أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فنن حمودي خزعل - اللغة في العمارة والتصميم














المزيد.....


اللغة في العمارة والتصميم


فنن حمودي خزعل

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


تحوي العمارة سواء الخارجية منها او الداخلية ( التصميم الداخلي ) ، علامات ورموز ثقافية نابعة من العادات والتقاليد والتأثيرات الثقافية والبيئية الموروثة ، والتي لا تزال مستمرة في وضع علامات ورموز جديدة متماسكة في التطور الثقافي والتكنولوجي الحالي ، بالاضافة الى المنظومة التقنية والانشائية التي تشمل مواد الانهاء والبناء التي تجعل من التصميم واقعة ملموسة يمكن محاكاتها ومحاكمتها مباشرة من غير اللجوء الى وسيط يدل عليها .
فالتصميم الداخلي في المقام الأول هو فن تكييف الفضاء لصالح الإنسان وحياته . الفضاء المولود يأخذ شكل ، ويصبح إشارة ومثل كل العلامات ، التي يفترض أن يكون فيها حياة وإرادة وذكاء ، تصبح لغة وتواصل . وهذا ما اكدته الدراسات في مجال التواصل البشري سواء أكان الطبيعي أم القصدي فذهبت تلك الدراسات الى ان التواصل لم يعد حكراً على الانساق اللغوية اللسانية فقط حيث " اتجه الاهتمام الى اعتبار كل الاشياء الخارجية قابلة لكي تكون ادوات تواصل طالما انها تدخل في دائرة الاهتمام وتؤثر بكيفية ما في توجيه سلوكنا "(1) .
فالغة العمارة هي الفضاء ، ومفردات تلك اللغة هي الجدران ، الواجهات ، الرسومات الجميلة ، الأحجام ، المواد ، الضوء والظل ، النسبة واللون... الخ . كل هذا يساهم عند الحاجة إليه ، وإذا لزم الأمر ، ولكن العنصر الرئيس هو الفضاء . فالبناء بدون الفضاء حتى لو زين ببراعة ، يحتل فضاء ، ولكن ليس الفضاء ، ولا هو عمارة . فالجمل يمكن ان يكون لها معنى يدل على وجود ظاهرة حضارية يتنج عنها ظاهرة اخرى او ان يكون في الجمل تشبيه للظواهر الطبيعية . العلاقة بين الكلمات ومعانيها ليست طبيعية ولكنها مقصودة وهي بحاجة لقوانين متعارف عليها مسبقاً وهذا يتعارض مع نظريات كثيرة للعمارة مأخوذة من قواعد مطروحة من اشخاص مثل ( تشارلز موريس Charles Morris ) حيث قال ان الرمز يجب ان يُفهم من دون اي قواعد ، على الرغم انه ليس بالسهل إعتبار المباني وكانها رموز طبيعية.
كذلك تحكم عملية انتاج المعنى في التصميم والعمارة عملية اشبه بتلك التي تحكم انتاج المعنى في اللغة القولية ، مع الاحتفاظ بالفارق بين قواعدية اللغة اللسانية ولغة التصميم غير اللسانية ، فقد حدد علماء التواصل البشري ومعهم علماء الدراسات اللغوية ، ان التواصل بين البشر يتم عموماً من خلال اللغة ، وقد ضمن الباحثان ( روسيRossi - لانديLundy ) العمارة كواحدة من الانساق التواصلية بين البشر شأنها شأن اللغة القولية (2) .
