امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3036 - 2010 / 6 / 16 - 12:36
المحور:
كتابات ساخرة
هنالك حكاية قديمة عن قروي قادمٍ من احدى المناطق الجبلية النائية ، قبلَ أكثر من مئة وعشرين سنة ، الى مدينة " العمادية " ، كان صاحبنا راعياً شاباً ، وهذه هي المرة الاولى التي يخرج فيها من قريتهِ الجبلية البعيدة . كان يقود قطيعاً صغيراً من الاغنام بغرض بيعها وشراء مايلزم من سوق العمادية . تصادف دخوله الى المدينة ظهراً في وقت الصلاة ، ولدى وصوله قرب الجامع الكبير ، جفلَ عند سماعهِ المؤذن وهو يصيح بأعلى صوتهِ مُكبراً داعياً للصلاة . لم يكن الراعي المسكين قد سمع مؤذناً في حياتهِ ، حيث لم يكن هنالك مسجد او جامع لا في قريتهِ ولا في القرى القريبة منهم ، بل انه لم يكن يعرف الصلاة أصلاً . إرتبك الراعي من هذا " الضجيج " الذي لايعرف ما هي الغاية منه وحاول تهدئة أغنامه ، وسأل رجلاً ماراً من الطريق : ايها الخال ، ما هذا الصوت ؟ أجابه الرجل مُستغرباً : ألا تعرف ، انه مؤذن الجامع يدعو الى صلاة الظهر . لم يفهم الراعي شيئاً ، فقال للرجل : ألا يُسبب هذا ضرراً للغنم !؟ رد الرجل ضاحكاً : لا تخف ، لا يسبب أي ضرر ! . تنفس الراعي الصعداء وقال : اذن دعه يصرخ كما يشاء !! .
حال الكثير منا نحن العراقيين ، مثل حال الراعي أعلاه ، مع بعض الفوارق البسيطة ، فنحن سمعنا ب " الديمقراطية " سابقاً ، ولكننا لم نرها او نمارسها فعلياً ، واليوم نشاهد السياسيين والقادة يتخاصمون ويتشاتمون ثم يتصالحون ويجتمعون ، ويلقون الخطابات الرنانة والكلمات الطنانة ، وكلهم يقولون انهم وطنيون ومخلصون ونزيهون ، بحيث أصبحنا لا نفهم شيئاً مما يجري فعلاً ! . المهم لا ندري هل ان " صراخهم " يضرُ "بالأغنام " أو لا ؟ إذا كان ضجيجهم لا يُسبب المشاكل ولا يُزيد الصعوبات فدعهم يتصايحون حتى تبح أصواتهم !
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