|
أسئلة ضرورية للخروج من النفق
شيراز عبد الحى
الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 00:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
.ربما تكون الفائدة اليتيمة لانتخابات المؤتمر الوطنى البائسة هى مواجهة سوئاتنا فى مرآة الواقع السياسي ..فقد آن الأوان لأن نكف عن عادة تشييد القلاع الرمالية ليأتى المد ويذيبها فى لحظات!....لقد تعلمنا فى سنين الإنقاذ العجاف بأن المخطئ حتما ليس الفيل إنما النمل الذى يبنى عشه على قارعة الطريق فيطأه الفيلة والمارة وكل من يمشي دون النظر اسفل قدميه!!....... فقد فرطنا بايدينا من قبل فى ديمقراطيتنا التى انتزعناها انتزاعا ...ثم شيدناها على رمال متحركة ...بلبنات ضعيفه.....فانهارت!! هل الهدف هو بناء نظام ديمقراطى بجذور ضاربة فى عمق الأرض....وثبات لا تحركه رياح الأطماع الشمولية والعسكرية؟؟...أم الغرض هو إسقاط نظام الجبهه الإسلامية الآن فقط...دون رؤية عميقة لما يلي ذلك من نظام ديمقراطى وحماية له؟؟!!...... أم ربما الأجدي أن اسأل ..هل باستطاعتنا اصلا إسقاط هذا النظام وإنجاز التغيير ..أم نصارع فى طواحين الهواء؟؟لا نستطيع الإجابة على هذه الأسئله إلا بالوقوف أولا على تحليل موضوعى وهادئ للمشهد السياسي عامة وما يعنينى فيه ألا وهو الخط السياسي للحزب الشيوعى السودانى. فبعد أن جفت الحلوق بالهتاف ..دعونا نتوقف عن السباحة مع التيار ونلتفت من حولنا لنرى فاعلية خطنا السياسي وسط الجماهير ومدى حقيقية ما يحيط بنا من صخب .....! يبدو أننا وبعد مرور عقود على المؤتمر الثالث..وبعد أن وصلت مسيرتنا إلى الخامس.. نحتاج إلى الرجوع مرة اخرى إلى شعار " اجعلوا من الحزب الشيوعى السودانى قوة إجتماعية كبري" ....و النظر بعين الاعتبار إلى شعارات قديمة مثل " تجميع القوى الثورية" ....فربما إذا أرجعنا البصر كرتين إلى تلك الشعارات ..قد نصل إلى تحليل موضوعى لعزلة خطنا السياسي...وحزبنا!
لا أدعى بكتابتى لهذه الورقه امتلاكى لنقاط واضحه ومرتبه لكنها مجموعة أفكار وتأملات فى الخط السياسي للحزب وددت مشاركتكم اياها وكلى ثقه بأننا سننتهى إلى حوار عقلانى يرسو بنا على شواطئ محاور تقودنا إلى استجلاء أزمة الحزب وكيفية الخروج به من نفق العزلة ليصبح قوة إجتماعية كبري.واقول ازمه مع علمى التام بأن هناك كثر ممن لا يحبذون هذه التسميه لا سيما وأنها اصبحت من النعوت دائمة الإلتصاق بظهر الحزب....ولكن فى واقع الأمر فالأزمه موجوده ولها أعراض مرضيه خفيه وأخري بائنه ....الخفية لها مساحة نقاش أخرى...أما البائنه فهى موضوع ورقتى هذه وتتلخص فى الخط السياسي الضعيف لحزبنا منذ المؤتمر الخامس ......وقد توجت الآن بترشح سكيرتيرنا العام لرئاسة الجمهوريه!..وأود أن اثبت نقطة هامة قبل الولوج إلى نظرة نقدية لهذا الخط السياسي ...ألا وهى عظيم إحترامى وتقديري لشخصية المناضل الأستاذ نقد...ولكن ...اسئلة كثيرة عصفت بذهنى عشية معرفتى بقرار ترشيحه لرئاسة الجمهوريه.... - فهل جفت قوائم الحزب من المرشحين الشباب ...