بذلك تكون لعناصر التصميم الداخلي طاقة كامنة ، يمكن للمصمم المبدع استنطاقها لايصال الدلالة وانتاج المعنى وفي نفس الوقت يمكن له ان ينتج بتنشيط تلك الطاقة التعبيرية ، قيماً شكلية جمالية يتفرد بها الفضاء المصمم ، لان ابداعية اسلوب المعالجة الفنية لعناصر التصميم الداخلي ادت الى استنفار الطاقة التعبيرية القصوى الكامنة في تلك العناصر بقصد انتاج وارسال المعنى وفق اطار المرجعية الثقافية والاجتماعية التي تحيط عملية الانتاج وفي نفس الوقت تؤثر على استقبال وفهم وتأويل الاعمال المنجزة ، وهذا ما ذهب اليه ( شارل لالو ) من ان التصميم " كنظام لغوي بصري جزء من العملية الاجتماعية التي تعتمد لغة في نظام العلامات والتصميم ، كفن يلبي الاحتياجات الانسانية ويدخل في جوهر العملية الاجتماعية ويجعل من تواتراتها مقاييس في وضع حلول لاتتناسب فقط مع احتياجاته فحسب وانما تلبي تلك الرؤية المستقبلية لذلك المجتمع "(3) .
الفرق بين المعنى اللغوي واللالغوي التي دأبت الطروحات السيميائية على شرحه ، المعنى المقبول في الجمل ليس نفس المعنى المقبول للازياء او انظمة المرور او للعمارة ، وفي هذا يمكن دائماً ايجاد منطقية لاختيار الاجزاء توجد منطقية في الجملة اذا كانت النتيجة صادقة او كاذبة ، الجملة المتعارف عليها يمكن ان تعتبر كرموز لغوية حسب فكرة الحقيقة والكذب ، والفلاسفة أعطوا معنى للقواعد الهيكلية للغة والذي يميزها ليس فقط العلاقة بالحقيقة بل ايضاً في عملية التركيب التي تاتي من هذه العلاقة . نظرية الحقيقة هي القاعدة التي تدلنا كيف نستنتج معنى الجملة من معنى مفرداتها ، كل شكل معماري يضمن وظيفة وبنفس الوقت يضمن فكرة ، في هذه الحالة لا يوجد اتفاق مسبق او تعليل سببي يحكم علاقة الشكل المعبر عنه بعنصر انشائي مع المضمون الذي يشكل قيمة الفكرة التي يراد ايصالها من خلال ذلك العنصر وانما ما يحكم تلك العلاقة هو العرف والاسلوب الفني الابتكاري الذي تنتج من خلاله الاشكال الجمالية ، فنحن ندرك العمل التصميمي وفق زاويتي نظر " زاوية الشكل الوجودي – العياني - وزاوية الفعل التدليلي - انساق توؤل وفقها الاشكال - فتكون الصورة بؤرة تنصهر داخلها بنيتان معاً ، وتحيل هاتان البنيتان الى التنظيم جديد للاشياء والكائنات ، انزياح عن الاصل او تثبيت له "(4) ، مثلاً فكرة القبة التي غالباً ما تستعمل في العمارة الدينية ولكنها يمكن ان تضمن وظيفة غير دينية ودلالة ليس لها مساس مباشر بالفلسفة الدينية ، وهذا ما تجسد في استخدام العمارة الاوربية الكلاسيكية لمفردة القبة في القصور والبنايات العامة .
فبالتالي الفضاء يصبح كلمات وعبارات لغوية تحدثنا عن الحياة والوجود ، وأحيانا هذه الكلمات تصبح شعراً الذي هو أعلى مظاهر التعبير اللغوي. لا أحد موجود إن لم يعبر عن وجوده بين الجميع وفي كل ما لدينا هناك لغة للاتصال ، ببساطة بدون لغة ليس هناك وجود .
المصادر:
1. مجلة علامات ، عدد 16 ، منكاس ، المغرب ، 2002 ، ص 89 .
2. حنون مبارك ، دروس في السيميائيات ، دار توبكال للنشر ، الدار البيضاء ، ط1 ، 1987 .
3. اياد حسين عبد الله الحسيني ،فن التصميم ، الفلسفة ، النظرية ، التطبيق ، ج 1 ، دائرة الثقافة والاعلام، الشارقة ،2008 ، ص168.
4. اياد حسين عبد الله الحسيني ، فن التصميم ، الفلسفة ، النظرية ، التطبيق ، ج 1، مصدر سابق ، ص209.




#فنن_حمودي_خزعل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فنن حمودي خزعل - اللغة في العمارة والتصميم