|
الرأسمالية وتمويل استيراد الرز من القمر
ضياء حميو
الحوار المتمدن-العدد: 3026 - 2010 / 6 / 6 - 20:37
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
هامش أول هذه المقالة مدينة بالكثير من اقتباساتها لعالم الاقتصاد الأمريكي "ليندون لاروش"Lyndon H. Larouche الذي ولد عام 1922 وبلغ 88 عام لغاية 2010 ودوريته الاسبوعية executive intelligence review "انظر الهامش .
هي ليست نكته ..! ولكن هذا بالفعل ماقامت به المؤسسات المالية العملاقة لسنين طويلة وبرعاية ليست حكوماتها وحسب ،بل حكومات البلدان التي توافق على هكذا اقتصاد، " اقتصاد الخداع ". مثال ذلك أحد المصارف العملاقة في العالم " مصرف كَولدمان ساكس". من رسالة بعثها ستون نائبا في الكونجرس الأمريكي إلى رئيسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية "ماري شابيرو" يوم 26 أبريل الماضي، لإجراء تحقيق عن عملية احتيال مبرمجة قام من خلالها البنك ببيع أوراق مالية لزبائنه وفي نفس الوقت كان يضارب ويضع مراهنات على انهيار سعر هذه الأوراق التي روج هو بنفسه لقيمتها لدى زبائنه وهو ماحصل إذ ربح المصرف مراهناته على "لاقيمة" ماروجه من بضاعة وهمية، اتضح لاحقا ان البنك ربح مقدارا مساويا لما خسره زبائنه ولهان الأمر لو كانت هذه المراهنات بمبالغ بسيطة ولكن..! قبل الانهيار الحالي لأسعار الأوراق المالية المعتمد على أصول العقارات الذي بدء عام 2007 وضع المصرف مبلغ 13 مليار دولار في مراهنات مالية على انهيار هذه السلع المالية" العقارات" بعض منها وهمي غير موجود سوى على الأوراق والبعض الآخر بأسعار غير حقيقية، أي انهم يروجون لبضاعة يعرفون تماما اما انها لاتساوي قيمتها أو انها غير موجودة بالأساس وأرباحهم تتأتى من المراهنات " المضاربات المالية "،هذه اللعبة كانت مستمرة لسنوات وتحديدا في أمريكا ازداد نموها حين الغي في العام 1999 قانون "كَلاس سيكَال " الذي اقر عام 1933 أبان الأزمة المالية في بداية الثلاثينات وهو مبني على أساس تولي الدولة مسؤولية التوجيه والسيطرة على العملة والائتمانات المالية من اجل تطوير اقتصاد منظور على ارض الواقع في البنية التحتية وغير وهمي هذا القانون فرق تماما بين " المصارف التجارية" التي يودع فيها المواطنون أموالهم وبين " المصارف الاستثمارية والشركات المالية "التي يقوم عملها على أساس المضاربات ، ففي المصارف التجارية يتوجب على الدولة ان تحمي وتضمن وتعوض أصحابها لان أموالها هي بالأساس من إيداعات المواطنين التي تقوم البنوك بإقراضها لأفراد وشركات يستثمرونها بمشاريع اقتصادية مرئية وملموسة ،وفي حالة البنوك لاستثمارية والشركات المالية لاتعويض ولاضمان ولا حماية من قبل الدولة لان عملها ليس في البنية التحتية وتطوير الاقتصاد كما إن نشاطها المضارب قد يجعلها تخلق أسعارا وهمية لسلع قد تكون وهمية ولو تمت رعايته من الدولة فانه سيجنح الى المضاربات الوهمية "وهو ماحدث بتراتب تصاعدي " منذ العام 1999 والى الآن وقامت الدولة بتعويض خسائره من ضرائب المواطنين الذين يتساءلون لم ندفع مبالغا لنعوض خسائر "تمويل استيراد الرز من القمر "...!!.