حتى نلجأ إلى الزج بالرمز الوطنى والحزبي العتيد "الحكيم" إلى الصفوف الأمامية فى إنتخابات مشوهه ومسرحية بسيناريو لزج وقد تتحول إلى دموية فى أى لحظة؟؟فنكون بذلك قد ارهقناه لعقود طويلة بكل ما يمكن من واجبات تنظيمية وسياسية حتى بلغ الثمانين وقد أوشكت صحته على الانهيار ونحن ما زلنا نقدمه فى الصفوف الأولى خوفا من خوض تجارب جديدة وخلق انتصار –ولو نسبي- عبر تقديم شخصيات جديدة؟!! - هل بالفعل فشل الحزب الشيوعى السودانى فى تقديم نماذج جديدة من القيادات السياسية كما يسود الشارع من أقاويل الآن؟؟ ..عذرا...ولكنها اسئلة على لسان جماهيرنا....والتى رفعنا منذ عقود شعار انتمائنا إليها وضرورة تعلمنا منها.....وهى بالفعل...... أسئلة تستوجب الإجابة..!! خط سياسي واقعى أم شعارات مفرغة المحتوى؟؟:- الناظر الى ما يدور اليوم من حراك سياسي فى السودان يجد الظرف الموضوعى ملائم تماما لتعالى وتفوق خطاب الحزب...فكل الحلول والرؤي التى ظل الحزب ينادي بها ويتبناها منذ تاسيسه وإلى اليوم أصبحت تشكل اشواق الجماهير والحركه السياسيه واصبحت حجر زاويه لبرامج معظم الأحزاب السياسيه واللغه المتعارف عليها فى كل الاتفاقيات الحديثه....ابتداء من نيفاشا 2005 ..مرورا بالقاهره...واسمرا 2006...ويتضح جليا أن احزاب اليسار الجديده تعتبر الحزب الشيوعى بمثابة القائد والسند الأعظم لمسيرة اليسار السودانى....بل وإمعانا فى تحليل الظرف الموضوعى للواقع المحلى نجد أن الأحزاب التقليديه الكبيره قد اضحت جاهزه للإنقياد وراء ركب الديمقراطيه والعلمانيه من فرط ما يعصف داخلها من انقسامات وتيارات ثائره على القيادات التاريخيه و ما اعترى مريديها وحواريها من ضيق إثر التاريخ السئ لهذه الأحزاب فى نقض الاتفاقيات وخيانة الديمقراطيه...........وكل ما سبق ضف عليه مأزق حكومة الإنقاذ وفقدانها للسند العالمى والإقليمي...وتكالب اشكاليات الهامش عليها من كل الجهات.... إذن....... ...فى هذا الجو الملائم لإحياء جذوة النضال....ورغما عن عدالة مطالب الحزب..... لماذا نقف عاجزين دون القدره على جذب الجماهير فى تجاه الضغط فى سبيل تحقيق كل تلك المفاهيم والمطالب العادله؟؟....ما الذي يعوق الحزب الشيوعى من انتاج خطط تجعل برنامجه اقرب إلى تطلعات الجماهير ويعبر عن اشواقها ..؟؟... هل السبب أن خطنا السياسي ماهو إلا شعارات مفرغة المحتوى من اى فعل سياسي يتسق معها؟؟ ..ربما بدا الخطأ منذ بداية 2009 حين استشري فى اوساط الحزب قبيل وآناء المؤتمر الخامس الأمل بأن يكون المؤتمر بمثابة " عصا موسي" التى تحيل الأرض الجدباء إلى غناء دون عناء....فبرغم الفرحه التى لا توصف و الفخر بخروجنا من المؤتمر صفا واحدا دون انقسامات.....إلا أن التغيير الجذري والتجديد العميق الحقيقي لبرنامج ومنهج الحزب لم يكن من النتائج التى خلص إليها المؤتمر.... والأمل الذى داعب تطلعاتنا فى تغيير إسم الحزب ليعبر عن البرنامج ذهب ادراج الرياح مع تعالى هيستيريا هتاف " عاش نضال الحزب الشيوعى السودانى!!"....