أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - لمن تقرع أجراس الليبراليين الجدد؟















المزيد.....


لمن تقرع أجراس الليبراليين الجدد؟


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3031 - 2010 / 6 / 11 - 22:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لو مكث الدعاة عقودا، بل قرونا يهاجمون الدين والمقدس ـ أيا كان الدين والمقدس ـ ومهما ساقوا من حجج وأسانيد منطقية أو علمية، فلن يحصدوا غير التعصب الزميت. هل تغيب هذه المسلمة عن الخبيرة في علم النفس الاجتماعي، الدكتورة وفاء سلطان؟ فعناصر الفولكور تترسخ في أذهان الجماهير حقائق مطلقة؛ وإذا ما اكتست بحلة دينية تخرج عن نطاق المناقشة والأخذ والرد. " سيكولوجية الجماهير"، ترد بعدم التسامح والتعصب اللذين يشكلان المرافق الطبيعي للعاطفة الدينية، أيا كان الدين.
التدين الشعبي لدى المسلمين يسلم بازدواجية دار الكفر ودار الإسلام و التناقض بينهما إلى أن تقوم الساعة. فلا تنمية ولا تحرر ولا ديمقراطية ينبغي أن تشغل الجماهير المثقلة بأعباء التخلف بل التمترس لرد الهجوم على الإسلام والمسلمين، تلك المؤامرة الأزلية . والآن يقدم الليبراليون التغذية الارتجاعية لتلك المسلمة فيواصلون الكيد للإسلام، تارة بنشر الصور الكاريكاتيرية وتارات بالدس وتدبير المكائد، وذلك من اجل الاستحواذ على ثروات المنطقة واستغلال موقعها الاستراتيجي. قديما استخلص الأفارقة أن الغرب جلب لهم الإنجيل ونهب منهم الأرض. تزعم إسرائيل أن الصراع الدائر في فلسطين والمنطقة لا يدور حول أرض او احتلال، بل هو صرع حضاري تتصدر إسرائيل جبهته المسيحية ـ اليهودية ضد بربرية الإسلام"

الدكتورة الباحثة تصر على ولوج الدرب المفضي إلى المزيد من التعصب والمزيد من المناكفات المعربدة بالشتائم والصراخ، فتقول "... أنني كطبيبة، والتزاما بأمانتي العلمية، لا أستطيع أن أمنح شهادة حسن سلوك لرجل في خمسينياته يفترس طفلة في عامها التاسع... اؤذي مشاعر المسلمين، وأذيتي تمتد حتى نخاع عظمهم، لا أملك حلا آخر، فهي الطريقة الوحيدة كي أستأصل سرطاناتهم، والطبيب الذي يستأصل عينا مسرطنة هو على حق!"
ولكن حبذا لو دللت الدكتورة على صدق ادعائها بأن فقأت "أعينا مسرطنة " تقترف ما هو أفحش. الطفلة التي "افترسها النبي" كانت راضية وقبلت وقبل أبواها وكان ذلك عرفا دارجا في حينه. ولم تعد الضرورة قائمة في الوقت الراهن لأن تسوّد الباحثة العلمية الصفحات المحقرة للإسلام كي تنقذ الطفلات من مصير مشابه. لم تحتج المجتمعات الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية إلى تحبير المقالات كي تتخلص من العبودية؛ فقد تكفل التطور الموضوعي للبشرية بتصفية العبودية التي أجازتها الديانات الثلاث. حقا تمارس عادة زواج الكهول من الصبايا صغيرات السن في مجتمع (المريّشين) بأموال النفط ، حيث تجري تجارة الجسد.
