بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 918 - 2004 / 8 / 7 - 10:31
المحور:
الطب , والعلوم
الشائعات التي دارت وتدور بأن صدام حسين أ ُصيبَ بالتهاب أو سرطان البروستات وضعت هذه الغدة المنسِـيّـة تحت الأضواء، رغم أهميتها وإصابة الملايين من الرجال في العالم بها، والتي يُعتبر سرطانها ثانيَ سرطان في أميركا الشمالية يصيب الرجال بعد سرطان الجلد، وثاني سرطانٍ مميت بعد سرطان الرئة. وإنَّ كثيراً من الرِّجال يصابون بها وهم لا يشعرون إلا بعد فوات الأوان. لذا أحب أنْ أعطيَ فكرة عامة وسريعة عن هذه الغدة الهامة المسؤولة عن التناسل، آملاً أن تكون مفيدة للقارئ العزيز فيأخذ الحذرَ. فما هي هذه الغدة ؟ وما هي وظيفتها الهامة ؟ وخطرها القاتل ؟
الغدّة
تعتبر البروستاتا غدّةَ جهاز التنـاسل في الذكر، وهي تشبه الكستناء أو الجوزة شكلاً وحجماً وتقع مباشرةً تحت المثانة وأمام الشرج محيطةً بالجزء الأول من الإحليل (مجرى البول). أما تركيبها، فيتكون من 30% أنسجة عضلية و 70% أنسجة غدِّية بمنطـقـتين رئيستـين، داخلية ( تفرز سوائلَ لترطيب البطانة الداخلية لمجرى البول ) وخارجية ( تنتج إفرازاتٍ مَـنَويّـة ). السوائل التي تفرزها هذه الغدة ضرورية للحيامن ( خلايا الذكر الجنسية )، فهي ( السوائل ) تغـذّي هذه الحيامن وتنشِّـطها، كما أنَّ الحيامن تمـرّ ُمن خلال قناة البروستاتا إلى مجرى البول، ومن ثَـمَّ تُطرح خارجَ الجسم. وتمـرّ قنوات القذف من الحويصلات ( الأكياس ) المنوية بالبروستاتا لتدخلَ مجرى البول.
تزن البروستاتا بضعة غرامات عند الولادة وتتضاعف عند البلوغ نتيجة الهرمونات الذكرية ( أندروجينات ) وتستمر بالنمو ليصل وزنها 20 غراماً عند سن العشرين وتتضاعف عند سنِّ الخامسة والعشرين مستمرة بالنمو حتى منتصف الأربعين، فيتوقف النمو موقتاً، ويستمر بعدئذ حتى نهاية عمر الإنسان.
عندما يشيخ الإنسان، تتضخَّم البروستاتا، فيكون عرضة لواحدة من عِـلـل ثلاث وربما أكثر من علّـة واحدة وقد لا يكون. وهـُنّ :
فرط الإستنساج البروستاتي الحميد ( كثرة الأنسجة )
Benign Prostate Hyperplasia ( B P H )
يحدث عادة عندما يتجاوز المرء الخمسين عاماً. فقد وُجد أنَّ 40 % من الرِّجال الذين يبلغون سبعين عاما لديهم مثل هذا التضخم.
ورغم أنَّ هذا التضخم لا يسبب أو يؤدي إلى السرطان، إلاّ أنَّ كليهما قد يقع معاً. وإذا تضخمت البروستاتا إلى درجة معينة، تضغط على مجرى البول، فتسبب مشاكل:
ضعف جريان البول أو بطـئه.
صعوبة الشروع في التبول.
الإستيقاظ ليلاً مراتٍ عـدّةً.
توسع المثانة، وقد تكون غير قادرة على طرح كلِّ البول، ولذا يحصل التبول غير الإرادي ( سلس البول ). ولفشل عضلات المثانة يكون انسياب البول مراتٍ عدة في أوقات متفاوتة قصيرة.
وعند اشتداد الحال، تُطرح قطرات من البول فقط مع آلام في البطن، ويكون عدم القدرة على التبول وتلف الكلى. لكنَّ تضخمَ البروستاتا لا يؤثِّـر على الممارسة الجنسية.
قد يعالج هذا التضخم باستعمال بعض العقارات، مثل فينسترايد ( بروسكار )، الذي يثبط الخميرة ( الإنزيم ) التي تحوِّل هرمون التستوستيرون إلى شكله الفعال دايهادروتستوستيرون. ولكن من المستحسن السيطرة عليه بالمراقبة والعمل بـ :
تقليل تناول السوائل، وخصوصاً المشروبات الكحولية والغازية، بضعَ ساعات قبل النوم.
التبول فوراً عند الحاجة، لئلاّ يتصاعد الضغط داخل المثانة، وأخذ وقت كافٍ لإفراغها.
التقليل من الهم والغم والكآبة والنرفزة ( إنْ أمكن وليس بسهل )، لأنَّ الرجال المتهيجين عصبياً يتبولون مرات كثيرة في اليوم.
