|
نحو دولة مدنية تسمح بالزواج المدنى
أمجد المصرى
الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 20:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأزمـة التى أثارهــــا حكم المحكمــة الإدارية العلـيا المصريـــة بإباحـة الزواج الـثـانـى للأقباط و إلـزام الكنيسـة بتزويـج المطلقيـن ، و مـا استتبعه مـن تداعيـات و ردود أفعـال لـم يخـمـد غبـــارها حـتـى اللـحـظة و لا خـفـت ضجـيجـهـا ، فـدعـاة الإســلام السياســــى هـللـوا لذلك الصدام بين الدولة و الكنيسـة و اعــتبروه حشرا للأقباط فى ركـــن بين خيارين { إمــا التخلـى عـن كنيستهـم ، و إمـا القــــبول بالدولـة الدينية } فى نـوبة دجـل و خلــــط شديدة الصخـب تـهـدف إلــى حصــد المزيـد من الغنـائم عـلـى حسـاب مدنيـة الدولـة التـى توارت كثيرا و عـم السـواد بجهودهـم منذ سـنوات ، لا يـساورنـى الشـك فى حســن مقصد الدكتور خالد منتصر ذى التوجهات الليبرالية العلمانية الرافضة للسلفية و التحجـر و دعاوى الدولـة الدينية حــــيـن كتب : {{ يا أقباط مصر حافظوا على الدولة المدنية ، عضوا بالنواجذ على ليـبرالية وعلمانية الوطن ، فهذا فقط هو الذى سيحل مشاكلكم المزمنة .. الدولة المدنية الواضحة فى قوانينها والتى لا تفرق بين مواطن وآخر بسبب الجنس أو الدين هى الحل والملجأ للأقباط وللمسلمين أيضاً لأن البديل مؤلم ومرعب، والأقباط يعرفون جيداً من هو أول من ستعلق له المشنقة عندما تحكم الدولة الدينية }} .. نـــعـم بالتأكيد الدولــة المدنيــة هـى الحــل و العـلـمانيـة و الليـبراليـة هـمـا الـملاذ الآمـــن ، و لـكـن يبـقى السـؤال : هـل الأقـباط و كنيسـتهم يملــــكون الحــل ؟ عـجـز الأقباط و عـجـزت كنيستهم ( و معهم باقى الطوائف المسيحية المصرية ) عـن إقرار لائحـة الأحوال الشخصية التى ارتضوها و توافقوا عليها و قـدمـوهـا للدولـة ، لكن البرلمان أبـى طرحـها للتصويت طوال الـ20 سنة المـاضية ، فهــل يملك هؤلاء فرض مدنية الدولـة و علمانيتها و ليبراليتها ؟ تـرتــكز مدنيـة الدولـة أول مـا تـرتكـز عـلى دستورهـا و منظـومتها القانونيـة المتسـقة مـع ذلك الدسـتـور ، فـــهل تملك مصـر دســــتورا لدولة مدنـية ، وهـو الذى يحتضـن بين جنباته المـادة الثانية اللعـينة التى تلغـى باقـى المواد و تـدحضـهـا على طريقة الناسخ و المنسوخ ؟ مصـر يا ســــادة دولـة ديـنيـة إسلاميـة بمادتها الدستورية الثانية التى تنص عـلى أن ( الاسلام دين الدولة و الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ) ، و الإسلام كـما تعلـمـون و بحسب الشريعـة السمحـاء ( يعـلـو و لا يعـلـى عـليـه ) ، و هـو مـا عـبـر عنـه المقـبـور أنـور السادات يومــا بـقـولـته الشـهيرة ( أنـا رئيس مسـلم لدولـة مسـلمة ) ، و هــــــو ما يهـبط بباقى شركاء الـوطـن من رتبة المواطنين إلـى رتبة الذميـيـن مـنقـوصى الحقـوق شـرعـا مـــاذا لـو صـحــــــونا غـدا عـلى حكـم قاض بإلـــزام وزيـــــر المالية ( عامل بيت مال المسلمين ) بتحصيل الجـزيـة مـن المسـيحيـين و البهائيـين عـن يد و هم صـاغرون إعـمالا لنص المادة الثانية من الدستور ؟ القضاة أصبحـوا غير مأمونى الجانب و أصاب الكثير منهم النـزق و التهـور منذ تغلغل الإسـلام السياسى السرطانى فى أروقـة المحاكم و ساحات القضاء ، فرأينا فى هـذا الزمــن الرديء القضاة ذوى اللـحـى و الزبائب ، و رأينا القضاة المتأسلمين فى المظاهرات و الوقفات الاحتجاجية المشبوهـة يطاردهم الأمن المركزى بالهراوات ، تلوث القضاء بمثل ماتلوثت باقى قطاعات المجتمع ، فصـدرت الأحكام بالبـراءة فى جميع جرائم قتل الأقباط و سرقة متاجرهم و حرق كنائسهم ، بلـغ النـزق و الوقاحة بأحدهـم أن أعلن من علــى منصـــته العاليـة ( لا يؤخذ مسـلم بدم كافر ) إستنادا الى المادة الثانية الملعــونـة التـى تنسخ مواد الدستور و بنود الـقـانون و المعاهدات الدوليـة و المبادئ الإنسانية - بمثل ما نسخت آيــة السيف ثلـثى القرآن القاضى ( محمد الحسينى ) الذى هـاجـم الكنيسة فى عـقــر دارها و دس أنفــــه فى إختصاصاتـها ، أقدم علـى حـماقة أخـرى فى اليوم التالى و أصدر حكـما ( نهائيا ) بإسقاط الجنسية عن المصريين الذين تزوجـوا باسـرائيليات ( يهوديـات ) ، و قبلــها بأسابيع قليلة أصدر حـكـما ( نهائيا ) بحرمان المرأة ( القاضية ) من اعتلاء منصة محكمـة مجلس الدولـة ، بحجة أن المنصب لا يناسبها ( منـعته التقية من إعلان عقيدته بأنها ناقصة عقل و دين ، و أنها نجس ، و أنها ليست أهلا للولاية ) بحسـب المادة الثانية الملـعـونـة مـن الدستور المصـــرى يـبدأ تدشـيـن الـدولـة المدنـية الـمـصريـة القابـلة للنـمـو بـإلـغاء المــــادة الثانـــية مــن الدســــتور ، و تـنقيـة مـــواد القـانـون مـن كل ما نشــأ عنـــها أو اتـكأ عليــها مـن قوانين عنصرية ، حـتى يتسـنى تفعـيـل الـمادتين 1 ، 40 و غيرهـما من المواد المعطـلة التى تنص على : حقوق المواطنة - المواطنون سواء أمام القانـون بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو العقيدة - حريـة الفـكر - حـرية التـعـبير ... إلــــــــخ بــزوال المادة الثانيـة يتم فـض الاشتباك بـــين الديــــن و الدولــــة و تتســـاوى المســـــافة بـين الدولـــة و جميـع مواطنيــها بــزوال المادة الثانيـة يـــــزول حـق الأزهـر و شيوخ الـحسـبة فى مـطاردة و مصـادرة الكتب و الأفلام التى لا تروقهم ، و يــزول خـطـر فتـاوى إهـدار دمـاء المفكــرين و المبدعـين بــزوال المادة الثانيـة تـــــزول عـوائق إصدار قـانون بناء دور العبادة المـوحد ، بعيدا عـن شروط الـخط الـهمـايونى و سـخافات الـعـهدة العــمـرية بــزوال المادة الثانيـة تـــــزول عـوائق إصدار قـانون الـزواج المـدنـى بـين أى رجـــل و أيـة امـرأة زواجـا رسـميا يضمـــن حـقوقهما و حـقوق أبنائهـما تحت ظـل الدولــة - لا ظـل و لا سلطات المؤسسة الدينية - بدلا مـن الانزلاق الحـــادث فــى الـزواج العــــرفى و زواج المتعة و المسيار و المصياف و الفــريند و المسـفار و باقى أشكال الزنــا المتســربل برداء الديــن بــزوال المادة الثانيـة تـــــزول عـوائق إصلاح التعـليم و الإعلام و القضــــاء ، و ينـفـتح الطريق أمام الفكـر و الإبداع و البحث العلـمى و حقـوق الطفل و تمكين المرأة تعليـقا على مقالى السابق { أيـن الدولـة المدنيــة ؟ } المؤرخ 10/6/2010 كتب الأستاذ / سامى المصرى {{الأخ أمجد من المؤكد أن الدولة المدنية هي الحل، ولكن هل الأنبا شنودة يقبل الدولة المدنية والزواج المدني؟!!! الإجابة لا...لا...