أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ذياب فهد الطائي - نقد فلسفي















المزيد.....


نقد فلسفي


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 14:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


سلافوج زيزك ... هل يمثل اليسارالماركسي الجديد حقا ؟
ذياب فهد الطائي
بدءا لابد من القول ان تتبع المفكر والفيلسوف زيزك ليس امرا هينا ، فالرجل كتلة من النشاط والحيوية ويمثل نموذجا متميزا في اسلوبة وطريقة حديثة وتنوع معارفه ، وخلال الأربعين سنة المنصرمة اصدر عشرات الكتب في مناح متنوعة ، السياسة ، علم النفس ، الفلسفة ، الدين ، النقد الثقافي ، البحوث الإعلامية والتحليل السينمائي وأنجز مئات المقابلات التلفزيونية والإذاعية ونشر مئات المقالات
وحاضر في جامعات اوربا المختلفة وإستطاع ان يحظى بشعبية طاغية في صفوف طلابها واصبح الشخصية المفضلة لأعداد متزايدة من المثقفين مما دفع بمجلة فورين بوليسي الامريكية الى إختياره ضمن المئة شخصية الأكثر تأثيرا في العالم
من هنا قمت بمشاهدة خمسين شريط فيديو لمحاضراته ومناقشاته الفكرية التي تتسم بالقوة والصرامة وكذلك التطرف ، كما راجعت كما كبيرا من كتاباته وكثيرا عما كتب عنه
من هو سلافوج زيزك
ولد زيزك في 21- 03 – 1949 في مدينة ليوبليانا بجمهورية سلوفينيا التي كانت واحدة من جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي ، كان والده يعمل في المجال الأقتصادي اما والدته فقد كانت موظفة حسابات في مؤسسة حكومية
حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليوبليانا وعلى الدكتوراه بعلم الإجتماع من جامعة باريس، ويعمل في معهد علم الإجتماع بوظيفة كبير الباحثين ، واستاذا في جامعة ليوبليانا واستاذا زائرا في جامعة كولومبيا وجامعة برينستون وجامعة مشيكان والمدرسة العليا للبحوث الإجتماعية في نيويورك وجامعة باريس الثامنة (قسم التحليل النفسي )وجامعة جورج تاون في واشنطن وهو كذلك عضو الهيئة التدريسية في كلية الدراسات العليا الأوربية
ترك زيزك الحزب الشيوعي عام 1988 وبدأ يقدم نفسه كأحد ناشطي اليسار الجديد الذي يعمل على تبني منطلقات فكرية تحاول تجديد الفكر الماركسي
مرتكزات فكر زيزك
يشتغل زيزك في بناء افكاره وطروحاته على ثلاث مرتكزات هي :
أولا- الإقتصاد الماركسي ،على أساس إن العامل الإقتصادي هو العامل الحاسم في التحولات الإجتماعية ولكنه يؤكد انه ليس العامل الوحيد ، إن ما يميز طريق زيزك أنه ذهب وراء ألتوسير ومدرسة فارنكفورت حيث أبعد ما سماه ماركس بالوعي الزائف في كتابه (الآيدلوجيا الألمانية) والتأكيد على ان الأفكار والثقافة (اي البناء الفوقي ) عوامل مؤثرة في التحول الأجتماعي عموما، فهو يرى (مثلا ) إن التحول من النظام الإقطاعي كان تحولا في الفكر وفي إسلوب الحياة ، حيث اصبح العمل قيمة اجتماعية ،وبدلا من النظرة الدونية (للعمل ) التي ترتبط في النظام الإقطاعي اصبحت في النظام الجديد تحظى بمباركة دينية