( أما العلاج بالعملية الجراحية المسماة بـ ( الإستئصال الجزئي للبروستاتا عبر المجرى البولي )
Transurethral Resection of the Prostate ( TURP )
فهي بإدخال عقدة سلك ( واير ) كهربائي داخل القضيب، وبواسطة الكهرباء، يقطع هذا الواير الأنسجة الزائدة من البروستاتا ويقوم في الوقت عينه بلحم الأوعية الدموية فيها، فبذا يُزال القسم المتضخم منها الذي يضغط على مجرى البول مع الإحتفاظ بأنسجة البروستاتا الأخرى والغلاف ( الكبسولة ) سالمة. إنَّ هذه العملية الجراحية قد تؤدي إلى فقدان الوظيفة الجنسية موقتاً.
Prostatitis إلتهاب البروستاتا
يحدث الإلتهاب الحاد نتيجة الإصابة بالجراثيم ويكون مصحوباً عادة بالحمّى والرجفة وألم في الجدار الخلفي للشرج.
أما الإلتهاب المزمن، فيكون نتيجة تكرر الإصابة بالجراثيم متميـِّزاً بآلام في الأعضاء الجنسية وعند التبول.
وهناك الإلتهاب غير الجرثومي الذي لا يُـعرف سببه.
يحدث الإلتهاب عادة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 سنة، ويكون عادة بواسطة جراثيم تنتشر في مجرى البول، وقد يكون الإتصال الجنسي سبباً
وتعالج الإلتهابات بالمواد مضادة الحياة.
سرطان البروستاتا
هو الورم في المنطقة الخارجية للبروستاتا، ويُـعتبر السرطان الثاني بعد سرطان الجلد في أمريكا الشمالية، والسرطان الثاني القاتل بعد سرطان الرئة في الرجال. يكون في الشيخوخة عادة ويندر حدوثه عند من هم تحت سن الخمسين، إذ غالباً ما يكون بعد سنّ الخامسة والستين. تلعب الوراثة دوراً كبيراً فيه، وكذلك العِرق والغذاء والبيئة. فمثلاً تكون الإصابة في أمريكا الشمالية وشمالي غرب أوروبا أكثر منها في أفريقيا أو أمريكا اللاتينية. كما أنَّ شيوعَه في الأمريكيين السود ضعفُ ما هو عليه لدي الأمريكيين البيض. أما الغذاء، فله دور هام، إذ كثرة تناول الأطعمة الدسمة، وخصوصاً مشتقات الحليب واللحوم الحمر، تزيد من الإصابة. أما الفواكه والخضر، وخصوصاً الطماطة، وهي غنية بمادة لايكوبين التي تعمل ضد التأكسد، فتقلل من الإصابة كثيراً. والتمارين الرياضية البدنية المنتظمة لها الفعل الموثر في منع وقوعه.
التشخيص
1. الفحص عن طريق الشرج، وذلك بإدخال إصبع مُـغلَّف مُـزيَّت في مُـؤخّرة الشخص وتحسّس التضخم.
2. تحليل الدم وقياس مادة البروتين الخاصة التي تنتجها البروستاتا والتي تدعى بـ
Prostate – Specific Antigen ( PSA )
إذ أنَّ ثمة حداً معيناً للسلامة وهو ألاّ يتجاوز 4 نانوغرام في مليلتر دم ( نانوغرام يعادل واحد من البليون من الغرام ( 1/ 1000000000 ). تتفاوت كمية البروتين هذه تبعاً للعمر، فخمسة نانوغرام في دم من يكون في الثمانين فقد لا تدق ناقوس الخطر بقدر ما تستدعي هذه الكمية الحذر والإختبار الفوري لمن هو في الأربعين.
وتعتبر الكمية التي تزيد على 10 نغ / مل مؤشراً للإصابة بالسرطان، ففي هذه الحال تُـؤخذ عينة من البروستاتا لفحصها مختبرياً.
عندما يكون الورم صغيراً، ينحصر في البروستاتا فقط، فلا تكون ثمه علامات خطيرة ظاهرة. ولكن العلامات تظهر عندما يكبر الورم وينتشر خارج البروستاتا. ففي يداية الأمر يصيب الأعضاء المجاورة ( المثانة، المجرى البولي، الحويصلات المنوية ... )، ويستمر الإنتشار بعدئذ إلى الأعضاء النائية، وأبرزها العظام.
تتضمن العلامات دماً في البول، ألماً في التبول، تكرار التبول مرات عدة مع آلام عند التبول وصعوبة، عدم القدرة على الإنتصاب أو إدامته، ألماً في الحوض وأسفل الظهر وأعالي الفخذ. وقد يكون انسداد تام في مجرى البول والحالبين، وفي هذه المرحلة يكون فوات الأوان حقيقة محزنـة.
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