لكن لمن توجه وفاء سلطان خطاباتها المتحاملة على الإسلام ، وبالطبع المؤكد لهمجية المسلمين؟ أحقا أن المستهدفين بحملاتها الإنسانية أولئك الأميون الذين لا يقرأون مقالاتها، وثقافتهم سماعية يتلقونها من أفواه تمتهن " الدفاع عن الدين" ، ويصدقون بدون بينة دعاية مضادة ربما مقرونة بشتائم غالبا ما يلجأ إليها كل من يخذله المنطق وتعز عليه المعرفة اللازمة للحوار؟ أحد الضباط شهد جنوده ارتكابه عملا لا أخلاقيا ،حسب تعبير الإعلام، وسردوا فعلته تلك للتلفزة الإسرائيلية، على النحو التالي: الطفلة الفلسطينية إيمان الهمص (13 سنة) سقطت أرضاً بعد أن تعرّضت لإطلاق من نقطة مراقبة عسكرية إسرائيلية. لكنها كانت قد جُرحت فقط، حين تقدّم منها الضابط الإسرائيلي، قائد الفصيل، وأطلق طلقتين على رأسها من مدى قريب، ثمّ عاد من جديد إلى الطفلة، وغيّر سلاحه إلى التلقيم الآلي، وتجاهل اعتراضات زملائه التي تواصلت عبر جهاز الاتصال، وأفرغ كامل الذخيرة في جسدها!! برئ الضابط من الجريمة وأعيد للخدمة كي يواصلها وأمثاله في غزة على النحو الذي ورد في تقرير القاضي غولدستون.
فهل تثبت الدكتورة أمانتها العلمية وتكف عن منح شهادة حسن سلوك لنظام يدعم نظاما آخر لا يرى مخالفة للقانون في جريمة قتل طفلة عزلاء؟
ومثال آخر يقدم المعيار العملي لاستقامة الضمير: الدكتور نصر حامد أبو زيد حوكم وصدر بحقه حكم الردة من أعلى مستويات القضاء مقرونا بتطليق زوجته منه. قال في مقابلة صحفية،" كان الحل بسيطا للغاية أن أذهب لأقرب محكمة شرعية وأدلي بشهادة ان لا إله إلا الله ؛ لكني رفضت وجود سلطة تفتش في الضمائر .. اما حين وصلت هولندا ولدى أول مواجهة أدليت بالشهادة كي لا يظنوا أنني أجيء من خارج الإسلام ، إنما من قلبه". فانا باحث في منطقة مليئة بالألغام. بالطبع لم يظفر نصر حامد أبو زيد بكتاب ممهور بتوقيع موردوخ ولم يحظ بمقابلته، او غيره من أقطاب السياسة والإعلام في " العالم الحر". وهو بالطبع لا يبحث عنها ولن يتباهى بها.
"نعم أنا فظة وتمتد فظاظتي لتثقب نخاع العظم، ولكنني على حق في نفس الوقت! فالصدق هو الفضيلة الوحيدة التي لا تعطي ثمارا مالم تكن بالمطلق." والقول للدكتور وفاء سلطان ، وهي لا تقصر في مديح الذات ، وهذا لا يشين عندما ياتي موضوعيا. ولكن هل بلغت من الصدق مبلغ تشومسكي الأكاديمي الأمريكي؟ قال تشومسكي في مقابلة مع مندوب صحيفة " أهرام ويكلي" نشرت في العدد 3ـ10 حزيران الحالي، "قبل سنوات خلت اضطررت لقبول حراسة الشرطة الأميركية إذا ما عزمت إلقاء خطاب حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأن اللقاء يخرب بعنف. وبمقدوري تذكر حادثة أصر البوليس على مصاحبتي وزوجتي حتى سيارتنا بعد إلقاء خطاب في إحدى الجامعات. واليوم تغير الأمر بصورة جذرية بعد غزة".
ومضى إلى القول، أن " الصحفي كريس هيدجيز أجرى تنقيبا في صحيفة نيويورك تايمز وعثر قبل أسابيع قليلة على مذكرة من مدير التحرير إلى الصحفيين يحظر عليهم ذكر أسم تشومسكي في مقالاتهم أو كتاباتهم. إنها الرسالة ، "الميديا"، تنقل توجيهات المؤسسة إلى الجمهور من خلال الصحيفة والمنابر الإعلامية والجامعات. في ضوء هذا الواقع نحكم على غرض الحفاوة التي تقابل بها الدكتورة وفاء سلطان.

هل بلغت وفاء سلطان استقامة العجوز التسعيني دوف ييريميا ، إذ قال في مذكرة عممها على أصدقائه ومنهم أوري أفنيري " إنني، وقد بلغت الخامسة والتسعين حرثت الأرض وبنيت البيت وربيت أبنائي والأحفاد وأبناء الأحفاد وسفكت دمي في معارك إسرائيل ... أعلن ألتخلي عن إيماني بالصهيونية ، التي فشلت ، وإنني سوف لن اخلص للدولة اليهودية الفاشية ونظراتها المجنونة ، ولن أردد بعد الآن نشيدها القومي، وسأظل على أهبة الاستعداد لنعي الذين يسقطون على جانبي المتراس ، وسأظل ارقب بقلب كسير دولة إسرائيل التي تقترف جريمة الانتحار."