وانهمار دموع بعضها حسرة واسف ،والبعض الآخر إيذانا بموت قريب....ومعظمها فرحة وخيلاء!!..بل وحتى التغيير الكامل – مع الشكر والتبجيل— للقيادات التاريخيه للحزب لم يتم...وخرجنا بنسبة 5% فقط من اللجنه المركزيه من الشباب (دون الخمسين من العمر).... مؤكدين بذلك وراثتنا لنهج الأحزاب الشيوعيه فى الاتحاد السوفيتى التى لم تكن تؤمن قط بالتداول السلمى للسلطة ...فإما موت أو قتال!!... وخلص المؤتمر إلى كونه احتفاليه جميله بتاريخ حزبنا " العظيم"...ولا أود هنا الخوض حتى الخاصره فى تقييم توصيات المؤتمر -- والتى حتما تضم علامات استفهام ونقاط جدل جمة ..اتمنى نقاشها فى مساحة أخرى...(خاصة التقرير السياسي) -- ولكن إلى ما تلى المؤتمر من سكون سبقته العاصفه....وأظهر الأزمه التى اشرت إليها اعلاه.........: فبعد أن رمت حكومة الإنقاذ بكامل وعيها " بعظمة" البرلمان إلى نواب المعارضه ...ظلت جماهير الحزب تضغط فى تجاه ضرورة سحب نوابنا من البرلمان الصورى كيلا نشارك فى إعطاء حكومة الإنقلابيين صوتا عاليا أمام المجتمع الدولى بوجود نواب برلمانيين من المعارضه...وبالتالى إضفاء ولو شرعيه جزئيه على اجهزة الدوله الشائهه.... ولكن أتى المؤتمر ليستمر بعده خطنا السياسي على ذات النهج المهادن الذى يرضي بالقليل ..ولم ينتج أي فعل سياسي" لاستنهاض حركة الجماهير" ...حتى جاء بيان 8 يوليو الذى نادى بعدم شرعية الحكومة وفقا لنيفاشا....وبأن الوقت قد حان لرفض اجهزة الدوله لعدم شرعيتها...بل ودعى إلى الخروج إلى الشارع ...وطالب برفض نتيجة التعداد السكانى...وإلخ من المطالب التى الهبتنا بالحماسه وزرعت بعض من الأمل المفقود لرد الروح فى الجسد الميت.....ولكن...استمر الخط السياسي المهادن واستمر نوابنا بامتطاء سلالم البرلمان " الغير شرعى"... ورغما عن أن تقييم واعادة فحص تجربة البرلمان لإستصدار قرار نهائي بشأنها كانت من ضمن توصيات المؤتمر الخامس إلا أن دورة اللجنة المركزية فى يناير2010 قد خلت صفحاتها من هذا المفصل الهام الذى من شأنه ان يساهم مساهمة فعالة فى استنهاض حركة الجماهير ووضع موقف الحزب بوضوح فى خانة رفع راية الحرب لإسقاط المؤتمر الوطنى وكسب السند الجماهيري ..ومن شأنه الضغط على الحركة الشعبية أيضا وإحراجها بالخروج عن برلمان غير شرعى يمرر ما تصبو إليه حكومة المؤتمر الوطنى من قرارات بالأغلبية الميكانيكية ..بل وتذرعت الهيئة الحزبية البرلمانية (فى الخطاب الصادر عن المكتب السياسي فى 5 يناير 2010) لتبرير مواصلة المشاركة ب: - قصر الفترة المتبقية - مناقشة القوانين البديلة - نداء من الحركة الشعبية بضرورة مواصلة المشاركة - وضرورة صدور قرار جماعى من كتلة التجمع حول المشاركة فى البرلمان من عدمه.. واستغرب – حقيقة – لهذه المبررات الفقيرة التى ساقها المكتب السياسي لمواصلة المشاركة فى البرلمان الغير شرعى.....واسأل : - ماذا نعنى بقصر الفترة المتبقية؟؟..المتبقية إلى ماذا؟؟التحول الديمقراطى؟؟