أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها














المزيد.....

الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها


عهد صوفان

الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 12:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها

كثر عندنا وصف الآخرين بكلمة ( ملحد ), وذلك لوصف شخص لا يؤمن كما نؤمن ولا يعتقد مثل اعتقادنا.. فكل واحد يؤمن بالله وفق رؤيته الخاصة أو وفق معتقده الخاص.. ومن لا يؤمن بمثل إيماننا فهو ملحد..وهي تطلق بطريقة مشحونة بالازدراء لممارسة الضغط النفسي والاجتماعي على من يخالفنا العقيدة.. فشخصيتنا لا تقبل الآخر وتضطهده وتمارس عليه الضغط, تحاربه وتحاول إلغاءه.. هكذا بكل بساطة نوصف الآخر بالإلحاد..
فالمسيحي في نظر المسلم المؤمن ( ملحد وكافر ومشرك )ومصيره النار وكلمات مثل ملحد وكافر لها وقع أليم وقاس في الأذن, تستفز المستمع وتحرك فيه مشاعر سيئة تجاه من يوصف بهذا الوصف..
وكذلك المسلم فهو في نظر المسيحي المؤمن ملحد ولا يعرف الله الحقيقي.. فالإله الموجود في القرآن هو غير الله الموجود في الإنجيل..
وهكذا فالكلّ يرى الآخر من الزاوية الدينية أنه ملحداً, إن لم يكن من دينه أو مذهبه, وإطلاق الصفات بغير مكانها صار سمة عامة في مجتمعنا العربي.. فمن يخالف أصحاب الشعارات القومية هو عميل أمريكي – صهيوني – منتج إسرائيلي – خائن – ينفذّ أجندات غربية لتدمير المنطقة واحتلالها ونهب ثرواتها..
وكلنا كان يسمع في الأمس القريب في لبنان وصف المعارضة لحكومتهم بحكومة أولمرت أو حكومة فيلتمان وبعمالة هذه الحكومة وارتباطها المؤكد والوثيق بالسفارة الأمريكية أو الإسرائيلية. وتلقيها التعليمات الرسمية من هذه الجهات... وعندما تغيرت الأوضاع في المنطقة صار أعضاء الحكومة نفسها عروبيين و وطنيين.. فالكلمة عندنا لا قيمة لها وتطلق جزافاً, وخاصة الكلمات الجارحة والقاسية والتي تحمل إهانة فكرية واجتماعية, لأنها تمثّل تشويهاً للآخر وحصاراً عليه, وكأننا في معارك وجودية ونفي الآخر جزء من الانتصار المطلوب..

وبالعودة إلى كلمة الإلحاد المستخدمة بكثرة أقول: لا يوجد إلحاد حسب المعنى المطروح , فالذي لا يؤمن بالإله الذي أؤمن به ليس ملحداً, واختلافي مع الآخرين لا يعني إلحادهم, فلكلّ إنسان إيمان, وكلّ إيمان يختلف عن الآخر. فالبعض يؤمن بالله حسب مذهبه السني والآخر حسب مذهبه الشيعي وآخر حسب مذهبه الكاثوليكي أو البروتستانتي أو البوذي أو الهندوسي أو أو....... والبعض يؤمن بالإله العقل, فالله بالنسبة للبعض هو العقل الذي يعمل ويميز, والبعض يؤمن بالروحانيات وآخر يؤمن بالماديات في الحياة والكل له حجته ودليله, فالكل مؤمن والاختلاف كبير, وهذا الاختلاف لا يعط الحقّ لأحد ليعتبر نفسه يملك الحقيقة وهو فوق الآخرين وأنه أفضل منهم جميعاً.
فإذا طبقنا فكرة الإلحاد اليوم كما يريدها البعض, فالجميع ملحدون أمام بعضهم أي:
يحقّ للمسلم السني أن يقول للمسلم الشيعي ملحد.
ويحقّ للمسلم الشيعي أن يقول للمسلم السني ملحد.
ويحقّ للمسيحي بكلّ مذاهبه أن يقول عن المسلمين بكل مذاهبهم بأنهم ملحدون.
ويحقّ للمسلمين بكلّ مذاهبهم أن يقولوا للمسيحيين بكلّ مذاهبهم بأنهم ملحدون أيضاً.
ويحقّ لليهودي أن يصف الجميع بالإلحاد.
ويحقّ للبوذي والهندوسي وكلّ الأديان أن تواجه بعضها بمجموعة من الكلمات التي لم تعد تعبّر عن مدلولها, بل أصبحت تطلق كشتيمة للآخرين لإظهارهم بأنهم منحرفين وبعيدين عن الحقيقة التي نملكها نحن...