وكذلك اوري أفنيري ، إذ سلط الأضواء على عوامل هذا السقوط، فيقول في تعليق على خيبة أمل صديقه: " هل حلمنا بهذا المجتمع الفاسد، المجتمع بلا قلب، حيث تغرق في الأوحال الفئة بالغة الثراء ومعها عصبة كبيرة من السياسيين ورجال الإعلام ومن والاهم من الأتباع ؟"
هل دفعت الدكتورة ثمن الموقف مثل البروفيسور إيلان بابيه، إذ فضح حقيقة التطهير العرقي في دولة إسرائيل؟! أو كوستلر ، الصهيوني الذي أثبت أن اليهود في غرب أوروبا والولايات المتحدة هم من نسل الخزر " القبيلة الثالثة عشرة" تمييزا لهم عن نسل يعقوب ( إسرائيل)؟
أو البروفيسور نيفيه غوردون،رئيس كرسي العلوم السياسية بجامعة بن غوريون، الذي تخطى القول إلى الفعل: " ليس أمرا هينا بالنسبة لي ، كمواطن إسرائيلي دعوة الحكومات الأجنبية والسلطات الإقليمية والحركات الاجتماعية العالمية والمنظمات الدينية والاتحادات لوقف التعاون مع دولة إسرائيل. لكنني اليوم ، وأنا أراقب ولديَّ يلعبان في فناء البيت أصل إلى قناعة بأنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ إسرائيل من جنونها".
ربما يصعب في الولايات توجيه نقد لإسرائيل كالذي يوجهه إسرائيليون ضد دولتهم. ومؤخرا رأينا ما حصل للصحفية هيلين توماس،. حادثة تبين إلى أي يحق لصحفي مخضرم ومتميز طوال نصف قرن أن يزهو بنفسه داخل المجتمع الأميركي وأن يحتفى به: في حفل يهودي في البيت الأبيض في 27 أيار الماضي، سئلت هيلين توماس المتحدرة من عائلة انطونيوس اللبنانية الطرابلسية، عن كلمة تود ان توجهها إلى إسرائيل فردت فورا على السائل وهو حاخام يهودي( متقنع بزي كاهن كاثوليكي: «قل لهم (للإسرائيليين) أن يغادروا فلسطين.. وتذكر أن هذا الشعب (الفلسطيني) خاضع للاحتلال، وهي أرضه..» وعندما طلب منها الحاخام أن تحدد إلى أين يجب أن يغادروا أجابت: يجب أن يعودوا الى ديارهم الى بولندا وألمانيا، الى الولايات المتحدة او سواها". سارع المتحدِّث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس للتنديد بتصريحاتها ال «عدائية وغير مسئولة، وتستدعي التوبيخ»، وطالبها بالاعتذار. ثم توالت حفلات التبرّؤ منها، ورفضها شخصياً، قبل رفض تصريحاتها، فما كان منها إلا الاعتذار ثم التقاعد لتبهج بذلك الصهاينة المتضايقين من مركزها البارز في صحافة البيت الأبيض.
تقمع الأنظمة الشمولية كل رأي مختلف بطرق عدة تصل إلى التعذيب والتصفية الجسدية. أما في أميركا الديموقراطية، فيكتفون بالاغتيال المعنوي؛ بالنظر لأن التصفية الجسدية لا تمر بصمت، تشارك المؤسسات واللوبيات في حملة ضغط يقودها على صاحب الرأي بكل وسيلة ممكنة لمعاقبته على رأيه وإجباره على الاعتذار... والقمع جوهره واحد وغايته هي التغطية على الممارسات والوقائع غير المشروعة . تناول أليسون واير المدير التنفيذي لوكالة مصورة، تغطية الحادث في صحيفة واشنطون بوست، فقال " مضى الوقت حين يتناول التحقيق رأي طرفي الحادث". فقد أجرى هاوارد كريس، تحقيقا صحفيا بشأن هيلين توماس مع جيفري غولدبيرغ ، لم يشر فيه أن هذا مواطن إسرائيلي عمل حارس سجن يحتجز فيه مئات المعتقلين العرب بدون تهمة ، وبعضهم صرعه مدير السجن بدم بارد".
