|
مرآة . . في وجه طفل راحل
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 22:28
المحور:
الادب والفن
كم من رحلة عبست في وجهك ، منذ وقفت تماري شمسا غاربة على سطح منزل أبيك ،ترائي طفولة راحلة عن مياه الخليج ، تغزل أحلاما برجع الصدى . . على إمتداد البريقة والغدير ، وتنسجه بظلال حورية تميل عليها . . وتخلع عنها عذاب الوقـــوف .
كيف دنوت من ديار تلتهب - عدن تلتهب – وتلتقطقك رياح تنفث رائحة أبيك ، وفي الطريق تجمع قواقع البحر الغافية . . في الدمار، وتجمع قطع راية كانت ترفرف فوق الرؤوس . . وبقايا أناشيد زرعها بحار خلاسي وعمال المرفأ المتعبين ، حتى جاءت أمسيات ترمدت فيها الصدور . . فرحلت الأغاني ، ولم يبقى عالقا في وجه عدن سوى رحيل نساء أزهرت في أصيل أرخبيل . . كان مستلقيا بعيدا عن عيون الزائرين من القرى . . والقبائل ، وبعيدا عن المعركة . . الكاذبة .
صرخت في الأركان التي وقف عليها جنود الإنجليز ، وعلى علامات الجثث التي عبرت عبرت عليها مجنزرات الإنجليز – أمام فضول عينيك – وزرعت أقداما تطبع ذاكرة الحواري الصامتة – كانت هناك اتربة عالقة ، وقبائلا لم تغتسل منذ أعوام مضت . . تتـفيد الأراضي . . وتشيد السجون ، وتفتح اسواقا للذخائر – صرخت هل من فتاة تسمع عن أبيك ، تعرف رحلة المقام الأخير ، لكن الأرصفة رحلت عنها النساء ، وفقدت حيطان المنازل الايلة للسقوط . . نطق الحــروف، وغابت عن عــدن التسميات .
( 2 )
هل أزهرت خطاك حين عجنتها بالأماني ، حين رسمت في حدود البلاد عالما تختفي فيها الحروب ، وسامية جنسك البشري ، ألقيتها في مدفن بعيد عن المعمورة . . وأهلت التراب . . . . . ورفعت اية الطبيعة ، لاصوتا يعلو صخب المياه . . الشاربة رمل الشواطيء ، الملقية ظلال السكينة على النائمين ، وهي تنام تحت ظلال يوم راحل ، وتحت ظلال السحب الفاترة – يوم صيف – حين أقمت شعبا وأرضا حاضرة ، هنا أعمدة مملكة معاصرة ، وهناك رميت طميا وتلال رمل وحافرخيل راجعة ، ومسحت أرضا فألقيت فيها البذور ، وسلخت على أطرافها شجرا معمــرا . . تمطر عناقيد جذورها مياها ليست ككل المياه – ومنحت الداخلين من كل صوب بسمة ولغة واحدة ، لاعسـسا يجوبون الشوارع ، ولاطفلة تهـرب من بين يديك . . .
ونسجت للقصيدة بيتا رفيعا – إن حلمت ظللتك الكروم . . وراحت ريح تداعب وجهك خلسة ، حتى يفيق البدر من سباته . . نازعا عنه وشاح الخمول ن يرخي أنامله على ظلال ناي مبحر ، لم يغادر قصص الأولين – وتمتد إليك أذرعا ملطخة دما . . بفسيفساء الفضاء ، تحيط بك والبلاد التي أستوقفت مسارك لألف عام – وتبدأ الغناء . . بكاء – هــل أزهر فيــك البكـــاء ! ! . .
( 3 )
غنيت كثيرا . . وكم كنت وحدك ، وسافرت على نداء أبيك ، وسافرت على جثته قوافلا عبرت من هنا ، أقامت أعراسا . . أولا ، ثم ألقت نفايات في الشوارع . . فأينعت في الديار القبائل .
حملتك أقدامك عاما فعام ، أينما وليت وجهك . . صفعتك جفوة الأصدقاء ، وفجوة الفراغ العاطفي وأمية شعب نائم في وضح النهار ز
أينما يممت وجهك لاتجد غير أفاع رابضة . . في اتجاه القبيلة – هربت إلى المزارات ، إذا الأرض تنبت ذئابا وقلنسوة بابا نويل ، حتى خارت بك القوى . . وسقطت في العراء . . أقمت طقوس العبادة ، لكن السماء أغلقت بابها على المستضعفين – أمطرت السماء إبتهالاتك الحائرة ، أرضعت التراب رأسك – ككومة افلة – كانت الرؤوس تلتحف التراب وتنفث رائحة ضعف المبتهلين ! ! . . .
