أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - التحرر من سطوة - الأبقار المقدسة -















المزيد.....

التحرر من سطوة - الأبقار المقدسة -


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3030 - 2010 / 6 / 10 - 22:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الاحترام والتبجيل الذي يصل إلى حد التقديس الذي يكنه جزء كبير من الهندوس الهنود، وخصوصاً البسطاء منهم للأبقار، ويقيمون لها التماثيل في معابدهم، ومنازلهم، وشوارعهم، له جذور عميقة في كنه العقيدة والتعاليم الهندوسية، التي تؤمن بالإحلال أو تناسخ الأرواح، الذي يشمل الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء. وفي الواقع فإن معظم الديانات، والمعتقدات القديمة، والوسيطة خالطتها بدرجات متفاوتة رموز وأساطير مقدسة مشابهة، مثل النار والشمس والأنهار والأشجار والحيوانات وغيرها . معظم تلك الرموز والإشارات والأساطير جرى تجاوزها ، ضمن سيرورة المجتمعات الإنسانية من مرحلة البدائية أو الطفولة البشرية، إلى ما أصبحنا عليه ونعيشه بفعل تطور المعرفة والعلم واكتساب الحداثة والعقلانية والحضارة عموماً. غير أن المجتمعات المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، مازالت بدرجات متفاوتة تحتضن وتستبطن، الكثير من رواسب وأوهام طفولتها الأولى، كما تختلق وتختلط فيها الكثير من الرموز والأوهام والأساطير القديمة/ المحدثة. وفي هذا السياق ليس هناك من فارق كبير بين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش زعيم اكبر وأقوى وأغنى دولة وأكثرها تقدما (في التاريخ الحديث على الأقل)، في نظرته الأسطورية إلى الكون والعالم، وبين نظرة أسامة بن لادن القابع بين الجبال، وفي الكهوف المظلمة للتاريخ، والواقع أنهما معا، يستمدان قوتهما من بعضهما البعض كما تتداخل أفكارهما وتصوراتهما ونظرتهما إلى العالم، إذ ليس هناك من فارق يذكر بين محوري " الشر والخير "وتلبية نداء السماء وفقا لبوش وبين حرب "الفسطاطين" وتجسيد الأرادة الإلهية وفقا لإبن لادن .
المجتمعات العربية / الإسلامية هي في المقدمة من حيث احتفاؤها بـ " الأبقار المقدسة" من كل لون وصنف، سواء تجسدت ماديا أو رمزيا ، على شاكلة مفاهيم وتصورات متجذرة، في ممارساتها وذاكرتها ووعيها الأسطوري الجمعي . إنها تنام وتصحو، تتحرك وتعيش، وتقمع وتسحق وتقتل، من أجل تلك الأساطير و " الأبقار المقدسة " بل إنها تمانع وترفض أية محاولة عقلانية لتغير واقعها، في ما يشبه التنويم المغناطيسي، حيث استقالة واستلاب الوعي أو تزييفه، على يد الزعماء والقادة ، وكهنة الدين والدجالين من كل صنف ونوع، وعلى النحو الذي يكرس الاستبداد والجهل والفقر والتخلف والتبعية، والذي نجد تمظهراته في الهيجان الديني، والاستقطاب الطائفي والمذهبي والسياسي الحاد، وتفشي العنف والإرهاب والحروب الأهلية، على النحو الذي نلحظه في كل أو جل المجتمعات العربية بدرجات متفاوتة، كما هو حاصل في العراق ولبنان وفلسطين والسودان والصومال واليمن ومصر والأردن والجزائر والمغرب وتونس والسعودية وغيرها. في حرب الجميع ضد الجميع ( أو المأكلة الكبرى) وفقا لهوبس . لا مجال هناك للعقل والعقلانية والحلول التوافقية. في القرن الحادي والعشرين لاتزال المجتمعات العربية تحتفي بأبقارها المقدسة المتعددة، والتي لها القدرة على التناسل والتكاثر، بدءاً من الحاكم والسلطة الاستبدادية، مثال نظام صدام حسين المقبور وأشباهه الكثر في طول وعرض منطقتنا العربية اليباب ، ومرورا بزعماء وقادة الطوائف والمذاهب والمليشيات والقبائل والعشائر، ومن في معيتهم من الدجالين والأفاقين وفقهاء السلاطين ومفتي القتل والإرهاب، من المتلاعبين بمصائر وحيوات البشر، والمدمرين والمتلاعبين بعقولهم، والذين شكلوا ورسخوا مضارب وحدود وملاذات وتخندقات فئوية متقابلة ومتصارعة، بديلا عن وحدة الوطن والشعب والمجتمع المغلوب على أمره، والمستباح من الداخل والخارج في الآن معا.
ويبدو أن المجتمعات العربية، قد اكتسبت مناعتها، بالمرض المزمن لديها، مما جعلها تقاوم بضراوة بكتيريا وفيروس الحرية والديمقراطية والتعددية والعقلانية والحداثة والعلم والتقدم الاجتماعي والتطور الاقتصادي المبتلاة بها الحضارة والمجتمعات " الجاهلية " المتقدمة المعاصرة، بأنظمتها وتشريعاتها وقيمها ومثلها (على رغم الكثير مما يشوبها)، وبغض النظر عن مخالفتها للقيم والمبادئ الدينية، القائمة في جوهرها على التسامح والعدل والإحسان.
