أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - الوعي الانقلابي














المزيد.....

الوعي الانقلابي


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 3005 - 2010 / 5 / 15 - 23:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كم هي مخيفة ومرعبة تلك الانتقالات الفكرية التي تحدث داخل الوعي، خاصة عندما تكون هذه الانتقالات حادة أو (انقلابية).
عندما ينتقل الإنسان من الإيمان بفكرة إلى الإيمان بنقيضها، فإنه يشعر بكثير من الخوف والشك، ويزداد خوفه وشكه عندما يتذكر أحكامه التي كان يطلقها على المختلفين معه بإيمانه ذاك، أو ربما ملاحقاته لهم أو حتى إيذائه لبعضهم فيما لو كان متطرفاً حد التسبب بالإيذاء.
الانتقال من الإيمان بفكرة إلى الإيمان بنقيضها يخيف الباحثين عن الحقيقة خاصَّة ذلك الصنف منهم ممن كانوا يعتقدون بوجود محطة نهائية للمعرفة تكون فيها الحقيقة تامة وقابلة للاستيعاب. فمثل هؤلاء يكون انقلابهم على إيمانهم الذي كان راسخاً في يوم من الأيام انقلاباً موجعاً، وهو حتماً سيكشف لهم مقدار الضعف الكامن بوعيهم، ما سيمنعهم مستقبلاً من الركون إلى أي أحكام قطعية صادرة عن هذا الوعي.
هناك تجربة تحول فكرية دفعتني إلى الانقلاب على الدين، هذه التجربة تشعرني الآن بخوف هائل، خوف يضعني على حد الضياع، خاصَّة عندما أضع أمامي صورتان تمثلان طرفا هذه التجربة:
الصورة الأولى: تمثل تجربتي السابقة (الدينية)، حيث كنت أنطلق عن فكرة تقول: الحياة وهم مكرس لاستكشاف الحقيقة الدينية. وخلال هذه التجربة كنت أعيش هم استنزاف الواقع لبناء ما وراءه، كنت أحول مغانم حياتي الدنيوية لأوراق مالية أدخرها لحياتي الآخرة. وهكذا إلى أن ادّخرت أهم مغانمي وحولت أجمل لحظات حياتي إلى مدَّخرات، مجرد أوراق مخزونة، طاقة معطلة ومسفوحة على مذبح الحياة الآخرة.
الصورة الثانية: تمثل تجربتي الحالية (اللادينية) حيث انطلق عن فكرة تقول: الدين كذبة (بيضاء)* مكرسة لإدامة الحياة الدنيوية. خلال هذه التجربة ما عدت أؤمن بوجود حياة (آخرة) ما يعني بأن جميع أوراقي المالية أصبحت بلا جدوى، تحولت بين ليلة وضحاها إلى مجموعة من الأوراق الخاسرة، فالمغانم الفائتة والتي تحولت لمجرد مدخرات، لا يمكن استثمارها مجدداً، وهكذا كانت الخسارة بالنسبة لي مضاعفة، فهي خسارة مادية تتمثل بفوات الفرص وتضييع المغانم، وهي من جهة أهم، تتمثل بضياع أي احتمال لوجود حقيقة متماسكة لدرجة الثبات.
أخاف كثيراً كلما تذكرت بأنني في كلا التجربتين كنت أشعر بإيمان راسخ بأفكاري والنتائج التي أوصلتني إليها رحلة بحثي عن الحقيقة. الأمر الذي جعلني أميل، الآن، إلى الاعتقاد بأن الإيمان بوجود حقيقة ثابتة هو الوهم (السخيف) الذي قاد الإنسان لجميع أوهامه الأخرى.
ليست هناك حقيقة ثابتة لأن وعي الإنسان يتعامل مع واقع لا يستطيع الثبات، هو عبارة عن منظومات مضطرة للتحرك باستمرار وهي تلاحق واقعاً يتحرك بتسارع غريب. ليس هناك، فيما يحيط بالإنسان، أشياء ثابتة، وإذا كان في المحيط الطبيعي الذي يعيش داخله الإنسان ما يمكن أن يكون ثابتاً، فأن في محيطه الاجتماعي والمفاهيمي واللغوي والرمزي، ما لا يمكن أن يثبت على حال. المحيط الاجتماعي يتغير باستمرار، منظومات الأخلاق تتغير باستمرار إذا لم تكن تتبدل، وهكذا بالنسبة إلى اللغة والمفاهيم والرموز، وكل هذه الإشياء إما أن تكون حقائق غير ثابتة أو أنها أجزاء متحركة تشترك في بناء الحقائق التي يراد لها أن تكون ثابتة.
ـــــــــــــــــــــــــ
* المحزن بموضوع كون الدين كذبة بيضاء أن بياضها لا يستمر طويلاً، وزمن بياضها ينتهي بموت منتج الكذبة ونبيها، فبنهايته ينتهي البياض وتتحول التجربة بعد ذلك إلى اللون الأسود القاتم الذي ينتقل بها من طريق بناء الإنسان إلى طريق تحطيمه والعبث بوعيه بصورة مباشرة.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد مهددة
- رصاصة المثقف
- ذنبكم لا يُغتفر
- بائعو ذمم
- ابو سفيان ومعاوية
- ثقافة التراضي
- حفلة تنكرية
- ميزوبوتاميا
- الفاسدون الكبار
- مفوضية حقوق الإنسان
- كرامات
- الاخلاق
- حكاية عن لص واعمى
- مسرحية الزعيم
- لماذا يا سيدي الكريم؟
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (14)
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (12-13)
- بمن نؤمن؟*
- يا إلهي.. ما أرخصكم
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (الحلقات 10-11)


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - الوعي الانقلابي