أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - المصالحة تبدأ من هنا














المزيد.....

المصالحة تبدأ من هنا


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في أول يوم حكمٍ له، بعد أنتخابه رئيسا لجنوب أفريقيا، عينَ مانديلا أشخاص بيض في حمايته الخاصة دون أن يستشير المسئول الأول عن حمايته من السود، وعندما ألتحقوا بجهاز الحماية الرئاسي الخاص، تفاجئ المسئول، وأستغرب حصول مثل هذا الأمر، فذهب متوترا إلى الرئيس، يستفسر عن حقيقة التعيين الممهور بتوقيعه أي الرئيس شخصيا، محاولا إفهامه خطورة وجود مثل هؤلاء البيض في مهام خطيرة، فرد عليه بجملته المعهودة " إن المصالحة تبدأ من هنا".
لقد بدأت المصالحة في جنوب أفريقا التي يتمايز فيها الناس عرقيا، ودينيا، وقبليا، وجنسيا، وفكريا، من الرئيس، ونجحت بإمتياز، نجاحا، تفتخر به تلك البلاد التي نهش فيها البيض أجساد السود، وأحس فيها السود أنهم عبيد لعشرات السنين، وحُسِب هذا النجاح لمفاهيم نيلسون مانديلا، وعظمته في التسامح، والتجاوز على آلام التمييز البغيضة، ولطريقته في الشروع بالمصالحة من الأعلى، من الرئيس الذي داس بإصبعه على جرح بقي مفتوحا لأكثر من ثلاثين عاما في سجن كئيب، وجازف بحياته وهو يعلم جيدا أن وجود بيض من حمايات الرئيس العنصري السابق، بين حمايته القريبة من مكتبه ومنامه، خرق ٌأمني يمكن أن يودي بحياته، وتحمل نقد السود القريبين منه في الدولة والحزب، وشدة ضغوطهم، وخصص من وقته الكثير لإقناعهم بأن المصالحة بحاجة إلى تضحيتهم، وهي الكفيلة وحدها بضمان رفاه عيشهم وابنائهم من بعدهم. فنجح الرئيس مانديلا، وسُجِلَ له، أنه من بين أعظم الرؤساء، بل وأعظم الرجال، وسيبقى كذلك خالدا في عقول الناس، وفي صفحات كتب التاريخ.
مطلوب في العراق ولمصالحة أهل العراق، القريبين من بعضهم البعض دينيا، وثقافيا، وأجتماعيا، وقوميا، وفكريا، مانديلا عراقي، يقبل وهو في المستوى الأعلى وجود أشخاص في حمايته، وفي أمنه الخاص، من بين السنة والأكراد والمسيحيين، وهو شيعي، وإذا ما حذره القريبين من وجودهم بين المؤتمنين من حوله، يرد عليهم كما هو رد مانديلا، ويقبل المجازفة بوجودهم، لأن المصالحة تستحق ذلك وأكثر بكثير. ويقبل أن يكون مدير مكتبه، شيعيا أو كرديا فيليا أو آشوريا، إذا ما كان هو سنيا في الأصل، وإذا ما ألح عليه أهل الرأي من حزبه وحذروه من وجود غير السني بين صفوفهم، يرد عليهم ذاك الرد المعهود، ويقبل نقد القريبين، ويحاول تغيير نهج تفكيرهم، لأن تحقيق المصالحة الفعلية، يحتاج إلى تغيير جذري في نهج التفكير، ويقبل أن يكون من بين مستشاريه، خليط من العراقيين، وأن لا يقتصر الوجود على الأكراد وهو كردي، وإن ذكرهُ البعض بآلام الماضي، وقسوة العرب الحكوميين، وإبتعاد التركمان، يرد عليهم برد مانديلا المشهور، ويقبل عتب القوميين من حزبه، ويسعى إلى تبديد مشاعرهم الإنفعالية، لأن المصالحة لا تنجح ومشاعر الحنق بقيت في العقول.
