أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ناصر نغروش - التمييز العنصري في التلفزيونات الفرنسية شاشة سوداء وصور بيضاء















المزيد.....

التمييز العنصري في التلفزيونات الفرنسية شاشة سوداء وصور بيضاء


ناصر نغروش

الحوار المتمدن-العدد: 191 - 2002 / 7 / 16 - 07:16
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


 


Nasser NEGROUCHE

للمرة الاولى تطلَق في فرنسا حملة اعلامية مرئية ومسموعة ضد التمييز العنصري وذلك على شاشات التلفزة الكبرى (ت.أف.1، فرانس 2، قنال +، ام 6، ل.س.اي) بمبادرة من وزارة التوظيف والتضامن.

وقد تم بين 11 و20 نيسان/ابريل 2002 بثّ ثلاثة افلام قصيرة من إخراج اريك روشان، إذ تبرز حالات نموذجية للتمييز العنصري: المقابلة من اجل التوظيف، داخل مكتب عقاري وعند مدخل احدى علب الليل. وفي نهاية كل من الافلام التوقيع الآتي: "فرنسا اقوى من دون تمييز عنصري". وتعتبر وزيرة التوظيف في حينه ان الهدف "لفت الراي العام الى نتائج التمييز العرقي ليس فقط المترتبة على ضحاياه بل على مجمل الجسم الاجتماعي، وردع الذين ينزعون الى ممارسة هذا التمييز بتذكيرهم بأنه جرم يعاقب عليه القانون".

ويوضح احد اعضاء مكتبها قائلا: "حاولنا من خلال اعتمادنا على وسائل الاعلام الجماهيرية ان نشجع الوعي لدى اكبر عدد من الافراد، ومن الواضح ان التلفزة تبقى قناة الاتصال الاكثر فاعلية". وبعد أقل من 24 ساعة على بثّ الفيلم الاول كان السيد جان ماري لوبن يتأهل للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية!

في سياق نشر اجواء القلق وخلق التهويمات الجماعية كما في مسألة الامن، فإن التلفزيون يغذي ايضا التمييز العنصري. فالصور التي يصار الى بثها في ساعات المشاهدة القصوى لا تعكس عمليا التنوع الاثني الثقافي الذي يميز المجتمع الفرنسي. لا في تركيبة الجمهور المشارك في برامج النقاش الاجتماعي والسياسي ولا في الشخصيات المتخيلة في الدراما التلفزيونية ولا في برامج الاعلام وتلك التي تتطلب مشاركة من الجمهور.

وبطلب من مجموعة "مساواة" التي انشأتها الروائية كاليكست بيالا في كانون الاول/ديسمبر 1998 [1] ، قام المجلس الاعلى للوسائل السمعية البصرية في تشرين الاول/اكتوبر 1999 بإجراء اول دراسة كمية حول التمثيل الخاص بغير الاوروبيين من اصحاب السحنات الخصوصية على خمس شاشات تلفزيونية هي ت أف 1 ، فرنسا الثانية، فرنسا الثالثة، قنال + و أم 6 [2] . وجاءت النتيجة انه يصار الى غربلة صارمة عند ابواب استديوهات المحطات الوطنية الكبرى كما يحصل عند مداخل علب الليل. فاللون "الصائب" مطلوب وهناك فقط نسبة 6 في المئة من المحترفين و11 في المئة من المدعوين والمشاركين و6 في المئة من الجمهور ينتمون الى الاقليات "البارزة للعيان" بحسب التعبير الرسمي. وفي دراسة معمقة للارقام نجد ان المغاربة والاسيويين يعانون القسم الاكبر من رفض الاجانب على الصعيد التلفزيوني.

 وحدهم السود يمكنهم ان يتوجهوا بالشكر الى شركات الانتاج الاميركية التي تغرق الشاشات بالدراما احيث يعاملون خير معاملة. وفي فرنسا تبلغ نسبة ما يبث من برامج دراما اجنبية وخصوصا اميركية 47 في المئة. ولا تتعدى نسبة "المغاربة العرب" (كما تصنفهم دراسة المجلس الاعلى للوسائل السمعية البصرية) 7 في المئة من بين ممثلي المسلسلات والافلام الفرنسية والاجنبية. وهم متخصصون في الادوار السيئة حيث يجسدون المتاجرين بالمخدرات والارهابيين او اصنافاً من امراء المال من كارهي النساء.

يرى السيد جيروم بوردون (باحث في المعهد الوطني السمعي البصري وصاحب دراسة حول موقع الاجانب في التلفزيون) [3] في هذه "العالمية الجمهورية العمياء" السبب الرئيسي لرتابة البرامج "حيث تطغى على الدراما الفرنسية الطبقة الوسطى البيضاء... فإن ايديولوجيا الاندماج تمنع التشديد على ما للثقافات الاجنبية من خصوصيات".

في حزيران/يونيو 2000، وبعد أشهر على نشر الدراسة، أقر المجلس الاعلى للوسائل السمعية البصرية ان "المغاربة مغيَّبون عمليا عن اعمال الدراما الفرنسية في حين أنهم ينوجدون في المعيش اليومي العام ومن الضروري بذل الجهود كي يكون حضور فرنسي من اصل افريقي، عربي او آسيوي، أمرا طبيعيا في الدراما الفرنسية كما هي في المسلسلات الاميركية" [4] .

ويؤكد السيد هرفيه بورج هذه الخلاصة بالقول: "يبدو انه ما زال من الصعب على المجتمع الفرنسي قبول وجود اقلية عربية في داخله، وفي كل حال فإن التلفزيونات لا تساعد في هذا الاتجاه" [5] . والسيد بورج يعرف الموضوع جيدا كونه كان المدير العام لاثنتين من كبريات محطات التلفزة ورئيسا للمجلس الاعلى لوسائل الاعلام السمعية البصرية لمدة ست سنوات... وفي اطار شكه في قدرة مسؤولي المحطات العامة والتجارية على تغيير سلوكهم، فرض عليهم قبل مغادرة منصبه في كانون الثاني/يناير 2001 التقيد بالتزامات جديدة اذ بات على التلفزيونات "الاخذ في الاعتبار تنوع الاصول والثقافات في المجتمع الوطني عند تقدير التمثيل على الشاشة". وستنص رخص البث من الآن وصاعدا على هذا الشرط. فهل يكون ذلك كافيا لمواجهة السلطة المالية للمعلنين وتأثيرهم في الانتاج التلفزيوني؟

مع مرور السنوات وتطور المنافسة الشرسة، مارست المحطات العامة الرئيسية رد فعل غرائزياً حقيقياً يمكن تسميته "التطهير العرقي" للبرامج، تفاديا لمعاكسة العقلية المحافظة المفترضة لدى "ربة البيت (الكبيرة الاهمية في هذا المجال) ما دون الخمسين من عمرها" وضمانا في الوقت نفسه لبركة المعلنين التي بلغت استثماراتهم في المحطات العامة والخاصة [6] رقما قياسيا وصل الى 4،6 مليار يورو في العام 2000.

عندما تصبح القدرة على جذب المعلنين هي المعيار الاول لتقويم البرامج يصبح السعي الى تحقيق نسبة مشاهدة عالية هو الاهم... والمعلنون يريدون الوصول اولاً عبر افلامهم الدعائية الى الطبقة الوسطى البيضاء وتالياً تقوم المحطات التلفزيونية بمغازلة هذه الطبقة البيضاء من خلال برامج يفترض انها تشبهها. ان تتجير البرمجة هذا هو المسؤول المباشر عن اقصاء التنوع من الشاشات. وحتى المحطات العامة والتي تسارع دائما الى استنكار الشطط التجاري لدى المحطات الخاصة، تجد صعوبة في تقديم برامج متعددة اللون فعليا.

في حزيران/يونيو 2000 [7] أقر المجلس الاعلى السمعي البصري بخلاصات كانت قد وصلت اليها منذ زمن مجموعة "مساواة" اذ قال: "ان هناك نقصاً فاضحاً في اعمال الدراما الفرنسية بسبب العجز عن اظهار المجتمع الوطني على تنوعه او اذا قامت بذلك ففي صورة هامشية جدا لا تعطي ابدا الادوار الرئيسية للاقليات البارزة في المجتمع".

حتى لو لم يكن دليلا ثابتا على العنصرية المقصودة يبقى المعيار الاثني في توزيع الادوار على الشاشة لافتا للانتباه. وفي سوق العمل فإن اصول الممثل تحدّ من اسناد الادوار إليه لأن توزيعها محكوم بمعايير محددة وهذا ما يعرفه جيدا الممثلون من امثال جمال دبوس وسامي نصيري او نزها خضرا... فالابطال الايجابيون المتحدرون من مختلف المجموعات العرقية لا مكان لهم على الشاشة. متى يشاهد الفرنسيون جولي لسكو بيضاء او القاضس كوردييه بملامح عربية؟ الواقع ان لا حظوظ كبيرة في التوزيع الواسع  امام اي دراما تقوم حول بطل ايجابي، اسود او عربي.

