جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3026 - 2010 / 6 / 6 - 12:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
للانسان بعكس الحيوان انواع كثيرة من الخوف يمكن اختصارها الى ثلاث انواع و لكن اسوء انواعه ياتي من الحرية. يخاف الانسان اذا فقد حريته من جراء نظام قمعي و دائرة امنه كما حدث في العراق و لايزال يحدث في عدد من الدول الدكتاتورية. يعتبر هذا النوع من الخوف اهون الانواع. لربما تتعجب من قولي هذا و لكن هذا النوع الخوف في الحقيقة وقتي عابر يزول يمكن معالجته او يهون بازالة النظام الدكتاتوري او تغيير الوظيفة اذا لم يترك اثار نفسية عميقة. دعني اسمي هذا النوع من الخوف الخوف الاصطناعي او الخوف الثالث اي انه مثل القراءة و الكتابة نتعلمها في المدرسة.
الخوف الاول هو خوف غريزي طبيعي باطني له فائدته الكبيرة لاجل الهرب من الخطر او تفاديه مثل الخوف من الحيوانات المفترسة و الحرق و الغرق تشاركنا الحيوانات فيه لانه غريزة الاصرار على البقاء على الحياة. لايمكن القضاء على هذا النوع من الخوف لانه ملازم للحياة.
اسوء واصعب انواع الخوف هو الخوف النابع من الحرية او حرية اتخاذ قرار. دعني اسمي هذا النوع من الخوف الخوف الثاني. بعد الولادة و قذفنا في عالم قاسي معقد دون ارادتنا و عدم امكانية اختيار يوم الولادة و والدينا تنفتح امامنا حرية رهيبة علينا ان نتخذ قرارات ليبدأ الخوف في التحكم فينا والسيطرة علينا كليا. هذه الحرية القاسية تكبلنا لاننا في حيرة دائمية لانعلم اي طريق نسلك اية وظيفة نختار؟ اي شريك حياة يناسبنا؟ ماذا نأكل و نشرب؟ اين نعيش؟ قائمة الاختيارات الصعبة لا تنتهي و لاتعد و لا تحصى. يسيطر علينا قلق دائمي بسببها قد تحطم صحتنا و نصاب بامراض كثيرة. هذا النوع من الخوف المدمر ينفرد به الانسان فقط.
هنا ياتي الخوف باعراضه الكثيرة ليقول لنا: كفى هذا القلق. اقضي على هذه الحرية الزائفة الى الابد. كلما نزلت الى الحضيض والى اسفل السافلين كلما تحررت اكثرمن الحرية. اليوم الانسان في حاجة الى حرية من الحرية. قال مرة مريض اصيب بمرض السرطان عندما سمع بان خلايا السرطان تفشى في جميع نواحي جسمه و فقد زوجته و وظيفته بسبب ذلك بانه كلما نزل الى اكثر الى الحضيض و فقد حريته في الاختيار كلما تحرر اكثر لانه لم يبق شئ يخاف منه. لايتوقف الخوف اذا لم تنتهي هذه الحرية.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