|
محمد شكري جميل .. فنان بين موقفين
أكاديوس
الحوار المتمدن-العدد: 3035 - 2010 / 6 / 15 - 12:30
المحور:
الادب والفن
أكاديوس تقلب الأيام اختبار لمعادن الناس عبارة ماتزال تثبت صحتها وحكمتها العميقة حتى يومنا هذا وستبقى طالما بقيت الحياة .. ولعل ما أعادها إلى ذاكرتي هو ذلك اللقاء الذي تابعته بكل فرح وفخر من قناة فضائية عراقية مع الفنان المخرج الكبير محمد شكري جميل والذي تناول فيما تناول واقع الفن والفنان العراقي والسينما العراقية والعربية مبدياً آراءاً حقيقية وجريئة وموضوعية تعيد الثقة لك وتقول لست وحدك هناك من يمتلك الموقف الملتزم والفني والأكاديمي رغم كل ماجرى ويجري ورغم الواقع المبتذل والرديء في الوسط المجتمعي قبله الفني والثقافي عموماً ولكي لا استطرد في التقديم سأدخل في الموضوع عبر نقاط نوقشت في اللقاء القصير والثري في الوقت ذاته .. حين تطالع البرامج والكتابات التي تملآ سموات الفضاء القنواتي والإنترنتي ستجد صورة مشوهة بشكل بشع جداً على مستوى الخبر والنتاجات والنقد والكتابة الفنية فيما يخص الفن والفنان العراقيين في العراق وخارجه وذلك استناداً لجملة أسباب وحقائق عامة : أولها هو دخول كل من هب ودب في هذا الفن وفيما يكتب ويقال ويتناول دون تخصص حقيقي أو خبرة أو استحقاق في هذه الفجوة التأريخية السوداء التي دخلها العراق ضمن الإنهيار الكارثي الذي مر به ومازال غارقاً فيه دون اشارة موثوقة للخروج منه .. حيث عبر الفنان محمد شكري جميل عن رأيه في ماجرى للفن في العراق عموماً والسينما والتلفزيون بشكل خاص من ضياع للطاقات والخبرات التي بذلك الجهود والسنين والأموال لصناعتها وتنميتها لتنتقل من مجال العمل الفني الى أرصفة الغربة وتمتهن أعمال متدنية وتعيش الفاقة والمذلة واعتبرها جريمة كبرى بحق الوطن والفن والفنان ليحل بدلهم من لا يمتلك ذرة من موهبة ومقدرة فنية وخبرة مستنداً لجهات مشبوهة ورجعية متخلفة خادماً بدوره إياها بشكل ارتزاقي مثير للاشمئزاز .. وانكر مايشاع عن مشاركات سينمائية وفنية في المهرجانات باسم العراق أنها محض أعمال ساذجة ومبتدئة لا تمت لتأريخ السينما والتلفزيون العراقيين بصلة وتعتبر إساءة بالغة لهما من أناس غير أكفاء استغلوا فراغ الساحة نتيجة ماجرى ويجري مستجدين الدعم من هنا وهناك باسم الفن العراقي واعتبرهم محض فقاعة تظهر وتختفي بسرعة لأنها فارغة رغم كل الهالة التي تثار حولهم من أناس فارغين أمثالهم .. وقال إن النتاج السينمائي ليس هكذا بل هو نتاج مسؤول ومبدع ومتقدم يحمل بين طياته الجذب والتأثير والتوجيه نحو فكرة وهدف ما يسعى صانعه لتحقيقها في معظم أنواع النتاجات السينمائية ... وقد صدم هذا الرأي مقدمة البرنامج وأحرجها سيما وهذا البرنامج هو يقع بشكل كبير ضمن الموجة المنتقدة وبرغم محاولاتها تخفيف حدة الإجابات والآراء إلا ان فناننا الكبير كان يعتمد الصراحة والرأي الأكاديمي المسؤول ... وقال مضيفاً لقد عملت في هذا المجال أكثر من نصف قرن وتعاملت مع فنانين ومخرجين غربيين مشهورين وأصحاب ثقل عالمي في هذا الفن ولا أستطيع تقبل ماهو خارج عن الفن وعناصره .. أردف قائلاً لا توجد سينما متعافية في بلد غير متعافٍ ولا تقوم قواعد سينمائية في بلد غير مستقر ولا يتمتع بالحريات ولا بدعم المؤسسات لهذا المجال بعيداً عن الإدعاءات والمناسبات والمهرجانات الفارغة والمشاريع الوهمية .. وفي نهاية حديثه القصير هذا تمنى أن تعود دور السينما للعراق بشكلها المحترم والنظيف الذي سبق مامر به العراق في العقود الأخيرة لتقدم هذا الفن الراقي بشكل أرقى للمجتمع وفق الطقوس التي كان يعمل بها أيام كان للفن احترامه وسوقه الرائجة والإهتمام من الدولة وحكومتها ومستثمريها به وبمنتجيه من الفنانين والفنيين .. وفي حقيقة الأمر إن آراء كهذه تعطينا أملاً وإن كان ضئيلاً وبرغم أنها معدودة من أناس مايزالون يمتلكون عنفوان الفنان الحقيقي وأنفته الفنية وصراحته المتواضعة والشجاعة وترفعه عن الوضاعة والأوساط