|
-اسرائيل- واقع .. لكنها ليست حقيقة
محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 17:21
المحور:
القضية الفلسطينية
يردد البعض عبارة أن "إسرائيل حقيقة واقعة غير قابلة للزوال"، وهذه العبارة فيها الكثير من الالتباس.. يرددها البعض دونما تدقيق او فهم مفصل لمغزاها.. فيما يرددها آخرون بقناعة ذاتية لكنها وفي تقديري حتما قناعة خاطئة تتجاهل أسس هذا الصراع حول فلسطين ومساراته، كما تتجاهل وقائع التاريخ القريبة والبعيدة..
فأسس الصراع في فلسطين بين أهلها من الفلسطينيين بكل أديانهم وأطيافهم وأعراقهم، وبين الغزاة الصهاينة الذين أقاموا ما يعرف بـ"إسرائيل" قبل ستة عقود بتآمر بريطاني معروف ودعم أوروبي أمريكي غير محدود، وغرروا بملايين اليهود -الذين كانوا يعيشون كأقليات دينية في معظم بلاد العالم ويحضون بالاحترام والحقوق كافة، باستثناء فترة حكم النازية في المانيا- ونقلوهم الى فلسطين بعد أن قتلوا وطردوا ما استطاعوا من سكانها من العرب الفلسطينيين، هذا الصراع في الواقع هو صراع من أجل الوجود وليس صراع على حدود يمكن حلها بالتفاوض، فالذين شردوا الفلسطينيين من أرضهم ويقولون أنه يمكنهم العيش في أي مكان من العالم، أسألهم: - لماذا لم يتركوا هؤلاء اليهود المساكين الذين ضللوهم بالدعاية الصهيونية واقتلعوهم من بلدانهم الأصلية كما اقتلعوا الفلسطينيين قبلهم ، لماذا لم يتركوهم في بلدانهم، ويوفروا علينا وعليهم كل هذه الدماء والجهود والوقت؟؟.. -ولماذا يدفع الفلسطينيون من أرضهم ودمهم ثمن جريمة لم يكن لهم فيها أي دور ؟؟ الم تظهر النازية التي يستند الصهاينة على جريمتها ضدهم كمبرر لاقتراف جريمتهم ضد الفلسطينيين، الم تظهر في اوروبا ؟ - الم يقتل اليهود في شوارع المدن الأوروبية وبأيدي أوروبية، فلماذا يعيد اليهود نفس التجربة المريرة التي تعرضوا لها في فلسطين؟؟ - أليس الأجدر بهم ان يطالبوا بالعدالة لهم في اوطانهم الاوربية التي ظلموا فيها بدل أن يكرروا نفس الجريمة ضد شعب آخر؟؟ - اليست الشعوب الاوروبية هي المسؤولة عن ماساة اليهود في اربعينات القرن الماضي فلماذا لا يتم تحقيق العدالة لهم في ارضهم، ويتم تحويل الانظار عن المجرم الحقيقي الموجود، واستدعاء خرافات تاريخية لتنويم اليهود بها وتحويل نظرهم عن اصل القضية الحقيقية؟؟
ومن هذا المنطلق نؤكد لمن يقولون"إن اسرائيل حقيقة واقعة" نؤكد لهم أن اسرائيل واقع ظالم موجود اليوم بفعل غطرسة القوة ، لكنها ليس حقيقة كما يعتقدون.. -فأين الحقيقة والحق في اقتلاع شعب وجماعات من اراضيهم لصنع كيان كهنوتي يستند على خرافات توراتية مضى عليها آلاف السنين؟ -اين الحق في طرد اكثر من 4 ملايين فلسطيني من ارضهم التي وجدوا فيها قبل آلاف السنين ؟؟ -اين الحق في التغرير بملايين اليهود الذين كانوا يعيشون في كل بقاع العالم كطبقة غنية وناشطة ويحضون بالاحترام والتقدير كمواطنين في بلدانهم، ليتم الزج بهم في حروب يقتَلون فيها ويقتُلون أبرياء لا لشئ، إلا لأن كاهن مهووس بخرفات التوراة أراد أن يجسد خرافاته على أرض الواقع؟؟ -أين الحق في "اسرائيل" دولة يهودية؟؟ اليست هذه نازية جديدة بثوب ديني قائمة على النقاء العرقي؟؟ اليست هذه إعادة وسخة للتجربة النازية القذرة المريرة التي يدعي الصهاينة أنهم بمشروعهم هذا يعالجون آثارها ؟؟ وهكذا تكون "اسرائيل" واقع لكنها قائمة على الباطل والظلم والعدوان والدمار لليهود والعرب معا، ولابد أن يأتي ذلك اليوم الذي يتوحد في العرب واليهود لتفكيك هذا الباطل وإعادة الحقوق الى أهلها، ولا بد أن يعود هؤلاء المغرر بهم يوما الى بلدانهم مهما طال الزمن أو قصر.
