أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!















المزيد.....

إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3035 - 2010 / 6 / 15 - 16:10
المحور: القضية الفلسطينية
    



إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!

لماذا تَفْرِض إسرائيل (منذ أربع سنوات) وتشدِّد (منذ ثلاث سنوات) الحصار على قطاع غزة؟

في الإجابة الإسرائيلية عن هذا السؤال، وبادئ ذي بدء، ليس من وجود فعلي لهذا الحصار، فـ "الوضع الإنساني العام" لسكَّان القطاع "جيِّد"، ولا يعانون نقصاً في المواد الغذائية والأدوية وسائر السلع الضرورية؛ وكل ما تقوم به إسرائيل، وتتَّخِذه من إجراءات وتدابير، إنَّما يستهدف درء المخاطر عن أمنها من خلال منعها دخول أسلحة ومعدات قتالية وذخيرة و"أشياء أخرى" يمكن أن تتحوَّل إلى وسائل وأدوات لـ "أعمال إرهابية" ضدَّها، وضد مواطنيها الآمنين.

وهذا الوضع من "اللا حصار"، بحسب التصوير الإسرائيلي له للرأي العام العالمي، شرحته وأوضحته المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان "جيشا" إذ قالت في تقرير أصدرته إنَّ إسرائيل تسمح الآن بدخول 97 سلعة فقط إلى قطاع غزة مقابل أكثر من 4000 سلعة قبل إحكام الحصار سنة 2007، وبعبور رُبْع ما كان يَعْبُر من قبل من الشاحنات المحمَّلة بالبضائع؛ ومع ذلك، فهذا ليس بـ "الحصار"!

نأتي الآن للأسباب والحيثيات، أي لإجابة إسرائيل عن سؤال "لماذا الحصار؟".

إنَّه من أجل سواد عيون "أبو مازن"؛ أوَلَمْ يَقُلْ يسرائيل كاتس، الذي يشغل الآن منصب وزير المواصلات الإسرائيلي، ويتوفَّر بتكليف من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إعداد خطة شاملة لتنظيم عملية "تخفيف وطأة" الحصار، إنَّ إسرائيل لم تفرض حصارها على قطاع غزة إلاَّ من أجل "مساعدة" رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "في صراعه (على السلطة)" ضدَّ حركة "حماس" بعد سيطرتها على القطاع؟!

أوَلَم تنشر صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية معلومات وأخبار مفادها أنَّ الرئيس الفلسطيني، وفي مباحثاته الأخيرة في البيت الأبيض مع الرئيس أوباما، شدَّد على أهمية وضرورة استمرار الحصار (الإسرائيلي) على قطاع غزة، وكأنَّه لم يأتِ إلى واشنطن إلاَّ لإنقاذ الحصار، أو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، أو لمحاصرة وإحباط الجهود والمساعي الدولية المبذولة الآن لإنهاء (أو لتخفيف) هذا الحصار؟!

إنَّ "منطق" التصريحات والبيانات الرسمية الإسرائيلية في شأن الحصار يناقِض نفسه بنفسه؛ وهذا "التناقض في المنطق"، أو "التناقض المنطقي"، لا يمكن فهمه وتفسيره إلاَّ على أنَّه انعكاس للتناقض الذي تنطوي عليه "المصالح (الواقعية)" الإسرائيلية التي أسَّست للحصار وعزَّزته؛ فإسرائيل، وعندما تجد نفسها مضطَّرة (لسبب تركي الآن وفي المقام الأوَّل) إلى تخفيف الحصار، إنقاذاً للمبدئي والجوهري منه، تُظْهِر الحصار وتصوِّره على أنَّه "مطلب" للرئيس عباس، وخدمةً تسديها إليه، وكأنَّها لا تستطيع أنْ تَرُدَّ له طلباً؛ وهي التي لم تُلبِّ له طلباً إنْ في ما يخصُّ "عملية السلام"، وإنْ في ما يمكن أن يعود بالنفع والفائدة على الوضع العام للفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية، في الضفة الغربية!

