|
الملائكة تكره الموسيقا في البحرين
محمد الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 12:04
المحور:
كتابات ساخرة
لاتستغرب وانت تزورعددا من الاحياء في منامة البحرين ان تشاهد يافطة كبيرة على ابواب المنازل كتب عليها: البيت الذي تدخله الموسيقى لاتدخله الملائكة. ولاتتعجب من هذه الصيافة غير الحميدة في حي عربي عليه اكرام الضيف مهما حدث وحتى لو كان ملاكا.. فالموسيقى ليست فقط حرام عند هؤلاء ولكنهم يعرفون تماما ان الملائكة - بعد اتصالات مضنية معهم- انهم لايحبون الموسيقى وليس من المعقول ان يدخلوا بيوتا فيها هرج ومرج الاغاني من كل حدب وصوب، وخلال هذه الاتصالات التي استمرت لسنوات طويلة تأكد ان اغاني هيفاء وهبي ونانسي عجرم وجورج وسوف وداخل حسن وجواد وادي وياس خضر وعبد اللات ومحمد عبد وحمدية صالح محرمة بالمطلق. ويبدو ان بعض الاهالي – من خلال هذه الاتصالات- ان يطلبوا اعلامهم بعزم الملائكة على زيارتهم قبل فترة ليستعدوا لها ولكن طلبهم جوبه برفض شديد وقال المندوب السامي والمتحدث الرسمي للملائكة ان هذا الامر خارج عن القوانين المرعية اذ يتوجب على الملائكة ان تداهم البيوت في اي وقت تشاء حتى تعرف "الطالعة والنازلة" ويمكن ان "يخرب" كل شيء في حالة الاعلان عن هذه الزيارات. طلب مني ابو الطيب وهو يرافقني في هذه الزيارة :تعال ندخل احد البيوت ونرى كيف يعيش اهلها. لم يجد اعتراضي شيئا بل قادني من يدي كأب يحاول ان يمد لابنه يده ليساعده في عبور الشارع. احتفى بنا صاحب البيت بعد ان عرف مقصدنا من الزيارة فهو" ابن عرب" كما يقولون. وسرعان ما جاء بعد دقائق يحمل صينية الشاي وقال ضاحكا: اعتذر لكما فتشربون الشاي وانتما واقفين. نظرت الى "ابو الطيب" فوجدت ملامحه تنبىء عن معرفته بخبايا الامور وعرفت فيما بعد ان البيت يحوي غرفة واحدة يسكنها الاب والام وابناؤهما السبعة، تزوج منهم اثنان ويسكنان معهما ، وتأكدت من صحة كلام هذا الاب بكومة الاحذية والنعالات الملقاة على باب الغرفة.لن انسى هذا الاب في حياتي فهو يبدو فقير الملابس طويل الحية كثها لايرتدي سوى لباسا طويلا ابيض متسخ في بعض اطرافه وفانيلة بيضاء هي الاخرى.. كان حافي القدمين رأيت ذلك وهو يدوس على ارضية بيته الطينية.. لايمكن ان انساه فقد كانت ملامح وجهه تنبىء عن قسوة عانى منها في حياته واستسلم لها اخر الامر. سألته مازحا: يبدو ان لك صبر عجيب على مشاكل زوجات الابناء وهن يتصارعن خلال ساعات النهار. قال : الحمد لله ليست هناك مشكلة في ذلك وانما المشكلة في اولادي المتزوجين؟ كيف ذلك.. قال: انهم يريدون ان يتمتعوا برؤية ابنائهم ولكن لاسبيل الى ذلك. نظرت الى "ابو الطيب" ثم الى الرجل الواقف امامنا وقد شدتني الدهشة. فقال الاب موضحا: الزواج يعني الانجاب في بعض غاياته.. والانجاب يعني معاشرة الزوج لزوجته ولكن هذا لايحصل فالغرفة الوحيدة مزدحمة دائما بالاولاد الذين ينغصون على الازواج حياتهم. ظننتها طرفة في بادىء الامر ولكن ملامح الرجل الجادة جعلتني اطرد هذا الاحتمال من مخيلتي. سمعناه وهو يودعنا: لست وحدي الذي يعاني من هذه المشكلة بل كل الساكنين في الاحياء الفقيرة مثلنا في المنامة ويمكن ان ترى ذلك بنفسك سألت "ابو الطيب" ونحن نغادر البيت الاسطوري: ترى هل تدخل الملائكة الى هذا البيت؟ صاح بي ناهرا: بلا ملائكة بلا بطيخ اذهب الى جريدتك واكتب مارأيته. قلت: وهل اذكر شيئا عن يافطات البيوت "الموسيقية" اجاب: ليست هذه مشكلتي، المشكلة هي في السوال التالي، ماذا يفعل الملائكة حين يدخلون بيتا كهذا؟ وهل تراهم يشفقون على حال هذا الاب ويكتبوا تقريرهم بكل صدق حين يرفعوه الى رب العزة؟ ولم استطع ان اسأله :ترى لماذا تقطع الملائكة كل هذه المسافات الطويلة نازلة من السماء السابعة او الرابعة لتزور بيوت الناس ؟ وهل اجاز لهم رب العزة دخول البيوت بدون استئذان؟ وماذا عن الاطفال الصغار ،الا يصابون بالرعب وهم يرون وجوها غريبة تحط في غرفهم المزدحمة؟. قال "ابو الطيب" وكأنه عرف مايدور بخلدي: اسمع ياهذا، اللجوء الى رب العزة في البحرين هو اخر الحلول،فهم يعيشون فقرا لم ولن تره حتى في قرى البنجاب الهندية وراتب اغناهم لايتجاوز 100 دينار بحريني وهو 70 دولارا امريكيا في الشهر والشباب مضربون عن الزواج حتى لايزيدوا الطين بلة ولهذا تراهم قسموا ايام السنة ( ال365 يوما) الى مآتم يومية، ففي كل يوم يذهبون الى الجوامع لتقديم العزاء بمناسبة مقتل هذا الرجل او ذاك من المسلمين الاوائل, فامس دق الشباب على صدورهم لان شخصا اسمه القاسم قتل في مثل هذا اليوم قبل الف سنة واليوم يلطمون حزنا على وفاة مسلم آخر اسمه جعفر وغدا لديهم حسب الاجندة شخصية اسلامية اخرى ماتت في هذا التاريخ. ثم اردف: ارجوك ثم ارجوك ، لاتسأل عن رنة الهواتف الجوالة فهي لاتباع هنا وليس بمقدورك ان تختار رنة الهاتف التي تعجبك، فقط رنة واحدة هي المتوفرة ، هي موسيقا صوت الوائلي وهو ينعي واقعة كربلاء".
#محمد_الرديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة مغلقة من محمد الرديني الى جاسم المطير
-
زوجتي ورانيا وانا
-
تسرقون التسميات حتى في الاعدام
-
عينوا ربهم مشرفا على حسابات المسلمين
-
حان وقت الجنون ايها السادة
-
نتف الحواجب يانعيمة
-
بن لادن وجيمس بوند
-
كنت طفلا ذات يوم
-
ممنون ل-بو نونة- ..ملحق اضافي
-
انا ممنون ل-ابونونة-
-
الله يلعن هذه القيلولة
-
اعلان عن وجود وطائف شاغرة للمفخخين
-
عصير -غيرة- للبيع
-
راحت عليك يا افلاطون
-
مقابلة منقطعة النظير
-
العقول من امامكم والانترنت من خلفكم فاين تذهبون؟
-
خسئت ايها الطيار العراقي
-
-دير بالك- على معسكر اشرف ياشريف
-
حتى الزبالة عزيزة
-
هذيان
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|