|
سردشت يعشق اميرة البياض
كريم الثوري
الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 01:11
المحور:
الادب والفن
قراءة في مقالة
من يتطلع بتقاسيم سردشت عثمان – الصورة – يمتطيه الخيال بعيدا ، جادة الحلم البنفسجي الذي اخضَرَ فتتشكلت منه ينابيع ارض دائمة الخضرة ، بُعِّثتْ حتى استقرت بإحجار البيوت وفوق هامات السطوح الفقيرة ، كل ما فيها يمت إلى الربيع بصلة ، تلك هي فصيلة الوجهة الشمالية من ارض العراق . ذهبت بي مُخيلة الإستغراق متفرسا في تفاصيل الانوار المشعة في نور سحنته السبحانية الاليفة المحببة ، درجة إلحاقهُ بالتشابه الكبير بينه وبين نجوم رأيناهم في عالم الدراما العالمية فتمركزوا في الذاكرة، شدتني إلى البطولة الحقيقية في هيئة بطل شاب طموح ، يمهد له المخرج الفطن ويخرجه من الادوار الهامشية وربما – الكومبارس – ويعطيه دور بطولة النجم الأول .....، وهو واثق من قدراته ، لتنتصر الإرادة العارفة على الحقيقة الخاملة. نعود إلى المنطقة الكردية الحاضن الطبيعي لبطلنا الموهوب الذي ابى إلا أن يكون إرتكابيا منذ شرارة المقالة الاولى ، ليدخل التاريخ من اوسع ابوابه خلافا للمعهود ، إنصياعا مع تجربته الغضة وعدم وجود مسوغات قاهرة كالجانب الامني والبعدين الاقتصادي والاجتماعي مقارنة بباقي محافظات ومدن العراق ، وقد اشعلها بطلنا الشاب معلنا بداية مرحلة إلحاق الجزء بمحيطه الطبيعي ، وبهذا الافراز المتوقع بعد سكون مريع اصاب جسد المثقف العراقي، اصبحت الكلمة الحرة وحَمَلتهّا في كل اجزاء العراق مثار تساؤل كبير في محفل إرتطامها الحرِج والمُحرّج بمقدسات أو خطوط حمراء غير مسموح بها من قبل السلطة الرابعة . يبدا شهيد اسطو رة – الثورة الصحافية – سردشت عثمان جملته التصعيدية معلنا الثورة منذ اللحظة الاولى – انا اعشق بنت مسعود ! – . ولو فككنا الجملة المكونة من اربع كلمات لتوصلنا إلى معادلة جعلته هو لا غيره يقف شامخا يقود طرفها الاول ، في سابقة وضعت رئيس – الاقليم - ملحوقا ، بقوانينه لا بقوانين الاقطاع المُتسيّد ، وفي الطرف الثاني المدعو مسعود البرزاني ، وفي المنتصف إبنة زعيم القبيلة ، الفتاة البكر التي توِّجت عروسة العشق لعازف موهوب . الملاحظة المهمة ضمن دائرة الخيال الشعري لا يمكن إسباغ الفتاة بوصفها أمرأة بلحم ودم ، فلربما مسعود لا يملك فتاة مهيأة للزواج ، أو هي مخطوبة أو مرهونة لزواج أبناء الملوك ، وهذا مطروق في المخيلة على سبيل التوظيف لجهة إحقاق احقية بني البشر كونهم جميعا من تراب لا فرق بين ملوك وعبيد ، بل وحتى في مقالة الشاعر احمد عبد الحسين المساندة والتي إتخذت ذات الغرض حينما أناخ لعنوانه مساحة اكبر تجاوزت حدود - الاقليم- الى ما هو ابعد حينما قال : (هل تعلم؟ أنا أيضاً مثلك أحبّ ابنة البارزاني يا سرو، بل أعشق ابنة المالكي، والابنة الصغرى للجعفريّ، وأهيم بابنة علاوي، أما تلك الفتاة العلوية التي كانت بصحبتي اليوم فهي ابنة رمز سياسيّ ودينيّ لن أسميه ) ، لكن أين حب احمد عبد الحسين من عشق سردار عثمان، والاول مات شهيدا والثاني حياً يُرزق ؟! إذن إبنة مسعود هي الاميرة المتخيلة في ذهنية العقل الجمعي المُحلاة بعشق حكايات جداتنا واجدادنا وشيوخنا كما في حكايات الف ليلة وليلة ، حينما يطلب الملك شرط إعجازي لمن يرغب الزواج من إبنته الوحيدة العزيزة ، فيبرز من بين الشباب شاب فقير ، رث الثياب، يتيم مُبتلى، تتوسل به أُمه الآ يذهب، لكنه يجازف