أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - ديوان : ولائم الحداد















المزيد.....



ديوان : ولائم الحداد


عبدالكريم كاصد

الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 16:48
المحور: الادب والفن
    




أسد بابل


على بعد أمتارٍ من النهر
يجلسُ أسدُ بابل
لا مصاطبَ تحيط به ولا أطفال
لا جنائنَ ولا أبراج
وحين يمرّ به الناس
ولا يلتفتون
يهزّ رأسَهُ أسفاً
مردّداً جملةً واحدةً
لا يسمعها أحدٌ
وإن سمعها لا يعيرها انتباهاً:
"أنا أسدُ بابل
أنا أسدُ بابل"


2003



ساحة


أشجارٌ لا تسكنها الطيرُ
وبضعُ مصاطبَ
والكشكُ المهجورُ هناك
ونافذةٌ
( هي عينُ الساحة )
يأتيها الناس فرادى
وفرادى يمضون
وتكتظّ سريعاً حين تطلّ الشمس
تُعِدّ لحافاً من ورقٍ أصفرَ في الليل
وتصغي :

تأتيها امرأة
تمرقُ كالطيف وتدخل كشكَ الهاتف
تابوتَ الهاتف
تخرج شبحاً
بغدائر بيضاء
وأصواتٍ لا تفهمها حتّى الأشباح

- أ تسمعني ؟
- هل تبصر ذاك الشبحَ العائدَ في الفجر ؟
- ألا تبصرنافذتي ؟
( تلك العينُ المسحورةُ )

يأتي رجلٌ
من جهة السوق
فتستيقظ من غفوتها الساحةُ وتحدّق :
معطفهُ ينتفخ الآن ولا ريحَ هناك
خطوتهُ تنتقل الآن ولا صوتَ هناك
يداهُ تمرّان على جسد الساحةِ
رجلٌ
يأتي من جهة السوق
بمعطفهِ الإسمنت
ويمضي
( قبّعة حائلة تخفي وجهَهُ )

نافذة تغلقُ ..
نافذة تفتحُ ..
نافذة
وتمرّ جنازتها ( مَنْ ... ؟ )
تحت ظلال الساحة

رجلٌ
يجهش خلف النافذة الآن
ويُصغي
لحفيف الأشجار


2006




خريف موشكٌ على الرحيل



الخريف الموشك على الرحيل
يصبغ بالأصفر..
أقدامَ الأشجار

*

ذلك المتقاعدالمزيّن بالنياشين
هو أنا
وقد علقتْ في صدري
أوراقُ خريفٍ صفراء

*

لماذا ترى تتسع المقبرة
كلّما أقبل الخريف؟

*

في خريف العمر
ما أقسى اليتم !

*

ورقة واحدة
دمعةٌ واحدة تتعلق بالغصن ..
دمعةُ الخريف

*

تحت مطر الخريف
ترتعش الأوراق ..
صفراء
مبلّلةً بالدمع
مطرٌ أم دمع ؟
مطرٌ أم دمع ؟


*

الخريف
يطلّ من النافذة
ويرحل
أجنحةٌ في الهواء
تصطفق الآن

*

مصطبة
غطتها الأوراق
لا تزال تنتظر

*

في البرد
لا أحد يمرّ
غير حماماتٍ تتنقّل كالأحجار
فجأة ...
يدخل سنجابٌ
فتضطرب الساحة

*

الأشجار وحيدةٌ
تتطلع في الليل وتصغي ..
لمن تُرى ..
تصغي الأشجار ؟

*

شتاءٌ مفاجئ
أوراق تلطّخها حمرةٌ
إنها دمُ الخريف

*

الأشجار
- وقد شُذبت الآن
وطالتْ -
كم تبدو عاليةً في الساحةِ !
تمتدّ ..
وتمتدّ ..
تهيئ أقداماً للركض
تلامس نافذتي
وتلوّحُ ..
ماذا ؟
أ أقوم وأصطفّ مع الأشجار
أشذب أغصاني ؟

*

خريفٌ يقاتل حتّى أخرِ ورقهْ



خاتمة للخريف الموشك على الرحيل :


الشتاء يُطلق قذائفَهُ :
القذيفة الأولى : أمطار
الثانية : رعد
الثالثة : بردٌ قارس
الرابعة : عواصف
الخامسةُ .........

وهو لا يكلّ أبداً

ياله من محاربٍ قديم


2005




ذلك الوحش


ذلك الوحش
من أين جاءَ ؟
وماذا يريدُ ؟
ثلاثين عاماً
يطاردني وأطاردهُ
ويحدّق فيّ كطفلٍ
إذا ما هجرتهُ..
وحشٌ غريبٌ
يطالعني كلّ يومٍ
ويجلسُ بين يديّ
ويبكي
وأوقظهُ حين يغفو ليحرسني
ممّ ؟
وحشٌ
أليفٌ
يروّضني
وأروّضهُ
ونجلسُ معتنقين
ثالثنا السوط
يرقبُه خائفاً
ذلك الوحش
من أين جاء ؟



2006



مسافة


أنا الذي ابديتُ من الصبر
ما يجعلني ملكاً للعزلةِ
وخادماً للصداقة
أعلن عن مللي
وقد قطعتُ إليكِ ألوفَ الأميال
ولم يبق سوى بضع خطىً
تاركاً هذه المسافة القصيرة
لكِ أنتِ
فاقطعيها إذا شئتِ
بآلاف الأعوام



2006



إشراقة



فجأةً .. فإذا الأرض كوكبْ
وأنا في الفضاء الأميرُ الصغير


2003




سريناد
أو
عزف ليليّ



من سماءٍ إلى سماء
تدحرج حجرُ إليك يا حبيبتي
فلا تدعيه يسقط


*

كسارية في صحراء
قلبي
ينتظر البحر


*

كذبٌ أبيض
ما تقولين
لن أصدّقه
حتى وإن كسوته بالسواد


*


أ أنا حارس الليل
أم هو الليل يحرسني ؟


*

أقسم
لو جئتِ إليّ
سألتصق بك
حتّى يعود جسدك جسدي
وشفتاك شفتيّ
وعيناك
أين ؟
أين هما ؟