البرلمان المنتخب من انتخابات غير نزيهه بقوانين مشوهه؟؟.. - إن الخروج من البرلمان فى ذاك الوقت بالذات كان من الممكن ان يهز موقف الحركة المتذبذب إتجاه اتفاق جوبا ويدفعها إلى تفعيل التحالف مع القوى السياسية بدلا عن السعى الحثيث لمصالحها الذاتية.....ثم أن الخروج يجب أن يكون أمر مبدئي من قبل الحزب وليس فعلا بحسابات سياسية فقط.....وقد يساهم هذا الخروج إذا ما ادير بحكمة فى أن يخلق زخما سياسيا مطلوبا خاصة لو صوحب ببيان سياسي قوى ومؤتمر صحفي كبير وحوار مع الهيئة البرلمانية فى الصحف والمواقع الالكترونية وربما خطاب يسلم فى مسيرة سلمية إلى حكومة الشريكين..... - ماهى القوانين البديلة التى تود هيئتنا البرلمانية مناقشتها من داخل البرلمان؟؟وهل كان وجود نوابنا فى البرلمان الصورى للنظام الشمولى –اصلا- يغير من اى قانون يرغب برلمان المؤتمر الوطنى فى تمريره؟؟إذن...كيف تم تمرير قانون الأمن الوطنى؟؟وماهى القوانين البديلة التى يطرحها الحزب ؟؟ - إن التبعية والترقب لخطوات الحركة الشعبية جعلت من القوى السياسية ألعوبة فى مدار الحركة .... فالحركة تنادى لمؤتمر جوبا ويهرع حزبنا كتابع أو أجير دون ترتيبات مسبقه للضغط على مثبتتات لذاك التحالف ...والحركة تنادى بالبقاء فى البرلمان الذى يضيف إليها الكثير بينما يأخذ منا أكثر....فنلبي النداء .....موقف شديد السلبية لا يشبه حزبنا...فالحركة باقية فى البرلمان لأنها شريك فى الحكم بموجب نيفاشا..ولأن الإستمرار فى هذه المسرحية سيضمن لها حق تقرير المصير الذى تعمل صوبه جاهده....والحركة باقية فى البرلمان رغما عن قوانين تقييد الحريات ورغما عن إجازة نتائج التعداد السكانى المفبركة لمكسبها السياسي الذى يضمن إقناع جماهير الجنوب بخيار الإنفصال ....!أما نداءها لبقية القوى ومن ضمنها الحزب لمواصلة المشاركة فما هو إلا استمرار للمنحى الذاتى فى خطها السياسي. وحاولات غقناع جماهيرها والمجتمع الدولى بأن خطوات نيفاشا تسير حسبما خطط لها!!..ويجب تقييم موقفها –أى الحركة - فى هذا الإطار فقط!.. أما ربط مبدئية الحزب فى المشاركة فى أجهزة السلطة القمعية الشمولية الغير شرعية برغبات الحركة الشعبية أو اى قوى سياسية اخرى فهذا قمة التخبط فى الخط السياسي وإثبات جلي بأننا عاجزين عن إنتاج فعل سياسي يخصنا ! " استنهاض حركة الجماهير" ما بين الشعار الطموح والممارسة العرجاء: طرأت الكثير من الإشارات فى الأدبيات الداخلية وبيان المكتب السياسي حول استنهاض الحركة الجماهيرية ومظاهر الحراك النضالى اليومي فى الشارع السودانى..وبالفعل فإن التراكم التدريجي للأحداث هو ما يؤدى نهائيا إلى هبة جماهيرية واسعة.. إلا أن السؤال الواجب طرحه هو ماهية دور الحزب فى هذه النماذج من الحراك الجماهيري .. فى حقيقة الأمر.. دورنا يعتمد على تحركات معزولة فردية لبعض الزملاء النشطين فى تلك الجبهات ولكن لم يصدر بيان أو ملصق أو تقام الندوات الجماهيرية ولا المؤتمرات الصحفية دعما للأطباء فى قضيتهم مثلا ومن المخزى ان نحلل تلك الحركات الجماهيرية وندعى أن لحزبنا يد فيها...فالمؤسسة الحزبية فى واقع الأمر غائبة عن تلك الجبهات...