أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - غالية قباني - سوداء في مواجهة ذكور السياسة البريطانية















المزيد.....


سوداء في مواجهة ذكور السياسة البريطانية


غالية قباني

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 22:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


اخترقت النائبة البرلمانية دايان آبوت عدة حواجز عندما قررت أن ترشح نفسها لقيادة حزب العمال، بداية من اللون، فهي سوداء ينتمي أبواها إلى أصول كاريبية، ثم الطبقة، كونها ابنة عائلة منخفضة الدخل، وأخيراً حاجز الجندر، حيث لم يظهر بين المتنافسين على قيادة الحزب أية امرأة حتى الآن، بل ان النساء بشكل عام غائبات عن المناصب العليا، باستثناء نائبة الحزب التي هي نائبة رئيس الوزراء في الوقت نفسه. الظاهرة الأخيرة كانت واضحة بحدة في الانتخابات العامة الأخيرة، أطقم رجالية، ربطات عنق تتغير يوميا، وأصوات ذكورية تهيمن على الصور في الصحف والتلفزيون. الظاهرة التي دعت لين فيذرستون وكيلة وزارة الداخلية لشؤون المساواة، المعينة حديثا والمحسوبة على الديمقراطيين الأحرار، الى القول بأنها كانت "انتخابات ذكورية وبيضاء".

احتلت المرأة في الانتخابات الاخيرة للبرلمان البريطاني 142 مقعداً من أصل 650 مقعدا. والبرلمان الذي تشكلت صيغته النهائية قبل أكثر من مائتي سنة على الأقل، وصار نموذجا تشكلت على أساسه البرلمانات الأخرى في العالم، ظل لعقود متمنعاً على المرأة. الا انه في النهاية استسلم لحملات نسائية شارك فيها بعض الرجال، فمنحت المرأة في العام 1918 حق الانتخاب بشرط أن تتجاوز سن الثلاثين. وفي العام 1928 خفض سن الناخبين الى واحد وعشرين سنة وشمل هذا القانون المرأة أيضا. راح حضورهن في السياسة يتقدم ببطء، وصلت إمرأة واحدة للبرلمان هي ليدي نانسي آستور، في انتخابات فرعية عام 1919. أما أول امرأة وصلت الى منصب وزيرة، فهي مارغريت بونفيلد عام 1929 ضمن حكومة رامسي ماكدونالد العمالية. وانتخبت بيتي بوثرويد أول امرأة رئيسة للبرلمان عام 1992. الغريب أن وصول مارغريت للسلطة عام 1979 شهد انحسارا واضحاً في الحضور النسائي في البرلمان، حيث وصل الى 19 نائبة فقط وهو الرقم الأقل منذ 1951.
في العام 1997 حملت عودة العمال الى الواجهة السياسية، 101 نائبة، من أصل 120 انتخبن في البرلمان تلك السنة. فقد رشح الحزب نساء أكثر في الدوائر الانتخابية، وهذا ما أكسبه أصواتاً أكثر. ولا تزال عالقة في الذاكرة الصورة الشهيرة لتوني بلير بعد بعد الفوز مباشرة، تحيط به نائبات الحزب، ما أطلق عليه في حينها، "محبوبات بلير". وشهدت حكومات العمال لثلاث فترات انتخابية، حضور نساء أسندت إليهن مناصب مؤثرة، مثل أول وزيرة خارجية، أول وزيرة داخلية، وأول رئيسة مجموعة برلمانية. ولكن العدد بدأ يتناقض أولا، ثم أن النساء القويات لم يكن لهن مكان على ما يبدو وسط ثقافة الذكورة، فوزيرة شمال ايرلندا الراحلة (مو مولم)، التي ساهمت في تعزيز اتفاق السلام هناك، سرعان ما حاول زملاؤها سرقة نجاحها لصالح زميلها بيتر مانديلسون الذي تصدر المشهد بعد الاتفاق. وهي اشتكت في مذكراتها وفي الحوارات التي أجريت معها لاحقا، أن دورها المطلوب في وقت من الأوقات، لم يكن أكثر من "السيدة التي تقدم الشاي"، كناية على محاولة تهميشها من قبل زملائها في الحكومة. كذلك استقالت كلير شورت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الدولية، المعروفة بانتقاداتها اللاذعة، معترضة على رئيس الوزراء توني بلير الذي أخذ البلاد نحو الحرب على العراق. ولم يكن حظ النساء بأفضل في عهد براون، فقد تخلت عنه مجموعة من الوزيرات بسبب دكتاتوريته في التعامل مع زملائه في الوزارة. وحتى هرييت هيرمان، المرأة الأكثر ميلا الى الأسلوب الناعم في تعاملها مع السياسة، وهي التي أظهرت ولاء للحزب وقادته حتى وصلت الى موقع نائبة لرئيس الوزراء ونائبة لرئيس حزب العمال، اضطرت للخروج عن صمتها في صيف العام الماضي عندما استلمت القيادة بدل براون في إجازته السنوية، وصرحت: "لا يمكن أن تثق بالرجال في السلطة". وطالبت بضرورة ان تحتل النساء أحد الموقعين الأقوى، أي الرئاسة ونائبها، لأنه "لا يمكن الوثوق بقيادة مؤلفة من الرجال فقط"، مقترحة قيادة تمزج بين الجنسين، "لأنه بذلك، يمكن الوصول الى قرارات أكثر صواباً".

