|
حرب الأرهاب على فقراء العراق
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 914 - 2004 / 8 / 3 - 12:21
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
حاولت قوى الأرهاب المتطرف أن تتخذ من المملكة العربية السعودية ساحة لممارسة أفعالها وتطرفها وهوايتها في تقديم نماذج يشار لها بالبهائم المفخخة ، للدلالة على أن هذه الأمة لم تزل تفرخ وتتوالد نماذج تواقة للموت أكثر من الحياة ، وكذلك في سذاجتها المتمثلة بقدرتها على الغاء حياة الانسان ودوره الذي يختلف بالتأكيد عن دور الحيوانات ، فتصدت لها قوات الأمن السعودي وأستطاعت تحجيم دورها والأنقضاض عليها قبل أن تستفحل وتشيع الخراب والموت بين الناس . ولم تجد هذه التنظيمات المتطرفة غير لبوس الدين تتبرقع بها وتضعها قناعاً لحماية نفسها ووسيلة تسيطر بواسطتها على السذج من الشباب او من وجد ان الحياة انغلقت نوافذها عليه لأسباب شتى ، فتطوع ليكون آلة طيعة بيد الجماعات الأرهابية ، والتي لولا لبوس الدين لما تمكنت من أقناع بهيمة واحدة بأفكارها المتشنجة والمتطرفة والبعيدة عن الفهم الانساني . وبالرغم من التنافر الواضح بين الديانات السماوية ورسالاتها السمحاء ، وبين افكار هذه التنظيمات ، وبالرغم من التعارض الخلقي والفكري والنظري بين الأسلام وبين الأفعال الأجرامية التي يعاقب عليها قانون السماء قبل الأرض ، فأن هذه المجموعات المريضة استطاعت استغلال الزمن الذي تشعر به الأمة انها منهزمة وخاوية ، وأن سلطاتها القمعية لاتجعل للأنسان كرامة ولاقيمة ، وأن سلطاتها وزعاماتها التي تتفرد بالسلطة وتحجرت في كراسي الحكم ساهمت بشكل أساسي وواضح في حالة اليأس والقنوط التي تدفع بالشباب العربي الى الأنتحار وبيع الروح بأي ثمن للخلاص من الحياة والفشل المستمر في تأمين مستقبل يليق بالانسان . الشباب العربي التواق للتغيير وتحقيق الذات وأشعار النفس بأنها ذات شأن في الحياة العامة ، وليس غريباً تلك الأعداد من الشباب العربي التي انخرطت في صفوف المقاومة الفلسطينية بشتى تنظيماتها ن فقد كان الأندفاع عفوياً ليس له علاقة بالفكر الثوري ولابالتنظيرات السياسية بقدر ماشكل الأنخراط في التنظيمات المسلحة الفلسطينية في الأردن أو سورية أو لبنان خلاصاً من الواقع المرير الذي يعيشه الشباب العربي داخل بلدانهم ، على ان لانلغي القلة من المناضلين الذين ساهموا بجهدهم الفكري والعملي داخل صفوف المقاومة الفلسطينية . ويمكن أن نلفت النظر الى الأقبال المتزايد وغير المألوف على العمليات الأنتحارية من قبل الفدائيين العرب عبر الحدود اللبنانية . وحين اتخذت هذه التظيمات المتطرفة والمتبرقعة باسم الدين عملها بالتنسيق مع وكالة المخابرات المركزية والقوى الدولية ( المؤمنة ) ، كان هدفها تحرير الأراضي التي احتلها الأتحاد السوفيتي ( الشيوعي الكافر ) في أفغانستان ، وقد نشطت هذه القيادات وبالتعاون المثمر مع المخابرات الأمريكية والأسرائيلية في تجنيد الشباب العربي تحت تلك اليافطة لغرض المساهمة في القتال داخل أفغانستان . وأمتدت اصابع المخابرات الأمريكية داخل جسد التنظيمات المتطرفة والتي أختارت الدين الأسلامي ( شعاراً وغطاءاً ) في عملها ، واشتبكت خيوط عديدة لم تبان مفاصلها وابعادها الواضحة حتى الان ، غير أن انعطافاً غريباً حصل حين تمت مهمة تبادل الأدوار بعد أنسحاب السوفيت من أفغانستان وسقوط النظام الماركسي فيها ، فقد بقيت هذه التنظيمات