سئل أينشتاين مرة عن إيمانه, هل يؤمن بالله؟ أجاب نعم أنا أؤمن بالله الذي أفهمه وأعرفه, الله بالنسبة لي هو حقيقة أراها وأتكلّم معها, الله هو قدرة العقل وإشراقه الذهن, هو الإبداع. وتابع أنا لا أؤمن بالله كصورة من صنع الخيال,أو كوهم غير مرئي ..فهل كان أينشتاين مخطئاً؟؟ هو لا يؤمن بالإله كما وصفته الكتب المقدسة, ولكنه ليس ملحداً لأنه يؤمن بإله آخر مختلف ونحن بالنسبة له ملحدون بإلهه..أي بالنسبة لنا هو ملحد وكافر ونحن أيضاً في نظره ملحدون وكافرون...

حتى لو ذهبنا بعيداً في التاريخ. لوجدنا اعتقادات مختلفة ولكلّ منها إيمانها.. كلّها لها إله خاص تعتقد وتؤمن به, وكلّها آلهة غير ملموسة أو محسوسة. كلّها تخاطب الغيب وتحاول أن تتصل بإلهها ليكون معها.. وكلّها تكلّمت عن اتصالها بالإله الذي تعبده. فالإله في كلّ الأديان يتواصل مع المؤمنين به, وأحياناً يساعدهم في حياتهم وفي حروبهم وفي ضيقا تهم والكلّ يقول عن إلهه بأنه الإله الحي الأبدي, الخالق.. وهذا حقّ لكلّ شخص أن يدخل صومعته ويعبد خالقه كما يشاء وكما يرى.. يدعو للآخرين بالتوفيق والتقدّم ولا يدعو عليهم بالألم والموت..

الجميع مؤمن ولكلّ واحد إيمان خاص. لا يوجد ملحد في الكون..
عند ظهور الشيوعية رفض زعماؤها الإيمان بالله واعتبروه خيالاً و خرافة. وقاوموا هذا الإيمان بالتضييق على المؤمنين , ولكنهم كانوا مؤمنين بإله آخر هو ( المادة ).. هم آمنوا أن الحياة أرضٌ تزرع ومصنعٌ يشيد وطائرةٌ وسيارة, وثمارٌ وحبوبٌ وتسويقٌ وبيعٌ وشراء, وأفواهٌ تأكل وتعيش... الحياة بالنسبة لهم كانت المادة... فقدسوا المادة التي اعتبروها حقيقة الحياة. وما عدا ذلك كان وهماً وتخيلات وأساطير تختلف من كتاب إلى كتاب...
لم يكونوا يؤمنوا بالله, لكنّهم آمنوا بإله آخر..

آن لنا أن نميّز وأن نقبل إيمان الآخرين ونحترم اعتقادهم. قد نملك نحن الحقيقة وربما هم يملكون.. نتحاور..نتناقش.. نتبادل الأفكار.. يقدّم كلّ واحد دليله وحجته, فإن أقنعتني فلن أتردد لحظة واحدة في أن أتبعك...



#عهد_صوفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في القرآن 3
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 2
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 1
- النظام عندما يعتدي على الدولة
- الناطقون بالعربية صاروا عبئا عليها
- متى نسقط الأوهام التي تقول: أنّ الله كتب وقدّر؟
- الدين عندما يعتدي على الوطن
- أمة القراءة لا تقرأ - أمة اللسان
- ألم يحن الوقت لندرِّس وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
- الوثيقة العمرية - وثيقة الخليفة العادل
- هل السياسة فن الكذب أم أنها جوهر الصدق
- لماذا الاقتراب من الدين خط أحمر؟؟
- الخوف من سلطة الله وسلطة النظام
- انفصام أم انسجام ما بين الوطن والدين والنظام
- من يجيد قراءة التاريخ يكتب المستقبل
- أكذوبة اسمها العروبة 3
- إلى وطني الذي أُحبّ
- المرأة في النصوص المقدسة..الوجه الآخر
- المرأة قصة قهر و ظلم طويلة
- كل شيء عندنا مقدس


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها