أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد سامي نادر - يوميات هولندية -5: - نحيب من الجنة -














المزيد.....

يوميات هولندية -5: - نحيب من الجنة -


سعد سامي نادر

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 20:24
المحور: الادب والفن
    


شهر أيار هو منتصف الربيع. والربيع لمهاجر ولاجئ عراقي مثلي يعني ، الحلم والأمل المفقود!!. ولـ"هولندا" يختصر بكلمة واحدة: الجنـــّّة!!.
يمتد طريق حافلتنا التي تقلنا عبر سهول خضر نضرة متواصلة دون انقطاع من مر كز تجميع اللاجئين في (تيرآبل) شمالاً، حتى تلال ( خولبن) الساحرة في الجنوب. يقطع طريقنا هذا "هولندا" طولاً بالتمام بأربع ساعات تقريبا. حقاً، إن هولندا بلد صغير جداً!!*1.
لكن! وكما كانت هي المسافة، مرَّ الزمن مسرعاً أكثرْ. كنت في أغلبه مشدوهاً أسير الدهشة والحيرة. أُراوحُ نفسي ما بينَ غبطة دهشتي وذهولي بسحر عالمي الجديد الذي يسرع من حولي، وبين لوعة يأس ولحظة إحباط راحت تلازمني طول الطريق، تشدني بمقعدي وتراوحني في مقارناتي البائسة ما بين تسابق لوحات الطبيعة الراكضة وبين نحيب الذكرى: عينٌ تدمعْ، وأسى غصة سلبت متعتي، وعَبرات تبطئ في خنقي..وصوتٌ من أعماقي يسخر من حالي ، مرٌّ موجعْ:
" وطنٌ تشيده الجماجموالدم.... تتهدم الدنيا ولا يتهدم ".
هو الآخر.. صدى ذهولي، راح يهزأ ويدندن: "جنـّه جنه جنه.. جنه يا وطنهْ... حتى نارك جنـّهْ!". يا بؤسَ عالمـِيَ المهزوم ... يا خيبة "فارسنا" الأوحد!!.
وتروحُ تسبقني الجنانُ، ويفوتني المشهدُ تلو المشهدْ..
****
بين انبهارِيَ والشرود يعودُ يجمعني بجنـَّتِيَ الطريقُ
فرحابُ جنـَّته البهيجةََ والسهول،، مشت تلاحقها الزنابق والورودُ..
حدائقٌ صنع الخيال..حُلمٌ يطوفُ، شَرودُ..
كَرمٌ بما ملكتهُ دنياه يَجودُ،
جهودَ بانيها و"خالقها الوحيد .. إنسان (هولندا المجيد)"*2
****
هذي ربى وحقول" فان كوخَ" النبيل.
بُدَع الجنان، كلوحة تزهو تلألئها الجمان: ندى الربيع ضيا الشجر.
وتـرى هناك وميضَ "حقل القمح" تنشرهُ المروجُ3.
"ذهبٌ" يموجُ بريقهُ حدَّ الظلال ينيرها ثمَّ بحلتِها يعودُ..
وتـُرى مرابعها الخصيبة والسهول،
بيضَ الخراف و سودَ "غربان"، وأصنافَ العجولِ..
ترعى وآمنة تجولُ..
تـُجَسِّد لونن الربيع وعمق الوان الفصول
تعيد لي لمسات "فان كوخ" وحداثة الفن الأصيلِ ..
******
يا " كوخ" يا نجما بعيد،،
بلا أفول :
لِمن تركتَ جِنان عالمك البهيج،
سنا الحضارةَ و الربيع؟
أَكان موعدنا هنا لكي نراه؟؟
أتذكرون؟؟.. زَبَد الوعود: "من وسع أبواب النعيم ستدخلون!!!"..
وقد مضى خمسون عامٍ بانتظام
عامٌ يجرُّ خريف عام..دون ربيع أو سلام
وا خيبتاه.. وعود قادتنا العظام!!..
الطامحين الى الخلود!!
*****
يا منيتي .. حتى الربيع مهاجرٌ!!
وكأنّ موعدنا هنا.. هنا كي نراه
وطنَ الجميع.. حراً سعيد
ونرى الهَنا.. يسرح يمرح بيننا
فهواه أنعش روحنا..يقـَّظ حلمنا
لكنّ! في أعماقنا خوف رهيب..غول من الماضي ينام بحلمنا..
روحي هنا.. كفراشةٍ وسط الجنان مع الأمان مع المنى..
فكري هناك تشدّهُ ذكرى الحنين الى الخريفِ..
فأنا الربيع هنا.. وأنا الخريف
بداخلي يَبْسٌ يَباب.. عشقٌ تعلـَّقَ بالسراب، وما جنى.
ما مرّ في خلدي ربيعٌ أو دنى.. ظـلُّ سحابْ.
. فغدوت أركض والشبابُ ذَوى وذاب..
بوهمِ عالمِنا الخراب!!.
****
ويعود يجمعني بجنتـِيَ الطريق.. عبر السهول.
وغرائب سوسنها العجيب
يزهو لفتنتها الربيع ..
وأريجَ زنبقها الغريب.. تهيم به الحقول
يُسابق السهلَ الفسيحَ الى مداه ..حدّ الغيوم
يسيل عطره و الندى.. شذىً وماء
يُعمـّدُ الأرضَ ويمنحُها الخصوبة والرخاء..
الله يرزق من علاه،، عطراً ونور
لكلّّ مَن عَشقَ الجمال
لخلق عالمه الجميل..

لصنع هذا المستحيل،، مِنَ المحال.
صرحاً يخلـِّد بانيها العظيم..
****
1) مساحة هولندا 40.840 كلم2 ومساحة العراق 434.920 كلم2 . إن صحت المقارنة !.
2) الفيلسوف الالماني "عمانؤيل كانت"، كان مؤمناً!!. لكنه اعتبر الأنسان هو الغاية الاولى والأسمى في الوجود. لم يبخس حق الإنسان الهولندي في صنع وجوده، ولم يُكفـَّر! حين أشار الى إن الله ، خلق في هولندا الإنسان والماء ، وأتم الهولندي المجيد!! بعده.. خلق اليابسة!.
3) "فنست فان كوخ" رسام هولندي (1853-1890). أصيب بالصرع وجنَّ ومات منتحراً. من أشهر أعماله لوحة "حقل القمح الذهبي" تظهر فيها مجموعة غربان سود.

**ملحوظة: النص اعلاه مزيج من مقاطع نص شعري "فان كوخ النبيل" و"نحيب من الجنة".



#سعد_سامي_نادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات هولندية- 6 - دون كيخوت وطواحين الدم -
- يوميات هولندية -4 : - حديث في السياسة والنار -
- - هُبَليات -
- - حلم -
- يوميات هولندية 2 (آنزهايمر )
- يوميات هولندية- 1 (إرثٌ وحقيبة )


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد سامي نادر - يوميات هولندية -5: - نحيب من الجنة -