تريد تشكيل نظام وفق ماتريده تحت واجهة النظام الأسلامي . وبعد الخراب والحرب المدمرة التي طحنت افغانستان ، وكانت تدور بين فصائل أفغانية غير أن مموليها من الأجانب ، استقر الحال الى تمزيق البلاد ، وبقاء جزء كبير من افغانستان تحت سلطة بن لادن وفي الواجهة الملا عمر الافغاني . ولكم أن تفكروا في شكل الحياة التي رسمها بن لادن للشعب الأفغاني المنكوب ، ولكم أن تستذكروا مرارة الحياة وأنعدامها وتخلفها مع الصورة التي ارادها بن لادن ، والتي تعمدت صحيفة عربية صفراء تصدر بمساعدة أسرائيل أن تسميه ( بالشيخ ) وتمجد افعاله ، في عملية مقصودة للحط من قيمة الأسلام وشيوخه ودرجاته الفقهية والدينية . وبعيداً عن الغور في أبعاد اللعبة الدولية والدور الجديد لأبن لادن في الأساءة بشكل كبير لم تستطع عليه الصهيونية العالمية ولاالموساد الدولي الأساءة للأسلام والمسلمين بقدر ما أساء بن لادن والتنظيمات المتطرفة ، فقد أرتكب بن لادن من الجرائم والأفعال مايندى له الجبين الأنساني ، ومايجعل المرء يربط بين الأسلام والتطرف أو الأسلام والأرهاب في كل العالم . والمتابع الفطن يشعر أن العراق لم يكن ضمن اهتمام تنظيمات الأرهاب والتطرف طيلة حكم صدام ، ولم تلتفت هذه التنظيمات الى محنة العراقيين والحصار الذي فرض عليهم من قبل الامم المتحدة ، ولم تساهم هذه التنظيمات في كسر شوكة الحصار ومد يد العون للعراقيين في حصارهم القاتل ، ولم تستنكر هذه التنظيمات والتجمعات الأرهابية ماحل بالعراقيين من مآسي وطغيان وتسلط ودكتاتورية طيلة الزمن الصدامي البغيض بالرغم من امكانياتها المادية وبالرغم من كون اغلبية العراقيين من المسلمين . لم تهتز شعره ولاأهتز ضمير بن لادن والتنظيمات المتطرفة طيلة الحكم الصدامي وطيلة الحروب التي اكلت الأخضر واليابس في العراق . ومع الأخذ بعين الأعتبار التهديدات التي أطلقها الطاغية حينما شعر أن سلطته ستنهار من أنه سيجعل العراق ارضاً دون بشر ، بمعنى أنه سيحرك قوى شريرة لتخريب الحياة العراقية من بعده وهو مايحصل حقا على أرض الواقع العراقية . وفجأة توفرت كل السبل التي تدعو هذه التنظيمات للتواجد ضمن العراق الساحة المفتوحة على مصراعيها ، فقد جعلت قوات الأحتلال العراق دون حماية ودون قوات مسلحة تحميه خارجياً ، ودون شرطة تحميه داخلياً ، ودون قوات حدود تمنع التسلل والدخول ، ودون غطاء يمنع تواجد الأجانب والمخربين والأرهابيين ، ودون أن تكون هناك آالية تمنع فيها حيازة الأسلحة الثقيلة والهاونات والقاذفات وقوال التي ان تي ومستلزمات التفجير . وجدت هذه التنظيمات الساحة ملائمة لنقل العمليات الى العراق بسهولة ويسر ، ونقلت السيارات وقوالب المتفجرات والأسلحة وأستطاعت أن تجد سوقاً رائجاً للبهائم بقصد ايجاد طرق جديدة للقتل والتخريب . أشيع أن هذه التنظيمات المتطرفة التي تتخذ من أسماء اسلامية وممتلئة بالخشوع تريد محاربة الأحتلال ، وتريد العراق متحرراً كي يعيش العراقي بسعادة وحرية دون أن تكون وصية عليه لخلق نظام شبيه بنظام طالبان الأفغاني . أشيع أن هذه التنظيمات تتعاون مع قوات الأمن والمخابرات وبقايا سلطة صدام وفي حال محاربة المحتل تتوحد الجهود مالم يستعيد العراق سيادته وحريته . وخلال تلك العمليات التي كانت موجهة بالأساس لأثارة الحرب الطائفية ونشر الموت والخراب ، وبقصد قتل العراقيين الأبرياء وأستهداف رموزهم السياسية والرسمية ، ,استطاعت هذه التنظيمات أن تسفك