مجتمع الضغوط المعنوية لا ينتج استقامة المسئولين السياسيين في إداراته. وهذا يطعن في مدائح وفاء سلطان لنفسها. ولا تصْدق بحقه شهادتها حول احترام عقائد الآخرين، حيث تكمن في العقيدة محفزات السلوك والمواقف . تقول أن كوندوليزا رايس ، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، "ليست بحاجة لإنسان مسلم كي يعلمها كيف تحترم عقائد الآخرين، لأنها تربت كي تفعل ذلك." القول يضمر الحط من " المسلم" والإشادة بالتربية في أميركا ؛ لكن رايس تلك لم تحترم دماء آلاف المسلمين حين باركت العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 ، وأصرت على مواصلة العدوان إلى أن يتحقق مشروع الشرق الأوسط الكبير ، الذي قالت أن العدوان الإسرائيلي مسخر لإنجازه. ورايس صمتت إزاء العدوان على غزة. مواقف رايس تكشف جوهر التربية الأميركية التي تعيد إنتاج قيم الحياة الأمريكية وفلسفتها البراغماتية اللامبدئية. في موقفها عام 2006 فضحت رايس أن إسرائيل وجيشها ونهجها العدواني بالمنطقة أدوات الاستراتيجية الأميركية.
لنتأمل ما يقوله تينيت، المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) في مذكراته، والتي هي شهادة بصدد استقامة السياسيين الأميركان ، خاصة المحافظين الجدد:
"صباح 12/9/2001 ( اليوم التالي للتفجيرات في نيويورك) وأثناء اجتماعنا مع الرئيس جورج بوش فوجئت بريتشارد بيرل ( وهو أحد الشخصيات التي تحمل لقب الأب الروحي لحركة المحافظين الجدد، ويشغل منصب رئيس هيئة سياسات الدفاع وهي مجموعة استشارية مستقلة تتبع وزارة الدفاع)، يقول في الاجتماع، على العراق أن يدفع ثمن ما حدث بالأمس، العراق يتحمل المسئولية.
"وكانت هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها اسم العراق. وبعد فترة فوجئت بأن قرار الحرب على العراق قرار قديم، ومعد سلفا من جانب صقور ومحافظي إدارة الرئيس جورج بوش حتى قبل وصولهم إلى البيت الأبيض."
" نعم أنا اؤذي مشاعر المسلمين، وأذيتي تمتد حتى نخاع عظمهم، لا أملك حلا آخر، فهي الطريقة الوحيدة كي أستأصل سرطاناتهم، والطبيب الذي يستأصل عينا مسرطنة هو على حق!" أليس من المنطقي، وهي الطبيبة الجراحة ، أن تستأصل السرطانات المستشرية في الجسد الأميركي ؟ لاسيما وهي القائلة ، " فالصدق هو الفضيلة الوحيدة التي لا تعطي ثمارا مالم تكن بالمطلق." هل هي صادقة بالمطلق وحتى بالنسبي؟! هل يوجد وجه مقارنة بينها وبين الصحفي من إسرائيل جونثان كوك؟ ام أن الأجدر قوله أن أمراض المجتمع ليست سرطانات تستدعي البتر لأنها وليدة تاريخ طويل وإفرازات وقائع اقتصادية وسياسية وثقافية وحياة اجتماعية تستحق التغيير كي يتطهر المجتمع ويشفى من اختلالاته؟ وإزاء التفسير الأخير تنحط فكرة الاجتثاث السرطاني إلى درك الفكر الفاشي الهمجي حقا والبربري واقعا موضوعيا.
حاول جوناثان كوك المقيم في الناصرة، تفسير لغز لامبالاة الإسرائيليين التقليدية حيال الجرائم التي تقترف أثناء الحروب فيعزيها إلى الشعار السائد " ليس غير قوة اليهود بمقدورها الحيلولة دون التضحية باليهود". أضفيت القداسة على الشعار بتأثير النظام التعليمي في إسرائيل مستشهدا بالمحرقة، والتي تفسر بكراهية اليهود ، التي تكتسح العالم أجمع. عرض كوك المشهد العاطفي داخل إسرائيل مستعيرا قول احد المعلقين بصحيفة هآرتس يلخص من خلاله مشاعر اكتسحت المجتمع الإسرائيلي إثر حادث العدوان على سفينة الحرية ، على أنها مشاعر "ضحية مسكينة ملهوفة تواجه وحيدة غضب جمهور ساخط وتعي انها تعيش لحظاتها الأخيرة". هذه ’السيكولوجيا ‘ لا تثير الدهشة"؛ ولهذا السبب ، يقول جوناثان كوك، "سارعت إسرائيل لامتلاك القنبلة الذرية وتحشد الجهود لمنع الآخرين من امتلاكها وسجنت فعنونو ست عشرة سنة وأخرجته للإقامة الجبرية وسجنته في الشهر الماضي عقابا على مجرد حديث مع أجانب.. كل هذا دون أن يثير أدنى تعاطف معه داخل المجتمع." يرجع كوك حتى مشاهد المحرقة النازية ولا يتعمق حتى التلمود المتضمن إباحة الحروب المدمرة ل "الأغيار" ، والحض عليها، والاستدلال منها لتسويغ جرائم الحرب ضد الفلسطينيين!!