*

سأنتزع القمر من السماء
وأضعه على راحتيك
وأقول ضارعاً :
" أيها الربّ
أيها الربّ
ثغرةٌ في السماء
فاغفرْ لي "

*

تأتين بقفصٍ وتقولين :
" يا طيري ! " ؟


*

سماء
أم
أرضٌ
تتغطّى بالعشب ؟

*

متعٌ غادرتني
أ أتبعها
وقد امّحت الآثار ؟


*

تحملين بحراً
وتقولين :
" يرعبني صخب الأنهار"


*

للمرأة التي تذرف الدموع
أقول :
" أحبك
حتّى لو مسحت دموعك كلماتي "


*

ترتدين قناعي
وأرتدي قناعك
ونخاف
ممّ نخاف يا حبيبتي ؟


*

أتذكر قدمين صغيرتين
عاريتين
بين راحتيّ فأبكي


*

أغلقي هذه النوافذ
ما أتعس الكلمات
تطلين منها عليّ !

*

كفّك تلك البيضاء
لماذا تحضرني الليلة ؟
كفّك تلك الممدودةُ
حين نهضتِ وقلتِ " وداعاً "
كفّك
تلك
الناحلة
البيضاء
بخاتمها المسحور
لماذا تحضرني الليلة ؟
كفّك تلك
لماذا ؟

*

أين كنّا يا حبيبتي
حين مرّ الليل
وقد تخلّفتْ نجمةُ
في الطريق

*

أجمرةٌ ولا رماد ؟


*


كيف يقول الذي يُحبّ :
" أحبكِ " ؟




قرار للعزف الليلي :


رميتُ نردي كيف أســـــــتردّهُ
وعدتُ من مسعاي صفر اليدين
وقلتُ للعائـــــذ من دهره
هل تُدفعُ الحربـــةُ بالراحتين !



2005




سنوات



الشجرة الوحيدة
شجرة عيد الميلاد
تتطلّعُ فيّ وتبتسم

*

ارتديتُ بدلةً قديمةً
وربطة عنقٍ سوداء
وجلستُ إلى سنواتي
وقد امتدّت ذقونها
إلى الأرض

*

قلتُ لنفسي :
" أريد أن أحتفي بك يا نفسي
ولو مرّةً واحدةً
قالت :
" احذر أن تحضر حفلتك الأشباح ! "


*

قلتُ لظلّي
وقد عاد بعد غيبةٍ طويلةٍ :
" اجلس ! "
فجلس مطرقاً
ولم يفهْ بحرف

*

دخلتُ غابةً
لم أرها من قبل
وبيتاً
لا يسكنهُ أحدٌ
وحين أردتُ أن أعود
تحرّكت الغابة
والبيت


*

في السكك النائية
رأيتُ قطاراً يُسرعُ
ولا يغادر مكانَهُ أبداً
فحملتُهُ ..
وسرتُ


*

أوه ..
ما ابطأ سنواتي
أسبقها
وأنام


*

كم مرّةٍ
أقف أمامك كالشحّاذ
يا سنواتي !

2000




ذكرى بعيدة غامضة
(1)


عصفت ريحٌ
فتوارى تلٌ
وامرأتان
وطفلٌ
مشدوهٌ
يتغطى بالرمل
و ( لايتعب )
طفلٌ
ما زال يسير بلا أثرٍ
يبحث عن ميْتٍ يبكيه ،
وظلان
يسيران
وراءه
طفلٌ
يبصر ضبعاً
ورصاصاتٍ فارغةً
في الصحراء
ويبكي

طفلٌ
مشدوهٌ
يتغطى بالصحراء



ذكرى بعيدة غامضة
(2)



كان النهر سماءً
وسماء البصرة نهراً
يلتقيان
هناك ..
ويرتحلان
إلى أيّ سماءٍ أو نهرٍ يرتحلان؟
إلى أيّ سماء؟
يبصر فيها الطفل مياهاً
وسراباً يلمع
وجزيرة كنزٍ
نائيةً
وقواربَ غادرها الأطفال
( قواربَ
أصغرَ من راحاتِ الأطفال )
وأستاراً تُرفعُ
خضراء
عن الساحة
والعلمِ المرفوع
وبضعة أصوات
تُنشد
والماء يسيل
الماء يسيل
يسيل ...
يسيل ...
يسيل

2005




شجرة


قالت الشجره
وهي تنفض أوراقها
"عمْ مساء ..
وغابت
وظلَّ هناك على التلّ
ظِلٌّ
ينفض أوراقه
( كلّما مرّت الريح )
ظِلٌّ
" ألا عِمْ مساءً "
"ألا عِمْ مساءً "
"ألا .."
بينما
- خلف أسوارها -
تنصتُ المقبرهْ




نخلة


نخلةٌ
نهضت
سرّحت شعرها ومضتْ
- دون مرآتها -
نخلة
تركتني وحيداً
وعادت
صورةً
لا تفارق مرآتها
نخلة
حملتني
بعيداً
ولم تبتعدْ
نخلةٌ
لم تعدْ



الحلم


صديقي الذي قادهُ الحلمُ يوماً
إلى النهر
كم ظلّ ينزفُ !
كم ظلّ
حتى حملتهُ
لكنْ بأيّ يدينْ !

صديقي الذي قادهُ الحلمُ يوماً
إلى النهر
ماذا لو أني أيقظتهُ ؟
فاستفاق على حلمهِ
وهو ينزفُ
آهٍ
صديقي الذي قادهُ الحلم
أين تراني حملتهُ
أين ؟




صحبة

إلى الشاعر فوّاز عيد


حين صحبتك مسروراً
كالطفل
إلى جوبر ..
لتريني كيف يكون هواء القرية أخضرَ
والصحبة خضراء
ما كنتُ لأعرف أني سأعود إليك
وقد أجهدني السيرُ
لأبصرَ ظلاّ يسودّ
ومقبرةً بيضاء
وجوبر
تلك الخضراء
المنسيّة
شاهدَ قبرْ




القبو

إلى ممدوح عدوان ذكرى القبو الذي سكناه معا في منتصف الستينات




-1-



تلك أبراجنا في الطريق
تُطلّ على البحر
ندخلُهُ ،
ونوصد أبوابَهُ ،
ثمّ نُشرعُها
ونعودُ إليه ..
نعودُ إلى ذلك القبو
قبوكَ
تذكرهُ .. ؟
وهو يلمعُ كالبرج
في ساحلٍ
في دمشق البعيدة
في ساحةٍ
في دمشق البعيدةِ
....................
أين دمشق ؟




-2-


في الطريق إلى البحر
أو
في الطريق إلى القبو
كم ضعتُ !
كم ضاعَ !

