|
القسم الثاني من التجارب الكتابية لكبار الكتاب العالميين
زيد محمود علي -
الحوار المتمدن-العدد: 3022 - 2010 / 6 / 2 - 15:10
المحور:
الادب والفن
حكاية جان جينيية .. وولع الكتابة -------------------------------------------
• كتب جينية ... ليؤكد وحدته ..
بين عامي 940- 1947 تم اعتقال جان جينية أكثر من مرة لأرتكابه جرائم سرقة ،وأصبح منبوذا" لدى الأخرين من معارفه وأقربائه ، وأن تأثيرات السجن جعل منه قارئا" لامثيل له ، من خلال مطالعاته الموسوعيه لمذكرات ( سان سيمون ودوترفال وقصائد شاتوبريان وبودلير ) وقد ساعده أحدموظفي سجن فرين بتوفير قرطاسية وقلم له ، وعندها أخذ يخطط ويكتب حسب مشيئته وشهرته لكتابة تجاربه اليومية ، يقول عنه الكاتب العالمي والعهدة عليه : ( لقد كتب جينية في البداية ، ليؤكد وحدته ويحقق أكتفاءه ، والكتابة نفسها هي التي دفعته بمشكلاته لاشعوريا" ، الى البحث عن القراءة ، هكذا تحول هذا الأنسان المتمركز على ذاته بفعل الكلمات وثغراتها الى كاتب . إلا أن فنه سيتأثر دوما" بمصادره ، وسوف يظل التواصل الذي يقدمه معنا من طراز فريد .
الأسلوب الكتابي -------------------- • يحصل الكاتب مادته من وسط الحياة ....
يحصل الكاتب على مادته من وسط الحياة اليومية ، بكل تعقيداتها ومآسيها ، وبديهي أنه من معالجة أمور الحياة المعقدة جميعها ، لكن هنالك الأساليب الكتابية المتميزة في الحياة لعمالقة الأدب والفن عالجت الكثير من أمور ومشاكل الحياة ونورت الأنسانية بماطرحته من أشكال سردية ، وأن الروايات الخالدة مثل ( مدام بوفاري ) و( الحرب والسلام ويولييس وغيرها هي وثائق فريدة للأنسان لأنها تفتح ا لطريق الى الحياة بأعمال لم يتمكن علماء الأجتماع والتاريخ الأتيان بمثيلها . وليس مهما" أن نعيب الكاتب بفرديته أو عيشه في برج عاج ، المهم أن يخدم أهدافا" أجتماعية من خلال المحاكاة . وعندما تقول لايمكن تعلم ( فن الكتابة ) الأبداعية الخلاقة فأننا نعني بأن الشخص لايمكن أن يتعلم منهجية الكتابة من المقالات والكتب مالم يكن للمرء ( مؤهلات حسية بالفطرة ) ونظرة عميقة فريدة وبراعة للتقليد وثورة للكلمات على الكاتب ، وأن يمرن نفسه بأستمرار وأن يكون طالبا" ماطال به العمر في ممارسة مهنته . هدفنا هو أن نجعل المران في الكتابة سهلا" أذا لم نقل ممكنا" ، أنه معنون الى كاتب له مؤهلات عالية وخيال خصب . أن لدى الكاتب الحقيقي مسحة من الجنون الشفاف ، أنه يمتلك الجد والحماسة الحقيقية وهو ملهم ومثل هذا الكاتب لايعرف دائما" ماذا يقول فلديه حساسية خاصة في لغته وتراه ثملا" بالكلمات ولكنه نادرا" مايكون أداة سلبية للآلهة مثلما أقترح أفلاطون . وفي الأدب فأن السيطرة على الجنون هو جنون بحد ذاته لأن السيطرة عليه عبقرية . والتقنية تعني الضبط والسيطرة ولايمكننا تعلم الجنون أما الضبط والسيطرة فممكن جدا" )) 6 يقوم الكاتب بصقل مادته ، وبحذف الكلمات الدخيلة والتي ليست لها علاقة بالموضوع ، أي تنقيتها من الشوائب ليقدم الموضوع بشكل متميز ، وبأمانه أن يجعل من فوضى الحياة نظاما" مرموقا" ، وأن كل كاتب يقوم بكتابة ، مايراه مناسبا" وهنالك ( طرق مختلفةللرؤية فالكاتب الصادق النزيه يعطي وجهة نظره الخاصة عن العالم وأن كانت هذه الفكرة له بالفعل ، فستكون أضافة وأبداعا" جديدا" ومختلفا" )) 7