يشرح الصحفي جوناثان هذه العقيدة واسعة الانتشار فيقول " هناك عرضان متناقضان مسيطران على المشهد العاطفي داخل إسرائيل: اعتقاد راسخ أن إسرائيل موجودة من أجل تجسيد القدرة اليهودية، وإحساس قوي بأن إسرائيل تجسد الخبرة الجماعية للشعب اليهودي بأنه الضحية الأبدية عبر التاريخ ".
نقول أن التناقضات في الوعي الشعبي ظاهرة طبيعية في كل المجتمعات؛ حيث تتدخل الأوهام والأساطير والتخيلات مع الخبرة المعرفية في الوعي الشعبي. لكن تهيئة الأساس للتشبث بنهج سياسي يستثير غضب وسخط شعوب العالم وحكامه ، مثل العدوان على سفينة في عرض البحر، أمر يدل على فاشية تحمل الكراهية البهيمية للشعوب ، وتتنكب دروبا سرية خطرة عواقبها مروعة.
نعثر على توصيف ل "سيكولوجيا الضحية"، عن إنسان "لعب ولم يزل دور الضحية ووجد في ذلك الدور مهربا له من مسؤولياته"! العبارة كتبت مدفوعة بالغيرة على العقل الجمعي. الإنسان المدمن دور الضحية في عرف الكاتبة ، وهي وفاء سلطان بالذات، ليس الإسرائيلي، بل الفلسطيني لتخلص الباحثة إلى أن القضية الفلسطينية " نخرت كل خلية في دماغ العربي مسلما كان أم مسيحيا حتى عطّلت فعالياته"! "مخلفة قحطا فكريّا لا يمكن إخصابه إلا بعد زمن طويل من تجاوز تلك القضية وإلزام الفلسطينيين أنفسهم دون غيرهم بحلّ مشاكلهم"، بمعنى التسلين بشررعية المشروع الصهيوني. إذن يكمن ترياق القحط الفكري عند العرب ، مسيحيين ومسلمين، في التخلص من القضية الفلسطينية وتصفيتها باقتلاع الفلسطينيين من ديارهم. كتبت ذلك في مقالة نشرها موقع " الحوار المتمدن" قبيل زيارة قام بها الرئيس الأميركي بوش. في هذا الافتراء تجاوزت وفاء سلطان غلاة الصهاينة من أمثال بيرنارد ليفي ، الذي خطب مؤخرا في تل أبيب يستنكر الهجوم على السفينة التركية، من منطلق التشهير ب " الغباء السياسي" و ليس بالاحتلال وشهوة الاستيطان اللذين يفرخان الحروب والمحن والنكبات للشعب الفلسطيني.
وكذلك البروفيسور الأميركي ديرشوفيتز ، واصل الأمل في أن تدافع المحكمة العليا في إسرائيل عن الفلسطينيين؛ بينما الجرافات واصلت هدم بيوتهم وتدمر حقولهم ويلقى المعارضون لذلك معاملة مهينة.

تناول تينيت تضايق خبراء وكالته (سي آي أيه) من تصرفات مسئولي إدارة بوش الذين بات لا هم لهم سوى العراق. وبالتحديد علاقة العراق بالقاعدة. "وحين يؤكدون لهم بعدم وجود هذه العلاقة، كانوا لا يستسيغون هذا الرد أو الإجابة؛ بل أن كلا من سكوتر وليبي وولفويتز يظهرون الامتعاض وعدم الرضا عن ردود وإجابات الوكالة وموظفيها. وهذا ما أكدته لي جامي ميسيل التي تشغل منصب كبير محللي الوكالة. بل أن بول وولفوويتز وريتشارد بيرل ودوجلاس فيث كانوا من بين ال18 صقراً الذين وقعوا على رسالة علنية صادرة عن جماعة أطلقوا عليها مشروع القرن الجديد، يطالبون فيها كلينتون بإسقاط نظام صدام حسين".
