|
لم يكن سقراط على أهبة الموت حين فاجأه أفريدون بالسؤال عن مغزى الخلود
باسم الماضي
الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 09:18
المحور:
الادب والفن
عندما ينشطرُ القلبُ نهرينِ يكونُ بلادَ كمَّثرى، من تحتِ قشرتِها يلمعُ لبُّ الجحيم.
هل قلبُ هذه الأرض متَّخذٌ وجهةَ الغرامِ مثلي نحو ما ليس أنثى تماماً، بل أنثى بالإضافةِ إلى شيءٍ آخر، قصدتُ أنها أنثى، لكنها حين تختار أن ترقصَ لإغراءِ الشاعرِ تلبسُ لأمة حرب الرجل، وتلاعبُ بالأسنَّةِ الهواء، وتخاطبُ بالرجز فارساً افتراضياً كما لو أنه موجودٌ بالفعل، فإذا هي أجهزت عليهِ في خيالها، تذكَّرت فجأةً أنها مفجوعةٌ للتوِّ بأبنائها، ولهذا فقد خُيِّلَ إليها أنها خارجةٌ من بؤبؤِ عينِ العالم. *** من الطبيعيِّ أن لا أكونَ جاهزاً للحبّ لأنني لم أتخلَّص بعدُ من مهمَّتي كثائرٍ على الفراعنةِ المحنَّطين داخلَ أهراماتِ الجسد *** فلو فرغتُ من هذه المهمَّةِ بالذات فعسى أن أنتزعَ إحدى العينين وأبقي على الأخرى لأحرِّكها قليلاً نحو موضعِ النصلِ القديم آنذاكَ أكونُ مهيَّئاً تماماً لأن أرى وجهَ حبيبتي على حقيقته بريقاً منبعثاً من حافَّةِ السيف *** ربما يشتهي الإنسانُ موتاً آخر بغيرِ طعمِ الملحِ في الجسد وحينما يأخذ القبرُ امتدادَه في قارَّةِ الحزنِ الأنثويِّ داخلَ قلبِ الشاعر يكتشفُ أنَّه لم يكن موفَّقاً في القبضِ على حقيقةِ موته الأجمل ولهذا ينتخي بموتِِه الأقصى أقصدُ ذلك الموتَ الذي لا يجانبُ طعمَ الملح ويتَّخذُ منزلةً وسطى بين الهواءِ والتراب بصفتِهِ خلقاً لم يتحقَّق بعد ***
ليس للأحياءِ فضلٌ على الموتى وإن كانت عيونُهم تحدِّقُ في الفراغ ذاكَ أنَّ عيونَ الأحياء مسكونةٌ بالرعبِ من كونِها لا تطيقُ التحديقَ طويلاً صوبَ مهزلةِ العالم *** لم يكن سقراطُ على أهبةِ الموت حين فاجأهُ أفريدون بالسؤالِ عن مغزى الخلود وإذ ليسَ لديهِ ما يكفي من الآنات ليشرحَ ما عيناهُ كانتا تبصرانِه نظر نظرةً إلى أفلاطون فهم معناها جيِّداً فكان أن ضغط خلاصة ما شاء أن يقول في استعارةٍ مكثَّفةٍ جدّاً صارت فيما بعد ذلك المدى المنظور من شبح جنازةِ العالم حيث تبدو من بعيدٍ كما لو أنها فارسٌ مقبلٌ على قومِه ببشائر النصر لم يكن في نيَّةِ أفلاطون أن يتهجَّدَ بالغيبِ كثيراً فلقد كان يشعرُ تماماً أنه ابن الواقع كما لو أنه حجرٌ يابسٌ مرصوفٌ في أيِّ جدارٍ لكن لم يكن لديهِ بدٌّ من أن ينقذ اللغةَ من ورطةِ الصمت فكان أن انقلبَ نظامُ الجاذبيَّةِ فجأةً وبناءً على هذا فقد ارتطمَ أثناءَ السقوط بالسقف الأعلى من السماءِ السابعة وليس من شأن من يسقط من أسفل إلى أعلى أن يشعرَ بأنَّ كلامَه كبريتٌ يصل إلى درجة الإتقاد سريعاً بمجرَّدِ المكثِ قليلاً داخلَ شرارةِ المجاز ***
أحياناً أتأمَّل العالم، لا بصفتِه أخطبوطاً كما هو في الواقع، لكن بصفته شاياً وسيجاراً وربما خمراً في الخيال. أحياناً أخرى أقفُ مذهولاً أمامَ حيرتي، لعلمي أنَّ الجوابَ ليس هارباً على الدَّوام، فالفلاسفةُ يفترضون هذا بدافعٍ من كونِهم يعتاشون على مصِّ عظامِ الأسئلة، وأنا لستُ فيلسوفاً إلى حدِّ النخاعِ كما يقال، كما لا يشرِّفني أن أحملَ نزوعاً ساديّاً إزاءَ جمجمتي، فأقول إنها مستودعُ البكتريا، أقصدُ ما يشاعُ من أنَّ قصيدةَ النثرِ مولعةٌ بالهذيان. *** تلك البلادُ راقصةٌ في مبغى لكنها طيِّبةٌ للغاية لأنها تطعمُ من كدِّ ليلها زغاباتِ قصائدي *** تلك البلادُ الأخرى لا تعرفُ معنى الرأفة ولا يقشعرُّ بدنُها لمرأى إنسانٍ يُذبحُ من قفاه ولأنها على هذه الصفة فإنني أتنفَّسُ الهواءَ الصاعد من جثثِ الأموات لتعرفَ من ريح فمي أنني متزوِّجٌ في السرِّ من مقبرة *** ليسوا بشراً هؤلاء المخبوؤون في لؤلؤ الكلام هم ما فوق أبناءِ آدم دون مستوى اللهِ طبعاً ربما بسببِ هذا قيلَ عن لؤلؤِ الكلام إنه النورُ الذي جبلت منه أجسادُ الملائكة *** مع أني شاكٌّ كثيراً في تحديدِ التأويلِ المناسب لما يوحيهِ هذا التمثالُ المنتصبُ أمامي أعني جسدي أنا فأنا الآنَ منحازٌ جدّاً إلى روحي ومتيقِّنٌ من أنها بالرغمِ من كونِها بحكم اللاشيء في ميزانِ معرفتي تستطيعُ أن تمنحَني كينونةً أخرى تشبهُ في تفاصيلِها الدقيقةِ نعيقَ الغراب
وحتى لو أنَّ الجسد أصبح روحاً فهل سوف أربحُ القبر لأمنحَه إلى جسدٍ آخر لم يصر روحاً بعد؟ ***
لا أرى أملاً في أن تبلغَ مرحلة الخلاص معرفتي فهي إلى الآن تتنقَّلُ في جوفِ أفعى ***
دعني أتهجَّد باسمك أيُّها الربّ دعني أقل إنَّك نفسي لأعلن أني صهرُ الأشياء وأخوها وأبوها كذلك أما أن أكون هكذا مجرَّد حياةٍ ترقبُ موتاً فهذا يعني أنَّ أيَّ حجرٍ ملقى بإمكانه أن يأخذَ في جمجمتي مكانَ الدماغ ***
#باسم_الماضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القازوق- 2
-
القازوق
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|