أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نجم خطاوي - الشعب والفرج














المزيد.....

الشعب والفرج


نجم خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 15:42
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


موقع حارتنا يبعد قليلا عن موقع جامع المدينة الكبير, غير أن منارة الجامع الشاهقة, وسماعاته الكبيرة المنتصبة عند نهايات المئذنة, كانت كافية لإيصال أصوات المؤذنين وقراء الدعاء والحديث.
وتعودنا نحن الأطفال على سماع هذه الأدعية والصلوات,وكانت مواعيدها تذكرنا في وقت المساء, بضرورة الذهاب للبيوت, بعد ساعات اللعب واللهو الطويلة, في دروب الحارة وأزقتها, وعند الظهيرة, بانتهاء دوام مدارسنا الصباحي, وبداية وقت دوام بعد الظهر, كما تذكر أهالينا بمواعيد الصلاة.
وبحكم تكرار استماعنا ,صرنا نحفظ تفاصيل الأذان والأدعية, ونتذكر مواعيدها.
في مساء صيفي,وكنت يومها لم أبلغ العاشرة,هزت سمعي ولأول مرة, كلمات استغاثة,حملتها الريح من مئذنة جامع مدينتنا الكبير ....
يا صاحب الفرج
يا عالي بلا درج
عبدك في شدة
يطلب منك الفرج
ولم تكن هذه الكلمات تشبه الآذان, ولا الأدعية والأحاديث,في نبرة حزن كثيفة, غطت كلمات الألم واللوعة مداخلها ومخارجها,وتعمد القارئ قولها وتكرارها في أوقات متقاربة,أثارت استغرابنا ودهشتنا نحن أطفال الحارة.
هرعت لأمي مستبينا سر كلمات تلك الاستغاثة والدعاء المبهمة,وما كان منها سوى أن احتضنتني مخففة من دهشتي وحيرتي :
- هذه يا ولدي كلمات استغاثة ودعاء ,ترجو الرب مساعدة امرأة من أهل المدينة , تمر ولادتها في حالة عسر وتسبب لها الألم ......
ولم أتماك يومها نفسي وقد أخافني تفاصيل المشهد وقوة المفاجأة, سوى أن أردد في داخلي كلمات الاستغاثة, راجيا لتلك المرأة, ابنة مدينتي, والتي لا اعرف بالتحديد من هي ؟, ووسط أي حارة تتعذب ؟ , أن تمر ولادتها في يسر, وأن ترزق بالمولود الذي تنتظر.

ليلة البارحة تحدثت مع أمي عبر التلفون, وهي تأن وتتوجع ألما طريحة الفراش, مستفسرا عن حالها وحال الدنيا, وأخبار الأهل والوطن. وحين عبرت لها عن حزني وألمي بالذي يشهده الوضع في بلدنا من عراك على الكراسي والمغانم, ورغم البحار والجبال والبلدان التي تبعدني عنها, فقد وصلتني كلماتها بسيطة وواضحة...

- كل شدة وتفرج يا ولدي ......
لا أدري لماذا أعادتني كلماتها صوب أزمنة الطفولة وشوارعها, وبعد أكثر من أربعين عاما, متذكرا كلمات تلك الاستغاثة ومعاني الألم, التي بقيت عالقة كالنقش في ذاكرتي.
ربما سيستدرك سريعا أهل السياسة في العراق, وقبل فوات الأوان, إلى أن مصلحة الوطن والشعب هي أولا, وبعدها تأتي المصالح والكراسي وأثمان النصر....
وربما لم يبق لنا الكثير من الكلام سوى أن نهمس في أذان أهل الجاه والسلطة والسياسة :
- انتبهوا أيها السادة لضمائركم ولمصائر الأوطان, ومع قليلا من التنازل والتواضع والحكمة, وتذكروا, إذ ربما لن يكون غريبا لو عادت كلمات تلك الاستغاثة والألم ثانية لتدوي في سماء مدننا وقرانا....

يا صاحب الفرج
يا عالي بلا درج
الشعب في شدة
يطلب منك الفرج

وتكونوا أنتم ساعتها, لا غيركم, من سبب الشدة والألم لهذا الشعب, في إصراركم على استمرار عسر ولادة حكومة وطنية تحمي الوطن والمواطن.



#نجم_خطاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمساومة
- تلاميذ سويديون صغار وقصائد كبيرة
- أربع قصائد خائفة
- 63 الرقم الذي لم تنسه ذاكرة العراقيين ,363 الرقم الذي سيصوت ...
- الصبي الوديع
- صوتي للحرية والعدالة الأجتماعية .. صوتي لأحبتي في الحزب الشي ...
- السياب يتجول في ستوكهولم/خواطر عن الشاعر السويدي نيلس فرلين ...
- نصوص تبغي الحكمة
- أصدقاء كالورود
- زهير عمران شهيد السماوة والكوت
- عشر خطوات موجعة
- اغتيال كامل شياع اغتيال لتاريخ البلدة ولمبادئها
- هو وهي
- مدينة بلا لون
- في براعة العيش ....مجموعة شعرية للشاعر السويدي بيرتيل مارتين ...
- نصير أحمد الصباغ(شهيد قنديل)لا زلت حيا في الذاكرة
- نعمة الشيخ فاضل(أبو سليم) لا زلت حاضرا
- دهشة ريح
- كلمات في وداع الطيب أبو كاطع عجلان عداي(أبو علي)
- هاشم جلاب ... ذاكرة حية وتاريخ ناصع


المزيد.....




- ترامب يكشف إن كان يستحدث مع إيلون ماسك بعد تفجر خلافاتهما
- جدل كبير في سوريا بسبب سجادة الشرع خلال صلاة العيد.. ما القص ...
- بعد سنوات من الانتظار.. ديفيد بيكهام على مشارف نيل لقب -فارس ...
- نتنياهو يقرّ بتسليح جماعات معارضة لحماس اتُّهمت بنهب المساعد ...
- مسيرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية على منزل في كفركلا في جنوب ...
- روسيا ووكالة الطاقة الذرية يعقدان اجتماعا طارئا حول سلامة مح ...
- لقطات من RT تفضح جرائم نظام كييف بحضور مصر ودول أوروبية
- الشرع يزور درعا وسط استقبال شعبي ورسمي واستنفار أمني (صور + ...
- سيناتور روسي يقدم عرضا لماسك على غرار ما حدث مع سنودن
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إعادة تشغيل محطة زابوروجيه ال ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نجم خطاوي - الشعب والفرج