"يحمّلوننا كامل المسؤولية، لكن حتى اولئك الذين يتهموننا، يرفضون تحديد اطار قانوني ومالي يسمح لنا بالمخاطرة او العمل في اجواء من الاستقلالية"، هذا ما يسرّ به احد مسؤولي البرمجة لمدة 12 عاما في احدى محطات التلفزة العامة. في العام 2000 وخلال مناقشة قانون الوزيرة تروتمان حول الاعلام العام كان منطقيا الطلب من المحطات العامة مزيدا من الجرأة في برامجها وخصوصا ان القطاع العام حقن بمليار فرنك اخذت من جيوب المشاهدين وهم ليسوا جميعهم من ربات البيوت البيضاوات تحت الخمسين عاما... 

وجاء تقرير المفوضية الاوروبية حول العنصرية واللاتسامح ليستنكر هذا الشطط الحاصل في فرنسا اذ قال: "ان احدى الصعوبات التي على المجتمع الفرنسي تجاوزها هي في الاقرار والنظر الى نفسه انه متعدد الثقافات، ويمكن وسائل الاعلام المرئية والمسموعة ان تلعب دورا رئيسيا في هذا الاطار(...) لكن ما زال هناك حاليا مسافة واضحة بين واقع الحال والصورة التي تقدمها وسائل الاعلام عن المجتمع الفرنسي. وهذا ما يظهر في الصورة التبسيطية والنمطية للاقليات وفي نقص البرامج التي تبرز ما قدّمته هذه الاقليات للميراث الثقافي الوطني" [8] .

 بالرغم من هذه الانتقادات لم يُتخذ اي قرار فعلي. ويلتفت الكثيرون ممن لا ينتظرون شيئا من وسائل الاعلام الكبرى نحو شبكات البث الاثنية من اجل الحصول على صورة محترمة لهويتهم. وهذا ما يفسر وجود اعداد كبيرة من الصحون اللاقطة للبث التلفزيوني عبر الاقمار الصناعية والمثبتة في الاحياء الشعبية للمدن الفرنسية والضواحي حيث تتمركز عائلات من اصول مهاجرة. وتلاقي المحطات الخاصة بالجماعات الاثنية نجاحا شعبيا واضحا سواء من خلال برامج تعدها شركات تعمل في بلدان المنشأ لهذه الجماعات (الجزائر، المغرب، تونس، تركيا...) او يصار الى انجازها في فرنسا على أيدي منتجين متخصصين في الثقافات البربرية او ثقافة جزر الانتيل مثلا...

ستضاف قريبا الى هذه الشركات الرائدة محطة تلفزيون "البور" (المهاجرون من الجيل الثاني) الموجهة الى مغاربة فرنسا. ويوضح مديرها العتيد ورئيس شبكة الاذاعات الوطنية "بور ـ أف أم" وعضو المجلس الاعلى للاندماج، السيد ناصر قطان "انها ضرورة اكيدة لان المحطات التلفزيونية العامة تعجز عن تقديم صورة عن غنى المجتمع الوطني وتنوعه". وقد اعرب العديد من الشركاء الصناعيين والماليين عن رغبتهم في المساهمة بالتمويل. هل هي مبادرة مدنية مشكورة أم اشارة جديدة الى الاعتراف بتكوّن المجتمع الفرنسي من جماعات متنوعة؟

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مجموعة من الفنانين والمثقفين تعد 6 آلاف منتسب.

[2] دراسة اجريت في تشرين اول/اكتوبر 1999 حول البرامج التي تبث بين السابعة مساء ومنتصف الليل. اما "الاقليات" المعتمدة فهي السود والمغاربة/العرب والآسيويين

[3] Jérôme Bourdon, “ Les étrangers au prime-time : la télé est-elle xénophobe? ”, in Télés d’Europe et immigration, Documentation Française/INA, Paris, 1993.  

[4] La Lettre du CSA, n° 129, juin 2000

[5] “ Le racisme, un combat au quotidien ”, colloque organisé par la Commission nationale consultative des droits de l’homme (CNCDH) les 6 et 7 juillet 2000, au Sénat.  

[6] هذا لا يشمل الاستثمارات في محطات الكابل

[7] La Lettre du CSA, op. cit.

[8] Second Rapport sur la France, adopté le 10 décembre 1999, disponible sur le site http://www.coe.int/ecri/

جميع الحقوق محفوظة 2001© , العالم الدبلوماسي و مفهوم
 



#ناصر_نغروش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ناصر نغروش - التمييز العنصري في التلفزيونات الفرنسية شاشة سوداء وصور بيضاء