|
فنان متعدد المواهب
خالد السلطاني
الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 00:38
المحور:
الادب والفن
يسرني جداً، ان اساهم، بكلمة قصيرة، في تحية الفنان المبدع ناظم رمزي، بمناسبة افتتاح معرضه الاستعادي في بغداد. لقد اثمرت اخيرا، الجهود النبيلة لاصدقاء الفنان ومحبيه ومعجبيه، في تحقيق هذا المعرض الذي تأخر تنظيمه كثيرا، فلهم الشكر والامتنان والعرفان. فمن خلال هذا المعرض،سيطلع كثر من المشاهدين على منجز ناظم رمزي الفنان العراقي الموهوب، فضلا على ما يشي حدث تنظيمه بإيماءة احترام ومحبة وتقدير الى فنان مبدع متعدد المواهب؛ فهو المصور، والمصمم، والرسام والطباع، الذي اوصل فنه الى مستويات ابداعية عالية، ارتبطت دوما بالريادة والتأسيس. انه بحق احدى شخصيات الثقافة العراقية المهميين، ورائد انجازاتها الفنية، الانجازات الى اتسمت بالتميز والجدة والفرادة، التى اضافت الكثير الى ناتج المشهد الفني المحلي والاقليمي. لقد جعل ناظم رمزي من فنه، اداة مؤثرة في تكريس الجديد والطليعي والجميل في خطابنا الثقافي. ويعود له الفضل في انتشار ذلك الخطاب وتوسيعه في اوساط عديدة ، عندما راهن باستمرارعلى اهتمامه الجدي والمبدع ، في ان تكون "الطباعة" الحديثة والمتقدمة جزءا اساسيا من المنجز الثقافي العراقي. ووسيلة ناجعة في ترويج هذا المنجز وتعميمه. فهو لم يكتفِ بان يكون "المطبوع" متقدما وحداثياً، وانما حرص ليكون جميلا ومؤثرا ايضاً؛ موظفاً طاقته الابداعية في تصميم "الاخراج الطباعي" لتحقيـق تلك المزايا الفنية، التى اتصف بها دوماً نتاج "مؤسسة رمزي" المرموق. لقد رأى، وهو على حق، بان "المضمون" الثقافي وحتى الفكري عموماً، سيكون ذا تأثير عميق عندما يتخذ ذلك المضمون "شكلاً" جميلا، مميزاً ومعبراً وصادقاً، قادراً على خلخلة الافكار السائدة وتغيير الذائقة الشعبوية المهيمنة. من هنا، ذلك الاهتمام العميق والنادر، الذي اولاه رمزي للشأن الطباعي، وجماليات المطبوع. عندما يذكر "ناظم رمزي" ، يحضر "اميج" المصور الفوتوغرافي البارع، وصوره المميزة عالية المهنية. فعلى مدى نصف قرن تقريبا، استطاع الفنان ان يوثق مجرى التغييرات الدراماتيكية التى شهدها وطننا - العراق، وان يرصد صيروراته المتنوعة. ويحتفظ "ارشيف رمزي" التصويري الآن على لقطات عديدة مهمة ونادرة؛ هي التى تستمد قيمتها من موضوعها المصطفى بعناية، وجماليتها من تكويناتها المعبرة، وأهميتها من حسن تسجيلها لخصوصية الشخوص والامكنة، الذين يحضروا بيننا اليوم.. وغدا، بفضل اسلوب لقطة عدسته الراقي والجذاب. وهو، في رأيي، احد المصوريين الفوتوغرافيين المتمرسيين البارعين، الذين انجبتهم بلاد وادي الرافدين؛ هل قلت "احد"؟؛ انه، بحق، مؤسس هذا الجنس الفني الابداعي ورائده القدير!