إن عدم قناعة زيزك بمفهوم الوعي الآيدلوجي الزائف دفعه الى تبني نظرية التوسير بأن ليس هناك وعي زائف ووعي حقيقي،ذلك لأن الوعي يكتنفه الغموض،ويرى زيزك إن أعمق دوافع الذات تكمن في اللاوعي (هناك ثلاث مراحل للاوعي هي ،الواقعي ، المتخيل ، الرمز ) وان الآيدلوجيا هي تأويل للواقع وقراءة له من هنا تختلف نتائج القراءات فقد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة بناء على معايير الفهم والادراك ولكن لابد من الوقوف عند هذه النقطة الهامة في الفكر الفلسفي ، فكيف يمكن ان ندعي ان ايدلوجية ما او وعيا ما يتطابق مع الواقعي او يحيط به ؟
ومن جهة ثانية فالآيدلوجيا ليست وعيا خالصا وانما هي ايضا ممارسة يومية ،يكتب زيزك في صحيفة رأسمالية ،ويظهر على شاشة تلفزيون تملكه واحدة من الشركات الرأسمالية الكبرى ، ويتناول افطاره في مكدونالد ويستقل طائرة الخطوط الجوية الامريكية ليلحق بموعد محاضرة في مشيكان ، وافكار زيزك تسوّقها مراكز رأسمالية لأنتاج الثقافة وفق مقاسات محسوبة لأنتاج افكار ثورية مسيطر عليها
واذا كان الفكر الإقتصادي الماركسي يقوم اساسا على التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في احداث التحولات الاجتماعية والسياسية فضلا عن ان القوة المحركة لإسقاط الرأسمالية في الفكر الماركسي هي الطبقة العاملة ،(صراع الطبقات ) فماذا يقول زيزك بالمقابل ؟
يفسر زيزك (الصراع الطبقي) على اساس ذاتي و ليس موضوعي. فهو يقول بان وضع الطبقة الاجتماعية لايتحدد فقط بالاقتصاد وبعلاقات الانتاج كما في الماركسية التقليدية. إن الطبقة الاجتماعية تصبح على مدى التاريخ حاملة لهوية ذاتية تميزها و تحدد خياراتها. وبذلك تكتسب استقلالية عن الشرط الاقتصادي ،ويصبح لها وعي خاص بها. ولكن علينا ان نتذكر ان هذا الوعي ليس فكر موحد و منسجم. فهو يعاني من التناقضات و الانفصام ايضا.
يرى زيزك بان فكرة ( التقسيم الطبقي) هي فكرة ساذجة ولاتنطبق على الواقع المعقد للمكونات الاجتماعية. الواقع الاجتماعي أكثر تعقيدا وتشابكا من النموذج الاختزالي للطبقات. مثلا الطبقة العمالية في البلدان الراسمالية جرى دمجها بالطبقات الوسطى عن طريق عدة اجراءات اقتصادية مثل تشجيع النزعة الاستهلاكية و اشراكهم في تقاسم نسبة من الارباح و تمليكهم نسبة من الاسهم في السوق. لقد انفصلت الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية عن فكرة النضال الثوري من خلال تغييرين رئيسيين، الاول هو حصر مطالب تلك الطبقة بمصالحها المباشرة فقط الثاني تركيزها على الاصلاحات المتمثلة في الزيادات الدورية للرواتب او تخفيض الضرائب او تقليل ساعات العمل اليومي.
يؤكد زيزك على ان الحل لإزمة البلدان الراسمالية هو تسيس الاقتصاد وسيطرة الدولة على العملية الاقتصادية، دون الإشارة الى بنية النظام السياسي .
يقول زيزك في مقال طويل له منشور على موقع (لندن ريفيو بوك ) مايلي:
1/1 – ان نهاية النظام الرأسمالي العالمي لايعرفها الا الله
2/1 – ان النضال ضد الرأسمالية يجب ان يتم عبر الممارسات اليومية كالتظاهر والعمل على تعميق مفهوم يوتوبيا العدالة والديمقراطية والتسامح ليلتزم بها كل الناس
و يذكر في مقالته المعنونة (المقاومة .... إستسلام ) وهو يتحدث مشيدا بالمظاهرات التي جرت في لندن عند زيارة بوش الإبن ،أنه كان على العراقيين ان يفعلوا نفس الشيء للإطاحة بالنظام السابق!!!!!