. . رحلت – كم من بلدة عبست في وجهك ، وظللت تسافر ، تحمل زادا واغنية من كبرياء ، وتلحقك استغاثة النائمين – مجزرة خلف مجزرة – كيف تخلفت البلاد عن المدن – كيف ترحل بأسمال وعناوين أنهكتها الحروب ، ورقصنا على رماد التسميات . . كما ارضعونا من ستين عام – ورقصت على رؤوسنا بيارق الوهم الموشى بالمديح . . والوعـود ، طريق ليس له من رجوع - سيجوا خاصرة ذبحان بالرياء ، اغلقوا باب اليمن . . وشقوا طريقا إلى عدن بنعال طواحين الهــواء – أطلقوا إسما عليك لايعرف الإنحناء إلا أمام رغبات الأمير . . ونخاسة بيت الأمير- كلما خلعت رداءا . . ألبسوك ثوب المجاعة . . ووزعوك مرئى حسينا بالكلام الرصين ! ! . .
( 4 )
كيف أتيت إلى بلاد ليس فيها من رجوع ، تداوي العشق برجم الشياطين ، والتمني تطهره بالسموم ، والمتعبون . . لهم رب رحيم ، ولك الشقاء المدنس بغضب الأمير ، ووهم ارتحالك حين امتطيت القوافي ونسجت كلمات مهملة – لم تجد لها شارعا للمبيت – وحين شغفت بوطن غاف على نفسه ، وببلدان ورقية نثرت اغترابها عليك ، حين خدعتك وزينت فيك الذكريات – رجوعا . . كانت أحلام تزرع فيك الذكورة ، وغدا تزرعك صنعاء أيلا خلاسيا للعائدات إلى الخصوبة . . .
. . . كيــف رحلت في القفار المتشابهة ورجعت دون اسم أبيك . . . كيــف اخذ الطريق منك عمرا طافرا . . . كيــف لك أن تصبغ على نفسك حمامة في بلاد لاترى . . . كيــف لك أن تلون الجبال الحارقة بالخيال ، وتنزعها عن التسميات الغائبة . . . كيف لك أن تعطر الفصول بمسك أبيك - أزف العناء من باب دارك من جديد ، والليل لن يغادر حلق الطفولة .
( 5 )
كم من بلاد منحتك فيزة للدخول ، أفرغت شطائر جسمك عن بقايا الأنا الحالمة ، ورمتك في الصقيع ثقابا محترقا بالضجيج . . الجنون والشجون – كيـف ستماري وجهك في بلاد توهمتها نفسك منقذا . . وطفولتك الشائخة – كيف تخلد إلى ذاتك لحظة ، إلى ذكريات تعرف لم تأتي على الفهارس ، فكل البلاد ماأن يحين انتفاضك ، ويشرنقك الحنين . . تعبس في وجهك المنافذ . . وتنغلق الان عليك الطريق . .
. . . كــم أنت وحـــــدك . . . كــم كنت وحـــــدك . . وتغادرك الذكريات . . حتى بقايا حلمك القديم .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقدر . . ممكن له أن يأتي نثر شعري
-
ملخص رؤية مشروع إستراتيجي - يمني . . عربي لمكافحة الأورام وا
...
-
اليمن : السياسي السائد . . والهجرة الخارجية
-
جامعة تعز . . غرائبية الوجود والإستراتيجية التطويرية (2)
-
يامجور . . يظل لنا وطن
-
جامعة تعز . . غرائبية الوجود والإستراتيجية التطويرية
-
في الثقافة ... مقدمة لما قبل النص
-
المسألة الإسلامية. . وجدل الضرورة ( الجزء الأول )
-
المجتمع العربي . .قراءة في الدوران في الفراغ خارج مسار التار
...
-
مجموعة أغنيات مرتبكة . . لبغداد 2000 - 2004 م. نثر شعري
-
بيعة . . لباحث عن ثمن نثر شعري
-
وحدك . . ايقونتي نثر شعري
-
اغاني حزينة في المقابلة اقصوصات نثر شعري
-
حين . . . نثر شعري
-
القادم مع الشروق قصة قصيرة
-
بغداد . . اغنيات مرتبكة ( 1 )
-
صاحبي يفتقر للعروس - قصة قصيرة
-
ماذا لو ؟ ! . . قصة قصيرة
-
في رداء امرأة . . لن يغادر المسيح قصة قصيرة
-
أغنية مرتبكة . . لزهرة الاقحوان نثر شعري
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|