- ممدوح أين تُرى نحن ؟

يسبقني في الظلام
وأسبقه ...
مسرعَيْن إلى حانةٍ
في الطريق إلى البحر
أحملـــهُ وهو يضحك
يحملني وهو يضحك
مبتهجَيْن
وقد نتشاجرُ
وحشَيْن
مفترسَيْن
وقد لانرى في الطريق
إلى بحرنا القبو
أو
قبونا البحر..
ذاكَ ..
سوى جثةٍ لغريقْ


-3-


فجأةً
نهجرُ القبو
نلمحهُ عالياً
نصعدُ الدرجاتِ إليه
ونلهثُ

- ممدوحُ أين تُرى نحن؟

محضُ سماءٍ
ونافذةٌ
وغسيلٌ يلوح بعيداً
ووجهُ ملاكٍ يُطلّ
ونحن الفقيران
أين المدينة؟
زرقاء
تلك السماء
وأزرق بحرُك في ذلك القبو
أين هو الآن بحرك؟
بل اين قبوك؟
أينْ؟


-4-


مرّةً
جاءت امرأةٌ في ثياب الحداد
إلى القبو
فاستيقظ البحرُ
وانسلّ
كاد يلامسُ أطرافها
فنهرتُهُ محترساً
واعتذرتُ
كانتْ امرأةً في الثلاثين
غارقة بالسواد
وكنتُ هناك
على ساحل البحر
كنتَ هناك
على ساحل البحر
كنّا وحيدين
نبحث عن أثرٍ في العراء


خاتمة :


ممدوح
حملتك هذي الليلة
- حين تركنا الحانةَ –
كالطفل
على كتفي
لكن من يحملني الآن
وقد عدتُ
إلى قبوك
مقروح القدمين ؟


2006



ولائم الحداد

إلى جبار فرج الذي شيّعناه في كوبنهاكن يوم 2-2-2006



الدفن


تطلعُ الشمس
أو تغربُ الشمس
أو ...
وسْط أزهارِ مَنْ شيّعوك
وأزهارِ منْ ودّعوك
وأشجارِ منْ قدموا من بعيدٍ إليك
وتبقى ..
أبداً
فوق قبرك تثلجُ بيضاء
تلك السماء
أ نقطعها
سائرين إلى القطب
نحمل نعشك أبيض .. ؟!
.............................
.............................
.............................
بعد قليلٍ
ستأتي ملائكةٌ
قد تضل الطريق


صوت أوّل


ثلاثون عاماً
وأنتَ تعدّ الخُطى ..
وتقول : " غداً "
و" غداً "
لن يجئ
وخلفك تلك البلادُ البعيدةُ
تلك البلاد
- ثلاثون عاماً –
" سأبلغُها
- قلتَ -
حتّى وإنْ..
ضلّني النجمُ
حتّى وإنْ "
ثمّ ألفيتَ ظلّك مستوحشاً
يسأل النجم :
" أين الطريقُ ؟ "
طريقك ذاك
الطريقُ البعيد
البعيد
البعيد
الذي لم يكنْ



طائر الثلج


أنا طائر الثلج
من يدخلْ غابتي
فلنْ يخرجَ منها ابداً

لياليّ ذؤاباتٌ سوداء
ونهاراتي أعراس

لا أعرفُ من النار غير أحطابها
ومن الشجر غير أحزانهِ

السماءُ حجري
والهواءُ أنيني

ولأحبابي الغرباء
أعددتُ ولائمَ تحت الأرض

أنا طائر الثلج



أغنية طائر الثلج


يا للموتى
من أحياء !
يُمضون الوقتْ
بالصمتْ
فإذا جاء ..
الليل
وأغفى السهل
وأرهفتِ الآذانَ ..
الغابات
خلعوا الاكفانَ
وهاموا في الطرقات
يغنّون
العاقل منهم والمجنون
العاقل منهم والمجنون



جوقة النادبين


حتّام تُرى
نُبدل راياتٍ بالأكفان
وأكفاناً بالراياتْ ؟

أيدينا المقطوعةُ
تمتدّ هنا
تمتدّ هناك
إلى الصدقاتْ

منْ يبصرُنا ؟
ذهب الناعون
وجاء الناعون
وما زال الأمواتْ
ينتظرون
وينتظرون


صوت ثانٍ


البيوتُ محدّبةٌ
- قال –
واطئةٌ
تبلغ الركبتين
أ أ دخلها ؟
كيف ؟
- ياللمدينة بعد ثلاثين عاماً –
أ أجتازُ أوحالها شبحاً
وأصافحُ أمواتَها
يلتقون بأحيائهم ؟
أينَ أبصرتُهم قبل ؟
……………..
……………..
- من أنتَ ؟
يسألني عابرٌ
يتطلّعُ فيّ بعينين ميّتتين
ويمضي
وأمضي
وأعبرها شبحاً يتجوّل
وسط مدافنَ واطئةٍ
وبيوت محدّبةٍ
ركدتْ في المياه



نهاية مقترحة لـ (ولائم الحداد)


في محطّةٍ مهجورةٍ
هبط اثنان
قال أحدهما :
- لا أرى مدينةً أبداً
قال الآخر :
- لا أرى بشراً أبداً

ثمّ جاءهما شبحٌ
ليقودهما إلى السماء


2006



على هامش لزوميات المعريّ


غرابٌ
فهل قالت الطيرُ:
" طرْ
ياغرابْ "


