|
من قاسيون أُطِلُّ يا وطني...
فاضل الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 22:37
المحور:
كتابات ساخرة
من قاسيونَ أُطلُّ يا وطني .. وأرى دمشقَ تُعانقُ السُحُبَ .... آذار يدرُجُ في مرابعها .. والبعث ينشرُ فوقها الشُهُبَ... غنّتها لودا شامية تحية للثورة في أوائل ستينيات القرن الماضي، وكانت مطربة الثورة تتردد كثيراً على قيادة الأركان العامة لزيارة أصدقائها قادة الثورة، وكان الحرس العسكري يُقدّم لها التحية كما لو كانت قائد الجبهة! وقبل المتابعة مع ثورة مطربة و"عضوة" قيادة الثورة البعثية المجيدة نرجع قليلاً للوراء، حيث جذور الشجرة الطيبة التي في الأرض وفرعها في السماء، الشجرة التي مازلنا نتظلل تحت ورقها الأخضر وثمرها الأحمر، ومازال جبل قاسيون شاهدٌ عليها رغم ظهور هضبة الجولان وتحدياتها التضاريسية وثلوجها التي جمّدت ما حاولت شعلة قاسيون إذابته وإضاءته! ونذهب الآن في رحلة عبر ربوع سوريا، وفي آخر الرحلة يليق القول: "نكتة أوّل السطر"..
بعد ولادة الطفل النابغة حافظ الأسد في قرية القرداحة بشهورٍ قليلة بدأ الزحف، وكانت والدته تقضي وقتاً ليس قليلاً في تأمين غذائه وترقيع ثيابه، وكانت تستقبل بعض المعونات شاكرة، وبسرعة تعلّم المشي وصار يركض في أزقة القرية عارياً إلاّ من إيمانه القومي، وقد ظهر اهتمامه العروبي منذ سنوات أسنانه اللبنية، وظهر ضرس العقل عنده مع أنياب القطع، ودراسات أخرى تقول مع نعومة أظفاره الطاهرة والتي صارت جارحة، وأظهر ميلاً حركياً قوياً منذ كان في بطن أمه المقدس حيث كان يضرب برجليه حتى البطن الذي حمله. وبسرعة دخل المدرسة وكان مميزاً في ذكائه، وقبل أن يبدأ بحلاقة ذقنه صار يقود المظاهرات الطلابية في مدينة اللاذقية ضد الاستعمار الفرنسي –وهو هنا يقف ضد سياسة والده التي كانت مع بقاء فرنسا. التربية الديمقراطية للعائلة واحترام الرأي الآخر رضعها مع الحليب-! وكان قد أوحى إلى ميشيل عفلق فكرة البعث العربي –طبعاً قام رفاقه بتدقيق إسم المؤسس ليكون الأرسوزي الأقرب إلى الأسد من ميشيل رغم اعتناق ميشيل للإسلام. الجوع كافر، ومعروف في سورية أن الذي تكون علاماته الدراسية قليلة ولا يُقبل في أكثر كليات الجامعة يذهب لتلبية الأهداف القومية من خلال الكلية الحربية، ومازال الشعار القديم الخاص بمثل تلك العساكر "غيّب شموس وخوذ فلوس" ساري المفعول! المهم أنه دخل وخرج ضابطاً طياراً مميزاً كعادته وستظهر لاحقاً ميزة الطيران والتطيّر والتطيير التي أتقنها، وبسرعة وجد نفسه في مواقعٍ رفيعة وذات مسئولية خدمة للوطن مع بعض أبناء البلد، أو ما سُميّ مجموعة الضباط "غير الطائفيين" في حزب البعث، وكان في الطليعة التي فجرت ثورة الثامن من آذار المجيدة عام 1963 وربما يكون هو من أمر بإصدار قانون الطوارئ طويل العمر والذي نتنعم بثوريته وخيراته حتى الآن، ثم صار قائداً لسلاح القوى الجوية. ونتيجة لذكائه المميّز بالوراثة كما بينت الحياة وحذاقته وبُعد نظره كان المُلهم والمشارك في حركة 23 شباط 1966 –للأمانة يجب القول وبجدية أن غالبية قيادة الحركة باستثناء المتسلقين "خونة رفاقهم" كانت أياديهم نزيهة ونظيفة وصادقة رغم رومانسية شعاراتهم ومحاولاتهم!-. وبسرعة ترجّاه زملاءه وطلبوا منه أن يكون وزيراً للدفاع، وتحمّل المسئولية بأمانة كعادته، لكن قلة حظه أنه صدف وقوع حرب حزيران 1967 والتي كان هدفها إسقاط الأنظمة التقدمية في مصر وسوريا، وكما هو معروف فشلت تلك الحرب، وكانت مجرد نكسة كما أسماها "المهرج" هيكل، وصار معروفاً أنه سقطت القنيطرة نظرياً وبالصدفة مع البيان الذي أصدره وزير الدفاع حينها والذي كان بالصدفة حافظ الأسد، وبالصدفة قبل وصول الجندي الإسرائيلي الأول متثائباً بيومين –والبعض يقول ثلاثة أيام-، المهم بقاء الأنظمة التقدمية جداً، والأرض ما بتذوب مثل الملح أو الثلج وما بتضيع، حتى لو طالت غربتها وبُعدها، لكنها قريبة أمام دمشق وعلى مرمى قذيفة من قاسيون.
نكسة عمرها أكثر من أربعة عقود من الزمن ولا يُعرف إلى عقدٍ تستمر، نكسة عمرها يطول أكثر من عمر صانعها الأول وعمر هيكل وحراس وورثة الهيكل! لكن إذا كانت هكذا النكسة فكيف يكون المرض؟.
المهم أن نجم الأسد كان يسطع ويرتفع، وجاء تشرين وورقه الأصفر، وكعادته لم يترك الوطن في محنة، وكعادته وتلبية لرأي القواعد المناضلة في الحزب –دائماً كان لها رأياً ومسموعاً أيضاً-، المهم أنه قاد الحركة التصحيحية المباركة في نوفمبر عام 1970، ومن جديد المهم بقاء الأنظمة التقدمية في مصر وسوريا! ولا يمكننا تجاهل ولادة نجم مميز عشية النكسة، رغم وجود ثقب أسود في المنطقة صار فجوة كبيرة ملونة، وربما كان بيان سقوط القنيطرة الفيرتوالي المشهور يوم فطامه، وربما صاغه الوليد الذي تعلم القراءة والكتابة في المهد، والذي سيزهر ويظهر عبقه وعطره الأقوى والأطيب من ياسمين دمشق بعد ثلاثة عقود من الزمن، ويُعرف اليوم بظاهرة "الأسد"! طبعاً إبن الأسد يختلف عن ابن الوحش أو عن ابن آوى أو ابن لادن! ومن يولد مباركاً وفي ظلال حركة مباركة وابن أسد لابد أن يكون في فمه ملعقة من ذهب. وفي لحظة لم تنفع كل شعارات الفداء بالروح والدم ذهب المؤسس، مات الأسد – عاش الأسد وقَبِل الوريث على مضض مسئولية الحُكم وكانوا قد حاولوا تعليمه السباحة في مدرسة "فرخ البط عوّام".