3/1 – ان وجود شافيز في فنزويلا هو عامل مساعد في اشعار الرأسمالية بالخوف من عدو دائم ، هذا رغم انه يقول عن شافيز (انه شعبوي وديماغوجي ولا يقوم بأي شيء لفائدة الاقتصاد مع الاعتراف بميوله الاستبدادية )
4/ 1 – العمل على تعبئة شعبية لتمارس الضغط والعنف بهدف إخافة الرأسمالية ، وهنا يخرج حتى ان يكون ماركسيا بالمفهوم العام ليتحول الى داعية تحريضي دونما منهج واضح ويمارس دور المصاب بمرض الطفولة اليساري كما تكلم عنه لينين بكتابه بذات الاسم
5/1- في مقابلة أجرتها مجلة "ليبراسيون " مع مجموعة من المفكرين منهم "مارسيل غوشيه" قال زيزك: لست أبله ، ولا أحلم بحزب شيوعي
6/1 - وفي كتابه الصادر عام 2002 بعنوان (هل لفظ احدكم كلمة : التوتاليرية ) يقول :لقد انتصر النظام الديمقراطي الليبرالي على النظام النازي اولا ثم الشيوعي الذي فقد مصداقيته.

ثانيا- جدلية هيغل معتبرا أن الأفكار البروتستانتية هي النقيض للنظام الإقطاعي وأن الرأسمالية هي نقض النقيض، وزيزك وهو يأخذ ديالكتيك هيغل يتجاوز مثاليته(في بداياته التنظيرية ) الى مادية ماركس، كما انه يرى ان التناقض هو الطريقة الوحيدة لأحتضان واقع اكثر شمولية مع التأكيد ان الاحاطة الكاملة من قبل الوعي بالواقع مستحيلة
يكشف زيزك التناقض بين المثالية والمادية في مواجهة فلسفية في كتابه المعنون (المنظور والمتوازي ) فيذكر ان المثالية تحاول ان تطرح نفسها كفلسفة شمولية لا زمانية تقبض على الحقيقة المطلقة بدون الالتفات الى التاريخ واشتراطاته بينما ترى المادية ان كل حقيقة لايمكن ان تكون كلية فهي محكومة باشتراطات التاريخ والواقع، ومن هنا يقع زيزك وهو يمضي من التحليل الى الاستنتاج ، بتناقضات في مفراداته الاصطلاحية ويطرح ماسماه ( المادية الدينية ) ويمكن القول بناء على جملة من الملاحظات ان زيزك لايملك القدرة على التأسيس لنظرية فلسفية خاصة كما انه كثيرا ما يأخذ عن فوكو ودريدا وبات، دون ان يشير اليهم معتبرا تلك الافكار من عندياته


ثالثا- دراسات جان لوكان (1901-1949 ) في علم النفس والتي تعتمد اساسا على نظريات سيجموند فرويد، ويمكن القول إن زيزك يسقط النموذج النفسي اللاكاني على مجمل دراساته في علم الإجتماع السياسي والثقافي ، وفي هذا المجال من التحليل يبدو زيزك اكثر تماسكا وقوة
يقول زيزك : اسعى دائما لإستخدام( لاكان) كأداة معرفية متقدمة لإعادة المثالية الالمانية الى ارض الواقع
ومن المعروف ان جان لاكان يرى ان (الذات ) تستند في نشاطها الى اللاوعي حيث تتجذر أعمق دوافعها (وهنا يبدأ التناقض مع الماركسية ) ، واللاوعي تحدد فضاءه كل من
1/3- الحقيقي
من وجهة نظر زيزك فان الحقيقي هو شيء يمكن فهمه بعدة طرق و ذلك اعتمادا على الطريقة التي ننظر بها اليه ، إنه الحركة من إحدى النقاط الى الأخرى فالذات مثلا هي كائن اخلاقي من زاوية وهي حتمية بايلوجية من زاوية اخرى ، كما انه لاوجود للحقيقي المنفصل عن النظام الثقافي