إن الظروف في العراق ملائمة لأن تنتج مانديلا، والمصالحة في العراق، لا تتم إلا على وفق السبيل الذي أنتهجه مانديلا، ومن يعتقد غير ذلك، وإنها تأتي فقط من عقد المؤتمرات، ومنح بعض الهدايا والمكرمات، والمراهنة على كثر السنوات، فهو واهم، وسيكتشف بعد أن يخسر نفسه والحكم، أن من بين أسباب خسارته هو عدم السير في الطريق الصحيح للتصالح، ومن يراهن على إبقاء الحنق الانفعالي، وسيلة كسب للجمهور، وسبيل ولاء وألتفاف للجمهور، فهو واهم ايضا، لأن الكسب في العراق إنفعالي، يتغير كما هو طقس العراق، والولاء عاطفي، يتبدل كما هو حال أهل العراق، وسيكتشف يوما أن الحنق إذا ابقيَّ وتفشى سيقترب من محيط دائرته التي تسهم بحنقها في تحقيق الخسارة والفقدان. ومن يؤسس على إبقاء الشعور بالحيف والاحساس بالظلم ماثلا في العقول، لتقريب الجمهور، لا يريد المصالحة ولا يقوى على الإصلاح، لأن من شروط المصالحة نسيان الماضي، والقفز فوق المشاعر والآلام.
إنها الطريقة الوحيدة للمصالحة الحقيقية، ومجالها مفتوح أمام من يحكم العراق في المرحلة المقبلة، وإنها السبيل الوحيد لتكوين رمزية القيادة، وعظمة الريادة التي تعين من سيأتي لأن يبقى في المقدمة، حاكما لكل العراق.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمايات الخاصة وأمن الوطن والمسؤول
- العسكرية العراقية وقوانين خدمتها الوطنية
- صلاح الدين والاستغلال السلبي لشعائر الدين
- مطالب التمديد في عقلية الاستحواذ والتهديد
- الإرهاب الفكري الديني ومسئولية الأجيال في الوقوف بالضد
- أسلمة الإرهاب
- مستقبل الديمقراطية في العراق بين النظرة الشمولية والتصور الم ...
- واقع الأمن الاجتماعي- النفسي- للمرأة في العراق
- الفراغ السلطوي المحتمل في العراق،
- نظرة إلى واقع الأمن العراقي لعامي 2005 2006 وعوامل التأثير ...
- طبيعة الضغوط النفسية في العمل وبعض خطوات التعامل معها
- تقييد الوعي العراقي في حكم صدام حسين وأثره على العمل السياسي
- اللا تجانس في التركيبة الإجتماعية العراقية وسبل التعامل


المزيد.....




- وجهات فائقة الفخامة لإطالة العمر..ما أبرز ميزات هذه النوادي ...
- نجيب ميقاتي يهاجم تصريحات قاليباف حول لبنان: -تدخل فاضح ومحا ...
- مفاوض سابق خبير بالتعامل مع حماس يبين لـCNN -نتائج خطيرة- بع ...
- -حاولا العبور من الأردن-.. الجيش الإسرائيلي يعلن قتل متسللين ...
- -بوليتيكو-: شولتس يعلن استعداده للتفاوض مع بوتين.. فهل يرغب ...
- -السنوار يقاتل إسرائيل حتى الرمق الأخير-.. صور لما يقول الجي ...
- السيسي يعرض أهم الإصلاحات والمشروعات المصرية أمام منتدى بريك ...
- روسيا تعلق على اغتيال السنوار وتحذر من العواقب
- -بلومبرغ-: وضع القوات الأوكرانية الكئيب يزيد الضغط في واشنطن ...
- الدفاع المدني بغزة: منطقة جباليا تواجه حملة إبادة ونسفا لمبا ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - المصالحة تبدأ من هنا