*

ما رأيتُ حرصاً
إلاّ وكان سوءَ طبعْ


*

أ شامك شؤمٌ
وعِرقٌ عراقي ؟

*

كم تبخس ما تولي
وتعظّم ما يوليه الناس


*

قال أبو العلاء:

ألبسني جاري تاجاً من ذهبٍ
- في حُلُمٍ -
فضحكتْ
لكن طالعني وجهي ينظر شزراٌ
ويردّدغضبا :
ذهبٌ ذَهَبا
ذهبٌ ذَهَبا

*

عكّاز أعمى
أهدى من بصيرهم


*

مازال المنبر يبكي


*

تعالوا لنغسل هذي الأرض


*

جمرنا ابتردا
جمرنا ابتردا


خاتمة :


فسُد الأمر يا أبا العلاء
لا الصمتُ مجدٍ
ولا الكلام بمجدِ


2004




صنعاء ... ما أبعد صنعاء



إلى الرويشان وعادل وسعيد والسلامي وعبالباري وقادري ومحمود وهاني وهيثم وأعزاء آخرين قد يحضرون في قصائد لم أكتبها بعد



مفتتح


عند باب اليمن
قال لي صاحبي:
إن نزلتَ بصنعاء ”
واستقبلتك المنازل
آهلةً بالنجوم
فلا تنسني ! "
قلت: " إنْ "


طائر



هناك في الجامع الكبير
طائرٌ غريب
يقلّب المصحف في الهواء
ولا يطير أبداً
طائرٌ لا يراه أحد


ساحة


عند سوق النحاس
انعطفتُ إلى ساحةٍ
خلتها عندما ارتفعت خطوتين عن الدرب
بيتاً
حوانيتها غرفاً
والنجوم التي اقتربت ثمراً
ساحةٍ من ظلالٍ
وناس يحيّونني بالرياحين
هل أدخل الآن؟
تنقصني خطوةٌ
ويضئ المكان



صداقة


مدّ لي راحةً
فسألتهُ : " ما اسمك ؟ "
قال : " محمّد "
" أتصافحني
- قلتُ –
أم أنت طالبُ سؤلٍ "
قال : " لا " مطرقاً
ثم رافقني جولتين
بصنعاء
محتبساً دمعَهُ حين ودّعني

هل تُرى نتصافح ثانيةً
يامحمّد ؟


فضيلة


إذا كان للسواد
من فضيلةٍ
فهي أنني
لا أريد أن أرى وجه صنعاء يبكي




حافظ العاشق الذي رافقني سائقاً



نبتة القات أم غابةٌ
أنت فيها اليتيم الذي ضاع
أنت المتيّم
"صنعاء ...
صنعاء "
تهذي
وأنت بصنعاء
أيّ الطريقِ إليها
وأيّ الطريقِ إليك
وبينكما نبتةُ القات
بينكما غابةُ
سوف تقطعها باكياً
في المساء


إلى حافظ أيضاً



حين غنّى ( السنيدار)
" يا غصنَ صنعاء "
ألفيتُهُ واجماً
يقطفُ القاتَ من غصنه ،
ويردّد :
" يا غصنَِ صنعاء
يا غصنَ صنعاء
آهْ "


أفيال



في طريقي إلى بيت إبرهةٍ
كانت الأفيال
تتقدّمني
نافخةً في الأبواق
باتجاه السماء



جمل


في معصرةٍ للزيت
رأيثُ الجملَ الرابضَ بين الجدران
يحدّق بي
ويقول :
" أ لمْ أحملك طويلاً في الصحراء ؟ (1)
أ لمْ أحملك طويلاً في الصحراء
أ لمْ ؟ "




إشارة إلى رحلة الشاعر عبر الصحراء على جملٍ هرباً من النظام العراقي السابق .



درب المجانين


فجأةً
أجدني في دربٍ ضيّق
وسْط أناسٍ يحتشدون
وطائرٍ يصيح :
سلامٌ عليكم معشرَ الأنس”
سلامٌ عليك أيّها الطائر
وأنت أيها الغريب
عليك السلام "



طمأنينة

إلى الفنانة التشكيلية آمنة النصيري


هنالك في مكان ما
بعيداً عن الأشجار
ثمة نجومٌ تطلّ على شرفةٍ
عند باب اليمن
أنتِ فيها المليكةُ
آمنةً
آمنهْ



نسيانات

إلى الشاعرفتحي أبو النصر



في هذا الامتداد اللانهائيّ
أنت القوس
وحدك


*

يا فتحي
قد يصير الأجداد أحفاداً
فهل أنا ذلك الجدّ ؟


*


حروبنا كثيرةٌ
ولا أعداء لنا
ذاكرتنا محشوة بالنسيان
وما نعبرهُ الآن خطوطُ قتالٍ مهجورة
ومخافرُ لا يحرسها أحدٌ


*


تريد بحراً
وأريد نافذةً
تريد نافذةً
وأريد حائطاً
حائطا ، حسب ،
لأسند ظهري



ضيف

إلى منصور هائل


قلتُ لمنصور
وقد استضافني :
" بيتك هذا
فادخلْ
أيها الضيف ..! "


طريق

إلى القاصة أروى عثمان



يا أروى
سنحمل الناس على ظهورنا
فإن تعبنا فلا تيأسي
سيحملنا الناس في الطريق




احتفاءات

إلى الشاعرة نبيلة زبير


سأمسك العقل من يده كالطفل
وأجلسه صاغراً
في حضرة الجنون


*

لتتوقف الساعات
ولتقف الأشجار مصغيةً :
شاعرة تمرّ

*

لنبيلة
ثوبٌ أسود
وسماءٌ بيضاء
وأقفاصٌ
لن أفتحها الآن
سماءٌ بيضاء
سأملأها بطيوري
حين أنام


