|
تجريع الفلسطينيين السم بالعسل
محمود عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 3037 - 2010 / 6 / 17 - 10:54
المحور:
القضية الفلسطينية
لا أشاطر المتفائلين بالحركة النشطة عربيا ودوليا- مؤخرا - بإتجاه غزة، والإلتفاتة المتأخرة لوجود شعب يعاني حصارا خانقا قرابة أربعة اعوام، وما زال يعايش، لما يزيد عن عام ونصف العام، تداعيات حرب صهيونية عدوانية، والحصاد المر للجريمتين، من دمار ومآسي، وحرمان من أبسط الحقوق الانسانية. كل ما يجري في تصوري ليس إلا حملا كاذبا، لن يقود إلى شئ ذي معنى للفلسطينيين، ولا لقضيتهم، التى صارت كالأيتام على موائد اللئام، كل يستغلها لإيجاد دور له، أو موطئ قدم، يحقق به مصلحة ذاتية ، بعيدا عن أية نزعة اخلاقية، وللأسف تحت شعارات براقة، قد تخدع كثيرين. إذا كان البعض يرى أن ثمة زخما دوليا واسعا- في الوقت الراهن - حول القضية الفلسطينية، وبوجه خاص حول غزة المحاصرة لأربعة سنوات، فالعكس هو الصحيح، إذ يبدو أن الإلتفاف الدولي، خاصة من جانب الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي مع أطراف عربية، في مقدمتها مصر والسلطة الفلسطينية، لتكريس مبدأ حماية إسرائيل من الملاحقة والعقاب، وحفظ ماء وجهها، وإنقاذها من المآزق المتتالية، التى تتورط فيها بنفسها، على يد حكومة يمينية متطرفة، تتصرف بغباء سياسي، وتدير السياسة بآلة الحرب، وبمبدأ الضربات الإستباقية الهجومية. إذا ما وضعنا التصريحات، التى تنطلق هنا وهناك في سياقها الصحيح، بكل ما تحمله من نبرة غضب أو تعاطف أو إدانة أو حتى وعود، والتحركات الواسعة عربيا وأوروبيا وأمريكيا، سنجد أنها لا تعدو عن كونها محاولة امتصاص لحالة الغضب الشعبي العام، على المستوى العربي والدولي، وحالة نفاق رسمية عالمية واضحة، تقفز على الإحراج، الذي سببه النشطاء الدوليون، سواء في قافلة جورج جالاوي، التى واجهت مضايقات مصرية، أو أسطول الحرية، الذي تعرض لعدوان إسرائيلي، وذلك بعد إدراك أن الصمت لم يعد مجديا، وربما يضر بالمصالح الإستراتيجية، وأن الامر كما قال نائب الرئيس الامريكي جو بايدن عقب لقائه مع الرئيس المصري، الذي يحمل دلالات مهمة، يتطلب ترتيبات جديدة للتعامل مع الوضع في غزة. وتصريح بايدن ليس وحده فقط، الذي ينبغي أن يستوقفنا، ولكن ما طرحه وزير الخارجية الفرنسي، ونظيره الإسباني، والذي حظي بموافقة بقية الأطراف في إجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي الأخير، بشأن الإستعداد للإشراف على معبر رفح الحدودي مع مصر، ورقابة بحرية على غزة، لكن صورة المخطط الجديد، أو ما أسماه بايدن حرفيا" الطرق الجديدة للتعامل مع الأوجه الإنسانية والإقتصادية والأمنية والسياسية للوضع في غزة"، ودعونا نضع أكثر من خط تحت الوجه الأمني والسياسي، يتضح أكثر في تصريح وزير الخارجية المصري قبل أيام، بشأن الإتصال مع الجانب الإسرائيلي، لحثه على تنفيذ وعد نتانياهو لمبارك، بالفتح الجزئي والمنتظم للمعابر الإسرائيلية على القطاع. أي أن ثمة محاولة لإستثمار اللحظة الراهنة عربيا وأوروبيا وأمريكيا، لتنفيذ مشروع سياسي أمني حول غزة قائم بالفعل، وجرى طرحه أبان العدوان الإسرائيلي العام الماضي، ليس لمصلحة الفلسطينيين، وأنما لصالح إسرائيل، لصياغة ترتيبات أمنية جديدة، تجعل الأوروبيين، مع مصر يلعبون دور الشرطي لإسرائيل بمساعدة أمريكية، والإيهام بأنهم متعاطفون، مع معاناة الغزيين، ويريدون رفع الحصار عنهم، وفي واقع الأمر ، فأن المطروح، هو تخفيف للحصار، أو بالأحرى إدارته ، على أسس جديدة. وربما