التفرقة الطائفية والعنصرية و الاجتماعية المتخلفة، يجري التعامل معها بدورها كأبقار مقدسة، لذا لم يكن مستغربا المواقف والممارسات الإقصائية للمرأة والعمل على طمس كينونيتها الإنسانية ، ووفقا لأعراف إجتماعية بالية مغلفة بالدين ، تقوم المحاكم الشرعية بالتفريق بين زوجين لعدم الكفاءة في النسب أو المذهب ، رغم أنها ليست مشفوعة بسند ديني (قطعي الدلالة) من القرآن والسنة، وإنما إستنادا إلى بعض الروايات والأحاديث الضعيفة السند ، و بأقوال بعض الفقهاء القدماء الذين مهما عظم شأنهم ومقامهم، فهم بشر غير معصومين، وهم نتاج بيئتهم الاجتماعية والثقافية التاريخية ، بالتالي لهم فهمهم الخاص يصيبون في مسائل وتفوت عليهم ويقصرون في أمور كثيرة أخرى.
وبالتالي اجتهاداتهم ليست مقدسة وملزمة في جميع الأحوال، خصوصا مع وجود نصوص واضحة من القرآن الكريم، كما جاء في الآية الكريمة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم " والقول المأثور " الناس سواسية كأسنان المشط ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى " وما تضمنته السيرة النبوية من تزويج الرسول لابنة عمته (وزوجته لاحقا)، زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة، وتزويج عبدالرحمن بن عوف أحد كبار الأثرياء لأخته من الحبشي بلال بن رباح، وتحذير الرسول " لا تنابذوا بالألقاب " ناهيك عن تجاهل بنود رئيسة في النظام الأساسي للحكم، وكذلك المواثيق والعهود الدولية الملزمة للدول الموقعة عليها، مثل اتفاقيات مكافحة التميز العنصري، والتمييز ضد المرأة، ومناهضة التعذيب، وغيرها من الاتفاقيات، والتي تم بموجبها التخلي عن بعض الممارسات، التي تعتبر في نظر القانون الدولي جريمة يعاقب عليها، مثل امتلاك وتجارة الرق، والتسري بالجواري والإماء، أو فرض الجزية على " الذمي " غير المسلم إلى جانب بعض العقوبات الجسدية مثل قطع الأيدي والرجم حتى الموت.
في الواقع إن تقديس واحترام الأبقار في الهند والمحصور لدى الفئات الشعبية في المقام الأول، هو نتيجة خياراتها الذي يحدده مستوى وعيها وتقاليدها وأفكارها الدينية. لكنه لم يؤثر على مسيرة الهند الحضارية والتنوية ، كما تعتبر أكبر دولة ديمقراطية في العالم، قائمة على احترام التعددية والحريات العامة وصيانة الدستور وحكم القانون والمؤسسات.
كما هي أحد روافع الاقتصاد العالمي الجديد، وخصوصا في مجالات الصناعة والتكنولوجيا، والخدمات وتقنية المعلومات. وكم يبدو سخيفا ومضحكا التشنيع الشعبي المشبع بالعنصرية في دول مجلس التعاون الخليجي حين يطلق وصف " هندي " كناية عن التخلف والجهل، وعدم المعرفة في حين تعيش المجتمعات و " خير أمة للناس " وذات " الرسالة الخالدة " بفضل " أبقارها المقدسة " المفروضة عليها حياة الاستبداد والتخلف والفقر والمرض والبطالة والجهل والاحتراب والتمزق والتبعية.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء أسطول الحرية .. وإرهاب الدولة المارقة
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / حداثة وتنمية مبتورة( الح ...
- بيان تضامني مع - قافلة الحرية- وإدانة للمجزرة!
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية/الثابت والمتغير ( 4 )
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية .. مركزية غربية ومركزية مع ...
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية/ الأنا والآخر ( 2 )
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / البعد الأيديولوجي ( 1 )
- 10 سنوات على رحيل المشري .. الغائب الحاضر!
- رحيل أحد أعمدة التنوير العربي في عصرنا الراهن
- التسامح كقيمة دينية ( 1 )
- تجديد الخطاب الديني .. ضرورة الراهن!
- العنف الرمزي كحالة ثقافية – مجتمعية (1)
- البوح.. هموم ذاتية.. مسرة خاصة ( 1 )
- احتفاء بالشخصية الوطنية البارزة عبد العزيز السنيد ( 1)
- - ماراثون - القطيف في معرض الكتاب في الرياض
- ماراثون - القطيف - .. وحراس - الفضيلة -
- عوامل التغير الاجتماعي.. وفكرة التقدم
- نجمان مشعان غابا عن سماء بلادنا - 1 -
- المنتديات الثقافية الأهلية والحراك الثقافي في المملكة
- 8 مارس وحقوق المرأة المستباحة


المزيد.....




- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب الخنيزي - التحرر من سطوة - الأبقار المقدسة -