أخوّة

إلى عبدالقادر باجمّال



حين ناديتني وسْط جمْعٍ من الناس :
" هذا أخي "
كنتُ ألقاك في عدنٍ
بالتقاطيع تلك الأليفةُ
والطيبةِ اليمنيةِ
أفضي إليك
وتفضي إليّ
ونبكي على عدنٍ
وهْي تبكي
ونقطع عشرين عاماً إليها
ونبلغ صنعاء
أيّ السبيلين جئنا ؟
وأيّ السبيلين ننشدُ ؟
أيّ السبيلين ؟
هل كنتُ ألقاك في عدنٍ؟



عكابر

إلى الشاعر عبدالكريم الرازحي



بضربة ساحرْ
جلبتَ ( العكابرْ )
وأدخلتني دكّة (الزعفران)
كأنك تمشي بعكس الزمان
تغلّقُ باباً وتفتحُ بابْ
وتشعلُ ناراً بليل الصحابْ
وحين سألتك :
" من ذا
وذاك ؟ "
ضحكتَ
وأنكرتَ : " ماذا دهاك ؟
أ تقصد هذي الحمير
وتلك الدوابْ ؟ "
وما كنتُ أعرف أني أشير
إلى من أشرتْ
جلبتَ البغال ...
جلبتَ المَطيّ
ولكن لماذا تركتَ البعير
هناك على التلّ نهب الرمالْ
جلبتَ الجميع صفوفاً إليّ
جلبتهمُ ضاحكاً
واختفيتْ



إشارات

إلى الشاعر علي المقريّ



ليس ما بيننا رحِماً
بيننا رحمةٌ
يا عليّ

*

قد تكون أباً
أو أمّاً
لكنني لن أناديك أبداً :
" أبي ... أمّي "
سأفعل ذلك في السرّ

*

قد نكون ( نحن )
أو لا نكون
لكن
لن نكون ( هم ) بالتأكيد

*

" الوقت من عينين لا من ذهب "
أتذكّرُ هذا القول
فتتسع عيناي
وأردّد منتشياً :
" الوقت من عينين لا من ذهب "



سوق الملح


إلى كامل شياع



لا أدري لمَ كان البَيْض أشدّ بياضاً في سوق الملح
والبطاطا أشهى
خلف براقع البخار
وأقراص الخبز البيضاء
أشدّ تواضعاً
في عربتها المدفوعة باليد
قال كامل وهو يمضغ الخبز:
أ ندخلُ هذا الممرّ " ”
قلتُ له وأنا أمضغ الخبز أيضاً :
" لندخلْ "
ثمّ لم نبصر السوق
كنّا ببغداد نقطع ذاك الممرّ



عراق

إلى عباس مزهر الشاعر العراقي المقيم في صنعاء




لا بدءَ لكلماتنا أبداً
ولا نهايةَ للصمت
صنعاءُ بغداد
وبغدادُ صنعاء
ومن لا يسرْ في الطريق
( تذكّرْ ذلك ... )
تسرْ فوقه الطريق


*

عراقك السائر في الطرقات
ستدعوه يوما
وتُجلسهُ ،
وتحدّق في عينيه طويلاً
آنذاك
سيفجؤك
( لا تبكِ )
أنّ جليسك أعمى


*

لأمّك الضريرة
وطفليك البعيدين
سأحمل شمعةَ أحزاني
وأشعلها هناك



رفقة

إلى الشاعر إبراهيم المصري الذي رافقني ورافقته في رحلتي إلى صنعاء



يا إبراهيم
صداقتنا نار
فادخْلْها برداً وسلاما


استثناء


بعد كلّ سفرٍ
أعود منه متعباً
أرتّب حقيبتي وجسدي وأنام
إلاّ سفراً واحداً
ما زلت أقطعه
سائراً
أبداً
أبداً
أبدا


خاتمة

قال لي صاحبي :
" إن رحلتَ
ولم تنسني
فتذكّر
أنّ طيراً بكى
عند باب اليمنْ "
قلتُ : " إن "


2004




السائرون


هرموا
وعادوا لا يرون الشمس إلاّ في الأفول
أمامهم ليلٌ
وخلف ظهورهم ليلٌ
وهم لا يبصرون
كأنّهم نصبٌ
أينتظرون؟
ماذا؟
والطريقُ أمامهم طرقٌ
وليس وراءهم أثرٌ
مكانهم الزمان مشوا إليه وغادروه
ولم يقيموا فيه
لم يأتوه يوماً
هل أتوه؟
وهل أتى حينٌ عليهم
لم يكونوا فيه؟
ما كانوا
وقد لا يبصرون مكانهم يوماً
سيطوون الزمان إليه
لن يصلوا
ولن يصلوا
ولن يصلوا


1999



الوحش والحسناء


"أهواكِ" قال الوحش للحسناء
قالتْ: " لا أراك"
وكاد يبكي
غير أنّ الريح هبّتْ
تحمل الأصداء
يا حسناء
يا حسناء
يا حسناء
فات الوقت يا حسناءْ


1999




ظلال


شجرٌ رعاني
كنتُ تحت ظلاله أبكي
ولكنّي ضحكتُ ضحكتُ
حين علمتُ
أنّ ظلالهُ
كانتْ
- وقد أفلتْ –
ظلال الزيزفون


1999




إبحار


عبرت بيَ الدنيا بحوراً
لم أعد منها
فقلتُ لصاحبي في رحلة الإبحار:
" أين تراك تحملني؟ "
فصاح وكاد يسقط
وسط قصف الرعد والأمطار:
" إيهٍ لستُ أسمع ما تقول!"


1999




الطفل والنجم



"ظمآن " قال النجم
قال الطفل: " فلنشربْ"
ومدّ له يداً
فارتجّ حول النجم ليلٌ
عاد أخضر
غير أنّ الطفل نامْ


1999



تينة البيت


تينة البيت يعبرها طائرٌ
نام في حضنها أمس
كم أثملته العذوبة في تينة البيت
كم طار يحملها خلسةً في الهواء
وكم صدح الطير
كم حطّ في هضبات الغصون
وكم دار ..
كم دار
لكنّه الآن يمرق كالسهم
يرمقها خائفاً
وهي ترمقهُ
_ تينةُ البيت _
خائفةً
……………..
أيّ فزّاعةٍ تنهض الآن
تنشر بيض ذوائبها
وتحدّق
خلف السياج؟


1999



طلل

من بين رسومي الألف
ثمّة طللٌ غامض
يوقفني حين أمرّ
ولا يتركني
حتّى أعده أن أقف لأبكي

طللٌ غامض
يتطلّع في الليل
إلى النجم
وكالنجم
يلمع في الشمس
لكنّه يعتم،
يعتم،
يعتم
حين يراني



1999




الجسر


الجسر (1)

إثر مجزرة يوم 31/8/2005


الجسر
تُرى هل يقفُ الجسرُ
أمامَ الله ؟

سيمرُّ به الأطفال
( حفاةً ..
عارين )
ولن يتذكّر ..

