|
مؤتمر المنامة والعودة لأسوار الحرملك والوأد
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3011 - 2010 / 5 / 21 - 09:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مع تنامي المد الأصولي على الساحة العربية، تتسع دوائر الاتهامات والتخوينات ضد كل فكر مستنير يريد النهوض بالواقع العربي من كبوته التي استمرت طويلاً حتى أنها دخلت نفقاً معتماً على خلفية تزايد أعداد المناوئين لكل تطور وانفتاح. لاسيما أولئك الذين يريدون لنا العودة لعهود قبلية كانت المرأة فيها نكرة مستنكرة لا يمكن الاعتراف بها وبما يمكن أن يجعلهم يفكرون بإنسانيتها وآدميتها، بل كانوا يأدونها وكأنها لم تكن موجودة أصلاً متشبثين بالدين شكلاً مزيّفاً والشريعة راية لذرائعهم تلك عبر الفتاوى حيناً والتهديد المباشر حيناً آخر كما فعل الشيخ عبد المجيد الزنداني الذي هدد بتسيير مظاهرة مليونية في العاصمة صنعاء لمنع البرلمان من إجراء تعديل قانوني على سن زواج الفتيات بتحديدها بـ18 عاما. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها جامعة الإيمان التي يرأسها الشيخ الزنداني الذي أكّد أنه لا يوجد تغيير في القوانين الخاصة بسن الزواج بالنسبة للفتيات وممارستهن الرياضة، وإن الأمر مجرد محاولات، داعيا إلى وجوب التصدي لهذه المحاولات، وهدد بأنه إذا ما استدعى الأمر فإنه سيتم تنظيم مسيرة مليونية." إنهم يجتزئون من الدين والشريعة ما يلاءم ميولهم وتطلعاتهم، ويفسّرونه بما تمليه عليهم مخيّلاتهم المريضة المدعومة برفض الآخر جملة وتفصيلا. وما نشهده من أصوات هنا وهناك تتصدى لأي إجراء حكومي أو غير حكومي يريد الارتقاء بواقعنا الاجتماعي من خلال الارتقاء بوعي وإنسانية المرأة إلاّ تأكيداً على تلك الذهنية المتحجّرة كالشيخ الزنداني، وظهور مسودتي مشروع لقانون الأحوال في سورية مناقضتين تماماً لما جاء في اتفاقية مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة(سيداو) تمّ رفضهما من قبل الرأي العام والناشطين والجمعيات النسائية في سورية، وسواهما من فتاوى وإملاءات في كل بلاد العرب. ولم يعد الأمر يقتصر على الخطب في الجوامع، أو البرامج التلفزيونية في محطّات رسمية لبلدان وقّعت وصادقت على تلك الاتفاقية، أو الفتاوى والتهديدات، بل تعداه لعقد المؤتمرات كمؤتمر "اتفاقيات ومؤتمرات المرأة الدولية وأثرها على العالم الإسلامي" الذي عُقد في المنامة في الفترة ما بين 13- 15 نيسان الماضي والذي نظمه “مركز باحثات لدراسات المرأة” بالرياض بالتعاون مع جمعية “مودة” لوضع استراتيجية إسلامية للتصدي للمخططات المشبوهة التي تستهدف المرأة المسلمة، وبيان خطورة توصيات المؤتمرات الدولية على الأسرة المسلمة..!!! لقد جاء هذه المؤتمر كخطوة تحاول إيجاد موطئ قدم لها على الساحة الاجتماعية والتشريعية العربية، ولجس نبض الحكومات(التي ما فتئت تغازل هذه الاتجاهات المتطرفة وتعمل على دعمها في بعض المواقف والقضايا) حول ما تمّ التوصل إليه من توصيات في هذا المؤتمر. إن عقد مثل هذا المؤتمر يأتي على خلفية ذلك التواطؤ المستتر من قبل الحكومات التي تعرقل وتمنع في كثير من الأحيان عمل الجمعيات الأهلية الناشطة في مجال قضايا المرأة، إضافة إلى ضعف إيمان وقناعة بعض هذه الجمعيات برسوخ وقوة أهدافها من جهة، ومن جهة أخرى لعدم التشبيك الحقيقي والفعّال فيما بينها. والأهم من كل ذلك غياب هيبة الأمم المتحدة عن الساحة الدولية، وبالتالي فإن مواثيقها ومعاهداتها مرهونة- رغم التصديق والتوقيع- بإرادة الدول والجهات المتطرفة فيها على أرض الواقع، وللعلم فإن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنضم إلى اتفاقية السيداو. ولكن المستغرب أن يأتي مؤتمر المنامة على بعض البنود المشابهة لما ورد في اتفاقية السيداو من خلال التركيز على قضايا الأسرة والمرأة، لكن