"نكستنا" نُمددها سنوياً وبدون خبر يُذكر! "غيفارا مات .. آخر خبر في الإعلانات..!" لكن غيفارا مازال حيّاً للملايين ويحملون اسمه وصورته، أما اسكندرون فقد مات وبدون أن تذكره صحف النظام حتى في حقل الوفيات.! المهم بقاء الأنظمة التقدمية! لكن عزاءنا أن الجولان مازال يُذكر في أدبيات الأدباء، وخطابات الخطباء، ولم يمسحوه من خريطة الوطن وكتب المدارس كشقيقه اسكندرون، وربما يقترح مجلس الشعب السوري المنتخب -طبعاً حسب الديمقراطية العربية الواحدة، المهم أنه قد يقترح إلغاء يوم 5 حزيران وإضافته إلى شباط، وبهذا قد تنتهي النكسة ومازال هيكلنا حيّ يرزق ويقدم أوراقه وتجربة عمره النزيه والغني..
العالم متناقض وغريب جداً، خصوصاً عندما تسمع أصوات ضفادع حتى في "نقاقيع" الجولان المحتل –عندنا الضفادع تتكلم كما تكلم الهدهد مع سيدنا سليمان أو ربما مع أبو سليمان ومع ابن أبي سليمان!- وكأنها تردد وتغني للمانعة وللصمود ولبطل التحرير –طبعاً تحرير فلسطين من البحر إلى النهر- ولا تعرف "تلك" من هو الذي ساهم في الاحتلال! من يبارك تجار وطنه ليس أكثر جرأة من تلك المرأة العجوز والتي سألوها عن غزة ومأساتها، لم تجد ما تقوله غير تمجيد الرئيس والمخابرات في سورية –المقابلة نقلتها وسائل إعلام النظام أيضاً-، ويردد هذا البعض اسم سلطان الأطرش كرمز للوطنية مع اسم الوريث للتسويق، ويشرب هذا البعض القهوة المرة كما شربها أبطال الجولان، رغم أنه ما كانت قديماً تُشرب قهوة أمثالهم أو تُصبّ القهوة لهم! وبالمقابل أحييّ كل جولانيَ لا ينسى سبب سقوط جولانه البطل، لا ينسى سبب النكسة –الخيانة-، الجولانيّ الذي لا يُساوم على القيم والوطن! وسيأتي اليوم الذي يعرف الجميع وعن الجميع! وربما يرفع البعض صور الطاغية الكبير والصغير كي تبقى صورة حزيران حاضرة لا تُنسى وعلامة للذكرى مرتبطة بالمأساة!
لا أعرف بالضبط ما هو الجيّد الذي قدّمه حافظ الأسد أو الوريث للقضية الفلسطينية أو لحماية سورية؟ باستثناء البيانات والمساهمة في تفتيتها وانقسامها وابتزاز مناضليها وإضعافها بشكل عام، وهنا لم نذكر الفساد والإفساد.
لم تكن نتيجة نضاله القومي العربي أكثر من نضال حاكم قبيلة وزّو مزّو للهنود الحمر أو زعيم جماعة ثلجو عجّو في مناطق الأسكيمو ودعمهم العروبي!..
لكوني توقعت إلغاء يوم 5 حزيران، وريثما يتم نقله إلى شباط / فبراير سنأخذ استراحة "نومية" من مساء 4 إلى صباح 6 حزيران / يونيو، والمهم عدم سقوط الأنظمة الوطنية التقدمية –وهل يوجد أكثر وطنية وتقدمية وأغلى من هذه الأنظمة؟ له الشكر أنكم صرتم خلف الشريط وجعل منكم/ن أهلنا الصامدون وصرنا نحن أمام الشريط سندكم/ن وأهلكم/ن الممانعون! (أحاول الالتزام بقواعد اللغة العربية احتراماً لقائد العروبة)!..
عالم فيرتوالي، ومن يُشكّك في ذلك يمكن أي يُنوّرني بالوقائع والأرقام –لم أقصد أرقام الفساد في سوريا-.. ويمكن اختصار كل هذا التاريخ -الذي يُذكّر بالقائد والقوّاد والمنقاد- والذي تبين بعد حركته التي صححت العائلة في سوريا بأنه كان السوري العربي البعثي المناضل الأول، وعند بداية الخلق كان قبل الكلمة في المقام الأول! ومع بدايات شهر حزيران وبعد أن عرّفنا على الجولان لابد أن نتذكر أنه المحرر الأول –طبعاً يمكن هنا القياس على تعبير استقلال إسرائيل أو نكبة فلسطين! القائد الأول ترك سوريا بعد موته أصغر بمحافظتين مما اغتصبها في عهده الأول، ولا نعرف كم يُبقي منها الوريث الأول!.