ستمرّ به حورياتُ النهر
( بلا أثداءَ )
ولن يتذكّر ..

سيمرّ به غرقى
( تلتفّ على أعناقهم الأعشاب
وحيّاتُ الماء )
ولن يتذكّر ..

لن يتذكّر ..
حتّى لو أقبل كلُّ الأحياء
وألقوا بمواكبهم ثانيةً في النهرْ
لن يتذكّر ..

( ما أتعسَ هذا الجسرْ ! )

حتّى لو أثقل ظهرَهُ جبلٌ من أحزان الأطفال
وأسمال الأطفال
وأحذية الأطفال
وجاء الربُّ بعرشهِ ،

لن يتذكر
لن يتذكر هذا الجسر




الجسر (2)

إشارة إلى مثال هايدغر الشهير عن الجسرفي كتابه ( الكينونة والزمان )



جسرٌ تحملهُ الأرضُ
( وقد يحملها )
ويكادُ يمسّ سماءَ الله
يراه
الطفلُ جناحاً
والشيخُ طريقاً
والنسوةُ حبلاً لغسيلٍ
ينشرن عليه ملاءات الليل
فلا يبصرن الهوّة
تلمعُ تحت الجسرْ

تُرى
من يبصرُ تلك الهوّةَ
تحت الجسرْ ؟


2005



أبواب


كنتُ على مبعدةٍ أرتقبُ الأسوار
وآمل أن تفتحَ لي أبوابك
لكنّي لم أبصرْ سوراً
أو باباً
أو أثراً
غيرَ خلاءٍ يمتدّ
فمنْ أينَ سأدخلُ؟
من أين؟
وأنتَ بلا أثرٍ
في أيّ بقاعٍ كنتَ؟
وأيّ بقاعٍ ستكون؟
ولو جئتَ
وأعليتَ قلاعَكَ ثانيةً
ونصبتَ الأسدين
على الأبواب
وصحتَ بحرّاسك أن يمتشقوا الأسياف
ويبتدئوا القتل
فماذا أفعل؟
هل أدخل؟
مندفعاً وسط الناس
ألوّح بالأعلام
وأنعب؟
أم أذهب
مبتعداً
أرتقبُ الأسوار
وأمل أن تَفتحَ لي أبوابك
آمل أن تُفتحَ لي الأبواب؟


2003



مرثيّة سوق في بابل



في هذا الأفقِ الممتدّ إلى اللهِ شواهدَ من حجرٍ
وملائكة يبكون
تُرى ؟
ماذا ينتظرُ الناس ؟
سفينتَهم ؟!
مقبلةً
يحملها الطوفان


في سوقٍ يدخلها الآن صيارفةٌ
بلحىً
وسراويل
تُرى ؟
مَنْ يجمعُ أشلاءَ مبعثرةً ؟
ويُعيد الكفّ إلى الطفل
وذاك الثديَ إلى الأمّ
ويفتح أبوابَ الطرقات
لآلهةٍ قادمةٍ
من بابلَ
بشعورٍ بيضٍ
هائجةٍ
وعيونٍ غائرةٍ
وصدورٍ حمراءَ
تُرى
مَنْ ؟

……………….
……………….


في اليوم الأول من آذار
في العام الخامس بعد الألفين
أو العام الخامس قبل الألفين
ببابلَ
حدثت مجزرةٌ



2005




لعنة


في أقاصي النخيل
في دروبٍ تنامُ هناك
من ألوفِ السنين
يسيل
دمٌ


في انطفاء الغروب
في تسلّلِ ليلٍ يؤوب
وفي صرخةٍ
أو عويل
يسيل
دمٌ


يسيل دمٌ
فوق آنية البيت
تحت السرير
على أكرة الباب
بين الملاءات
عبر الثقوب
يسيل
يسيل
دمٌ


2004



تحذير


إن كانتْ أرضُك مقبرةً
وسماؤك لا يحرسُها الربّ
فسأعفيك من الذنبْ
وسأحملُ موتاك إلى منفاي
أوسّدهم حجراً
وأقول: سلاما للحجرِ
وأقول سلاماً موتاي
أتوّجكم بالأزهار
وأحرسكم بالشجرِ


إن كانت أبراجك مطفأةً
ونجومك تلمعُ كالنصل
فسأعفيك من القتل
وسأطلق كلّ خفافيشك في الشمس
وأصرخ: " من أنت ؟
الأسد الكاسر ذو الجنحين
أم الديناصور
العائدُ بعد الموت؟ "


إن كنتَ المسحور
تماثيلُك مطرقةٌ
ودروبُك صامتةٌ كالقبرْ
فسأعفيك من السحرْ
سأنصّب نفسي ملكاً
وأجمّع حولي الأطفالْ
وأغنّي للنجم:
"تعال!
تعالْ "
سأرقّص حتّى العميانْ
وليقبلْ بعدي الطوفانْ

إن كانت حربُك لي قدراً
وخرابُك بيتي
فسألعنُ ما فرّقهُ عمْرو
وسألعنُ ما جمّعهُ زيد
وسأوكلُ أمري
للنجم الطالعِ من سوق التجّار
براياتٍ حمرْ
وصحائفَ عشرِ
وسأبرأ من كتب الأحبار