المرعب حقاً هو مناوأة كل ما له علاقة بالاتفاقية بشكل فجٍّ وعنيف من خلال التوصيات التي توصّل إليها مؤتمر المنامة، أي رفض كل المعاهدات والمواثيق والعهود الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ورفع الظلم والتمييز عن المرأة، متشبثين بالهوية الإسلامية وشريعتها وقيمها السامية- حسب رأيهم- على كل تلك الاتفاقيات، وبأن التشريعات المحلية- الإسلامية قد ارتقت بالمرأة ولا حاجة لمثل هذه الاتفاقية التي يريدون الإيحاء للحكومات أنها تمسّ بالسيادة الوطنية من جهة، كما تمسّ بفطرة المرأة من جهة أخرى، محاولين الإبقاء على عبودية المرأة الواردة في تشريعاتهم في قوانين الزواج والطلاق والإرث والقوامة وما إلى ما هنالك من مواضيع مشابهة. والأهم من كل هذا هو دعوة الحكومات للتمسك بالمادة/26/ من اتفاقية السيداو التي تمنح الدول الأطراف إعادة النظر في الاتفاقية، وكأن تلك الحكومات قد فعّلت الاتفاقية فعلاً وقامت على تنفيذ بنودها بما يتلاءم ووضع المرأة في مجتمعاتها. وباعتقادي أن التمسّك فقط بهذه المادة من الاتفاقية هو دليل قاطع على أنهم يجتزئون ما يُلبي أهواءهم إن كان في الشرع أو الدين أو الاتفاقيات الدولية. وأود أن أضع سؤالاً: لماذا يرفضون كل الاتفاقيات والمواثيق المتعلّقة بحقوق الإنسان وقضايا المرأة، ويتمسكون بقرارات وشرعة الأمم المتحدة بما يخص فلسطين أو العراق أو لبنان..؟ أليست هذه القرارات- من وجهة نظرهم- تدخلٌ سافر في أمور ذات سيادة..!!! أليست تدخلاً مُشيناً في حياة الشعوب الإسلامية..؟؟!!! إن هذه الحالة تترك أكثر من إشارة استفهام حول تلك الازدواجية في التعامل والمعايير التي ينطلقون منها. وتترك تساؤلات أخرى حول، لو أن الجهود المبذولة من قبل الجهات المنظّمة لمؤتمر المنامة قد ركّزت مع سواها من جهات مستترة على مسألة فلسطين لما بقيت محتلّة حتى يومنا هذا. وثمّة تساؤل آخر: لماذا قامت هيئة الأمم المتحدة على صياغة مثل هذه الاتفاقية لو كانت المرأة في هذه المجتمعات قد نالت حقوقها وإنسانيتها..؟؟؟؟ إن ما يجري اليوم( ليس فقط في مؤتمر المنامة، وإنما على مدى الساحة العربية) يحاول إفراغ الاتفاقية من مضامينها الإنسانية عبر حشر قضايانا الحياتية الأسرية في بوتقة الشريعة، متناسين أن المجتمعات العربية متنوعة الأطياف الدينية والفكرية، وبالتالي لا يمكن حشرها جميعاً في أفق محصور بتعاليم وتشريعات سًنَّت منذ قرون لا تصلح لإنسان العصر، ولا للأسرة العصرية، خاصّة أن المرأة أصبحت واقعياً شريكاً أساسياً في كافة مناحي الحياة( اجتماعية، سياسية، اقتصادية.. الخ) بحكم خروجها للعلم والعمل، رغم أن القوانين والتشريعات السارية لا تعترف لها بكل ما وصلت إليه. وما الهجمات المتكررة على جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بشؤون المرأة إلاّ مظهراً من مظاهر الرغبة أو حتى التأكيد على عودتنا القهقرى لعصور التخلف والظلام. البيان الختامي وتوصيات مؤتمر "اتفاقيات ومؤتمرات المرأة الدولية وأثرها على العالم الإسلامي أولاً: التأكيد على الالتزام بالمرجعية الإسلامية في التعامل مع قضايا المرأة ومطالبها ومشكلاتها. ثانياً: دعوة حكومات الدول الإسلامية إلى الاعتزاز بهوية الأمة، وصياغة مدونات للأسرة والمرأة وفق الشريعة الإسلامية وتعديل ما يناقضها. ثالثاً: رفض التدخل الأجنبي في قضايا المرأة والأسرة في الدول الإسلامية، وتأكيد سيادة الدول وخصوصيات الشعوب في الحفاظ على هويتها. رابعاً: رفض كافة الاتفاقيات والمواثيق التي تخالف الشريعة الإسلامية، ولا تتفق مع فطرة المرأة، أو تهدف إلى إلغاء الفوارق الفطرية بين الرجل والمرأة، أو تهدد كيان الأسرة. ويطالب المؤتمر الحكومات الإسلامية بتفعيل المادة 26 من اتفاقية (السيداو) والتي تمنح الأطراف الموقعة عليها حق إعادة النظر في الاتفاقية. خامساً: الإسهام الفاعل والإيجابي في تبني قضايا المرأة المسلمة، وحقوقها الشرعية، ورفع الظلم عنها وتصحيح المفاهيم المغلوطة في العادات والتقاليد الاجتماعية. سادساً: دعوة المؤسسات المتخصصة في العالم الإسلامي إلى تقديم قيم الإسلام الاجتماعية والأسرية إلى العالم. سابعاً: التأكيد على دور المؤسسات الشرعية كدور الفتوى والمجامع الفقهية في العالم الإسلامي، وذلك بأن تدرس مضامين الاتفاقيات والمواثيق الدولية وتبين حكم الشرع فيها. ثامناً : إنشاء مؤسسات أهلية للحفاظ على هوية الأمة وتعزيزها ورفع مستوى الوعي لدى فئات المجتمع، كما تعنى بتشخيص المشكلات التي تقع على المرأة وتعمل على حلها. تاسعاً: إنشاء المراكز العلمية والبحثية التي تعنى بدراسة واقع المرأة، والمؤتمرات الدولية التي تعقد من أجلها، ورصد كل التغيرات الثقافية والاجتماعية والقانونية المتعلقة بالمرأة. والعمل على وضع الخطط المستقبلية التي تنهض بها وتدفعها إلى المشاركة الفاعلة. عاشراً: مخاطبة الجامعات الإسلامية للتصدي بعلم للدعوات الأممية التي تستهدف وجود الأمة حاضراً ومستقبلاً، وذلك بدراسة قضايا المرأة في أبحاثهم العلمية، و توجيه الباحثين لنقد الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية. حادي عشر: تنمية الوعي بين الدعاة والتربويين والإعلاميين وأهل الرأي بواقع الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالمرأة، وحثهم على أن تكون ضمن أطروحاتهم بشكل دائم. ثاني عشر: التأكيد على دور الإعلام في ترسيخ هوية المرأة المسلمة والدفاع عن قيمها. ثالث عشر: إصدار وثيقة إسلامية لحقوق المرأة وواجباتها في الإسلام، تكون الوثيقة المعدّة من قِبل "مركز باحثات لدراسات المرأة" أصلاً يبنى عليه. رابع عشر: يثمن المؤتمر جهود المنظمات الإسلامية، ومنها جهود "اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل" في إصدار (ميثاق الأسرة في الإسلام). خامس عشر: تشكيل تجمع للمنظمات الأهلية، والجمعيات، والشخصيات الاعتبارية، بهدف توحيد الرؤى وتنسيق جهود المتخصصين في قضايا الأسرة والمرأة. سادس عشر: التواصل مع المؤسسات والمنظمات المناهضة لمؤتمرات واتفاقيات المرأة الدولية. سابع عشر: توجيه نداء إلى هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لاحترام خصوصية الشعوب، والتحذير من خطورة إكراه الشعوب على خلاف هويتها. ثامن عشر: الدعوة إلى استمرار عقد المؤتمر وما ينبثق عنه من ندوات وورش عمل بشكل دوري في عدد من دول العالم الإسلامي. تاسع عشر: تشكيل لجنة علمية لمتابعة توصيات المؤتمر.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأخيراً... عيادة حديثة لفحوصات ما قبل الزواج
-
عندما تتحوّل الأخوّة لافتراس
-
باقة حب وياسمين لروح أبي
-
قضايا المرأة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات
-
وزارة الإدارة المحلية تسحق الشرائح الأكثر استحقاقاً في المجت
...
-
مواكباً للقتل بداعي الشرف ضرب المرأة بات ظاهرة تستدعي التصدي
...
-
رغبت بمساعدته على تكاليف الحياة فقتلها بدافع الشك
-
صراحة الأزواج...مغامرة أم ضرورة..؟
-
كيف يرى الرجل صداقتها له
-
كان عامٌ حافلاً بقضايا المرأة
-
عندما يصبح الغدر مكافأةً كبرى
-
شموع أنارت ليل دمشق...فهل تنير دروب التائهات عن حقوقهن..؟
-
مرّة أخرى الدعم لمستحقيه... ما عدا المطلّقات
-
المشروع الجديد للأحوال الشخصية... تهميش للسورين عموماً وللجه
...
-
هل تكفي الأيادي البيضاء لمعالجة الحالة...؟
-
هل ما زال الاتحاد النسائي معني بحقوق المرأة بعد رفضه حكم قضا
...
-
الجلد... أثمن هدية للمرأة العربية..!
-
عيد بأي حال عدت يا عيد
-
راتب الزوجة... استقلال أم إذلال..؟
-
مخطوبة لأكثر من مرة...يعني أنك ستوك..!
المزيد.....
-
الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|