فمثلا تستضيف دور الأحزاب الأخرى المؤتمرات الصحفية والندوات لمجموعات شبابية مثل قرفنا ومنظومات مطلبيه واعتصامات بينما يكتفى حزبنا بمبادرة بعض الزملاء وخبر حزين فى " الميدان" .. إذن.............فحركة الجماهير ماضية فى مطالبها وتصعيد وتيرة عملها اليومى متقدمة بذلك حزبنا وبل معظم الأحزاب السياسية.. ..وعندما رفعت حركة الجماهير فى الشارع شعار " مرشح واحد " كانت قوى جوبا ومن بينها حزبنا قد فشلت فعليا فى الوصول إلى تحالف ناضج يستشعر المسؤولية ويزج بمرشح وحيد إلى المعركة!! .. ..والحقيقة التى وجب الإعتراف بها ومواجهتها من أجل تغيير ضرورى هي أن حزبنا ومعظم القوى السياسية المعارضة قد أثبتت ضعفا بائنا فى تنمية النضال اليومى الجماهيري وفشلت فى قيادة الجماهير عبر القنوات المطلبية...بل استعاض الحزب الشيوعى عن المبادرة بالتصفيق وبعض التشجيع لحركة الجماهير مكتفيا بنشاط زملاء معينين فى كل جبهة!! أما القدرة الحقيقية على إنتاج خط سياسي وابتداع جبهات جديدة للنضال والضرب على جسد الحكومة ..واختيار المعارك اليومية لتصعيد ما يمكن ان يشد الجماهير ويكسب سندها....فقد عجزنا تماما...!!ومن العار أن نجير تلك المكاسب الجماهيرية لحزبنا الذى كان دوره فى إنجازها ضعيفا...بل يؤول إلى الصفر!!! ثم..ماذا عن بقية بنود نيفاشا؟؟فرغما عن كونها اتفاقية ثنائية إلا أن ترحيب الحزب الشيوعى بها خطوة بالفعل إيجابية من جانب الحزب...ولكن للاسف سبحنا مع التيار منقادين دون ان نرفع ذراعا لمقاومته ..فجاءت الانتخابات ولم نرفع سقف المطالب أو نضع الشريكين فى موضع الضغط لتنفيذ بقية بنود الاتفاقية والتى توجب حل الحكومة وتكوين حكومة انتقالية ومراجعة القوانين المقيدة للحريات وغيرها من بنود الاتفاقية التى تضمن نزاهة العملية الانتخابية !!!وقف الضغط وساقنا المؤتمر الوطنى - كالقطيع - لإنتخابات وفق شروطه!! . ..
....وجاء إعلان جوبا......الذى عول عليه الحزب كثيرا بالرغم من الفشل التاريخى للتحالفات مع الأحزاب الكبيره....فدخلنا التحالف دون صمام أمان...وبانعدام تام للبصيره والنظره البعيده المتأنيه للأمور....وبصمام أمان أعنى دخول التحالف بورقه بيضاء ودون ان نلف الجماهير حول خط الحزب ودون أن نستند على قوة جماهيريه تعى وتؤمن بمطالب نفرضها فرضا على بقية الأحزاب المعارضه...كالإصرار على مطلب حل الحكومه لنفسها وقيام حكومة انتقاليه ومن ثم ضمان جو ملائم لانتخابات نزيهه.....بل ركضنا انقيادا وراء مطالب الحركه الشعبيه والتى لم تابه كثيرا لضرورة الحكومه الانتقاليه كونها شريكا اصيلا فى الحكم الآن......وتعمل لمصلحتها السياسيه دون الخوف من مطالب وخط الحزب الذى يفتقد الشعبيه وهذا ما قصدته بانعدام البصيره والنظره المستقبليه للأمور....... كان الأحرى بنا أن نرسم خطا مصادما بأعلى سقف مطلبي ممكن ثم نسوق العمل السياسي الجماهيري المتواصل وعبر كل النوافذ الممكنه لكسب السند الجماهيري لهذا الخط والذى لن تجد بقية الأحزاب مناصا سوي الانقياد ورائه لشعبيته وعدالة مطالبه........ولكن...