2003




لغز


لتكن من تشاء
عدوّاً
أم غيرَ عدوّ
يمجّده الأحياء
ويلعنه الأحياء
فما أنت سوى ظلّ
يتأرجح بين الأبديّة ،
والصحراء
حيث الأحجار
كانت بشراً
والنجوم دليلاً إلى القتل
ولا شئ خلفك غير صدى الانهيار
يتردّد في الصمت ...
من هناك
سيقبل طائر
طائرٌ وحيد
أسودُ
أو أبيضُ
لا ينطقُ أبداً
لا يقولُ : " لا "
لا يقولُ : " نعم "
سيهبط يوماً
يحدّق فينا
ويرحل
لعلّه أنت
لعلّه أنت
لعلّه أنت



2002



أوديسيوس


لأودسيوس العائدِ من طروادةَ
رذائلُ شتّى :
حبّه للنهب وللقتل
حصانُهُ ذاك الخشبيّ الأعمى
الذاهبُ عبر الأنقاض إلى المرعى
حكمتُهُ المقرونةُ بالشرّ
فصاحتهُ الفارغةُ من المعنى
طعنُهُ بالحربة أشباحَ الموتى
أتبُاعه تلك الأرواح الشرّيرةُ فوق سفائنه السوداء
غضبته المسعورةُ بين زهور النسيان
أذناه المغلقتان
أبداً
أبداً
عند سماع غناء الحوريّات
ورذائل أخرى
لا أذكرها
أوردَها هوميروس وشكسبير
لكنّ له مأثرةً واحدةً
مأثرةً أوقفت النجم
وأرجعت البحر إلى الساحل
مأثرةً لا تنسى :
فقؤه عينَ السايكلوب


2002




الثور السماويّ


ثور سماويّ
أغار على حقولك
فالتجأت إلى المعابد
ضارعاً
حتّى إذا طال الخوار
خرجتَ من تلك الضراعة
ساحباً
ناساً وأطفالاً وراءك
إنّه الثور السماويّ
احترس
أظلافهُ حجرٌ
قرونه غابةٌ
وخطاه رعدٌ
ما الذي أبقى
وماذا أنت قد أبقيتَ
ثور هائجٌ
يمشي على قتلاك
ثمّ يطير
صوب سمائه
ثورٌ
سألتك أنتَ
أيّةُ حكمةٍ أبقى
وأيّةُ حكمةٍ أبقيتْ
ثورٌ هل ذبحتَهُ ؟


2004



صندوق باندورا (1)


كم حذّرتك
ألاّ تفتح هذا الصندوق
وحين فتحتَهُ
وانطلقتْ كلُّ شرورِ العالم منه،
فما عاد هناك سوى ناس يذوون
وريحٍ هوجاء
وشمسٍ لاهبةٍ
ومياهٍ تسودّ
ومخلوقات شائهةٍ كالنحل بأجنحةٍ
وشرورٍ صاخبةٍ
كم حذّرتك
ألاّ تفتح هذا الصندوق
وكم حذرتك
ألاّ تغلق هذا الصندوق
وقد ظلّ هنالك في قاعهِ
ما ينقذنا :
مخلوقٌ
أقوى من كلّ شرور الأرض
ألا أبصرتهُ
أصغر مخلوقات الأرض
وأجمل مخلوقات الأرض
جناحان
رقيقان
وعينان
ساحرتان
لو أبصرتهُ
لو تفتح هذا الصندوق
ألا تفتحهُ ؟

2004



(1) هو الصندوق الذي حوى كلّ شرور العالم . فتحته باندورا خطأً وحين سارعت إلى غلقه كان ثمة مخلوق مجنح صغير هو الأمل ناشدها أن تطلقه ليبطل مفعول الشرور التي انطلقت من الصندوق على شكل مخلوقات كالنحل .





دون كيشوت


حين رأى دون كيشوت
زوبعتين
قادمتين
أثارهما في السهل
قطيعان من الضأن
قال:
- ما أعظم هذين الجيشين !
ألا تبصر يا سانشو
ذاك الفارس ذا الفرس البيضاء
والترس البيضاويّ
وذاك الفارس
ذا السيفين المعقوفين
القادم باللحية والقنزعة الخضراء
ألا تبصريا سانشو
ذاك الفارس
ذا العينين الجاحظتين
والوجه القمريّ؟
إنّه ...
- أشباح ما تبصر يا مولاي
أشباح ... أشباح
قال :
- ألا تسمع نفخ الأبواق وقرع طبول الحرب؟
- لا أسمع غير ثغاء خرافٍ يا مولاي
قال له :
- تبّاً للخوف
واندفع يقاتل


2004



حياتي


وكسبّاحٍ
يحمل أثوابَهُ في كفّ
ويجذف بالأخرى
أعبر نهر حياتي

2003



اعتراف


في الثلاثين كابرتُ
- " لم يحن الوقتُ بعد "
وفي الأربعين تعزّيتُ
- " ثمّة متّسعٌ "
وفي ما أتى من سنين مضتْ
لم أقلْ غير أنّي ابتعدتُ
ولم اقوَ بعدُ على السيْرْ
هل أستدير إلى الطفل يتبعني ؟
هل أقول لظلّيَ : " فلنفترقْ ! "
أم سأجلس مستأنساً بالنهاية
أم أنني سأعود لأبدأ ثانية
من هنالك حيث انتهيتُ



1998

فكرة بغيضة


أحياناً
تراودني فكرة
كم أحاول أخفاءها
فكرة بغيضة
ماكرة
هي أنني رجلٌ ميْت
يتذكر أيامهُ الغابرة
دون أن يعرفَ إنْ كانت هذه
ماضيةً
أم حاضرةً
أم آتيةً
وقد تداخلتِ الأيام
فهو الطفلُ في كهولتهِ
والكهلُ في طفولتهِ
والشيخُ في حاضرهِ
ولايدري
إنْ كان الناس يظنونهُ
طفلاً
أم شيخاً
أم كهلاً
يسأل مرآته أحياناً :
كيف يرتّب أيامَهُ
بل كيف يرتّب وجهَهُ
في فوضى هذي الأيام
ذات الأبواب الألف
المشرعةِ على أبوابٍ ألف
المشرعةِ على ..
أبوابٍ
أدخلها
أولها أم آخرها
هذا البابُ المخلوعُ المائل ؟

