|
هل سينفذ تنظيم القاعدة تهديده ضد المونديال ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 01:00
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا شك أن تنظيم القاعدة ينهج إستراتيجية متعددة الأبعاد ، سواء فيما يتعلق بتوسيع مناطق عملياته وتحديد طبيعة الأهداف المراد تدميرها أو فيما يخص الجيل الجديد من المجندين لتنفيذ العمليات الإرهابية ضد الأهداف الغربية . ذلك أن تركيز القاعدة بات واضحا على مناطق التوتر مثل الصومال واليمن أو المناطق التي تضعف فيها مراقبة الدول لمجموع ترابها والحدود البينية كما هو الحال بالنسبة لدول الساحل والصحراء ، لما توفره هذه المناطق من حرية التنقل والتدريب وبناء قواعد خلفية من أجل شن الهجمات الإرهابية . وتوفر إفريقيا ظروفا مواتية لتنظيم القاعدة لتوسيع شبكته وربط علاقات مع شبكات تهريب السلاح والمخدرات والبشر التي تنشط في كثير من المناطق الإفريقية . وقد سبق للسيد محمد المدني الأزهري الأمين العام لـ"تجمع دول الساحل والصحراء في إفريقيا التحذير من خطورة هذا التنسيق خلال الاجتماع الذي انعقد يوم 25 يناير 2010 بطرابلس بليبيا . فالتنسيق بين تنظيم القاعدة وعصابات التهريب بات حقيقة واضحة أثبتتها العناصر المعتقلة وكميات المخدرات التي يتم حجزها باستمرار من طرف الجيش في موريتانيا أو المغرب أو الجزائر ، وكان آخرها حجز الدرك الملكي بالمغرب لحوالي ستة أطنان من مخدر الشيرا يوم 30 أبريل 2010 وتفكيك عصابات تضم مهربين ومتطرفين . وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف التنسيق بين الجماعات المتطرفة المنتمية لتنظيم القاعدة وبين شبكات التهريب ، بل اعتادت الأجهزة الأمنية على مثل هذه الأنشطة التي يجيزها المتطرفون . إن تنظيم القاعدة وكل التنظيمات المتطرفة المرتبطة به أو المتعاطفة معه يجيزون استعمال كل الأساليب والأنشطة مهما كانت محرمة شرعا لتنفيذ أهدافهم . لهذه الغاية لن يتردد تنظيم القاعدة في ربط علاقات محددة الأهداف مع العصابات الإجرامية أو المجموعات المتمردة ضد الحكومات أيا كانت خلفياتها الإيديولوجية أو دوافعها العرقية . وما تنبغي الإشارة إليه أن تنظيم القاعدة يجعل من ضمن أهدافه الإستراتيجية ضرب المصالح الغربية في إفريقيا لعدة اعتبارات أهمها : 1 ـ التخفيف من الضغط الذي يتعرض له تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق من طرف جيوش الدول الغربية . 2 ـ تأليب الرأي العام الغربي ضد حكوماته من أجل الضغط عليها لسحب الجيوش من بلاد المسلمين . 3 ـ توسيع قاعدة التجنيد في صفوف التنظيم والخلايا المرتبطة به عبر إيهام الشباب بالدفاع عن مصالح الأمة الإسلامية ضد الدول الغربية التي يعتبرها تنظيم القاعدة هي المسئولة عن تردي الأوضاع بها . 4 ـ الاستغلال الإعلامي سواء للتهديدات التي يوجهها تنظيم القاعدة ضد الدول الغربية عند كل مناسبة ( أعياد رأس السنة الميلادية ، الانتخابات الرئاسية خاصة الأمريكية والإنجليزية ، سن قوانين تمنع الحجاب في فرنسا أو بلجيكا ، تنظيم مونديال كرة القدم الخ) ، أو للعمليات الإرهابية التي ينفذها التنظيم أو يفشل في تنفيذها ؛ ليعطي الانطباع بأن التنظيم آخذ في التطور والاتساع وأن الحرب على الإرهاب التي يخوضها الغرب بقياد الولايات المتحدة الأمريكية لم تنل من عزيمته أو تضعف قوته . 