أمَّا إذا اقتربت "الساعة"، وأحسَّت بوطأة وجدِّية وخطورة الجهود والمساعي الدولية لإنهاء الحصار، فإنَّها تنسى الرئيس عباس، وطلبه، وتشرع تتحدَّث عن "حاجاتها الأمنية" التي يلبِّيها استمرار الحصار، مُظْهِرة كل محاولة لإنهائه على أنَّها عمل يعرِّضها، ومواطنيها، إلى مخاطر أمنية حقيقية وكبيرة.

لقد حاصرت إسرائيل قطاع غزة، وأمعنت في حصاره "التلمودي"، أي الأسوأ من النازي والفاشي، حتى ولَّد هذا الحصار، وبقوَّة الضرورة، أسباب وعوامل وقوى إلغائه؛ وليس "أسطول الحرِّية (التركي ـ الأممي)"، والجريمة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حق "المتضامنين"، إلاَّ بعضاً من أهم وأحدث عواقب استمرار الحصار، وبعضاً، في الوقت نفسه، من أهم وأحدث الأسباب المؤدِّية، أي التي يمكن ويجب أن تؤدِّي، إلى رفع وإنهاء هذا الحصار؛ فالعجب، كل العجب، لا أنْ نرى؛ بل ألاَّ نرى، "المحاصَرين" يتحوَّلون إلى "محاصِرين"، و"المحاصِرين" يتحوَّلون إلى "محاصَرين"؛ وإنَّ إسرائيل هي اليوم "المحاصَرة" أكثر من الفلسطينيين بالحصار الذي ضربته على قطاع غزة؛ ولا خيار لديها إلاَّ أنْ تخفِّف من وطأة حصارها للقطاع بما يخفِّف من وطأة حصار هذا الحصار لها!

إنَّها، وعن اضطِّرار، وليس في الاضطِّرار فضيلة، على ما تحاول أن تصوَّر الأمر الآن، تتَّجِه إلى تخفيف وطأة هذا الحصار؛ لعلَّ "قليله" يبقي على "كثيره"، والذي هو بـ "لغة الكيف"، الجوهري والأساسي والمبدئي منه.

وها هو كاتس "يكتشف" الآن أنَّ الحصار المعمول به حتى الآن كان "خطأً" ارتكبته إسرائيل، التي ينبغي لها، بدءاً من الآن، أن "تنفصل" عن قطاع غزة، وأن "تُقْنِع" مصر بأهمية وضرورة أن تفتح معبر رفح فتحاً دائماً، وأنْ تشرع تَرْبُط القطاع بشبكة بناها التحتية؛ فهذا الوزير الإسرائيلي، الذي صوَّر الحصار الإسرائيلي على أنَّه خدمة تسديها إسرائيل إلى "أبو مازن"، يريد الآن إغلاق جميع المعابر البرية الإسرائيلية مع القطاع، فإسرائيل بإبقائها هذه المعابر مفتوحة عاملة إنَّما "تغذِي العدو"؛ كما يريد السعي لدى مصر من أجل فتح بوَّابتها في معبر رفح على نحو دائم، ومن أجل أن تُنْقَل جميع البضائع إلى ميناء بور سعيد المصري من طريق البحر، ومن ثمَّ تُنْقَل إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.

وبلير، أيضاً، يحاوِل (بالتنسيق مع نتنياهو وكاتس، وغيرهما) إنقاذ إسرائيل من عواقب حصارها (المعمول بها حتى الآن) لقطاع غزة، فلقد نفث في روع نتنياهو فكرة أنَّ "الأصل في شريعة الحصار هو أنَّ الحلال يشمل كل ما لم يُحرَّم بنصٍّ صريح"؛ وعلى إسرائيل، بالتالي، أنْ تُعِدَّ قائمة بـ "السلع والمواد والأشياء التي تُحرِّم دخولها إلى القطاع"، فإذا فَرَغَت من إعدادها تولَّى "بلير" إدارة وتنظيم الحصار بما يوافِق "المبدأ" الكامن في أساس هذه "القائمة"، وهو "تحليل" دخول كل سلعة أو مادة غير مشمولة نصَّاً بهذه القائمة من "المحرَّمات"!