والحقيقي، هو ليس فقط عكس المتخيل ولكنه لايمكن احتوائه باللغة لأنه دائم الحضور ولا يخضع للغة تنوب عنه وهو ما ان يدخل في اللغة حتى يكتسب دلالات يعطيها الانسان له من خلال الثقافة وبذلك يخسر واقيعته
وهنا يبتعد زيزك منجرا وراء لاكان ، عن الفهم الماركسي للواقع لأنه ببساطة يستنتج ان الواقع لايمكن ان تفسره نظرية او تحليل نظري عام وان النظرية الماركسية لم تعد تنطبق على المرحلة المعاصرة التي تشهدها المجتمعات التي تعيش عصر العولمة وما بعد الحداثة فهي مرحلة غير مسبوقة من الانعكاس الذاتي تزعزع مفهوم الواقع بالنسبة للايدلوجيا وعليه فانه لايمكن ان يتطابق ما تطرحه الايدلوجيات على الذات الخاضعة للواقع المعاش ودلالاته ومعانيه مع الواقع الحقيقي وان نقاط اللاتطابق هذه يمكن ان تشكل نقاط زعزعة للبناء الايدلوجي تتيح امكانية بروز معارضة سياسية فاعلة
انه هنا ينزع عن الماركسية قدرتها على التصور الشامل لبناء نظري يستوعب الاحاطة بالواقع وبالتالي تحديد مسارات الحل الذي تبشر به ذلك لأنه يعتقد ان هناك فجوة تظل دائما ماثلة في أي بناء نظري بحكم كون هذا البناء ليس الا وصفا مختزلا للواقع المادي في حين ان تجربة الذات الوجودية في الواقع تمثل حقيقة الحياة الانسانية و مجالا حيويا يتوجب على الانتنولوجيا ان تشتغل على التنظير له .
2/3 – الرمز
يفسر لاكان الرمز بانه تلك الظواهر التي يتناولها التحليل النفسي باعتبارها ابنية لغوية وهنا يبتعد لاكان عن فرويد ،لقد ركز فرويد على الصلة بين الرمز ودلالته ولكن زيزك ركز على بناء النسق الرمزي ولهذا فالصلة عنده اوسع فهي تأتي عن طريق التشبيه او المماثلة وهي مشبعة بالعنصر الخيالي
من هنا يستنتج زيزك ان الرمز لايربط بين المفاهيم الا من خلال المقارنة عبر اللغة ذلك لأن اللاوعي لايتحقق الا بواسطة اللغة التي هي مفتاح الظاهرة اللاشعورية
هنا يبتعد زيزك عن الماركسية ولكن بقوة هذه المرة فماركس يرى في الأشكال الظاهرة صورة للواقع والتحليل يجب ان يركز على الرمز كما ان ماركس يتجاوز الشكل الخارجي للظاهرة للبحث في المضمون بهدف العثور على نموذج عام يشكل بنية تكررنفسها تاريخيا، والتطور او التغيير الذي يحصل عبر التاريخ يقوم على الجدل من خلال التناقض للتحول الى بنى اقتصادية او اجتماعية جديدة في حين يرى زيزك ان الظاهرة او الشكل يتضمن خصوصية لاتقف عند العامل المادي بل تمتد الى البناء الفوقي (الثقافة )
وهنا يغّيب زيزك مرة اخرى أساس نظري للماركسية بالغ الاهمية هو العامل الاقتصادي في التحولات الاجتماعية بعد ان استبعد مقولة صراع الطبقات
3/3 – التخيل أو التصور
يرى لاكان ان التصور او التخيل هو كتشكيل صورة في مرآة هو مجرد وهم بمعنى ان الدال هو الرمزي اما المعنى او المغزى هو مجرد وهم وهذا يقود الى اللغة مرة اخرى باعتباره تعبر عن الرمز