الحكومة الائتلافية الأخيرة التي تشكلت من المحافظين والديمقراطيين الأحرار، شهدت تعيين أربع وزيرات، بينهن واحدة فقط في منصب مهم، هي وزيرة الداخلية تيريزا ماي. بذلك تشكل المرأة أقل من خمس الحكومة الجديدة، مقارنة بنسبة 53 بالمئة في الحكومة الاسبانية، 50 بالمئة في السويد، و 38 بالمائة في ألمانيا.
على أية حال، لم تكن محدودية تمثيل المرأة في البرلمان والحكومة مفاجئا، فالحملة الانتخابية للأحزاب الثلاثة الأقوى وشت بهذه النتائج. لقد بدا الصراع خلالها بين "ثلاثة ديوك"، هم براون وكاميرون وكليغ. واهتمت الصحافة عموماً بزوجات رؤساء الاحزاب، لا بزميلاتهن، فكان التركيز على قصة الشعر وستايل الملابس والأناقة عموما. وعكس هذا الاهتمام الشكلي غضباً لدى شريحة من القراء تريد أن تعرف أكثر عن المرشحات للبرلمان، عن مواقفهن وآرائهن في البرامج السياسية للأحزاب التي ينتمين إليها، لا عن زوجات المرشحين وحملهن وذوقهن في الموضة. حتى التغطية التلفزيونية ليلة الانتخابات التي امتدت أربعا وعشرين ساعة، شهدت حضوراً ذكوريا واضحاً من أعضاء الأحزاب المتنافسة، أو المعلقين السياسيين والصحافيين، للتعليق على السياسة التي كانت تتشكل في تلك اللحظة.
هل هي ردة تشهدها الديمقراطية العريقة ضمن ما يشهده العالم هذه الأيام من عودة الى المحافظة السياسية، بما فيها هيمنة الذكور على المجتمع، البيض منهم تحديداً؟ وإلا كيف يمكن تفسير نسبة زيادة تمثيل المرأة في البرلمان البريطاني للعام 2010 بـ 2.5 بالمائة فقط؟ هذه النسبة التي دفعت محررة شؤون المرأة في صحيفة الغارديان، الى وصفها بالمتواضعة و"تعني أن بريطانيا بحاجة الى نصف قرن آخر، كي تصل الى نسبة الدول الأوروبية الاخرى في مشاركة المرأة في المواقع القيادية، اذا حسبنا أن دورة البرلمان التي تسمح بضخ دماء جديدة في المشهد السياسي، برلمانا وحكومة، هي كل أربع او خمس سنوات".
بريطانيا تقف الآن في المرتبة 52 عالميا في هذا المجال، والمعلومة مثيرة للدهشة حقاً عندما يتيبن، أن دولا، مثل رواندا وباكستان وافغانستان وكمبوديا، تتقدم عليها في القائمة! تعلق جيري غودار الرئيسة التنفيذية لـ(جمعية فاوست) البريطانية المعنية بالمساواة الجندري على جميع الأصعدة: "عندما تتجاوز نسبة تمثيل المرأة في الحياة السياسية 30 بالمئة في أي دولة، فهذا يعني ان النسبة لم تأت من فراغ، بل من تحرك مجتمعي جدّي باتجاه التغيير". وبالمضمون نفسه، تؤكد ليزلي أبديلا الخبيرة العالمية في شؤون الجندر، أن قراءة القائمة المذكورة تشير الى ان "لا علاقة لفقر وغنى الدولة بإشراكها النساء في السلطة، فالنسبة هي 16.8 بالمئة في الولايات المتحدة، و9.4 في اليابان، و19 بالمئة بريطانيا (بحسب احصائيات عام 2008)، مقابل 48 بالمئة لرواندا الدولة الافريقية الفقيرة، مثلا".
