جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 3034 - 2010 / 6 / 14 - 01:06
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هل الإسلام يجبّ’ ماقبله _ : كما ورد في الحديث المسند في صحيح مسلم والبخاري ؟؟ أي ألغى كل ما أنتجه المجتمع البشري قبله من لغة وعلوم و فكر وتشريع وشرائع وعادات ..إلخ لأنه جاهلية ...؟؟؟
وهل ألغى القران كل التشريعات والأحكام السابقة له ؟؟.. وهل ما سبقه جاهلية فرض نبذها وألقاها في مستحاثات التاريخ ,, لم يأخذ منها شيئاً لم يأخذ أو يستعر – من الإعارة – شيئاً في أقواله وأفعاله ..؟ المهمة شاقة ومضنية في وضع الغربة اللعينة , سأختزلها ما أمكن , لأنها ضرورية كما أراها في هذا الزمن العنصري الهمجي الذي تقوده طغم الطبقة الوسطى المنحطة القائمة على الشعوذة الإقتصادية في تجويع واستعباد الملايين وتقود البشرية نحو الفناء إذا لم تردع بقوة وسواعد وتضامن الشعوب المضطهدة , التي تجعل من الشعوذة الدينية مخلباً مسموماً لها وترتكب كل الجرائم حول اّبار النفط ,, باسم إلهها الخاص في السماء ؟؟؟
.....
لنبدأ باللغة – المكون الإنساني والثقافي الأول في أي مجتمع من المجتمعات البشرية من مجتمع الغابة حتى اليوم ..؟؟
-- رأينا فيما تقدم أن اللغة السريانية المشتقة من الاّرامية واللهجات المشتقة عنها أضحت هي السائدة في معظم بلدان المشرق وجنوباً حتى اليمن والقرن الأفريقي لأنها اللغة الأبجدية الأولى في المجتمع البشري المتطور
, وأضحت كأمها لغة الثقافة والعلم والفن والموسيقا والشعر والتجارة ...الخ ويعود الفضل الأول لهذا التطور المعرفي للعلماء والمفكرين والمتصوفين السريان الذي كتبوا اّلاف المجلدات وحفظوا التراث في الكهوف والصوامع في شمال العراق كالعلامة إبن العبري والرهاوي والكندي وغيرهم والمئات أمثالهم قي جبال سورية ولبنان وماردين والرها واليمن رغم فقدان معظمها على أيدي الجهلة أو الغزاة واللصوص والإضطهاد الديني المتواصل أربعة عشر قرناً وأكثر ,, وتأكيداً لوجود السريانية في مكة والجزيرة كلها ماروي عن محمد بن عمر المدائني – في كتابه : ( القلم والدواة ) (1)
--( قال محمد لكاتبه وكاتب وحيه ( كما ورد في المصادر الإسلامية ) زيد بن ثابت : أتحسن السريانية ؟ قال لا . قال محمد : تعلمها إذاً . فتعلمها زيد في سبعة عشر يوماً ) ولم تذكر لنا المصادر الإسلامية أين تعلمها ؟ هل على يد معلم معين أو في مدرسة سريانية في مكة في هذه المدة الصغيرة التي تجاوزت سرعة النت في عصرنا .. 17 يوماً فقط تعلم لغة بكاملها كتب كلام السماء ..؟
ومن الطبيعي أن تكون هي اللغة السائدة في قريش ومكة مادام محمد يتقنها وقد أتقنها أثناء رحلاته إلى بلاد الشام منذ طفولته مع عمه أبوطالب أو بعد رعايته لتجارة خديجة وقوافلها ..التي أصبحت زوجته الأولى وقربه من عمها مطران مكة ( ورقة بن نوفل ) النسطوري المذهب ومثله كان الراهب بحيرا النسطوري على مايبدو من رفضه لألوهية المسيح من المهد – وهذا مابرز في الاّية ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ... – فصلت 6 ) – بينما في سورة مريم يردد أسطورة بشارة جبريل لمريم بالحمل الإلهي ..؟
ملاحظة لابد منها : إن كلمة ( بحيرا ) هي صفة في اللغة السريانية وتعني المتبحر في العلم أو اللاهوت وليست إسم علم , وقد حلت محل إسم العلم الذي قيل إنه بطرس ...
وجاء في كتاب الاّداب السامية تأليف : محمد عطية الأبراشي – طباعة القاهرة 1947 ص 69 مايلي :
(في القرن الأول قبل الإسلام اقتبست العربية من الخط السطر نجيلي السرياني ومنه أخذت أبجديتها . وعرف الخط السطرنجيلي بالخط الكوفي . واستعمل بعدئذ لكتابة القراّن – دون تنقيط طبعاً – وسمي هذا الخط بهذا الإسم نسبة إلى الإنجيل )
وهذا ما أكده الدكتور فتحي الدجني في كتابه :أبو الأسود الدؤلي ونشأة النجو العربي ص 59 - .
