طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 3010 - 2010 / 5 / 20 - 22:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مرة جديدة يتم اعتقال حسن الترابي، مضيفاً بذلك إلى سجلِّه رقماً آخر في عدد مرات الاعتقالات، وذلك منذ أن انفض التحالف ما بينه وبين الرئيس عمر حسن البشير منذ أواخر عام 1999 ، فأصبح منذ ذلك الوقت المعارض الأبرز على الساحة السودانية، وقد أخذ على عاتقه أن يثير باستمرار مشاكل الفساد في البلاد، ويعلق على ضيق الحيز الديمقراطي السياسي على أرض الواقع.
إلا أن السبب الرئيس لاعتقال الترابي مايزال غير معروف على وجه الدقة، فتارة يُقال أن تصريحاته الخاصة بمشكلة دارفور هي السبب، حيث أنه قد حمَّل الحكومة سبب ما يحدث هنالك ، وتارة أخرى أن تأييده المحاكمة الدولية للرئيس البشير هو السبب، إلا أن ما صرحت به عائلة الترابي في إحدى المقابلات يظل السبب الأوجه، ألا وهو اتهامه للسلطات الرسمية بتزوير الانتخابات المنعقدة مؤخراً، والتي فاز فيها الرئيس بنسبة 68%.
وهنا لا يمكننا التغاضي عما قيل بأنه من المحتمل إلى جانب ما سبق ذكره أن تكون الحكومة قد رأت باعتقالها للترابي حلاً لتحويل الأنظار عن إخفاقها في حل مشكلة دافور التي أصبحت مشكلة دولية لا محلية.
هذا وإن العديد من المحللين والسياسيين يرون أن مدة الاعتقال هذه المرة لن تطول، إذ أنه قد غدا الرقم الصعب في الواقع السياسي، حيث أنه من المستحيل تجاوزه، أو الضغط عليه بالوسائل المعهودة، فالترابي ليس مجرد معارض سياسي، وإنما هو كاتب، ومفكر، وسياسي حاذق الذكاء لا يشق له غبار، ولعل هذه المحصلة من الصفات هي التي حدت بالبعض أن يقول أنها قد شكلت ذريعة قوية للرئيس البشير كي ينهي صداقته مع الترابي، وهو الذي كان في وقت من الأوقات منافساً صريحاً له بعدما رأى شخصه يتمدد على مساحة عريضة من الجماهير، ففضل أن يتخذ منه مكان العدو بدلاً من مكان الصديق.
وبذلك تظل الديمقراطية حائرة في السودان تبحث عن ذاتها، تبحث عن الحقيقة وقد أصبح المعارض الأول رهن الاعتقال، فمن تراه يقدر بعد ذلك على البوح بآرائه؟ ومن تراه يقوى على قول ما لا ترغب الحكومة السودانية بسماعه؟ ومن تراه يستطيع أن يقول بأن الديمقراطية في الخرطوم هي الديمقراطية الكاملة المنشودة لأي شعبٍ من الشعوب على وجه الكرة الأرضية؟
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