نكتة النكسة ونكتة الحركة التصحيحية تشبه نكتة توريث الوريث لمزرعة ثورية (سورية)، وهي تشبه النكتة التي يقرقعها مع المتي البيك اللبناني ويتردد صداها لدى بعض الضفادع في نقاقيع الجولان أيضاً، وهي نفس الضفادع التي كانت تهتف في مسيرات التضامن مع سكان غزة وقافلة الحرية التضامنية، كانت تهتف داخل مدن سورية الأسد "بالروح بالدم نفديك يا بشار!"!..
رغم هزيمة حزيران واحتلال الجولان الذي اعتدناه محتلاً منذ تعرفنا على اسم حافظ الأسد، رغم ذلك تأتي مستعجلة مأساة شعب غزة الذي يعاني من احتلال وقمع حماس واحتلال وقمع وتجويع وحصار إسرائيل وحكام العرب بلا استثناء، ولابد أن تكون حاضرة خصوصاً أنه وصل المخلّص ابن عثمان والذي يستحق الشكر رغم حجم التسعيرة التي سيدفعها شعب فلسطين خلال السنوات القادمة. وبعد تحية الإسلام نسأل هل يُرسل "المخّلّص" أردوغان شختورة صغيرة إلى الجولان من أجل تحريك مياه نقاقيع الأسدان؟ أو عربة يجرها كديش فيها المجموعة الكاملة لبيانات النضال المناسبة من أجل التحرير في الوقت المناسب، أو يرسل لنا حاكم طهران"شوية بواريد ومقاليع ونقافات لاصطياد العصافير ونبابيت لقلع العكوب" في المنطقة المعزولة من الصور وتماثيل الحبّوب، وعندها نسمي "طلة الدموع" والهتافات الواقعة في مجدل شمس باسم "طلة ضحك" أردوغان، ونسمي شجرة الزعرور باسم إيران! وبعد انقضاء حزيران سينقسم أردوغان –إلى أردوغ لإسرائيل وأردوغ يبقى لأهل عثمان.. كما سيظهر واضحاً اقتسام إيران مناصفة بين الإمارتان في غزة والشام!...
نكتة أول -أو آخر السطر... بودابست، 4 / 6 / 2010. فاضل الخطيب.
#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعرفة والاعتراف بها...
-
غزوة قلم الحبر الناشف...
-
ثقافة السباحة والتسبيح...
-
الطبقة العاملة عائدة من الجنة!..
-
شطارة ملء الفراغات بفراغات أكثر!...
-
بانتظار الجلاء.!..
-
وارسو توّدع ونحن نبتهل!..
-
خبز الرئيس وملح النائب!..
-
الماضي والمستقبل وعِلم جهاد بينهما.!.
-
أن تذهب متأخراً خيرٌ من ألاّ تذهب.!.
-
هل يعتذر الوليد من الوالد بلا -تخلّ-؟!..
-
متى يعتذر الأكراد؟!..
-
وجوه المرأة: الحُبّ ثم الحُبّ ثم الحُبّ.!.
-
المأساة والملهاة والكامخ بينهما.!.
-
وفاء -الاصدقاء-.!.
-
مقاربة للوطن والمواطنة.!.
-
الجولان بين الأسد وليبرمان.!.
-
بصراحة واضحة. حوار ساخن مع الأمل.!.
-
3 جي في1(جبهة الجهاد الجديدة للحزب).!.
-
همزة الوصل والقطع وقواعد النصب والرفع.!.
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|