وكذلك ماجاء في كتاب ( كنيستي السريانية ) للمطران إسحق ساكا ص 86 ..
وسقطت خرافة نزول اللغة وما كتب بها من السماء.. سقوط العقل الغيبي كله و:كل اّيات وشعارات الإستبدادية والهمجية البشرية للطواغيت التي فرختها مدجنته الخرافية الممتدة من العهد القديم حتى الرسالة الخالدة , ومعها فتاوى جزيرة الأفاعي وإمامها السيد " القرضاوي " قدس الله سره ..
وهذا ما نبه له علماء انتصروا للعلم والعقل منذ قرون سحيقة ومن بين أهلنا ومن أرضنا لكنهم اضطهدوا ونبذوا وسفهت أقوالهم وجرى تكفير الكثيرين منهم أو قتلوا غيلة وغدراً بسيوف البغي والجهل ... من الغفاري إلى المعتزلة إلى إبن المقفع إلى المعري , والحلاج إلى إبن رشد والكندي والفارابي وإبن سينا , وإخوان الصفا ,, والرازي والجاحظ وغطفان الدمشقي.. والاّلاف غيرهم ..
قال الطبيب والفيلسوف الكندي في إحدى رسائله :
( كان السريان لنا سبيلاً واّلات مؤدية إلى علم كثير , فإنهم لولم يكونوا – أي لولا وجودهم – لم يجتمع هذه الأوائل الحقية – أي لم تجتمع هذه الحقائق العلمية لديهم تفسير مني -- رسائل الكندي الفلسفية ص 102 ..)
وقال الفارابي الفيلسوف والأديب الكبير والموسيقي أيضاً :
( بهذا يمكننا القول إن السريان هم الذين علموا المسلمين الفلسفة أولاً , وهم الذين ترجموها لهم , ثانياً , ولهذا تأثر المسلمون بالفلسفة التي كان السريان يعرفونها منذ أمد بعيد – الفارابي – تاريخ الفرق الإسلامية ونشأة علوم الكلام عند المسلمين ص 139 )
بل هم الذين عرّبوا كتب سقراط وأفلاطون وأبيقراط وغيرهم كتب الفلسفة والطب والفلك والشعر والتاريخ وكان لحنين بن إسحق وإبن بختيشوع وإبن العبري وغيرهم الدور الأول في التعريب وعنهم أخذ إبن رشد وإبن سينا والرازي والكندي والإدريسي وغيرهم .. قال المؤرخ العلامة الشهير : يوحنا أبو الفرج الملقب بإبن العبري لعبور والده الفرات والمتوفي عام 1286م في موسوعته – مختصر تاريخ الدول ما يلي : ( إهتم المأمون بالترجمة والتأليف وأخذ يضمن شروط الصلح مع ملوك الروم إرسال كتب الحكمة ,, ومن شروط صلح المأمون مع ميخائيل الثالث ملك القسطنطينية أن يترك للمأمون إحدى المكتبات الشهيرة في القسطنطينية . كما أرسل أفاضل العلماء السريان إلى بلاد الروم للتفتيش عن المخطوطات الهامة وترجمتها له . وتمكن المأمون بجهود العلماء السريان , إضافة مرصد فلكي إلى بيت الحكمة في بغداد ,, كما أضاف مرصداً اّخر على جبل قاسيون في دمشق – مختصر تاريخ الدول – ص 237 )
كما نقل السريان الأرقام الهندية ووضعوا لكل حرف سرياني قوة عددية تمثله فالألف قوتها العددية -1- والحاء قوتها – 8 – والدال قوتها – 4- وهي تشكل كلمة أحد قوتها 13 لذلك بعض العرب يتشاءمون من الرقم 13 دون أن يعلموا مصدر التشاؤم – وأخذ العرب الأرقام الهندية – في الأصل – عن السريان وزعم البعض أنها من إختراعهم ..
ومن الأدلة الحسية على إشتقاق العربية من السريانية حذف الألف إذا جاءت وسط الكلمة , وتلك قاعدة مضطردة في اللغة السريانية كتب القراّن بها مثل حذف الألف في الأسماء التالية : إبرهيم – إسمعيل – إسرئيل – إسمعيل - الرحمن – الخسرون – الملئكة وغيرها .. وكذلك إبدال الألف واواً في وسط الكلمة .زمثل : الحياة تكتب الحيوة وغيرها , ومن أبرز السمات السريانية التي لاتزال مستعملة في العربية الفصحى والعامية :
1- تسكين المتحرك في أول الكلمة مثل : قصير – طويل – كبير – مليح ..إلأخ
2- قلب ميم الجمع إلى نون في العامية مثل : أبوكن – أمكن – بيتكن – بيتهن – كرمكن – كرمهن - ..الخ
3- إسكان الفعل الماضي المبني على الفتح مثل : قام – نام – ذهب – باع – خاف ..
