أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صباح ابراهيم - من ذكريات الماضي .... الهروب من بغداد














المزيد.....

من ذكريات الماضي .... الهروب من بغداد


صباح ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 18:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



الجزء الثاني
نمنا تلك الليلة بصعوبة بالغة رغم التعب والارهاق وحراجة المواقف ، واستيقضنا في الصباح الباكر نتهامس انا وزوجتي عن مصيرنا في الايام القادمة وسبب عدم وصول اهلها الى الدار المتفق عليها في هذه المدينة ، واضيف الى قلقنا قلق جديد وهو مصير اهل زوجتي في الطريق من بغداد الى الموصل ومنها الى مدينة تلكيف النائية ولربما قد تعرضوا الى مصاعب في الطريق .
في الصباح ، جاءت سيدة من اهل تلك المدينة ومن اقرباء العائلة التي استضافتنا ، وبعد التعارف والحديث عن قصة عديلي ، وان له سيدة من اقرباءه تسكن هنا ، ولانعرف مسكنها ، قالت انها مستعدة لايصالنا الى بيت تلك السيدة لانها تعرفها جيدا.

ذهبنا عند تلك السيدة التي تربطها صلة قرابة مع عديلي، واذ بنا نرى ان عديلي واهل زوجتي قد باتوا ليلتهم عندهم . وعلمنا انهم قد ابدلوا رايهم بمكان المبيت والاقامة لان البيت هنا كبير وصاحبة الدار تعيش مع زوجها فقط .
فقررنا الاقامة معهم في ذلك البيت بناء على طلب عديلي.
بعد يومين وصلت عائلتان من البصرة لهما صداقة قديمة مع سيدة الدارونزلتا فيه طلبا للجوء المؤقت وهربا من القصف. وصار في البيت اربع عوائل بالاضافة لصاحبة الدار. وهنا بدات المشاكل تزداد. فخلال سبعة ايام من مكوثنا هناك، نفذ كل شئ لدينا، الماء، الغذاء ، الوقود للطبخ والانارة، ومع توفر النقود لدينا ، الا اننا لم نستطع شراء احتياجاتنا لان الاسواق والمحلات كلها مغلقة ، ولم نعثر الا على قليل من التمر والبطاطا. ساءت الاحوال كثيرا، ظهر التذمر على وجه صاحبة الدارمن كثرة الضيوف الغير متوقع استضافتهم لديها. ولنفاذ مخزون البيت من الماء الضروري لكل شئ .
واخيرا قررنا العودة الى دارنا في بغداد بعدما اصبحت الضروف سيئة جدا في ذلك الدار ، فقد تركنا ثلاجاتنا ومجمداتنا مليئة بأنواع الطعام والدجاج المجمد والسمك والخضروات وخزنا من الرز والبقوليات والطحين والزيت ما يكفينا لاسابيع، تحسبا لضروف الحرب . فالمعانات في دارنا وبين اهلنا افضل من المعاناة من الجوع والعطش والوجوه الثقيلة في الغربة . لهذا قررنا العودة الى ديارنا في بغداد .
كنا بحاجة الى تزويد السيارة بالبنزين لطريق العودة . علمنا بوجود احدى محطات تعبئة الوقود مفتوحة لبيع البنزين . انطلقت مسرعا اليها، ورصفت السيارة في طابور طويل بانتظار ان اصل الى مضخة التعبئة، وبعد معاناة من الانتظار الطويل ودفع السيارة باليد بدل التشغيل والاطفاء المتكرر لتوفير كمية من البنزين بسبب طول الطابوروالانتظار الطويل. وصلتُ اخير قرب مضخة الوقود ، واذ بمدير محطة الوقود يامر العمال بايقاف البيع وعدم تزويد السيارات بالبنزين ، لانه استلم برقية من السلطات المحلية بتوفير ما تبقى من البنزين لسيارت الدولة والحزب فقط.
وهنا اسودت الدنيا في عيني ، فما العمل ؟
تذكرت ان اخي وزوجته مع والدتي اخبرونا انهم سيتوجهون الى مدينة الحمدانية في الموصل ايضا اذا ما نشبت الحرب. فقررت الذهاب الى الحمدانية لاطمأن على والدتي واخي وعائلته ونحن في طريق العودة عسى ان نجد هناك محطة بنزين مفتوحة لتزويد السيارة بالوقود لطريق العودة .