لغاية في نفسه . قد تكون هذه الغاية قريبة من غاية كاكا سردشت ، المشاكسة أو هي شرارة تغيّر مسار السائد وخلط الاوراق لإحداث خلخلة ثورية بخصوص احقية اهل الحكم وحقية نظرتهم لعالم الفقر اء والمحرومين ( الورثة الشرعيون لخلق معادلة عودة الامور إلى نصابها ). تفكيك عالم السرد : ( انا اعشق بنت مسعود البرزاني. هذا الرجل الذي يظهر من شاشة التلفزيون ويقول انا رئيسك) قلنا في معرض تناولنا للمستهل ، أن لغة التصعيد كانت فاتحة المقال . يستمر هذا التصيعد ليأخذ منحنى دلالي لتفعيل العنوان ودعمه بِالاسانيد ، معتمدا على تجيّش العقل الجمعي المهمش ، وبذلك يكون قد اوصل رسالته على طريقة عود الثقاب لبعث – النار في الهشيم – وتأسيساً على مسلمة النص المقدس ( قفوهم إنهم مسؤلون) ، يوجه كلامه مطالبا سيادة الرئيس الذي يظهر على شاشة التلفزيون ، أن يثبت احقيته بكونه الأب الراعي لعياله ، مصداقا لكلامه ، وهذه دالة نستخدمها جميعا ، اوقات المُشادات والحسم ، حين نصل لمفترقات الطرق ، - اثبت أنت رئيسي وزوجني إبنتك – . ( لكنني اود ان يكون هو (حماي) اي والد زوجتي.، اي انني ريد ان اكون عديلا لنيجيرفان البرزاني. حين اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في امريكا. سانقل بيتي من حيّينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلا كلاب امريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون ).
تهكمية الكوميديا السوداء: بلغة اقرب من لوعة النكتة المشاكسة منها إلى الحقيقة يقودنا المقال إلى سخرية لا تقل شأناً من سخرية الشارع المليء بالنكات والحكايات عن المسؤلين وعوائلهم واقربائهم ومن لف لفهم وهنا تكمن اهمية المقال ، مدعوما بإسلوب سهلٍ ممتنع يفهمه الجميع بلغة واحدة. سردشت الملتاع بقدره بإعتباره السارد لهموم الامة الكردية – يود – والمودة في محل مقام أُمنية حلم يتشبث به ، لكنه يدخلنا في حبائل لعبته ليوصلنا بطريقته التهكمية المضحكة المبكية ، أن يكون هو حماي، كاكا مسعود وقد ادخل العم مسعود هنا بين قوسين بل تمادى ابعد من ذلك حينما همشه ب – حماه - لشد الإنتباه فالاقواس وحدها تعرف من يقبع خلفها ، وتتويجا على هذا النسب ، يدخل سردشت المبتلى بتتويج النصاب ،في تبعات هي من مواصفات التوظيف الجديد بعد أن تحقق وده ، الملاحظة المهمة هي إقتران هو ب حماي واردفها ب أي والد زوجتي والمدموغات الثلاث من السخرية بمكان وظفَ سردشت جلوسها مرتبكا وكأنها قرود تتقافز غير مستقرة في هيئة قُرد في المرأة ، كون التوظيفات الثلاث لجنس واحد هو مسعود البرزنجي ...؟! فتجري الحياة بين يديه على طريقة – شُبيك لبيك – ومصباح علاء الدين السحري ، فتهبه كل ما هو متاح للمملكة الفاسدة الثرية ، بعد أن يصبح الإبن والزَوج وسليل الإ سرة المالكة ، يسرح ويمرح ، يهب المناصب لاهله وإخوته ، يحول اخته من ربة بيت عادية إلى فتاة ثرية تركب احدث السيارات ،يرسل أُمه المريضة إلى ايطاليا للعلاج ، يكون شهر عسله في باريس ، ويتحول بيته من افقر منطقة الى أشهر مصيف في شمال العراق وهو مصيف – سري رش - ويتناوب من جهة الحراسة والحماية - ليلا ً- الكلاب الامريكية البوليسية وحراس اسرائيليين، على حد سواء ..... وقد قدم الكلاب الامريكية على الحراس الاسرائيليين لغاية نتركها لفطنة المتلقي لتفكيك شفرتها ، كما دعانا سردشت وتلك وصية لا يمكن إلا احترامها ؟! ( والدي الذي هو من (بيشمركة) ايلول القدامى، والذي يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الى اليوم تقديم خدمات التقاعد له بسبب انه ليس ضمن صفوف الحزب في الوقت الحالي، ساجعله وزيرا للبيشمركة. اخي الذي تخرج من الكلية، وهو الآن عاطل عن العمل ويريد الذهاب الى الخارج كلاجئ، ساعيّنه كمسؤول لحرسي الخاص. امّا اختي التي مازالت تستحي ان تذهب الى السوق عليها ان تسوق افخر السيارات مثل بنات العشيرة البرزانية. و أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، ساجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها في البيت. وسافتح لاعمامي دور ضيافة واعيّن ابناء عمومتي واخوالي نقباء و عمداء الوية في )
لوعة المعنى من سخرية القدر : أو كما يُقال لوعة الحال من فَقر الجيب / يعود بنا قتيل الصحافة الفتى سردشت عثمان متنقلا بإسلوبه السلس المُحبب ليبين للمتلقي الاسباب والدوافع الحقيقية ،ضاربا بعرض الحائط ما هو شائع بخصوص المنطقة الكردية في شمال العراق ، من يُسْرِ الحال ، إعتمادا على الظروف الامنية المستقرة ، وليكشف حقائق لا تقل سوءً ، من جهة إستشراء الفساد والبون الشاسع بين الفقراء والاغنياء ، متخطيا حاجز ما يُعرف ب الرموز الثورية، إلى ما هو ابعد من ذلك ، مستعرضا شريحة الفقراء تحت عناوين اهل بيته ، وهو بين حقيقة وسخرية تتجول امنياته الإفتراضية لتنهل إستحقاقاتها المشروعة بإعتبارها الوريث ( الحقيقي لا المجازي ) لجني غنائم ما بعد الحرب بعد تتويج النصر ، لكنه وعلى طريقة الثورة تاكل ابنائها ، يسرد كيف انفردت العصابة – الثورية – بالغنائم وتركت المصابين والعجزة ، اليتامى والارامل ، الاطفال والشيوخ ، بل وحتى المناضلين الثوريين امثال ابيه ، مجرد هوامش لإطلال ، وكأن شيئا لم يكن . تلك إذن حقيقة ما جرى في العراق بدون فصل مناطقي ، لا يبدو ابعد من تغيير الاقنعة باقنعة اخرى ، اكثر سوءً ، والطامة الكبرى هو تنامي الوعي المضاد تجاه القيادات الثورية بعد أن تبين للجميع ، إنما المراد ابعد من ذلك ، الافلاس الكوني لخريطة العراق وتفريغ المضمون الوطني من محتواه ، حملة السلاح والقلم . هل انتصر كاكه سردشت ؟ بالتأكيد ، نعم بعد أن تحول من مجرد نكرة ، فتى حالم بمستقبل يتدرج به بين المطبات إلى رمز للكلمة الحرة والموقف الرصين ، فاتحاً لرواد الكلمة المجاهدة الباب على مصراعية ، ولا شك أن عائلته ومنطقته وقبيلته والعراق ، كل العراق فخوراً به اليوم... كان سردشت كل العراق ، فليكن كل العراق اليوم... سردشت. طوبى للشهداء وهم يذهبون بملىء إرادتهم.. • المقطع مابين القوس الأحمر للكاتب احمد عبد الحسين • المقاطع ما بين الاقواس البنفسجية للشهيد السعيد سردشت عثمان
كريم الثوري
#كريم_الثوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المهاجر والكلب
-
عيعووووووووو
-
حوار مع صدفة
-
محجر الاعدام
-
حوارية الذئب الأجرد
-
أس الشخص الثالث
-
مئة إمرأة قُبلة رجل
-
تقديم لديوان: السواد... يا لونيَ المفضّل.. ! للشاعر كريم الث
...
-
مصلى في مقر الحزب الشيوعي العراقي
-
وهم معرفة
-
حكايتي مع كمبيوتري القديم
-
اصبعي منقع بالورثة 2
-
حوار مع كلب عراقي 2
-
اصبعي منقع بالوراثة
-
مهر حواء
-
الجمال ومدلول القبح في الجميل
-
الديمقراطي الأخير
-
الموت الذي تفرون منه
-
انا منافق اذن انا موجود3
-
رسالة نصية الى صديق العمر علي السعدي : دعك من السياسة واكتب
...
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|