نتنياهو غير مختص بأمرٍ من هذا القبيل؛ لكنَّه حدَّد "المبدأ" الذي وفقه تُوْضَع "القائمة"؛ وهذا المبدأ هو "منع دخول أسلحة ومعدات حربية إلى قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدة الإنسانية والبضائع التي لا يمكن استخدامها لأغراض عسكرية".

وإنَّ أهم عبارة في هذا "المبدأ" هي "البضائع التي لا يمكن استخدامها لأغراض عسكرية"، فـ "السكِّين" التي تحتاج إليها المرأة في المطبخ هي بضاعة يمكن استخدامها لأغراض قتالية، كأن تستخدمها هي أو زوجها أو ابنها لطعن إسرائيلي أو قطع رأسه؛ و"الإسمنت"، و"المسلَّح" منه على وجه الخصوص، يمكن أن يستخدم لأغراض عسكرية؛ ولا بدَّ، بالتالي، للمفتِّش والمدقِّق والمراقب "بلير" من أن يملك من الوسائل ما يسمح له بمعرفة "السكِّين المدنية" من "السكِّين العسكرية"، و"الإسمنت المدني" من "الإسمنت العسكري"، و"الحجر المستخدم في البناء" من "الحجر الذي يمكن أن يستخدم لشجِّ رأس إسرائيلي"!

إنقاذ إسرائيل من عواقب حصارها التلمودي لقطاع غزة، من خلال إدارة وتنظيم حصار أقل حدَّة من الناحية الإنسانية، هو الآن مدار كثير من الجهود والمساعي الدولية؛ ولا بدَّ لنا، بالتالي، من أن نكون الآن فلسطينيين كالأتراك على الأقل، فحكومة أردوغان أكَّدت، غير مرَّة، أنَّ "تطبيع" تركيا لعلاقتها بإسرائيل يتوقَّف، أيضاً، على الرفع والإنهاء الفوري للحصار الذي تضربه على قطاع غزة.

وإنَّ على السلطة الفلسطينية، وجامعة الدول العربية، أن تحذوا حذو أنقرة، فتُعْلِنا أنْ لا انتقال من المفاوضات غير المباشِرة إلى المفاوضات المباشِرة (إذا لم تنتقل الأولى إلى رحمته تعالى) قبل الرفع والإنهاء الفوري لهذا الحصار، فالذي ضاق ذرعاً بـ "عملية سلام لا نهاية لها" عليه أن يضيق ذرعاً أيضاً بـ "عملية حصار لا نهاية لها"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصحيحاً ل -الخطأ- الذي ارتكبه العرب..!
- إنَّها أسوأ صيغ الاعتراف بإسرائيل!
- أزمة -المواطَنة-.. عربياً!
- -أسطول نجاد- بعد -أسطول أردوغان-!
- -النفاق-.. سياسة عربية!
- ظاهرة أردوغان
- هل نجرؤ على الانتصار؟!
- معبر رفح.. تُغْلِقه مصر فتَعْبُر تركيا!
- امتزاج -الأحمر- ب -الأزرق-!
- جماهير -إعلامية فضائية-!
- الشرق الأوسط الخالي من السلاح النووي!
- -الانتخاب- و-التزوير- صنوان!
- قانون لانتخابات نيابية -أخلاقية-!
- القانون الانتخابي الجديد في الأردن.. هل يأتي ب -برلمان قديم- ...
- هذا الاستئساد الأثيوبي!
- نتنياهو -رجل الحقيقة-!
- نحن يوسف يا أبي..!
- -الطوارئ- هي طريقة في الحكم!
- تفويض مباشر.. ومفاوضات غير مباشرة!
- العابسون أبداً!


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!