وصلنا مدينة الحمدانية، وبعد البحث عن الدار عثرنا عليه ، وحمدنا الله على سلامة الجميع . وبعد استراحة قصيرة ، قررنا السفر الى بغداد، ولحسن الصدف ، وجدت ان اخي قد اختفظ ب 25 لترا من البنزين في وعاء بلاستك ، فأخذته منه وملأتُ السيارة به وودعتهم وانطلفنا الى بغداد.
في الطريق وقبل الوصول الى مدينة كركوك ، فرقع احد اطارات السيارة ، فابدلته بالاطار الاحتياط . ولكن الطريق الى بغداد لازال طويلا ولابد من اصلاح الاطار ونفخه بالهواء لاحتمال حدوث عطل آخر خلال الطريق ، وليس في السيارة اطار احتياط صالح . المشكلة ان محلات تصليح الاطارات قد اغلقت ابوابها لعدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل معدات الاصلاح وضغط الهواء في العجلات .
بحثت طويلا عن محل فاتح ويعمل حتى عثرت بعد جهد كبير وياس عميق على محل تصليح العجلات لديه مصباح مضاء فعرفنا ان الكهرباء متوفرة لديه.
بعد اصلاح الاطار بأضعاف السعر الاعتيادي ، واصلنا مسيرتنا الى بغداد.
وصلناها مساء، فوجدنا ان الكهرباء لم تعد الى اجهزة المنزل منذ ان غادرنا الدار قبل اسبوع ، وكانت الاطعمة المليئة بالمجمدة والثلاجة قد فسدت ، فملئنا اكياس القمامة بعشرة دجاجات وثلاث سمكات كبيرة الحجم كان قد ذاب جليدها لتوقف اجهزة التبريد عن العمل . فكانت طعاما رائعا لقطط وكلاب الشوارع ، تشاركوا في اشباع بطونهم منها بدلا منا .
وبقينا على هذه الحال لاشهر عديدة قبل ان تضيئ المصابيح بالقوة الكهربائية ثانية لساعتين باليوم وتعود لسباتها المعتاد . اما طبخ الطعام وعمل الخبز فكان على المدافئ النفطية .
هذا نموذج من معاناة شعب العراق صاحب ثان اكبراحتياطي لمخزون النفط في العالم ، لو وزعت عائدات الثروة النفطية على الشعب لاصبح اغنى شعوب الارض، و نتيجة تهور حكامه وسياستهم الرعناء اصبحوا من افقر الشعوب واكثرهم ظلما .
وهكذا تم تدمير البنية التحتية لكل مرافق الدولة ، ولازال شعب العراق لغاية اليوم يعاني من انقطاع التيار الكهربائي ، بسبب عدم جدية الحكومات المتعاقبة على الاهتمام بعلاج المشكلة جذريا .
نكتب هذه الذكريات لاجيالنا الجديدة لتعرف تاريخ بلادها وما جرته رعونة الحكام ودكتاتوريتهم عليه .



#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكريات الماضي .... ايفادي الى ارض الموت
- من ذكريات الماضي ..... مقتل نوري السعيد
- من ذكريات الماضي ..... في قاطع الجيش الشعبي
- من ذكريات الماضي ... في البصرة
- الخلايا الجذعية
- ايران هي التي تشكل الحكومة العراقية
- الاخطاء النحوية في القرآن
- غرورالعقل البدوي السلفي
- هل يسكن روح الله في السماء فقط ؟
- الحالة النفسية وأثرها على صحة الانسان
- من يقتل ويضطهد مسيحيي العراق
- حروب الردة في الاسلام
- الكيل بمكيالين ... مروة الشربيني ومذبحة نجع حمادي
- العناصر المشتركة بين المسيحية والاسلام - الجزء الثاني
- العناصر المشتركة بين المسيحية والاسلام
- الاسلام دين مميز
- طالب دكتوراه سعودي يقتل المشرف على أطروحته
- يوسف القرضاوي وكراهيته لشجرة الكريسماس
- حلال على المسلمين وحرام على غيرهم
- حقيقة الادعاء بتحريف الكتاب المقدس


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صباح ابراهيم - من ذكريات الماضي .... الهروب من بغداد