على العكس كانت الحصيله الإعلاميه للحزب قبيل مؤتمر جوبا ضعيفه وباهته...وقد تؤول إلى الصفر، ربما لضعف واجهتنا الإعلاميه أو للون الرمادى الذي اتصف به الخط السياسي والضبابية فى رسم أفق وهدف لحركتنا...بل اعتمدنا على " رزق اليوم باليوم" وردود الأفعال فضلا عن انتاج الفعل السياسي! وظل الحزب فى كل المرحله السابقه منذ نيفاشا وجوبا ينادى بأن قيام الانتخابات مرهون بإلغاء القوانين المقيده للحريات ..وأن المشاركه فى الانتخابات المشوهه للمؤتمر الوطنى ما هو إلا استمرار لحكم الانقاذ ومصادقه ضمنيه بشرعيتها...وخرجت مظاهرات الاثنين التوأم السحريه التى كانت بمثابة الضؤ فى آخر نفق مظلم ومبشر جديد بقرب فجر الخلاص.....وزادت المطالب ضرورة إلغاء السجل الانتخابي المكتظ بالتجاوزات الواضحه .... ولكن ...لحسرتنا..تموت ثورة البركان فى مهدها وندخل الانتخابات بكل خنوع بل ونضع سكيرتيرنا السياسي كبش فداء لخط متردد غير مقنع....سكيرتيرنا الذى أحسبه يخوض هذه المعركة مرغما باغلبية ميكانيكية – ربما – داخل اللجنة المركزية! (اما كان الأحرى بنا إحترامه وتقدير سيرة حياته الزاخرة بالنضال ونكران الذات وحمايته كرمز من تلك المهزلة؟؟؟.).. فكيف يكون خوض الانتخابات المزوره مسبقا والتى تأتى منافيه لكل المطالب استنهاضا للحركه الجماهيريه؟؟؟...ألا يعد هذا – بالعكس — خيانه لتطلعات الجماهير وقواعد الحزب؟؟..... أن خطنا السياسي اليوم...وحتى فى قلب المعركه الانتخابية ووسط عاصفة الأحداث يبدو كمن يقف مذهولا ...عاجزا ...مغمض العينين ومربوط اليدين....فها هم على سبيل المثال شباب مجموعة " قرفنا" يجوبون الأقاليم ويشعلون الأسواق والأحياء بالندوات ويملئونها مناشيرا وملصقات إسقاط المؤتمر الوطنى ...ويدقون الأبواب...ويتعرضون للإعتقال والتعذيب والتهديد ويقومون بكل ما ظل يداعب أحلامنا من افعال نضالية وصراعات يومية صغيرة الحجم وكبيرة المعنى والتأثير....فاين يقف حزبنا منها؟؟..لم يخاطر الحزب ولا ببيان واحد لدعم هذه المجموعة الشبابية الوطنية الجديدة...ولم يندد باعتقالهم وتهديدهم.... اين بيانات الحزب الشهيرة لدعم إضرابات النقابات فى إضراب الأطباء التاريخي القائم اليوم ..وإضراب نقابة معاشيي السودان واعتصامهم أمام مصلحة المعاشات....ثم معسكرات النازحين من تشاد ودارفور حتى أطراف العاصمة...هل ذهب مرشحنا للرئاسة أو أى من مرشحينا إلى أى منها للتبشير بخط الحزب وبرنامجه الانتخابي؟؟؟؟...هل خرجنا ولو بضع امتار من كثافة المركز إلى هشاشة الأطراف؟؟؟ لم نفعل أى من هذا أو قليل من ذاك...فنحن فى واقع الأمر ما زلنا حزب يفتقر إلى التثوير الحقيقي فى برنامجه وفى خطه السياسي...لا نمتلك القدرة حتى على تثوير عملنا الداخلى وابتداع هيكل مرن سريع التجاوب مع الأحداث ....فما بالك بالتثوير على مستوي الشارع والنظام السياسي!! ...المقاطعة:-.. فى رأيى....المقاطعه السلبيه لم تكن لتنفع ...انما الإيجابيه والتى يمكن أن تتضمن المطالبه بالتأجيل ريثما تنجز الأحزاب المعارضه ولو بعض مطالبها....