|
يوم قصم الفاشست وداعتنا
عزيز الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 17:28
المحور:
الادب والفن
هل تضطرب عندك المشاعر وتنبهر الأحاسيس مذعورة التلقائيات الحزائنية التي ترسمها لك قبل موعد القدوم؟ فانت في زمن الفاشست لاترسم أناملك أملا بغدٍ إلا بلاملامح فمن المحال المحال ان تغدق على مآقيك شآبيب الفرح دون تعكير من نزوات الفاشست العنفية الأحمقة الخطى ..بأي لحظة من زمن يملكونه زمام خزامته علينا. تسمع قرعّا على بوابة بيتك الهارب مثلك من صهيل حماقة أفعالهم... لم يكن الطرّق متموسقا إلا بالإذى الذي رسمته في مخيلتك قبل قدومه بقافلة قيافة قدومهم المقيتة.. ولماذا لا تضطرب؟ فقافلة الموت تجوب توابيتها المجهولة شوارع مدن الوطن وعندما تغادر صباحيات كل يوم ،نساء المدن متشحات بسواد في آمالهّن لاملابسهنّ فحسب، بقدوم الغائبين، متوجهات لسوق المدينة بإكتئاب يكتنز المُقّل لايحتاج لفطنة إفتراس العين والشبكية فهو هنا كهارون الرشيد يفترش المشهد محبورا جذلا... ملتصق بطمأنينة المكوث.. ترنوا عيون الأمهات والزوجات كلهن لسيارات الإجرة التخصصية وخاصة حاملات الحقائب لانها هنا تحمل طردا خاص الإرسالية ملفوفا بإحكام يُخفي صيرورته داخل الطرد هو بالمسمى الفاشي شهيد مرة وخائن مرة والمعركة نفسها خاضها الجسدين ،كل نساء المدن تبحث عن الآلة الحدباء الملفوفة بعلم الوطن الكاذب أو التي بلاغطاء وهي تتوجه إلى مركز الشرطة القريب ليستلم الشحنة ويقوم مختار الحي المُختار بجودة فاشيةعالية الجودة والمقاييس النوعية بالتوجه حاملا لعائلة الجثة ب صفتين منافقتين، حزنا مرسوما بدجل لذوي الشهيد وفرحا موسوم الشماتة بوجل لذوي المعدومين! لن انسى تلك الثلاثاء ولن انسى 22/5 أبدا ولذا جعلني الفاشست اكره كل ثلاثاء بل وأتوقع كل ألم يرد لجنبي في هذا اليوم حصرا... كانت الهمجية لا الأكف تطرق بابنا قريب عاشرة المساء الضنكة.. ورفيف عيني اليسار لايتوقف وبتلك إحجية لغزية للحزن تعلمتها من لوعات مامرّ بي.. أطللتُ من فتحة في جدار السطح المرتدي سوادا قبلي ..لاتوجد جثة! الحمد لله ! ربماخبرا مزعجا مقيت التوقيت سينال من وداعتنا الملفوفة بتصبّر يومي إجباري.. ولكنّي ميّزت مختار المحّلة بينهم معه شرطي وآخر لم يرتقي الي الشك بأنه اخطر من صاحبيه من تحديقه بكل الجهات متوترا وجلا... خرج لهم أبي مهموما فاقدا زمام تماسكه الذهني فهو لم يتوقع من طرق الباب اللاتهذيبي إلا صاعقة ترتدي زي خبرا سيئا لامحالة.. لم أسمع تحاورهما فلم يتصافحا رغم معرفتهما القديمة فقط رأيت في حلكة ذاك المساء نورا لجريان حزن دافق من وجه والدي الكاظم الغيظ فضحه إنعكاس الضوء الخافت من عمود الكهرباء القريب وهو يلتفت كإنما يناديني دون ان يلفت نظر الصّم البكّم العمّي محاوريه، لندائه ثم غادروا مشيا وتركوا لحظات دخول أبي للدار تستحيل بطيئة الوئيد كسنوات يوسف العجاف.. نزلت مُسرعا مغدرا صومعة حدسي.. لإسمع شهقة تمزيق الوداعة في اهلي للابد! لقد قتلوا سامي! وجلبوا جثته! وهو الآن سامي الأشقرالمُغادر وجثته تنتظر آكف الحمل للتراب... أضطربنا وضاع توافق الجوارح وتاهت المشورة بين دمعات النساء وصمت الرجال أخوته فلم يكن لسامي زوجة تندبه...