؛ كما انه قامة استثنائية ضمن فناني هذا المجال على المستوى العربي والاقليمي. يرسم ناظم رمزي لوحاته الزيتية (وهو مجال ابداعي آخر يمارسه الفنان) بشغف ظاهر، ويتوق ان يكون اللون فيها شفيفا وناصعا ومبهرا وصافيا في تدرجاته اللونية. واخال ان حضور قوة التكوين فيها، نابع اساساً، من ولعه "التصميمي"، الذي ينزع لان يكون كل منتج "خارج" من يديه، حافلا بهاجس التصميم، التصميم الذي يدهشنا بنسبه وتناسبه، ويثري ذائقتنا الجمالية. قد لا يعلم كثر، بان ناظم رمزي، مارس "الرسم الكاريكاتوري"، وابدع في هذا الجنس الفني. ولا ازال اتذكر رسوماته المميزة ذات الخطوط المعبرة، الواضحة القوية، والتى اصدرها في عام 1959 ضمن كراسة مع الفنان الراحل "نزار سليم". واعتقد بان تلك الرسوم التى، مع الاسف، لم توثق ضمن سجلات المنجز الفني العراقي، ولم تدرس بشكل مهني وموضوعي، قد ارتقت بفن الكاريكاتور العراقي الى مستويات عالية وفتحت امام هذا الفن آفاقا رحبة، ولا نبالغ بان خيرة رسامي الكاريكاتور بالعراق استمد من اسلوبه المميز طاقة ابداعية اغنت تجربتهم الفنية في هذا الفن الرائج شعبياً. ويظل مجال التصوير الفوتوغرافي، هو المجال الفني الاكثر قرباً الى قلب، وفكر، ومزاج ناظم رمزي. وتعتبر المجموعة التصويرية الخاصة التى وثق بها اعمال اصدقائة الفنانيين العراقيين الرواد، من الاعمال الفنية / التسجيلية فائقة القيمة في الثقافة العراقية، هي التى ابتلى منجزها الابداعي على طول مسارها الزمنى لصنوف من الاهمال والتخريب والنهب ...والنسيان. ولولا اعمال رمزي التصويرية لكان من الصعب الان تصوّر هيئة و"بورتريهات" اؤلئك الذي ندين لهم بدور التأسيس لمنجز ثقافتنا الرفيعة متنوعة الابداع.
ولئن جاز ان تفتخر الثقافة العراقية بسيرة ابنائا المبدعين البررة، وان تقدر منجزهم الابداعي، لكان منجز الفنان ناظم رمزي الرفيع والمتميز، المعبر الحقيقي عن تلك الثقافة في اوج لحظاتها الابداعية، في اوائل قائمة ذلك الافتخار والتقدير. فموهبته الفنية الفريدة متعددة الاجناس، تجعل منه ليكون احدى الشخصيات الثقافية المرموقة التى تحدث عنها مرة، الشاعر "ادونيس"، من انها: "مفرد، بصيغة الجمع!" □□ د. خالد السلطاني مدرسة العمارة/ الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون كوبنهاغن- الدانمرك
#خالد_السلطاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمارة ومعماريون
-
قراءة في عمارة الحداثة بالعراق، (2-2) (الجزء الاول)
-
زهاء حديد: الامر لا يتعلق في مكسب مادي، انه شأن ثقافي!
-
قراءة في عمارة الحداثة بالعراق (1-2)
-
في رحاب صحن الجامع الاموي
-
ابواب
-
عمارة، عمارة
-
قول في اعادة نصب الجندي المجهول
-
عدالة قضية الاكراد الفيليين ومحنتهم
-
تداعيات القرارات المستعجلة
-
العمارة .. الآن
-
في معنى هوية بغداد
-
-لقطة- الحياة اليومية، إذ تضحى لوحة فنية
-
اغتيال حالم .. وحلم
-
معروضات بيت موندريان: الزمان والمكان
-
مدارس -اكوام- الطين
-
تنويعات العمارة -القوسية-
-
العمارة الأسلامية، بصفتها مرجعية ابداعية
-
كتاب (خالد القصاب: ذكريات فنية): -نصوص- على ضفاف النص الاساس
-
نصف قرن على مشاريع - رايت - البغدادية: تصاميم العمارة المُتخ
...
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|