|
بينَ.. بين !
رحمة محمود حجة
الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 18:01
المحور:
الادب والفن
لم تغلق باب غرفتها، فهذا زمان الجرائم المكشوفة، و لم تعر انتباهاً لتماوج الستائر التي تفصل زمنياً بين نوافذ البيت و العالم الذي يمارس الخفاء يومياً دون إشهار لقهره و اغتصابه في مواجز الأخبار..
تفكر.. تتكلم.. تخفي و تظهر، تتعثر بالصوت الخفيض، ثم تستل حسامه ليفتك بها، و يشطر عمرها سطرين، أحدهما ملغوم بحروف الشهوة، و الآخر بصمت الخطيئة...
سيبدأ و إياها السير على صراط الرغبة، ثم يحتسيان سوياً نخب العذرية الضائعة بين الصفحات البيضاء الملوثة بدم الجنون بينهما، غير آبهين بالكون المحاصر بين شفتيهما المرتبكتبن، و ها هو يعلن أنوثتها بين كفيه، تحتويها ذراعاه المهزومتان بالشوق للف خصرها حدّ الثمالة، يتصفحها عارياً أمام شاشة فكت أزرارها بيدين من نحاس، و ما زالت السر في أيقونة الجذب بين دفتي قلبه، تنتظره بكل الحول و القوة، بشكل مغاير كل يوم، كي يستمتعا بالألذ و كل ما لن يحصل بينهما على فراش مشتعل بالطهر المعلَن للجميع!!
يناديه والده.. لا يستجيب!
تناديها أمها.. لا تسمع!
يقيم المؤذن صلاة المغرب.. فلا يتساءل أي منهما عن ميقات الصلاة!
يصرخ طفل.. يعوي كلب.. تتمطى القطة.. ينكسر الكأس و تسقط ملعقة عن الطاولة.. يعلو صوت انفجار من نشرة المساء في العراق، و نواح الفقد يعلو الجثث العابرة لزلزال هاييتي، و المراسل الفلسطيني ما زال غارقاً في مباحثات الاقتراب من "غير المباشر" في سقطات "الدولة" العتيدة، و "المباشر" في جرف الأرض و المواطن من بيت العائلة الذى لا طوب-ى-ة له تحميه.. و يعلو جرس الهاتف الذي جرّ قدمي جارتها اللاهثتين.. لربما يحمل صوت ابنها الغريب في بلاد لينين، لكن.. لا أحد يستجيب أيتها الجارة !!...تتفلت الآلة من بين يديهما، يستسلمان للنشوة.. ثم يهدآن........ و لا شيء مسموع في كل الضجيج المحيط سوى صوت (الآه) الذي يخترق قلبيهما معاً متسللاً من سماعة الأذن التي تصل قلقه بقلقها و شوقهما المشتهى لانهيارات الجسد.
تفرقهما الطريق.. فيمارس كل منهما أحلامه بالآخر حتى ميقات صحوة جديدة بينهما، و ما بين ذلك صمت تحت صراخ "دوش" الاستحمام، و توتر ملجوم بالخوف، و فرك عنيف برغوة الصابون لمحو كل أثر لا يمت للعفة بصلة.. لكن، كم يلزمهما من "الرغوة" حتى يغفر الجسد؟!
تستلقي على فراشها بين شهيق و زفير، و بين لذة المعصية و جلدها.. هي بين بين !
يتابع اللف و الدوران بين الشركات و المؤسسات لإقناعهم بمزايا مؤسسته التي لم يقنع بها أصلاً سوى لكسب رغيف و محرقة أنفاسه اليومية، فيظل على أهبة الحب بين سيجارتين، يشعل إحداهما لها، و الأخرى يعذب بها أصابعه التي تجرأت على لفظ كل ما كان، خائفاً أن يظلا حبيسي صوت و شاشة، لا تجمعهما التوبة !
- حبيبتي كيف حالك؟
- بخير، و أنت؟
- بخير.. و لكن..
- إن كنت نادماً، فأنا كذلك!
- دليني.. كيف نتوب؟
- نعلن أنها ستكون المرة الأخيرة، و نعلي اسم الله بيننا، و بعدها لن نعود..
- إذن فلنبدأ
- هيّا...
تصاعدت سحابة في الأفق، معلنة مطرا شديداً، و الحنين يعلو بمقياس ريختر، و ليس يريحهما الشوق و الانتظار العقيم للاشيء، ها هما يسرعان إلى ملاجئهما التي يحتاطان بها كل حرب لذة، يبحثان الدفء في عيون بعضهما..تمنحه القبلة الأعنف، و يمنحها جهنم سريره، فتسحبه شظايا في جسدها الممدد أمامه، ثم يقفلا أذنيهما و عينيهما عن العالم.. و يبدآن... !!
أصبحت التوبة لعبتهما المفضلة التي يحاولان فيها ربح الله، كما تماماً همس أجسادهما محاولين الوصول فيه لذروة الشعور.. ما يزالان بين.. بين !!
#رحمة_محمود_حجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|