منذ الأزمة الأخيرة ولغاية الآن نسمع الآتي:" قامت الدولة الفلانية بضخ كذا مبلغ من احتياطيها أو اقترضت لتجنيب البنك الفلاني الإفلاس..!!"طبعا هذا البنك من المؤكد ان استثماراته ليست بالبنية التحتية التي تسببت بافلاسة بل بنشاطات مضاربة ،سبب الإنقاذ الذي يدفعه المواطن العادي من جيبه لايعدو مبهما إذا عرفنا أسماء المستثمرين بهذا البنك والمؤسسة المالية وعلاقتهم بمراكز الحكم في الدولة الفلانية،بالإضافة الى ان هذه البلدان ارتبطت بنظام مصرفي عالمي مبني على المضاربات وهو مايجعل انهيار اقتصاداتها المحلية مدويا وبسرعة لاتصدق. غير بعيد عن هذا مسألة القرض المقدم لليونان التي ينهار اقتصادها بشكل يومي " لم يكن القرض لمساعدة اليونان في تخطي أزمتها من خلال ضخ الأموال في البنية التحتية بل بشكل أساس هو لكي تتمكن من تسديد ديون الدائنين العالميين الذين يمسكون بديونها،وبشروط مذلة يدفع ثمنها المواطن اليوناني العادي الذي لاناقة ولاجمل له سوى ان دولته اتبعت نظام رأسمالي منفلت ومستهتر فُرض عليها أو ظنته هو الصحيح " المقصود حماية وتعويض وضمان "البنوك والشركات الاستثمارية "،إذ يبلغ حجم دينها الخاص 195% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي مسألة الديون هذه يمكن ملاحظة كارثة مستقبلية لأكثر من بلد في طريقها للحاق باليونان أولها البرتغال التي لم تشهد أي نمو اقتصادي طيلة العشرة أعوام الماضية وبلغ حجم دينها العام 77% من الناتج المحلي الإجمالي لايملك البرتغاليون فيه سوى 17% ومن المؤكد للبرتغال كما في حالة اليونان فيما لوتمت مساعدتها بقرض وبأي شروط كانت فانه سيكون لتسديد دينها للدائنين الأجانب ذوي حصة ال 83 % ،وسيطلب منها ان تخفض رواتب المتقاعدين والتأمين الصحي والاجتماعي والدعم لقطاعي التربية والتعليم لزراعة ..الخ وبصورة مختصرة قتل منظم وسلب لحقوق وأموال شعوبها التي كافحت على مدى سنين لتأمين هذا. بل حتى بلدان الرفاه الاجتماعي " بلدان اسكندنافيا " نلاحظ تراجعا مضطردا لرفاهيتها، وكذالك معالجة تتخبط بها حكوماتها لديون ظهرت فجأة يتساءل معها المواطن العادي :" لم ابع ولم اشتر شيئا فلماذا ادفع ثمن خسائر بضاعة وهمية "..!؟ الأزمة ليست مصرفية كما يحاول الاقتصاديون ان يفسروها ..! بالنسبة للمواطن العادي هي أزمة الثقة والخوف من اقتصاد يراهن على فقدانه لرغيف خبزه وحبة دواءه بل وحياته أيضا..!! وقد خرج بمظاهرات وستتصاعد الى ثورات حين يجد انه لم يعد يملك مايخسره..!! ولن تنسى الرأسمالية مطلقا تلك المظاهرات والثورات الجماهيرية التي عمت العالم أبان أزمة أوائل الثلاثينات وقد عالجتها بثمن بخس جدا بالنسبة لها هو عشرات الملايين من القتلى في شتى أنحاء العالم في الحرب العالمية الثانية. الأزمة ليست مصرفية ..!! بل أزمة نظام اقتصادي عالمي فاسد ومجرم وعدواني لن يتوانى عن فعل أي شيء من اجل إنقاذ صفقات تمويل " استيراد الرز من القمر ".
هامش أخير سجن لاروش لمدة خمسة أعوام في العام 1989 في حملة قادتها الـ FBI على مدى أكثر من عقد بالتعاون مع المنظمة العنصرية اليهودية “عصبة مناهضة التشهير” Anti Defamation League وشخصيات سياسية كبيرة مثل هنري كيسنجر الذي يكن عداءً شخصياً للاروش، أدت الى تلفيق تهم باطلة به والزج به وبرفاقه في السجون الأمريكية في واحدة من أبشع عمليات انتهاك حقوق الإنسان، كان حينها في السبعين من عمرة، تعرض لمحاولتي اغتيال بتدبير مؤسسات حكومية في عامي 1973 و 1983 يقول لاروش في الأزمة العالمية الحالية (ان النظام المالي العالمي وخاصة في الغرب قد دخل في مرحلة الإفلاس الفعلي بسبب فك الارتباط كلياً مابين الاقتصاد الحقيقي المتمثل بإنتاج واستهلاك السلع والخدمات وبين الأسواق المالية والنقد، بحيث أصبحت قيمة الأوراق المالية المتبادلة في الأسواق العالمية وكمية النقد المتبادل في أسواق الصرف اكبر من كمية إجمالي الناتج المحلي لجميع أمم الأرض بعشرات المرات. وهذا يحتم عليهم إدخال النظام المالي العالمي في إجراءات إفلاس قسرية بالتعاون مابين مجموعة من الدول الكبرى).
#ضياء_حميو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقد الحزب الشيوعي العراقي
-
الفنان طارق هاشم:-أفرح لكل منجز سينمائي عراقي أينما كان -
-
هل الشيوعيون العراقيون أسوأ من البعثيين؟
-
( أبو كاظم والبنك الدولي )
-
هل يشبه الفيل الثعبان أم الحائط!؟
-
الشيوعيون العراقيون ، طبيب واحد وعشرون صندوق دواء
-
يخطط للعودة الى بغداد ثانية (حكايات يرويها مهاجر أمضى ثلاثين
...
-
نقاش في سيارة أجرة عراقية
-
أسرار صغيرة عن الحوار المتمدن
-
مؤخرةُ وزير ٍ على المَحَك
-
دعوة في كوبنهاگن لقتل سبعة آلاف مواطن دنماركي
-
یكره أحدهم ویحب إسرائيل
-
(إعدادية مختلطة.. وخيانة علمية )
-
حقيقة كلمات ماركس الثلاث (الدين أفيون الشعوب )
-
حكايات من إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ( أبو صويحب )
-
حمّالات الصدر والمساواة في السويد
-
غشاء بكارة - صيني -
-
الفيتامينات -والعادة الشهرية - والجنس في المناهج المدرسية
-
نداء إلى الكتاب والرفاق اليساريين في المغرب (العربي)
-
حكايات جامعية (دبابات في الحرم الجامعي )
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|