حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 18:21
المحور:
الادب والفن
24
اعذريني يا ريتا ، على أنني أشعر بالكثير من الألم والغصة على وطن تحول إلى مومس تفتح فخذيها لكل سخي ، على وطن تحول إلى مفردة لا تشبه ذاتها ولا توغل بعيداً في المعنى . على وطن تحول إلى غابة من الوحوش والمهاترات الكلامية التي تضيق الخناق على الحالمين بإنسانية تشعر بأحاسيسها، على وطن يستلب منك ما تبقى من جماليات الانتماء والهوية ومزق علم استشهد في سبيل رفعه على أعمدة الكهرباء ، في الانتفاضة الأولى ، العشرات من الأطفال . على وطن لم يبق منه سوى الأحقاد والحسرة على سنوات مضت من النضال أضعناها في لحظة طيش أو غضب. على وطن هو منا ونحن منه مهما اشتدت بنا الأهوال وعصفت العواصف ، وتحولنا إلى أشلاء تقذفنا الأمواج على الشاطئ كي لا نبتعد عن ثراه .
اعذريني يا ريتا ، لأنني أقول هذا . لقد خذلني الفرح وليس بمقدوري التصالح مع الواقع في ظل تصاعد الخوف وعبادة التماثيل الصامتة التي لا تقوى على النفع !
اعذريني ، لقد امتحنت صبري وعلقت آمالي على ذرات تراب بعثرتها الرياح في ليلة مظلمة فتحولت معها إلى غبار لا يستطيع التماسك أمام الدرس المقبل !
اعذريني واعذري الكثيرين أمثالي ، لأننا تعبنا من الانتظار والمراقبة والخوف من قول الحقيقة ، لأن " قلوبنا لا تعرف التواطؤ . عندما تتعب تصمت وتنسحب " ! نعم ، ننسحب ونحمل معنا أشياءنا الصغيرة الجميلة حتى نتمكن من مواجهة الحقيقة ، حقيقة أن الوطن يسكننا وحبنا للمكان الأول لا يعوضه مكان ، لا نأخذ معنا سوى الذكريات التي تزيد عذاباتنا ، أحياناً وتعوضنا عما فقدناه أحايين كثيرة .
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