أبوابٌ
يدخلها رجلٌ ميْت


2006




بيت الشعر



في بيتنا القديم
بيتِ الشعر
مازال الأجداد يغطون في النوم
بينما يتواثب أحفادهم
في الحقول القريبة
لاهين مع الشمس
كنتُ على الشرفة المطلة على النهر
أسمع ضجيجهم وأضحك
غيرَ آبهٍ لشخير الأجداد



2003



رجل



في منتصف الليل
أتطلع من نافذتي ضجراً
وأحدّق في الساحة
ماذا يفعل ذاك الرجل الجالس منحنياً
يتطلع في كفيّه ؟
تُرى ماذا يفعل ؟
هل أبصر في كفيهِ دماً ؟

2006



احتمالات


لم يحدث أن غادرني ظلّي
من بابٍ خلفيّ
أو ودّعني طفلي
عند تخوم الغابة
كي يصطحب النمر

لم يحدث هذا

لم يحدث أن عاد النمر
بثوبٍ أحمر
والظلّ بخفّين قديمين
وطفلي بجناحين
من الغابة
لكنْ
قد يحدث هذا
قد يحدث
قد


1998



اضطراب


منذ يومين
وهو يشجر الهواء كخبّازٍ مشؤوم
ويحدّق مذهولاً في فرنٍ
يتقدّمه مستعراً

منذ يومين
وهو يقطع الهواء كالبحار
ويصطدم بالأشجار كالسفن
ويرنو بعينين تائهتين
إلى الناس
وقد انتشروا كالأسماك


1998




صمتت حورياتك يا أوليس


صمتتْ حوريّاتك يا أوليس
وعاد البحارةُ
إلاّكَ وحيداً
تضربُ في التيهِ
ترى ظلك يمتدّ
وصوتك يرتدّ
وقامتك المحنية في الظلمة
تجلدها الأشباح



2004




فهرست


أسد بابل
ساحة
خريف موشك على الرحيل
ذلك الوحش
مسافة
إشراقة
سريناد أو عزف ليليّ
سنوات
ذكرى بعيدة غامضة (1)
ذكرى بعيدة غامضة (2)
شجرة
نخلة
الحلم
صحبة
القبو
ولائم الحداد
على هامش لزوميات المعرّيّ
صنعاء .. ما أبعد صنعاء !
السائرون
الوحش والحسناء
ظلال
إبحار
الطفل والنجم
تينة البيت
الجسر
أبواب
مرثية سوق في بابل
لعنة
تحذير
لغز
أوديسيوس
الثور السماويّ
صندوق باندورا
دون كيشوت
حياتي
اعتراف
فكرة بغيضة
بيت الشعر
رجل
احتمالات
اضطراب
صمتت حوريّاتك يا أوليس



للشاعر


مجموعات شعرية


1- الحقائب الطبعة الأولى 1975 دار العودة-بيروت
الطبعة الثانية 1976 دار الأديب-بغداد
2- النقر على أبواب الطفولة الطبعة الأولى 1978 مطبعة شفيق-بغداد
3- الشاهدة الطبعة الأولى 1981 دار الفارابي-بيروت
4- وردة البيكاجي الطبعة الأولى 1983 دار العلم –دمشق
5- نزهة الآلام الطبعة الأولى 1991 دار صحارى-دمشق
6- سراباد الطبعة الأولى 1997 دار الكنوز الأدبية –بيروت
7- دقّات لا يبلغها الضوء الطبعة الأولى 1998 دار الكنوز الأدبية-بيروت
8- قفا نبكِ الطبعة الأولى 2002 دار الأهالي-دمشق
الطبعة الثانية 2003 دار الأهالي-دمشق
9- زهيريّات الطبعة الأولى 2005 دار الكندي-الأردن
10- ولائم الحداد الطبعة الأولى 2008 دار النهضة العربية-بيروت
11- الديوان المغربيّ الطبعة الأولى 2009 دار الحرف-المغرب
12- نوافذ (مختارات شعرية) الطبعة الأولى 2009 دار المأمون الثقافية- بغداد
13- الفصول ليست أربعة الطبعة الأولى 2009 اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين- البصرة

مجموعات قصصية ومسرحية

14- المجانين لا يتعبون الطبعة الأولى 2004 دار الكندي-الأردن
15- حكاية جندي مسرحية عُرضت في مسرح (أولد فك) بلندن في مطلع سنة 2006


ترجمات شعرية عن الفرنسية

16- كلمات لجاك بريفير 1981 دار ابن رشد-بيروت
17- أناباز لسان جون بيرس 1987 دار الأهالي-دمشق
18- قصاصات ليانيس ريتسوس 1987 دار بابل-دمشق


ترجمات عن الإنجليزية


19- نكهة الجبل 2005 دائرة الثقافة والإعلام – الشارقة


حوار

20- الشاعر خارج النص: كتاب صدر سنة 2007 عن المطبعة السريعة في المغرب. وهو حوار طويل أجراه معه الشاعر والمترجم المغربي عبدالقادر الجموسي



#عبدالكريم_كاصد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة طائفية
- مقاهٍ لم يرها أحدٌ
- هايكو: جاك كيرواك
- لعبة واحدة، اثنتاعشرة قصيدة، والشاعر العربيّ في المنفى
- من مختارات هارولد بنتر الشعرية
- الشاعر خارج النص: قصائد مختارة
- الشاعر خارج النص:الفصل الخامس
- الشاعر خارج النص: الفصل الرابع
- الشاعر خارج النص: الفصل الثالث
- الشاعر خارج النص: الفصل الثاني
- الشاعر خارج النص: المقدمة والفصل الأوّل
- غابات الماء أم غابات الأخطاء؟
- الأيديولوجيا لا تأسرني - حوار: عدنان البابليي
- ترجمات إليوت إلى اللغة العربية
- ما أوسع المقبرة.. ما أضيق الجبل!
- نوافذ
- مرثية
- أربعون فدّاناً- ديريك والكوت
- هنالك في مالمو
- شهادة أم شهادتان: القسم الثاني


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - ديوان : ولائم الحداد