الثقافة الذكورية لا تتجزأ عملياً، إذ لا تزال نسبة حضور المرأة في المواقع المتقدمة في المناصب العليا ادارياُ وعلى مستوى الشركات الكبرى في بريطانيا، متواضعة، ولا يزال الفارق في الأجور موضوعاً تضغط لتغييره المنظمات المعنية بالمساواة.
سياسياً، تقول لين فيذرستون وكيلة وزارة الداخلية لشؤون المساواة، أن هذه الثقافة كانت السبب وراء هروب عدد من النساء من الحياة السياسية، حيث "ثقافة الترهيب ورفع الأصابع تهجماً بوجوه المنافسين، طاغية على الحوار". وتشكو نائبات من أن بعض زملائهن يصدرون الأصوات والحركات الساخرة استخفافاً بهن، عندما يقفن للتعليق في جلسات البرلمان. واعتاد نائب محافظ مثلا، ان ينادي كل زميلاته في البرلمان باسم "بيتي"، استخفافاً بهن، وعندما كانت واحدة منهن تصحح له الاسم، يرد عليها باستفزاز: "وما الفارق؟ كلكن في النهاية نساء".
من قلب هذه الثقافة الذكورية، خرجت دايان آبوت، لتتحدى هذه الهمينة بطبقاتها المختلفة ووترشح نفسها للمنافسة على منصب قيادة الحزب. وقد تصبح أول امرأة تتصدى للمهمة في حزب العمال، بعد أن كانت أول امرأة سوداء تصل الى البرلمان عام 1987. وهي أعلنت قرارها بثقة، فقد تضاعف عدد المصوتين لها في منطقتها الانتخابية شرق لندن في الانتخابات الأخيرة، وسجلها نظيف من فضيحة المصروفات التي ضربت البرلمان العام الماضي. وتؤكد آبوت أنها تضمن مساندة ثلاث وثلاثين نائباً من حزبها للترشيح، بحسب اللائحة الداخلية. بروح متحدية أطلقت دايان آبوت قبل أيام عبارتها المصاغة باختصار وذكاء: "إن لم يكن الآن، فمتى، وإن لم أكن أنا، فمن؟".


*كاتبة سورية مقيمة في بريطانيا



#غالية_قباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون ...
- “بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس ...
- الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص ...
- -عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
- سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في ...
- طريقة التسجيل في منحة المرأة العاملة في السعودية .. عبر المو ...
- سوريا.. إدارة الشؤون السياسية تخصص مكتبا لشؤون المرأة يعنى ب ...
- تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة
- لا اعتراف بأمومتكن.. أهلًا بكنّ في “برمانا هاي سكول”
- سوريا.. تعليق أحمد الشرع على قلق العلمانيات من فرض ارتداء ال ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - غالية قباني - سوداء في مواجهة ذكور السياسة البريطانية