من الدم العراقي البريء الكثير ، وأستطاعت هذه التنظيمات بما توفر لها من الفرص والمكان المناسب أن تغتال العديد من العراقيين وأن تغدر بالعديد من الأبرياء ، وتوجهت عمليات البهائم المفخخة بقصد النيل من الأبرياء الفقراء بالتحديد ، سواء منهم من كان قاصداً عمله لكسب رزقه ومصدر قوت عياله أو ممن كان يبحث عن هذه اللقمة في الزمن الصعب . وبعد أن أستعاد العراقيين سيادتهم وأنحسر دور القوات الأجنبية متعددة الجنسية في مساعدة العراقيين لأستكمال قدرتهم على التأسيس الديمقراطي وأنبثاق البرلمان والحكومة العراقية ووجود قوات مسلحة متمكنة من حماية العراق وقوات أمن داخلي تحمي المواطن وتطبق القانون . ليس عملية بعقوبة في قتل أكثر من 68 مواطن عراقي بريء أخر العمليات ، ولكنها دلالة عميقة على الحرب غير المعلنة التي تشنها التنظيمات الأرهابية والمتطرفة على شعب العراق ، ليس عملية بعقوبة هي آخر العمليات فستلحقها عمليات آخرى داخل المدن العراقية تستهدف المواطن العراقي بشكل مباشر والذي تستهدفه عقول الأرهاب والتطرف والتي توفرت لديها بهائم تفتخر بها وتدل دلالة عميقة على قدرة الأمة العربية أن تنتج مثل هذه البهائم التي تتفرد بها أمام أمم العالم . وستبقى هذه التنظيمات الأرهابية المتطرفة تحارب بكل قوتها وبأصرار من يريد أن يخرب الحياة ويوقفها في العراق حتى بعد رحيل آخر جندي أجنبي ، وحتى بعد أن يستطيع العراقي أن يطلب من القوات متعددة الجنسية الرحيل ، فالحرب الدائرة الان بين الشعب العراقي الأعزل والمليء بطعنات العرب والفضائيات وماخلفه الطاغية وأجهزته الخسيسة من جراح بالأضافة الى ماولده الأحتلال البغيض من أخطاء ومآسي وأرباك في مسيرة الحياة العراقية ، ومايقدر على فعله أزلام صدام وقوتهم وأمكانياتهم مع الدعم الذي يلقونه من دول مجاورة توظف قناتها الفضائية وتجمع فلول البعثيين لأيذاء العراقيين ، وكل هذا يدور تحت سارية العلم الأمريكي الذي يرفرف فوق قواعد قريبة من العراق . اللافت للنظر أن التنظيمات الأرهابية لم تواجه التنظيمات السياسية في العراق ، ولاقامت بمواجهة خاصة مع القوات المسلحة العراقية الجديدة ، ولاقاتلت قوى الأمن الداخلي ، انما وظفت كل قوتها وأمكانياتها بقصد قتل الفقراء من ابناء العراق ، الفقراء الذين أذاقهم صدام حسين الويل والثبور وسمم حياتهم وعذبهم ، وتزيد هذه التنظيمات من عذابهم ومحنتهم فوق محنة المقابر الجماعية وتهجيرهم القسري حيث تم دفنهم وقتلهم في مقابر جماعية لم يتم حصرها لحد اليوم ، وهجرة لم يسبق أن سجلها التاريخ على شعب من الشعوب .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل العلاقات العراقية الكويتية
-
حالة انعدام الجنسية
-
هل ينتحر صدام ؟؟
-
الدكتور كمال مظهر احمد
-
هزائمنا وخيباتنا التي نحتفل بها
-
محاكمة المتهم صدام وأعوانه - القسم الأول - من يختص بالتحقيق
...
-
الفيدرالية واللعبة السياسية
-
الجميع مدعو دون أستثناء
-
ابو حمزة المصري يقع في المصيدة
-
أين سيقف السيد حسن نصر الله ؟
-
الأكراد سبب بلاء الدنيا
-
ذكريات عبقة من الديوانية
-
الكلمة حين تقاتل عبد المنعم الأعسم
-
توفير العدالة لضحايا الجريمة
-
المشروع السياسي الخيالي العربي
-
لنحترم حرمة بيوت الله !!
-
التعذيب والقسوة في التحقيق
-
التحريض في جرائم الأرهاب
-
أنتحال أسم الحزب الشيوعي
-
تغيير القومية
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|