|
عمدة كفر البلاص ( 29)
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 3024 - 2010 / 6 / 4 - 16:18
المحور:
الادب والفن
( هناك على أطراف القرية ، في إحدى الغرف المهملة ، بين ظلمات النسيان ، تمدد عمدة كفر البلاص فوق الحصير متوسدا قدم عبد الجبار الذي يجلس مستندا إلى الجدار ، نظر عبد الجبار إلى العمدة ، أخذته الذكريات فوق جناحيها ، حطت به بين حقول الماضي القريب ، أفاق على صوت قرقرة معدته من شدة الجوع ، عبرات سالت على خديه ، نظر إلى خيوط الضوء المتسللة من بين قضبان النافذة الصغيرة العالية ، توهم التسلق عليها حاملا العمدة على كتفيه ، أيام مرت و أيام و هم على هذه الحالة ، اللهم إلا هذا الخبز الذي كان يلقى لهم من خلال القضبان ، سأل نفسه متعجبا ، ترى ، من هذا الذي ما زال يتذكرهما كل مساء و يعرض نفسه للخطر فيأتيهم متسللا ليلقي لهم بهذا الخبز الذي يبقيهم على قيد الحياة ؟ يبدو أنه ما زال هناك من أهل القرية من يتذكر عمدة كفر البلاص ، يداعب أذنيه صوت خطوات تقترب ، ما هذا ؟ توهم صوتا ينادي من بعيد ) ـ يا عمدة كفر البلاص .... ( يستيقظ العمدة على إثر الصرخات ، يتساءل ) ـ سامع يا عبد الجبار ؟ ـ أيوة سامع ، كان بحسب إن بيتهيألي . ( تتردد الأصوات ثانية منادية ) ـ انته فين يا عمدة كفر البلاص ؟؟؟؟؟؟ ( يصرخ عبد الجبار ) ـ ميـــــــــن ؟ ـ أني حسان أبو شوشة . ـ و أني بهانة ، و معايا خضرة ، انتم فين يا عبد الجبار ؟ ( يصرخ عبد الجبار ) ـ إحنا هنا تحت . ( تصرخ خضرة ) ـ الصوت جاي من الناحية دي يا عم حسان . ( تنادي بهانة ) ـ عبد الجبار ، يا عبد الجبار . ـ إيوة إحنا هنا يا بهانة .... ( يقاطعهم أبو شوشة ) ـ فين أبويا العمدة ؟ ـ معايا هنا أهو ... ( يقاطعه العمدة ) ـ أيوة يا أبو شوشة ، إحنا هنا أهوه . ( ينزلون دركا إلى أسفل ، و إذا بباب مغلق ، يدقونه ) ـ أبا العمدة ، عبد الجبار .... ـ أيوة يا أبو شوشة ،إحنا هنا . ـ إزيك ؟ عامل إيه يا أبا العمدة ؟ ( تصيح خضرة و بهانة ) ـ أبا العمدة ؟ إزيك يا أبا العمدة ؟ عامل إيه ؟ ـ الحمد لله يا خضرة ، إطمنوا ، إحنا الحمد لله ، بس انتو جيتو هنا إزاي ؟ مش خايفين من رجالة شيخ الغفر ؟ ـ شيخ الغفر مين ؟ ما خلاص غار في ستين داهية لا ترجعه ........ ـ كلام إيه ده ؟ ـ هو انتم ما دريتوش ؟ مش البترول طلع فشنك و الشركة سابت البلد و شيخ الغفر الله يخرب بيته هرب هو و الألاضيش بتوعه ؟ ـ لا حول و لا قوة إلا بالله . ( يصرخ عبد الجبار ) ـ الله أكبر ، الله أكبر ، ظهر الحق ، ألف حمد و شكر ليك يا رب .... ـ و ها نعمل إيه دلوقتي ؟ ـ الا ها نعمل إيه ؟ افتحوا الباب يلا خلينا نخرج .... ـ ده الباب عليه و لا عشرين قفل كبير ...... ـ طب و العمل ؟ ـ ها نعمل إيه يعني ؟ أكيد ها نكسرهم ، أنا رايح أجيب المسحة و راجع لكو حالا .... ـ بسرعة يا أبو شوشة .... ( يخرج أبو شوشة مسرعا بينما تأخذ بهانة حالة من البكاء ، يصيح عبد الجبار ) ـ طب و انتي بتعيطي ليه دلوقتي بقى ؟ ـ أصلك و حشتني يا حمار ، يا بجم ، هههههههههههههه ...... ـ انتي أكتر يا جاموسة ، هههههههههههه ..... ـ كده برضه ؟ هونت عليك برضه كدهوه تسيبنا يا عبد الجبار ؟ ـ و هو أنا يعني كنت سايبكم بكيفي ؟ ده إيه الغباوة اللي نزلت عليك فجأة دي يا بت ؟ ما تبطلي لما نشوف الأول ها نطلع م المخروبة دي إزاي .... ( تقاطعهم خضرة ) ـ ما خلاص بقى يا بهانة ، أهي كلها دقايق و تشوفيه يا أختي ( تنادي على العمدة ) إزيك يا أبا العمدة ؟ ـ الحمد لله يا خضرة ، إزيك انتي و ازي عيالك ؟ ـ عايشين بحسك في الدنيا يا أبا العمدة ..... ـ أخبار أهل البلد إيه يا خضرة ؟ ـ شوطة تاخدهم هم و اللي جايبنهم واحد واحد ..... ـ ما تدعيش عليهم يا خضرة .... ـ أما عجيبة و الله ، بقى انته اللي بتدافع عنهم بعد كل اللي عملوه معاك ده ؟ طب تلاتة بالله العظيم ما فيهم راجل واحد يتقال عليه راجل بحق و حقيق ، دول شوية نساوين طالع لهم شنبات ، و هو لو فيهم راجل كانوا سابوك كده برضه ؟ إلا ما فيهم راجل اتحرك و الا اتلحلح كده و خدته الشهامة و سأل عنك .... ـ الناس معذورة برضه يا بهانة . ـ عذر لما ياخدهم و يشيلهم من ع الأرض شيل ..... ( يدخل أبو شوشة حاملا فأسه ، يصرخ ) ـ ابعدي كده بعيد انتي و هيه .... ( يضرب الأقفال بفأسه فينكسرون واحدا تلو الآخر ، يسرعون بفتح الباب ، عندها يخرج العمدة و عبد الجبار ، يحتضن أبو شوشة العمدة يقبله و ينحني مقبلا كفه ، تجري خضرة تقبل كفه الآخر ، بينما تجري بهانة على عبد الجبار تزغرد ) ـ حمد الله على سلامتك يا أبا العمدة .... ـ ألف حمد الله ع السلامة ... ( يسحب العمدة كفيه صارخا ) ـ استغفر الله ، استغفر الله ...... ( يخرج الجميع إلى خارج المبنى القديم ، و إذا بالأهالي يتجمعون حول العمدة يبكون و يحاولون تقبيل يديه ) ـ سامحنا يا أبا العمدة .... ـ ما لناش بركة إلا انته يا أبا العمدة ..... ـ و الله لتسامحنا يا عمدة . ـ كانوا مغميين عينينا و سدين ودانا داهية لا ترجعهم . ( يحاول العمدة تخليص يديه من بينهم صارخا ) ـ استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم ، بس يا توفيق ، بلاش كده يا حسن ، ما تحملونيش ذنب الله يخليكم ، لا إله إلا الله ، بس يا جماعة ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، بس بقى ، خلااااااااااااص ،خلاااااااااااااااص ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم .... ( يحمل الأهالي العمدة على أعناقهم في اتجاه داره القديم ، يهتفون ) ـ سالمة يا سلامة العمدة رجع بالسلامة ، سالمة يا سلامة العمدة رجع بالسلامة
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( عمدة كفر البلاص 28 )
-
عمدة كفر البلاص ( 27 )
-
عمدة كفر البلاص ( 26 )
-
عمدة كفر البلاص ( 25 )
-
عمدة كفر البلاص ( 24 )
-
(نهاية العالم 21 / 12 / 2012 الساعة 12)
-
عمدة كفر البلاص ( 23 )
-
عمدة كفر البلاص ( 22 )
-
عمدة كفر البلاص ( 21 )
-
عمدة كفر البلاص ( 20 )
-
عمدة كفر البلاص ( 19 )
-
عمدة كفر البلاص ( 18 )
-
سواق الأتوبيس
-
عمدة كفر البلاص ( 17 )
-
عمدة كفر البلاص ( 16 )
-
عمدة كفر البلاص ( 15 )
-
عمدة كفر البلاص ( 14 )
-
عمدة كفر البلاص ( 13 )
-
عمدة كفر البلاص ( 12 )
-
عمدة كفر البلاص ( 11 )
المزيد.....
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|