الوضيعة في آن ولكم حوربت بسبب هكذا آراء كنت أكتبها إبان الغزو التحريري الديمقراطي لكن رغم كل المغريات والتهديدات وقوائم الموت السوداء لم أفقد ثقتي بوجود فن وثقافة حقيقية رغم الثمن الباهظ الذي دفعناه وندفعه لكن هي قناعاتنا وحريتنا التي نتمسك بها حتى الرمق الأخير فهذا ما زرعه فينا أساتذتنا الكبار وماسنزرعه فيمن يريد أن يكون جزءاً من عالم صعب .. أقول إن أمثال فناننا محمد شكري جميل هم فئة تسكن عالماً بينياً هو عالم الفن الحقيقي عالم احترام الذات الفنانة وهو عالم يقع بين عالمين الأول عالم من يسمي نفسه فناناً ويسميه الناس كذلك لكنه لا يحترم نفسه وفنه وبالتالي هو لا يحترم الجمهور وذلك عبر سلوكياته ومواقفه وانتهازيته ووصوليته وتعامله بشكل مرتزق لا أكثر ولا أقل وهو ماشهدناه قبل الحروب وبعدها من كثيرين وقد ظهرت هذه السلوكيات بشكل انهزامي وانتهازي فيما بعد الحرب الأخيرة وبشكل مؤذٍ جداً ومتخاذل ومستسلم لتنهار قلاع ادعاءاتهم الفنية وتنظيراتهم النقدية تحت أحذية ناثري أموال السحت والرذيلة من سياسيي الخواتم والمسابح بعد رعاة السياسة حينما تسابقوا باسم الوطنية في لهاث مادي ومناصبي بائس .. إن اعترافنا بوجود الحالة الديكتاتورية في أي مجتمع أو بلد لا يعني غياب الفن والثقافة فيه وبالتالي لا يعني غياب الفنان والمثقف الحقيقيين رغم وجود تيار كبير مدجج بالمال والسلطة لكننا يجب أن لا ننسى أو نتناسى أن ألمجتمعات الإنسانية أنتجت كبار فنانيها وكتابها وشعرائها ومفكريها في مثل هكذا فترات عصيبة ليس بسبب جو الكبت والقهر والرعب وهو ليس قاعدة ثابتة ولا حاثاً نموذجياً للإبداع رغم دوره المتفاوت لكن ماتنتجه الحالة الديكتاتورية ضمن سعيها لإيجاد ثقافة تابعة وتمضهرها بمظهر الداعم والراعي والملهم للفن والثقافة هي بحد ذاتها عامل إنتاج جو ثقافي هائل بغض النظر عن توجهاته وأغراضه لا ولن يستطيع التحكم في منتجك الثقافي والفني والفكري لأن ذلك النتاج يقع في منطقة خارج كل العوامل المسيطرة والمراقبة فأنت حينما تروم قراءة نص ما أو كتاب ما وان كان ممنوعاً أو محرماً فسوف تحصل عليه وتقرأه رغم محاولات التعتيم والمنع وحينما تريد رسم لوحة أو صنع فيلم أو مسرحية فليس لأحد المقدرة على أن يتحكم بكل شيء فيها بضمنها التضمينات الفنية والفكرية التي يبرع الفنان فيها في مثل هكذا أجواء مع مراعات التفاوت في الحرية الإنتاجية لاسيما وأن السينما تحتاج ميزانية كبيرة جداً لا تقارن بباقي الفنون وبالتالي سيكون النتاج أقل بكثير من ناحية الكم ... أما العالم الثاني فهو الذي ينتج بشكل عرضي لحالة الفوضى والفراغ الفني والثقافي من أناس تتباين أعمارهم وانتماءاتهم وثقافاتهم لكنهم يتشابهون في انتهازيتهم لحالة طارئة ومحاولتهم مليء فراغ فني وثقافي بأكوام من علب النفايات الفارغ والقذرة في آن وتلال من الورق الأصفر المتهرئ ومناصب مرتزقين يعرضون ذممهم للبيع في كل حين على طرق مدعي السياسة كما حدث ويحدث في العراق والطريف ويتشابهون كذلك في خوائهم الفني والثقافي الذي لايستطيعون تغييره لأنه متأصل فيهم .. والمضحك في كثير منهم أنهم حملوا مااستطاعوا من السرقات والمنافع وغادروا البلاد استباقاً لانهيار سلطة منخورة وتمهيداً ليلعبوا دور الفنان والمثقف المطارد والمنفي متناسين أن كما وجد شهداء للعصر فهنالك شهود له سيفضحونهم ..
#أكاديوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطلاق الِمسيحي بين هوى النص ودعارة الواقع
-
أنثايَ البغداديّة
-
من قال ؟
-
خيطٌ سرّي
-
الموت على قارعة الأنبياء ((مجموعة))
-
إعلانٌ مدفوعُ الثَّمن
-
ترميزات الساكسفون
-
دموع الرمان
-
عناقيد ليلة الميلاد/معاقرة للعري في كثبان الثلج
-
من تابوت الأقنعة
-
ليرقب المجوسي فجر الفرات
-
القمرُ يعودُ لأنثاه
-
فلسفة
-
منكوب
-
ناووس بغداد
-
الدرويش العاشق
-
عرس أرمني
-
موعدنا (لأطوار)
-
الشاهدة
-
وثانيةً أعود
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|