5 ـ عولمة الإرهاب بفتح جبهات جديدة لتشتيت جهود الدول الغربية في مواجهتها لتنظيم القاعدة ، وكذا تهديد مصالحها الحيوية عبر العالم . إذن نحن أمام تنظيم متعدد الخلايا ويتطور في اتجاه أفقي بحيث يشكل خلايا مستقلة في خططها عن المركز ولها قيادات محلية قلما تكون معروفة . ومما يزيد من خطورة التنظيم ويعقّد عملية رصد أو اكتشاف مخططاته التخريبية اعتماد التنظيم على جيل جديد من الإرهابيين الذين لا تحوم حولهم الشكوك وباستطاعتهم التنقل بين الدول بكل سهولة كما كان حال الأردني همام البلوي المشهور بأبي دجانة الخراساني الذي نفذ عملية انتحارية ضد عناصر الاستخبارات الأمريكية بأفغانستان أو النيجيري عمر الفاروق الذي حاول تفجير طائرة أمريكية في ديترويت ، أو الطبيب النفسي الميجور نضال مالك حسن الذي قتل 13 شخصا وأصاب 38 آخرين في قاعدة "فورت هود" الأمريكية في نوفمبر الماضي. لهذا لن يتردد تنظيم القاعدة في تفجير الملاعب وقتل آلاف الأبرياء إن استطاع إلى ذلك سبيلا . فالتنظيم الذي يفجر المساجد بمن فيها من المصلين وهم ركع سجود بين يدي الله تعالى لن يتردد في تفجير الملاعب بمن فيها من المتفرجين لحظة الاستمتاع بمشاهد تقنية رائعة . ذلك أن ترويع الآمنين سواء في دور العبادة أو في الأسواق أو المقاهي أو الشارع العام أو في الملاعب الرياضية ، فالترويع هو عقيدة ثابتة يتأسس عليها التنظيم ويبتهج أعضاؤه لرؤية الدماء والأشلاء كما جاء في مقال تهديدي نشرته مجلة «المشتاقون إلى الجنة» من توقيع «عبادة بن الصامت» : «كم ستكون مباراة الولايات المتحدة وإنجلترا في غاية الجمال وهي تنقل على الهواء مباشرة والملعب ممتلئ بالمتفرجين عندما يدوي صوت انفجار في المدرجات، وينقلب الملعب رأسا على عقب، وتجد أعداد القتلى بالعشرات والمئات. خمسون غراما فقط تكفي لهذه العملية». المسئولية إذن ملقاة على عاتق السلطات في جنوب إفريقيا وعلى كل الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في دول العالم لمواجهة مخططات وخلايا تنظيم القاعدة التي أصبحت عابرة للقارات . فالتهديد الذي وجهه تنظيم القاعدة ليس بغض الدعاية فقط ، ولكن متى استطاعت عناصر القاعدة التسلل إلى الملاعب أو وضع المتفجرات فإنها لن تتردد في تنفيذ التهديد بكل أبعاده ، وفي مقدمتها نقل الحرب إلى الملاعب كما جاء في نص التهديد «الآن حان دور نقل الحرب إلى ملاعبكم، وجنوب أفريقيا أرض خصبة لهذا الحدث، حيث هي قريبة من قاعدة المغرب الإسلامي، وقريبة من حركة شباب المجاهدين، وقريبة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وأقرب ما تكون إلى تنظيم قاعدة الجهاد العالمي». إنها معطيات واقعية تغري تنظيم القاعدة بتوسيع عملياته لتشمل جبهات جديدة . فهل ستكون الأجهزة الأمنية ، في جنوب إفريقيا ، على أتم الاستعداد لإحباط المخطط التخريبي لتنظيم القاعدة ؟ نأمل هذا .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تحترم الجمعية حقوق الإنسان حتى تدافع عنها ؟
-
التطرف عقائد واحدة غايتها فرض الوصاية على المجتمع (6) .
-
الحوار الذي لم ينشره موقع إسلام أون لاين حول جماعة العدل وال
...
-
الغلو والتطرف دوائر تتكامل في الأهداف والوسائل (5) .
-
حوار لفائدة جريدة المنعطف
-
بعد سبع سنوات عن الأحداث الإرهابية ، أين المغرب من خطر الإره
...
-
التطرف ثقافة ومواجهته فرض عين وليس فرض كفاية(4) .
-
التجديد ولعبة وضع السم في العسل؟(3)
-
متى يدرك المثقفون مثل الأستاذ الساسي غلو التجديد وتطرف أصحاب
...
-
وأخيرا أدرك الساسي غلو التجديد وتطرف أصحابها !!(1)
-
الفساد واللاعقاب يقودان حتما إلى الكارثة أو الفتنة .
-
مبادرة -أنصفونا- تخلو من عناصر الاتزان والإنصاف والمصداقية.
-
مبادرة -أنصفونا- بحاجة إلى الوضوح والإقرار وليس الغموض والإن
...
-
مبادرة -أنصفونا- صرخة إنكار وليست مراجعة واعتذار .
-
جماعة العدل والإحسان بين تكتيك الدولة وارتباك القضاء .
-
المرأة بين حركية الواقع وتحجر الفقه .
-
ماذا لو تحولت فاجعة مكناس إلى بداية حقيقية لعهد الحساب والعق
...
-
خلافة الشيخ ياسين قضية عقدية وليست تنظيمية .
-
هل نضجت شروط محاورة معتقلي السلفية الجهادية ؟
-
فتاوى الريسوني : الخفيات والأبعاد .
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|