إن من يرددون عبارة أن "اسرائيل" واقع غير قابل للزوال ويلوحون بعصاها النووية، يجهلون وقائع التاريخ القريب والبعيد ولابد من تذكيرهم: - ألم يكن نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا قبل عقود نموذجا مماثلا في عنصريته وعدوانيته وقذارته لـ"إسرائيل"!! اين هو هذا النظام اليوم؟؟ -الم يكن هذا النظام مدعوما وبكل قوة وصلف من قبل أوروبا وأمريكا!! ألم يكن هذا النظام يمتلك ترسانة نووية!! هل مدد الدعم الغربي عمر هذا النظام ؟؟ هل مكنته ترسانته النووية من الاستمرار؟؟ ألم يذهب هذا النظام الى مزبلة التاريخ، وأصبح الأفارقة أصحاب الأرض هم سادتها!!؟؟ -الم يبقى العرب في شبه الجزيرة الأيبيرية ثمانية قرون!! اين هم اليوم؟؟ وهاهي اسبانيا دولة قوية تهددهم في عقر دارهم وتجني من آثارهم التي تركوها وراءهم الأموال الطائلة.. -الم تبقى فرنسا في الجزائر 130 عاما؟ ها هي الجزائر دولة مستقلة وعضو بالأمم المتحدة.. -اين هي إمبراطورية بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس؟؟؟ إن التاريخ يفيض بمئات الأمثلة والوقائع التي تؤكد لكل ذي بصيرة ان "اسرائيل" ككيان يهودي عنصري قائم على اغتصاب ارض وبيوت وحق الفلسطينيين التاريخي في ارضهم، لا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي يزول فيه ، ولن تجديه ترسانته النووية ولا دعم الغرب له.. وأن الفلسطينيون سيعودون الى أرضهم ولو بعد عشرة قرون حتى وإن شتتوهم الى البرازيل وكل أصقاع الأرض..
يرفع المروجون للصهيونية والمنافحون عنها لافتات مزيفة لإبعاد الأنظار عن جوهر الصراع حول فلسطين، فنراهم يرفعون لافتة الاسلام السياسي والظلامي وملالي طهران كحجة للتشكيك في شرعية النضال الفلسطيني، ولإلباسه ثوبا لم يصنعه ولا علاقة له به، فالشعب الفلسطيني ومن ورائه بقية الشعوب العربية والقوى المحبة للسلام يقودون معركة لا علاقة لها بالإسلام الظلامي ولا بملالي طهران، فهذا الشعب ارضه محتلة وحقوقه مغتصبة ويتعرض للإبادة على يد حركة عنصرية مدعومة باترسانة سلاح ومال غربية مفتوحة بلا حدود، فما علاقة هذا النضال بما يردده الظلاميون سواء في طهران او غيرها من البلدان.. أقول لهم هذه حيلة باطلة لا تنطل على أحد، ونضال الشعب الفلسطيني نضال مشروع لاسترداد حقوقه المغتصبة وحماية نفسه من الابادة العنصرية الصهيونية..
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقتل -إسرائيل- في قطع حبلها السري مع الغرب
-
اعلن: أنا معاد للسامية
-
العلاقات الأمريكية الصينية .. الصدام حتمي
-
الحوار المتمدن.. الأرقام تغني عن الكلام
-
-اسرئيل- تغلق كل المخارج.. هل يعود الحكام العرب الى شعوبهم؟!
...
-
محاولة لقراءة مقطوعة -حدث في العامرية- للفنان نصير شمه
-
-اسرئيل- عضو فاعل في حلف الناتو!! أيها العرب ماذا انتم فاعلو
...
-
نصير شمة يحلق في سماء طرابلس
-
هجمات 11 سبتمبر لا تزال تؤثر على صحة الأمريكيين، فكيف هي صحة
...
-
وجرحك لن يندمل إلا بمثولك أمام محكمة جرائم الحرب
-
بعد أوروبا وأمريكا..المسلمون يخسرون الصين كساحة وحليف..
-
لتكون تقدميا، هل يجب عليك التخلي عن ثوابتك ؟!!
-
دعم التطرف ووأد الاعتدال.. حوادث يفرن نموذجا
-
الدومن .. الى متى تبقى أسيرة اللعبة الأمريكية؟
-
البحر الاحمر .. من المسؤول على تدويله
-
انهيار الاقتصاد الأمريكي يؤذن بنهاية الرأسمالية، ويؤكد حاجة
...
-
الصمود الاستراتيجي في وجه الشر الاستراتيجي
-
حتى لا يتحول الأمازيغ الى حصان طروادة
-
وما هي مصلحة العراق في مصافحة الإرهابي باراك؟!!
-
الاتفاقية الامريكية الامريكية
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|