وريتشارد بيرل عمل مستشارا انتخابيا لنتنياهو عام 1996، وأقنعه حينذاك بأن يدرج في برنامجه الانتخابي بندا يرفض الانسحاب من الأراضي المحتلة، مؤكدا حق إسرائيل في كامل " أرض الآباء".
هذه النخبة تضم في صفوفها البروفيسور أستاذ الدراسات الإسلامية ، بيرنارد ليويس والبروفيسور دانييل بايبس ، مدير شبكة التجسس على الأكاديميات الأميركية، والبروفيسور فؤاد عجمي ، والدكتور مارتين كرامر صاحب القول الشهير لزملائه الأكاديميين، " انتم مراقبون ، مقالاتكم تظهر على الانترنت ، مواقعكم الإليكترونية نتسلل إليها" ، وكذلك الدكتورة وفاء سلطان وكل الليبراليين الجدد المتورطين جميعا في الحرب من أجل الهيمنة الكونية للاحتكارات الأميركية تحت برقع " صراع الحضارات". تقول الكاتبة وصاحبة الاستقامة الفكرية "كم مقالة، كم تعليقا كُتب حتى الآن وتناولني شخصيا ـ سواء بالاسم أم بالإشارة ـ وتناول عائلتي بأبشع الألفاظ" ! حقا إن السباب وسيلة القاصر ومشين لكل من يمارس الحوار . وانا أستطيع أن أشهد من قراءاتي لكتابات وفاء سلطان أنها زوجة وفية وأم تتقن تربية أطفالها ، ولا مطعن في سلوكها الشخصي. لكنها، بقولها "لم أشعر يوما بحاجتي لأن اُخبر قرائي بأنني تلقيت دعوة شخصية من أهم رجل في تاريخ الإعلام السيد Rupert Murdock ( والكتابة بأحرف إنجليزية من عندها) ، ممهورة بتوقيعه، وبأنني تناولت معه طعام الغداء، وتناقشت حول أمور الساعة لمدة ساعتين"، إنما تطعن في انتمائها الفكري والسياسي، وتلقي الضوء على زيف قولها "صِدقنا واستقامتنا..." في خضم حرب فكرية يخوضها الليبراليون الجدد، رديفة للحرب الاقتصادية والسياسية والعسكرية الموجهة ضد العرب، يخاطب المتلقون في الغرب من أناس يقدمون على أنهم مطلعون على "خبايا الشرق" . لا يقرعون الأجراس للمتلقي العربي إلا لكي يشحنوه بالمزيد من التعصب والمزيد من النفور من الثقافة العلمية للغرب ومن قيم الديمقراطية والانفتاح والتلاقح الحضاري.
هنا ينتفي الصدق والاستقامة، و ينتفي العجب، إذ يقوض الحوار المتمدن.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين بين ليبرالية الدكتور حجي والليبراليين الجد
- قرصنة بحرية وبرية
- رغبات مهشمة
- صمت التواطؤ
- هذا التوحش الرأسمالي
- جموح نتنياهو .. الغايات ووسائل كبح الجماح
- الترهيب بالإسلام: المنابع وإمكانيات تجفيفها
- قضية المرأة إحدى قضايا الديمقراطية في مسيرة التقدم الاجتماعي
- نتنياهو يريدها صراعا دينيا مسلحا فالحذر الحذر
- إسرائيل دولة بلا جذور تاريخية
- القضية الفلسطينية مركز تجاذب وتدافع
- الليبراليون الجدد يستظلون بالفاشية ويقومون على خدمتها
- مأزق المجتمعات ومحنة المفكرين في ظل نهج القهر
- لعبة كرة القدم ضمن برامج هندسة الموافقة
- هيستيريا كرة القدم
- تحية تقدير واعتزاز للحوار المتمدن في عيده
- لا يطلبون سوى الإقرار بأن الفلسطينيين دخلاء في وطنه
- محو التاريخ اوهام تبددها شواهد التاريخ الثقافية والاجتماعية
- إنهم فاشيون إرهابيون وليسوا مجرد متطرفين
- اليسار حركة وتغيير وليس مجرد تسجيل مواقف


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعيد مضيه - لمن تقرع أجراس الليبراليين الجدد؟