دخلت على خط إنقاذ نفسي.. لقد خبرت الحكمة في التعامل مع الفاشست.. لدينا سيارة اجرة ولكن بلاحمالة الحقائب المهم طي الأمر وكتمانه وسرعة جلب الجثة تفتق ذهن أخي بأن نحمله في المقعد خلف السائق فتوجه لمركز الشرطة ليحمل تيبس اخيه.. لم يقبل كل الشرطة معاونته بحمل الجثة وكان طول سامي الفارع يمنعه من إحتلال مساحة المقعد الخلفي والوقت يمر! نريد طي نفثة الزمن ونخاف على الأحياء من فيزياء وكيمياء الفاشست!! تفتق ذهن اخي بان يضع سامي في صندوق السيارة الكراون فوضعه بلاتكور.. فقد تكوّرت قلوبنا قبله وتكورت اعيينا لحظة بلحظة وهي تريد طي تراجيدية المشهد الفائق الجودة.. سار اخي الهوينى فسامي وجهه للسماء فهو اليوم في ملكوت آخر.. لاينظر لمطبات الأسفلت ولاتساقط الرطب الجني لغطاء الصندوق الحرّ على صدره الموسوم برصاصات الموت المدفوعة الثمن! ولايدفع أجرة القدوم لإهله لمجانية الصندوق ...ولايفكر الناظر المشهد ان القابع الصندوقي إنسان مزهوق الحياة مسحوق الرحيق! تسارعت الأيادي فأنتشلت سامي من سجن الصندوق فقد كان اخي رحيما بجثته فلم تشكو من سرعة ومطبات وتأفف! ادخلناه كالسّراق دارنا ونحن نفكر بجلب التابوت وحمالّة الحقائب لم يعد ممكنا صراخنا فنحن مكتوموا الأفواه بإمر فاشي! ممنوعو إقامة الفاتحة دفعنا نقود الطلقات ال15 نقدا بالدينار قبل إستلام شهادة الوفاة { خائن إعدام رميا بالرصاص }.. تسارعت الساعات كالثواني... جلبنا المستلزمات كلها وسامي صامت على سرعة ودقة وروعة وداعتنا لوداعه الأبدي! قرر ابي ان يدفنه في مقابر الغرباء.. وقررّ ان لايصحبه إلا اخي سائق سيارة الأجرة متحملا تندّر السيطرات وهي تقرأ خيانته وإعدامه.. حتى واروه الثرى ليلا ووارينا معه وداعتنا وصبرنا في ذلك المساء الثلاثي الأقتم الحالك.. وعند صباح الأربعاء كانت الحياة والتسوق والتحيات تسير بعيدة كيلومترات عن جسد المظلوم سامي فلم يعرف حتى الجيران لسنوات كيف قصم الفاشست وداعة بيتنا للابد! عزيز الحافظ
#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إمنحوا العراقية فرصة تشكيل الحكومة القادمة
-
115 ألف وظيفة عراقيةشاغرة تنتظر وساطة منْ؟
-
رواء قافلة الموت السرمدي،جليل
-
الشيوعي العراقي يدعو لتغيير قانون الإنتخابات
-
إعطوا وزارة التجارة للشيوعيين
-
فراغ دستوري غريب مسكوت عنه
-
محمود ..غائب حنين الارصفة
-
نورس برحلة مجانية للخلود
-
الرصاصة المجانية 15
-
الرصاصة 15 مجانية
-
باقر جامع تشتت مشاعر الوطن المنسية
-
الآبهق
-
صريع فرحة نجاته
-
الاقهدية
-
هل القادم رئيس عراقي جديد؟
-
تمثال لحسين سعيد
-
دَفِينْ مقبرة الغرباء
-
للظلم فروع طفولية
-
قرض إسكاني ام ذبح للاوداج؟
-
ماذا اعدّ الشيوعيون العراقيون للانتخابات القادمة؟
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|