجوري والنبق والوحل ‘ تجمع بذكرياته بتلك اللغة البسيطة التي انتثرت في كل الزوايا العراقية من الجنوب حتى الشمال لغة الشارع والبيت لغة الحب والغزل لغة الشتائم البذيئة والدعوات والتشفي لغة القديسيين التي تتمتم بها الجدة ‘و للعراقي الحق للتمتع بالكلمات التي يستعملها كل يوم كغذائه اليومي والهواء الذي يتنفسه وهنا حققت الكاتبة هذا الجانب .الجدة رحمة الوطن ولغة الوطن ودموع الوطن الحسرة والرغبات الصغيرة الحلوة المعطرة التي تريدها في حفيدتها التي ربتها و انتزعت منها بالقوة لتذهب الى أمريكا . وكان لقاء رائعا بين الحفيدة والجدة وهو سر الرواية . أظهرت الكاتبة الحقيقة بطرح مسلسل العنف وأسبابه ‘ مغامرات بوش وبكائه التقليدي على الذين قتلوا في هذه الحرب التي أختلقها ‘ عمل الفجيعة وبكى عليها كأنه نيرون يوم أحرق روما وقال هاتوا قنينة الدموع مع أختلاف الادوار. بطلة الرواية ‘ زينة الشابة السمراء التي تحمل كل سحر الشرق العراقي وسمرة الوطن الجميلة ‘ زينة ابنة التناقضات التي تظم بين جنبيها كل صراعات الجيل الجديدة زينة واحدة من الشابات العراقيات التي اختير لها ان تعيش بشقين وبرأسين وبقلبين وبشخصيتين ‘ وببراعة الكاتبة تتوحد الامور‘ وتصبح زينة واحدة لا أثنتين ‘ تندم بعد كل الذي حصل بالعودة الى الوطن الام وهي تحمل دموعا حقيقية المجندة المزيفة والأمريكية العاقة للوطن الجديد اميركا تكتشف زينة الحقيقة بنفسها ولم يكن رحيلها ضياعا. كيف تعيش زينة تلك الايام وسعف النخيل العراقي يعانق بقايا الثلوج الامريكية امام عينيها تعيش البرد القاسي ‘ والحر اللاهب في الوقت ذاته الروائية انعام كتبت تلك التناقضات ‘ بكل امانة بقلم ساخر فلسفي يذكرني بفلسفة برناد شو‘ سخرية قد تصل الى الضحك وقد تغلف بدموع حقيقية واضحة . الحب هنا في الرواية كان محطة أستراحة جميلة ‘ حب جاء وفرض نفسه وان كان مستحيلا كان لون من الالوان وعلينا الاعتراف به ‘ ان الحب يولد في كل الظروف والازمنة والامكنة ‘ انها المشاعر البشرية التي نقف امامها عاجزين وعلينا الاعتراف به الى النهاية ‘ وهذا ما كانت تريده انعام ‘ ان تجعل من شخوصها اناس طبيعيون جدا ‘ يحبون ويكرهون ويعيشون اللحظة .. شخوص الراوية يقتربون منك كثيرا حتى انك تشعر انك ترافق بطلة الرواية الى الحمام ‘ الخصوصية التي لا نتحدث عنها كما أعتدنا أنعام تتجاوز كل هذا ‘طبيعية في كتاباتها وواقعية جدا ‘ هنا أجد براءة التصرفات وبساطتها والتأقلم مع امور الحياة اليومية ‘ تعرفت الى الجدة رحمة وأصبحت لا أطيق فراقها هي وجود القصة وحضورها. انا القارئة أحببتها وكأنني أعرفها كجارة مزمنة. كتابات أنعام لها شخصية واحدة ان لا تلتقط أنفاسك وانت تقرأ ‘ بدأت أقرأ فتركت أعمالي كلها اليومية وغير اليومية ‘ ولم أتوقف عن القراءة حتى أنهيت الكتاب وأسترحت وجدت عراقيتي كلها هناك بعد الفضول الكبير في الوصول الى ما اريد ووصلت . العراقيون وطنيون جدا والى حد العظم لا تغيرهم أبدا ملابس رجال الفضاء الامريكية ‘ الجدة كانت تحارب كل ما هو ضد الوطنية حتى الملابس التي جعلتها تخرج من جلدها العراقي ‘ الوطنية الخبز العراقي الذي تعودنا طعمه . لقد أدخلت الكاتبة الاشعار الرائعة لشعرائنا ‘والغناء بكل انواعه حتى البعض من طعم المقامات والبستات في شخصيات الرواية والامثال الشعبية فكانت توابلا لطبخة الرواية التي تترك هذا الطعم تماما في افواهنا حين قراءتها . تختار انعام أحيانا اسماء غريبة لشخوصها ولكن سرعان ما نعتاد عليها لأنسيابية الرواية ‘وهذا في معظم رواياتها .
غلاف الرواية الجميل الابيض الذي يحتله وجه امراة تحمل ملامح شابة عراقية ممتلئة وهاهي ملامح نساء فيصل لعيبي الفنان العراقي الشهير الذي ترك بصمته هذه المرة على غلاف رواية تفوح بنكهة العراق ولكن بشكل آخر انها رواية يجب ان تقرأ ومن قبل الذين يتمنون السفر الى العراق الذي كان بلاد الف ليلة وليلة ذات يوم ‘ وقد فتحت أنعام الأبواب للذهاب اليه وبدون خوف على الاطلاق في روايتها المميزة .. الحفيدة الامريكية ..
سوسن سيف كاتبة عراقية وفنانة تشكيلية
#سوسن_سيف (هاشتاغ)
Sawsan_Saif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكنني أمرأة قصيدة لسوسن سيف
-
سأضمك
-
لكنني أمرأة
المزيد.....
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
-
-بوشكين-.. كلمة العام 2024
-
ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|