ويعتبر لاكان المرآة هي المكون للأنا (الذات ) وفي تأسيسها تنغمس في المتخيل لتتوهم انها كاملة وسبب هذا الشعور بالكمال هو النقص المعرفي والرغبة في السيطرة الكاملة على صورة الجسد ، من هنا يرفض زيزك ، تأسيا على هذا المفهوم ، القبول بمقولة ديكارت (أنا افكر ) باعتبار ان الانا هنا تعبير عن وعي ذات متعالية صافية ومتطابقة ويؤكد على ان (الكوجيتو ) الديكارتي هو مجرد فضاءفارغ وان العالم يمتلئ بالوعي من خلال الخبرة المعاشة ومن ثم تتشكل الهوية ولكن هذه الهوية لن تكون نقية لأن الهوية والذات في حالة انقسام وانشطار وان الوحدة الديكارتية هي مجرد وهم
من هنا يفسر زيزك حركة التاريخ في مجتمع ما بعد الحداثي بما يسميه انفصال (الذات ) داخل المجتمع مما يدفعها الى العمل على خلق إضطرابات تخص الهوية مما يدفع بالحراك الاجتماعي الى التوجه نحو الثورة ويذكر ان الثورة هي الحل القادر على التغيير الجذري للأوضاع وإحلال نظام ثقافي جديد ،وثانية دون اي حديث عن بنية النظام السياسي والإجتماعي .
انه بلا شك نوع من الفوضى والأفكار السياسية التي كان يتبناها فوضويو روسيا والتي حاربها لينين بقوة،ذلك لأنه لايطرح برنامجا سياسيا ولا مسارا اجتماعيا ويبتعد كلية عن مفهوم الثورة في الفكر الماركسي
كما انه يعطي الجانب الثقافي قوة الحسم في التحولات الاجتماعية ويسقط بناء اللغة على المسارات السياسية ولكن من الغريب ان زيزك رغم تركيزه على الجانب الثقافي فإنه يقف مناهضا للشعر كجنس أدبي ويرى ان الشعر يدفع الى الممنوعات والمحرمات لأنه يبحث في المتعة الجمالية ، كما يحمله مسؤولية التطهير العرقي بل يذهب ابعد من ذلك فيقول (التطهير العرقي شكل شعري بوسائل أخرى )وان هوميروس ، الشاعر اليوناني ، هو الاب الشرعي للتطهير العرقي وان احلام الشعراء خطرة
ماذا يريد زيزك ؟
في الحقيقة كان هذا التساؤل يلح علي بقوة وانا اقرأ كتاباته واسمع واشاهد بعضا من مقابلاته وهو ينظر ويقدم طروحات متنوعة بقوة وبيقين مطلق مغلف بسخرية لاذعة وبنكتة ذكية تدلل على سرعة بديهيته وقوة ملاحظته وحضوره المشع والذي يستمد بعضا من اشعاعه من شخصيتة القوية واسلوبه في الحديث وهو يذكرني برجال الدعوة الذين منحوا معة جائزة مجلة فورين بوليسي الأمريكية
في كتاباته التي يصر على انها يسارية وترتكز في جوهرها على النظرية الماركسية ،أجد انها تحمل الكثير من التناقضات من جهة كما انها تقف على الضد من الماركسية وهو في هذا المجال يبتعد عن الفكر الماركسي بهدوء مقصود بحيث لا ينتبه شباب اليسار الى تحوله ويظلون تحت تأثير اسلوبه في الحديث وشخصيته
في مقال له نشره موقع لندن ريفيو للكتاب بعنوان ( المقاومة هي الاستسلام ) يطلب من اتباعه عدم الهجوم المباشر على الرأسمالية والتركيز على النضال في الممارسات اليومية دون تحديد ما هو المطلوب من هذا النضال اليومي وهو سينتهي الى القضاء على الرأسمالية مثلا ، في الشرق وفي مطلع الستينات عانت الحركات اليسارية من يسارية التكتيك ويمينية الاستراتيجية ويطرح اليوم زيزك يسارية وفقدان الاستراتيجية .