4- التصغير في السريانية والاّرامية يتم بإضافة واو ونون في اّخر الإسم مثل : حلبون تصغير – حلبا- ( قرية لبنان) وتعني مكان جمع الحليب أو مكان الحليب – ومبيت المواشي - والقابون الغابون غابة صغيرة واستعملت القاعدة في أسماء العلم : زيدون تصغير زيد و خلدون تصغير خالد ...إلخ
5- الياء والألف والياء والنون في السريانية علامة الجمع في الأسماء مثل : الحبيبة –صيدنايا - وتعني معنيين في اّن واحد - الصيادون – أو صانعو الأدوية أي الصيادلة – وأنا أرجح استعمال المعنى الثاني في الحقب المتأخرة من حياة القرية ,استناداً لمصادر الدكتور القنواتي كما أذكر وليتذكر معي العزيز المناضل نقولا الزهرالصيدلي الأول في صيدنايا , بأن إسم علم ومهنة الصيدلة كا ن في الأصل ( الصيدنة ) وبهذا يكون مشتق من إسم صيدنايا وهذا ما أرجحه لمعرفتي بخبرة الأمهات والجدات في استعمال الأعشاب الطبية لعلاجنا في طفولتنا ... وهذا لايعني نفي المعنى الاّخر – الصيادون – والقرية موجودة قبل بناء الدير باّلاف السنين تحتاج لأيدي نظيفة مخلصة للتنقيب عن تاريخها المجيد في الكهوف وبين الصخور والقرن والوديان , وليس لأيدي جشعة مخّربة جاهلة تعبد المال وخدمة السلطان ..؟؟؟
ومثلها داريا وتعني : ( المذّرون ) الذين يفصلون الحبوب عن التبن بعد درسها في البيدر قبل إستعمال الاّلات الزراعية ..
وكذلك تستعمل الياء والنون علامة للجمع في السريانية مثل : جبعذين إحدى قرى جبلنا وتعني ( التلال المرتفعة ) وبقين وتعني ( مكان وفير المياه وكثير القصب وكلها أسماء قرى سورية سريانية لم يتغير حرف واحد منها ..- القاموس العربي السرياني – حلب 1994 و – معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية – للدكتور أنيس فريحة -
وقال بولس بهنام : ( إن العرب أخذوا خطهم الذي نراه اليوم من الخط الأّرامي النبطي ومن الخط الكوفي الذي ماهو إلا الخط السطرنجيلي الاّرامي السرياني بتطور بسيط –تحقيقات تاريخية لغوية ص 27 - )
ومن علامات اللغة السريانية المستمرة في اللغة العربية إستخدام الثاء مع التاء في نهاية الإسم للتأنيث الواضحة في أسماء القرى التالية ..: جباثة ,هو إسم إحدى قرى الجولان المغتصب , ويعني المنظر الجميل . ومنها يطل المرْء على غور الأردن والجليل . وقرية بقعاثا في الجولان أيضاً وتعني الوادي أو الفجوة بين الجبال .. ورباعثة , وتعني الينبوع وهو إسم وادي ومنطقة شرق قرية صيدنايا تنبع منها مياه بستان دير البلدة , وقد حفر أباؤنا القناة بسواعدهم تحت الأرض لإيصالها إلى بستان الدير , كانت ( رباعثة ) منطقة كروم عنب وتين . يوم كان سكان القرية فلاحين ملتصقين بأرضهم ..؟
.......
ومن الثابت علميأً وتاريخياًأن أبو الأسود الدؤلي منشئ علم الصرف والنحو في اللغة العربية وهو من أصول غير عربية مثل سيبويه فقيه اللغة العربية الأول وباني قواعدها والخليل بن أحمد الفراهيدي سيد عروض الشعر وهؤلاء كان يطلق عليهم الإسلام القريشي إسم ( الموالي ) وتشمل هذه التسمية جميع القوميات التي أرغمت على دخول الإسلام بالسيف من غير البدو العرب سواء كانوا مسيحيين أو يهود أو وثنيين,,.. رغم أن ماسمي أهل الذمة أو الموالي من الفرس والكرد والأمازيغ وغيرهم سواء الذين بقوا في خانة " أهل الذمة "" أو الموالي هم البناة الحقيقيون لحضارة المشرق كلها التي طمست لتغلف بغلاف ديني عصبوي غليظ... وكان هؤلاء العلماء يترددون إلى الكوفة مركز الثقافة السريانية ويتصلوا بالعلماء السريان ويتتلمذوا على أيديهم
ونسج الدؤلي وسيبويه تبويب وتنظيم قواعد النحو والصرف في اللغة العربية على منوال اللغة السريانية وتنظيم علمائها ومبدعيها في علم اللغة ( راجع – جرجي زيدان – ناريخ أدب اللغة العربية ج1 ص364 – )
كما قال الأستاذ أحمد أمين في – فجر الإسلام ص183 ما يلي : ( ووضع أبو الأسود الدءلي قواعده على نمط القواعد السريانية واعتمد عليها .) ..