لا. هناك أقباط يعيشون في أستراليا وكندا وِأمريكا ولقد أعلن البابا وحذر أي واحد يتجرأ للإقدام على الزواج المدني سيكون مصيره الحرم!!! معنى ذلك أن أي قبطي خارج مصر سيقدم على الزواج المدني سوف ينبذ تماما خارج المجتمع المصري هو وكل عائلته فلا تقدم لهم أي خدمات من الكنيسة له ولعائلته. أنت تعرف ارتباط القبطي خارج مصر بالمجتمع القبطي ومن يخالف البابا يحكم عليه بالإعدام اِلأدبي. أنت تعرف رأي البابا في الزواج، فقد صرح مرات ِأن الزواج خارج الطقس القبطي هو زنى وقد ردت عليه الكنيسة البروتستانتية بعنف، فكم هو يعتبر الزواج المدني دنس وشر ليس لسبب إلا سلطويته التي بها خرَّب المجتمع القبطي. قرار المحكمة المصرية قرار مدني طبقا للدستور يعطي مواطن قبطي حقه الطبيعي في الحياة ضد تخلف ديني سلطوي عف عليه الزمان يمنع الإنسان من حقه في الزواج }} - انتهى ، و للأستاذ سامى المصرى و السادة القراء أقول : لا الأنـبا شنودة و لا شيخ الأزهـر و لا المفتـى و لا أى رجل دين يقبـل بالدولـة المدنيـة أو الزواج المـدنـى ، حيث نعيش فى دولــة دينية ترزح - و نرزح معها - تحت نير المادة الثانية من الدستور ، و لكن الدولـة المدنيـة ننادى بهـا و ننشـدها هـى دولـة تـرعـى مصالح مواطنيها دونـما تحرش بمؤسساتها الدينية و لا رضوخ لـها ، ليتزوج المواطـن مـدنـيـــا بمـن ارتضاها و ارتضته بموجب عقد رسمى موثق بسجلات الدولة ( على طريقة مكاتب الشهر العقارى ) ، عقد يحفظ حقوق الطرفين و التزاماتهما و يضمن حقوق الأبناء أيضـا ، و ليذهبــا بعد ذلك - إن أرادا - لنيل بركـة المؤسسـة الدينية التى تبارك الزيجة التى تتوافق مع عقيدتـها ، و لا يخفـــى على ذى فطنـة أن ما لا يتوافق مع طائفة دينية هـو بالتأكيد متوافق و مرحب به لدى طائفة أخـرى على نفس الديانة ، فـغيـر المقبول أرثوذكســــيا يمكن قبـولـه كاثوليكيا أو إنجـيليا ، كـما أن غير المقبول حنبليا يمكن قبـوله شافعيا أو مالكيا أو شيعيا أو غير ذلك ... و ليذهب بعد ذلك كل من شاء الصلاة الى ( المعبد ) الذى يرضى هـواه ، و ليول كل وجهــه للقبلـة التى تناسبه ، دون إجبار لمؤسسة دينية على مخالفة عقيدتها بحكم محكمـــــة ، و دون اغتصاب قاض لصلاحيات تفسير الأديان مـن المناسـب التذكـير بأن ( البابا ) لا يهدر دم مخالفيه و لا يملك شرطة دينية ، هـو فقط يمتنع عـن مباركــة ما يراه مخالفا لتعاليم الإنجيل ، و على المتضرر اللجوء إلى عقيدة أخرى تلبى مطالبه و احتياجاته دون مناكفة الدولــة المدنيــة هـى الحــل و العـلـمانيـة و الليـبراليـة هـمـا الـملاذ الآمـــن ، و الـزواج المدنـى ( الرسـمى ) يضمـن الحقوق و يمنـع الاحتكاكات
#أمجد_المصرى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين الدولة المدنية ؟
-
مرة أخرى
-
فى سكة زمان راجعين
-
جئتم للحوار و لا تطيقون حوارا
-
مغامرات كهيعص (روايه) الجزء 17
-
قراءة فى كتاب : حارة النصارى
-
بدايات الدعوة - كهيعص 16
-
هل كان أبو بكر الصديق فاسقاً ؟
-
بدايات الدعوة - كهيعص 15
-
بدايات الدعوة - كهيعص 14
-
إنتبه من فضلك ، مصر ترجع إلى الخلف
-
الفتنة التى يريدونها نائمة
-
النازيه
-
بدايات الدعوة (كهيعص13)
-
جماعة الحشاشين
-
لقد رفضوا شريعتهم عندما طبقت عليهم
-
الأمن و العدالة و الطائفية فى قنا المصرية
-
مغامرات كهيعص ( رواية ) - الجزء 12
-
كذب المشايخ ( العبودية )
-
غزوة نجع حمادى ، بعد غزوة فرشوط
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|