وفي مجال آخر من نفس الكتاب يقول : الفرق بين النازية والشيوعية هو ان النازية تريد أن تفرض العرق الآري على جميع الأعراق البشرية الأخرى ، أما الشيوعية فتريد فرض الطبقة العاملة على جميع الطبقات ، وكلتاهما تعتقدان بأنهما تعملان من أجل خير البشرية ولكنهما تنتهيان الى الشر المطلق
ان تتبع التناقض في طروحات زيزك ربما لاينتهي بسبب انه في تدفقه الاعلامي لاينتهي فهو يتنقل من قناة تلفزيونية الى اخرى ومن صحيفة الى مجلة ومن قاعة محضرات الى ندوة ، فهل يمكن القول ان زيزك هو سلعة ثقافية مطلوبة كأي سلعة صنعت في عهد العولمة تصلح في كل مكان ، كالحاسوب أو جهاز الهاتف النقال مثلا وأنه جزء من العمل الممنهج والمدروس لما سماه الخبير الإستراتيجي الأمريكي جوزيف ناي (القوة الناعمة ) والتي عرفها (هي القدرة على التأثير في الأحداث المطلوبة وتغيير سلوك الآخرين عند الضرورة عسكريا أو إقتصاديا أو سياسيا ))
ومن هذا المفهوم الواسع للقوة، اين يقف زيزك ؟
اعتقد وعلى ضوء قراءاتي لزيزك انه يقف (كجزء من هذه القوة المخطط لها ) على رأس السلاح الثقافي في التأثير على الأحداث وفي تغيير سلوك الآخرين ، وذلك عبر الآليات التالية:
1- تفريغ الماركسية من مصداقيتها كنظرية متماسكة قدمت تفسيرا مقنعا ورصينا تبناه الماركسيون ليغيروا من خريطة العالم بإنشاء الإتحاد السوفياتي ، وذلك بالحديث انها كأية نظرية لايمكن ان تحيط بالواقع الذي هو اكبر من الوصف واكثر تعقيدا من ان يحدد بمسارات وهنا يستعيريزيزك من نيتشة ودريدا وفوكو
2- انه يقوم بعمل كبير بتهديم الأسس التي تقوم عليها الماركسية
أ – صراع الطباقات وحكم الطبقة العاملة فيقول ان هذه المقولة مجرد فكرة ساذجة
ب-التنظير لما سماه "المادية الدينية " مقابل مادية ماركس
ج- ان الشيوعية لن يتمخض عنها غير الاستبداد حتى انه في احدى مقابلاته التلفزيونية إن الصين مقبلة على خلق رأسمالية استبدادية
3- تبشيره بأن النظام الرأسمالي لايمكن التنبؤ بنهايته وهذا متروك لله
وأخيرا فاني اعتقد بأن زيزك يوظف امكاناته لهدف معين وهو خلق احباط من داخل المعسكر اليساري على مستوى الشباب في العالم من جهة وتشتيت فكر الشبيبة اليسارية على نحو لايترك امامها القدرة على تحديد مسارات اجتماعية او سياسية تتبنى الفكر الماركسي من جهة ثانية
فهل يصلح بعد كل هذا ان يكون ممثلا لليسار الماركسي الجديد ؟





#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات ...
- أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم. ...
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك ...
- الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق ...
- فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ ...
- نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
- عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع ...
- كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
- آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
- العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ذياب فهد الطائي - نقد فلسفي