و( قد استمد تشكيل الكلمات وحركاتها وتنقيطها اقتباساً من النقاط والإشارات السريانية التي تتميز بها الكلمات ومواقعها في الجملة .- من كتاب – اللغة والنحو – تأليف حسن عون – طباعة الإسكندرية عام 1952 ص 215 )
ومازال اللحن والإيقاع السرياني جليأً في الغناء والطرب العربي من الموشحات ألأندلسية إلى القدود الحلبية إلى المقامات العراقية إلى الزجل اللبناني , والمعنّى والشروقي والعتابا والميجانا وغيرها ,,
.......
وأذكر في منتصف التسعينات قدمت إحدى طالبات أكاديمية الدراسات العليا في الموسيقا في بغداد أطروحتها لنيل الدكتوراة في هذا الموضوع وقامت بعمل بطولي شاق – مقارنة موسيقا الموشحات والمقامات مع ألحان التراتيل والأناشيد الدينية في الكنيسة السريانية بالصوت والصورة ألأمر الذي دفع العصبوية الدينية في الأكاديمية لرفضها . وأصرت الطالبة على أطروحتها بتشجيع التقدميين دون إعلان وتأخرت الموافقة على الأطروحة عاماً حتى وافق عليها صدام بنفسه ... وفاتني إسم صاحبة الإطروحة مع الأسف ..
وإذاكان ياقوت الحموي في – معجم البلدان –قد حصر أقلام الخط بستة خطوط أو لهجات كتب بها القراّن , وتعترف كتب السيرة أن القراّن كتب بسبع لهجات أو خطوط جمعها كلها الخليفة عثمان بن عفان وأبقى على مصحف واحد منها اعتمده هو وأحرق المصاحف الأخرى فأين إختفت الخطوط الستة أو المصاحف الستة وماذا حذف أو أضاف عثمان وأنصاره , و أين اختفت مصاحف اللهجات والخطوط الأخرى بعد سيطرة قريش التجار ( كما كانت تسميها القبائل البدوية العربية وأهل مكة خصوصاً )—راجع موسوعة العرب قبل الإسلام – قريش ومكة – للدكتور جواد علي ---
ولماذا لايستطيع مفسرو القراّن وشرّاحه والمجتهدون فيه أن يفسروا لنا وللأجيال منذ أربعة عشر قرناً مثلاً معاني الأحرف التي تبدأ به الكثير من اّيات القراّن مثل ( الم –أ ل م أمام سورة البقرة المدنية –وكذلك سورة اّل عمران – ا ل م ص أمام سورة الأعراف – أ ل ر أمام سورة يونس وسورة هود وسورة الحجر , وسورة يوسف و وسورة إبراهيم وغيرها -- والأهم تفسير كلمة – كهيعص – ك ه ي ع ص أمام سورة مريم في ( القراّن –الكريم - ؟؟ )
وإذا كانت الأديان كلهامنزلة والإسلام خاتمتها يلغي كل ماسبقه فلعد إلى الديانة الفرعونية الوثنية لنرى أن الوصايا العشر الذي جاءت على لسان موسي وبشر بها عيسى وأخذها محمد والقراّن كماهي هي من إنتاج الفرعون أمنحوتب الرابع الذي سمي – أخناتون - وهو الذي وحد الاّلهة بالإله ( أتون أوأمون ) بعد زواجه من الحسناء السورية نفرتيتي .. هو واضع الوصايا العشر التي وجدت في ضريحه على ورق البردي وعنه أخذتها التوراة والإنجيل والقراّن .. كما لاتزال الأديان كلها تردد بعد كل مقطع من صلواتها كلمة ( اّمين اّمين ) وهي ليست سوى امتداد للإله اّمون اّمون لاغير وإذا أردتم مشاهدة بردية الوصايا العشر فهي في المتحف البريطاني اليوم تحت رقم / 477 / 15 --- للبحث صلة - لاهاي – 12 / 6
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