السيرة الادبية شكل من أشكال الكتابة ----------------------------------- * الكتابة بالنسبة ليّ بنيان كامل ...... جان دمو
مما لاشك فيه أن السيرة الأدبية والمذكرات ، هي أحدى الطرق المهمة في الكتابة ، ومن خلال السيرة والمذكرات ظهر لدينا الأدباء أصحاب القلم المتميزين والمبدعين في عالم الكتابة ويمكن للأنسان العادي أن يمارس كتابة المذكرات حتى وأن لم يكن كاتب أو أديب ، أنها عادة في الدول المتطورة ، نرى أن الكثيرين من الناس العاديين تراهم يمارسون عملية تدوين مذكراتهم اليومية وكذلك يمكننا التعرف على أسلوب ممارسة العمل الكتابي لدى الأديب أو المفكر من خلال السيرة الأدبية ، والتعرف على كيفية ممارسة العمل اليومي الجاد كما يقول ( جون أبدايك ) في نصه ( أنني أتذكر من مطالعتي للسير الأدبية التفاصيل الطرائفية بالدرجة الرئيسة : كانت آيفي كومبتون برنيت تكتب وهي جالسة على حافة أريكة وارتون e.warton كانت تكتب في الفراش وترمي الأوراق على الأرض ثم تجمعها السكرتيرة وتكتبها على الألة الطابعة ، أما جويس كاري فكان يكتب الرواية بدون أي خطة ، وباعتقاده أن مختلف الأحداث والشخوص ستتصل فيما بينها بطريقة ما ، وهمنغواي كان يكتب واقفا" بأقلام رصاص قد بريت جيدا" ( ونابوكوف) كتب على قصاصات من الورق طولها خمس بوصات وعرضها بوصتان ( وجون كيتس ) كان يرتدي أحسن بدلاته قبل أن يجلس لكتابة أشعاره ، وعندما يداهم ( هنري جيمس ) صرع الكتابة يملي كلامه على الألة الطابعة ، أما أسلوبه النهائي فهو نتيجة تسجيل أمين لاطالات في الكلام وتوصيفات وحوارات وأحاديث )) 8 وكل كاتب له أسلوبه في العمل الأدبي أو الثقافي ، وكذلك الوضع الذي ينسجم معه ، وحيث في أحدى المرات سئل ( جان دمو ) الشاعر العراقي المتمرد كيف يكتب الكاتب والطقس الذي يناسبه للكتابة ؟ كان جوابه – الكتابة بالنسبة لي بنيان شامل ، وتحتاج إلى تفرّغ شامل . وعندما أكتب ينبغي للأشياء أن تسكت وتهدأ بدأ" من السماء والماء والأصوات والحشرات أريد مكانا" يطغى عليه الصمت وتنقطع فيه الحركة أنا لا أستطيع أن أثرثر وأهذي لأن كل شيء لدي محسوب بدقة كبيرة . هذا هو أسلوب ( جان دمو) والتعامل مع الكتابة ، عكس هذه الحالة هنالك بعض الكّتاب يكتبون في مكان ينتابه الفوضى عندها يكتبون بأبداع ، وهي الحالة التي يقررها الكاتب نفسه . سأل مرة الشاعر المبدع ( فاضل العزاوي ) ، ماسر القلق الذي يراودك أثناء الكتابة ؟ قال – كل عمل جديد للشاعر أو الكاتب هو أمتحان جديد له ، أنني أكتب أعمالي دائما" كما لو أنني لم أكتب أي عمل من قبل ، الكتابة الحقيقية هي ضد الوصفات الجاهزة التي يكرر فيها الكاتب نفسه ، ثمة شعراء يظلون يكتبون طوال حياتهم ، القصيدة ذاتها ، جعلوا أنفسهم داخل شكل واحد يتكرر في كل مرة وثمة روائيون يفعلون الأمر ذاته أيضا" يكفي أن تقرأ قصيدة واحدة لهم لتستغني عن كل ما عداها ، وهنا ترتبط البانورامية بمدى غنى الرؤيا وتعدد أشكالها ، وأيضا" بالبراعة الفنية ومعرفة علاقة الموضوع بطريقة كتابته حيث يندمج الشكل نفسه بالمعنى . لقد تعلمت من تجربة الكتابة أن ثمة الف طريقة لصياغة جملة ، عارفا" أن بينها جملة واحدة هي ماينبغي على الكاتب الوصول اليها . أنني لا أشتغل على الجملة وحدها وأنما على الفقرة والفصل والنص أيضا" ، مثلما أبذل الكثير من الجهد للسيطرة على الأيقاع العام وعلاقاته المتداخلة ، تماما" كما يفعل الموسيقي مع سمفونيته والرسام مع لوحته حيث يكون كل شيء مرتبطا" بكل شيء . ( أحاول أن أفكر بكل كلمة في العمل حينما أكتب جملة جديدة هناك روائيون كبار ينسون أحيانا" أرقام بيوت أبطالهم أو أسماءهم أو حتى ينسون ماحل بهم ، أعرف كاتبا" معروفا" أرسل بطلته في سفرة الى أوربا لكنها ظهرت في اليوم التالي جالسة في مكتبها ، وتشكلت مترجمة نجيب محفوظ الألمانية من التناقضات الناجمة بسبب النسيان في رواياته وأذا كنت أهتم باللغة فذاك لأنني أعرف أن الأدب العظيم يرتبط دائما" بجمال اللغة التي يكتب بها الكاتب وغناها والطاقة الهائلة التي يمكن أن تشع بها .)) 9 أما الروائي الفرنسي العالمي ( جان ماري غوستان ) من أشهر كتّاب فرنسا ، له تجربة خاصة في مجال الكتابة ، تحدث مرة وقال أن كتاباتي الأولى محاولات ، لم تكن هناك تلك اللعبة المعقدة للنشر والقراءة، حيث كان جمهوري عائلتي وأصحابي الذين يكيلون لي المدح والتشجيع الدائم أما الأن فلقد تغير كل شيء كنت أسافر كثيرا" . وكان مراسلي وسندي الوحيد في العالم الأديب ( جورج لاميرش ) ، كنت أرسل اليه أعمالي عبر البريد ، وكانت كرسائل أكتبها في وحدتي الشاقة وحاليا" أن أكثر توازنا" حيث يعم تفكيري الى قرائي الكثر وذلك شيء مخيف يحتاج الى بذل جهد أضافي ، ولعل من أكثر مساوئي أنني لا أنجح كثيرا" في حواراتي كما أني أكتب ( الكثير من التفاصيل ) لذلك فأنني عندما أعيد قراءة كتبي من أجل طباعتها أحذف الكثير من تلك التفاصيل غير المفيدة . )) 10 وهذه هي المخاض للآسلوب الشاق ، حيث يرى الكاتب المبدع ( فلوبير ) الأسلوب معاناة عقيمة . فيما لايتكافأ والجهد ، شيء بطيء (( أربع صفحات هذا الاسبوع )) ( خمسة أيام لكتابة صفحة واحدة يومان لبلوغ نهاية سطرين ، أنها تستلزم وداعا" للحياة لارجعة فيه ، وتستلزم عزلة قاسية ، والعيش هي الكتابة ، وأن تكتب معناه أن تعيش ، يقول فلوبير ( كان الكتاب وسيظل دائما" لي أسلوبا" خاصا" للعيش . فالكتابة لا النشر هي هدف الكتاب (( او يمكن بيسر ، تصنيف مايصححه الكتاب في مخطوطاتهم بحسب محورين في الورقة التي يكتبون عليها . فينجز في المحور العمودي (( تعويض )) الكلمات (هذا (( التعويض )) هو مايشطبه )) الكاتب أو يتردد فيه وينجز خنق البنى أو أضافتها في المحور الأفقي هذه هي أعادة الصياغة وعلى هذا فمحاور الورقة هي محاور اللغة عينها على وجه الدقة ( فالتصحيحات ) الأولى معوضة ومجازية وهي تميل الى أن تستبدل الأشارة التي نقشت في البدء بأشارة أخرى منتقاة من نموذج صرفي ذي عناصر متشابهة ومختلفة )) 11 ففي مذكرات ( توماس هاردي ) الشخصية الذي أعده ريتشارد ه تايلر ، الذي أعطي أنطباعا" منسقا" عن هذه المذكرات والتي يمكن كتدوين الأستفادة منها ، حيث يقول – مواد هذه المذكرات مدونه بقلم الرصاص بأسلوب أنيق ونظام جيد ، فهي توحي بأنها من قلم معماري شديد الأهتمام بالدقة . ويظهر هاردي في هذه المذكرات بمظهر من يهتم بالتفاصيل وكأنه أستاذ متحذلق . وكثيرا" ماتساوي رغبة في الأخفاء رغبته في الكشف حيث يتصف عدد كبير من الملاحظات بالإيجاز والفطنة والأقتصاد في الألفاظ . أن النواحي العاطفية عند ( هاردي) لانجدها في هذه المذكرات بل في أشعاره ، مع أنها قد تظهر في بعض العبارات المقتضبة كما في العبارة البسيطة المادة التي ترد في قصاصة من الجريدة تذكر وفاة (( تلك الفتاة الجميلة النادرة صديقته فورنس هنيكار – بعد موت كلبه المحبوب وسكس في نهاية عام 1926 : (( ينام وسكس هذه الليلة خارج البيت ، أول مرة طيلة 13 سنة ، أن هذه الأمثلة النادرة للعاطفة تكمن قيمتها في قلتها .)) 12 وتشير( أناييش نن ) في نصيحتها للشباب من الكتّاب الناشئين بقولها – أنا أنصح بكتابة المذكرات كوسيلة لتعلم الأنضباط عند الكتّاب الناشئين . الكتابة كل يوم تماما" كما يتمرن المرء على البيانو كل يوم. تحافظ على رشاقة الحركة وفيما بعد عندما تأتي لحظات الألهام العظيمة يكون المرء في حالة لياقة جيدة ناعمة ومرنه الكتّاب الذين لايتدربون ويجلسون ينتظرون لحظة التسخين العظيمة غالبا" مايجدون أصابعهم الكاتبة صدئة عند لحظة الأنفجار ، أذا كان هذا سيحدث ا الأحتفاظ بدفتر ملاحظات علمني أيضا" أن من الضروري الكتابة بكثرة لتحقيق الكمال والحصول على الصبغة الطبيعية في آن واحد . الكتابة بطلاقة بدل المراجعة مرة بعد مرة . مثل هذه المراجعات قد تؤدي الى الكتابة على وتيرة واحدة أو الى الرتابة والى التعامل مع مادة ميته بعض المراجعات تضيف العمل والأستمرار بالكتابة حتى تحقيق الطلاقة والدقة والسهولة أكثر إخصابا وفي الأكثار من أعادة الكتابة خطر القيام بتشريح جثة . دفتر الملاحظات أو المذكرات يجعل المرء في حالة أرتياح عند الكتابة أنها طريقة للتدريب مثل التخطيط بالنسبة للرسام . المذكرات وهي تتعامل دائما" مع الحاضر الآني الدافىء ، القريب
#زيد_محمود_علي_- (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكرياتي الثقافية في محافظة اربيل
المزيد.....
-
-الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا
...
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|