من ضمن الأهداف أيضا، تهيئة مسرح الشرق الأوسط لضربة إسرائيلية لأيران، وتحييد نقطة ساخنة، قد تعرقل هذا المخطط الشرير. والخطورة في هذا السيناريو، هو العودة للتعاطي مع القضية الفلسطينية كأزمة إنسانية، قابلة للتسوية، عبر تغيير النمط السياسي من الخشونة إلى اللين، ومن التجاهل للمأساة، إلى إبداء الاهتمام الكبير، مع تغيير لغة الخطاب، وزيادة المساعدات المالية والغذائية، وفتح جزئي للمعابر، مع إبقاء الحال كما هو عليه، وتناسي جوهر المشكلة، والتسوية العادلة للصراع الممتد لما يزيد عن ستين عاما. بالإضافة إلى مساع إخماد جذوة المقاومة، وتحميل من يدعو إليها، أو يمارسها مسئولية معاناة الفلسطينيين، والتصعيد، وإستفزاز الكيان الصهيوني "المسالم"، والوقوف في طريق الجهود العربية والدولية للتخفيف عن الشعب الفلسطيني. ولذا لا نعجب من رئيس السلطة الفلسطينية الصهيو أمريكية المنشأ والتوجه، محمود عباس، الذي رحب مؤخرا ضمنيا بدولة يهودية، وبحق أي يهودي في العيش بأرض فلسطين، ودخوله على الخط، ومحاولة الضغط على حكومة حماس أكثر، و تسهيل إبتزاز الأوروبيين، والأمريكان والأطراف العربية لها، وربما نيله شيئا من هذه الصفقة ذات الرائحة الكريهة، بحديثه الغث في مقابلة صحفية :"أن أي إجراءات، أو خطوات من جانب إسرائيل، أو المجتمع الدولي لرفع الحصار عن القطاع، يجب أن تكون من خلال حكومة فياض، "الممثل الشرعي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة معا" مع ضرورة العودة لإتفاق 2005." رغم أن شرعية كل من عباس نفسه، ورئيس حكومته التي يديرها أمنيا الجنرال الأمريكي دايتون، محل جدل، خاصة أن ولايته أنتهت دستوريا من شهور بعيدة. ولا نعجب، كذلك، من بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التى أفاقت فجأة، لتدين حماس جنبا إلى جانب مع إسرائيل،وكأن صوتها صدى لكلام وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، عن الربط بين رفع الحصار عن غزة، والجندي الاسرائيلي المختطف جلعاد شاليط أنها معزوفة عربية وأوروبية ودولية يشارك فيها الجميع، هدفها واضح خدمة الأهداف الصهيونية، وتحويل الأزمة إلى فرصة، لتقويض المقاومة الفلسطينية، وإجهاض حلم الاستقلال، وحق تقرير المصير، مع تجريع الفلسطينيين والعرب السم بالعسل. *كاتب صحفي مصري Email:[email protected]
#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي
-
تجليات الهم الانساني وحكمة العجائز
-
العدو الاول للعرب الذي نراهن عليه
-
مأزق عباس وسلة البيض الامريكية
-
الإنسان حين يصارع ذاته ويحتج بالإنتحار أو الهروب
-
العرب والعودة ل-لعبة العبث- الامريكية الصنع
-
والعرب و-لعبة العبث- الأمريكية الصنع
-
نوستالجيا رومانسية وثرثرة جنسية وتباكي طبقي
-
تهنئة مبارك ل-اسرائيل- والاعتذار الواجب للفلسطينيين
-
انتهت-ازمة التطبيع الفرنسي-وبقى غبار الانتهازين
-
-مهرجان الصورة الحرة-:الخديعة والمتاجرة والهزيمة
-
-عرب المشرق-و-عرب المغرب- والمسافة الفاصلة
-
الجدار والحصار والتقصير الشعبي المصري
-
-مهرجان الصورة- والوجه الصهيوني لفرنسا
-
العرب بين-الايراني فوبيا- و-الصهيوماسوخية-
-
رسالتا العراق وموريتانيا الى قمة سرت..استيعاب ام تجاهل؟!
-
القمة العربية بين خيار المواجهة وثورة الغضب
-
الافلام الروائية القصيرة..ثقافة الثرثرة البصرية وفقر الفكر
-
الشعوب المهزومة من الداخل وانتصاراتها الزائفة
-
نتانياهو واوباما والترويج العربي لبضاعة السلام الفاسدة
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|