الضغط لقيام الانتخابات فى جو نزيه ....بقوانين تكفل الحريات ...وبسجل انتخابي نظيف...وحكومه انتقاليه(او على الأقل) جهاز تنفيذى محايد وعادل يكفل الحقوق كاملة.....كلها مطالب عادله وليست بالكثيره على شعب السودان الذى راهنا عليه فى أكتوبر وابريل...وصدق وعده... إن المجتمع الدولى اليوم يقف مستغربا لترشح البشير رغما عن كونه مطلوب جنائيا كما نقف كلنا مستغربين تجاوز الانقاذ لدوائر جغرافيه كامله فى دارفور وجنوب كردفان والتى لن تكون مشاركتها فى العمليه الانتخابيه بشكل كامل ممكنه لاستمرار التوتر الأمنى فى المنطقه....إذا فقد كان الأحري بنا ألا نشارك فى هذه المهزله وإضفاء المزيد من الشرعيه على حكومة المؤتمر الوطنى ومرشحها...بل نضغط بقوة لقيام انتخابات نزيهه فى جو ديمقراطى وقوانين ملائمه....ونضمن بذلك اسقاط البشير وقوائم المؤتمر الوطنى.....اذا...فرفض الانتخابات بشكلها الشائه هذا ليس خوفا من الهزيمه...فى وجه البشير أو غيره انما مسألة ثبات على المبدأ والخط...واستعمال الضغط السياسي النشط فى كل الجبهات لتحقيق مطالبنا يصبح خطا مناسبا وصادقا لاستنهاض الجماهير...فلتخرج المواكب والمظاهرات ولتشتعل العاصمة والأقاليم بالملصقات والللافتات وتصدح دور الحزب بالندوات والنقاشات وتضج كل الأقلام الشيوعيه بالمطالب عبر كل النوافذ .....وليصبح همنا الرئيس هو التفاف الجماهير والقوي السياسيه حول خط الحزب فى عدم الرضا والموافقه بفتات الحكومه بل المطالبه بحقنا فى انتخابات نزيهه بشروط محدده..... ...ولكن كل ما سبق ما هو إلا اضغاث أحلام ...فقد شاركنا فعليا فى عملية الخفاض الفرعونى للتحول الديمقرطى ..والمسماة مجازا ..الانتخابات ..والمقاطعة فى مراحل لاحقة من المعركة الانتخابيه - رغما عن كونها الخيار المناسب – إلا أنها لا تخلو ايضا من تبعية للحركة الشعبية وبعض الانهزامية بل وفيها نوع من الخيانة لجماهير الشعب السودانى وجماهير الحزب التى بذلت الغالى والنفيس لتصبح نافذة الانتخابات سببا فعليا للحراك السياسي .... فهى خطوة لا يمكن تبريرها بالسجل المزور ونذور التزوير المحتومة فى الانتخابات ولا يمكن تفسيرها قطعا بالقوانين المقيدة للحريات ....فكلها مبررات ومسببات كانت موجودة أصلا منذ البداية و مسوغات كافية للمقاطعة المبدئية ....ولكن تجاهلناها ودخلنا إلى السباق الانتخابي رغما عن كل شئ....فما الجديد الذى يبرر المقاطعة الآن بالذات!!؟؟؟؟ إن التمسك بمبادئ الحزب منذ البداية والعمل الجاد نحو كسب السند السياسي والجماهيري لها كان من الممكن ان يكون خطوة تثبت صدقنا ومبدئيتنا وجديتنا فى السعى لما هو اصلح بعيدا عن الكسب السياسى والمصالح الذاتية للحزب....والخوف من العزلة السياسية اذا ما تمسكنا بضرورة مقاطعة مسرحية الحكومة الهزلية خوفا فى غير محله ....فإذا فشلنا فى إدارة دفة الصراع من سباق انتخابي إلى صراع جماهيري لكسر حلقة سيطرة المؤتمر الوطنى على العملية الانتخابية ..فتلك حقيقتنا وحقيقة ضعفنا فلنواجهه ولننكب لتقوية حزبنا ومعالجة قصوره ومحاسبة المكتب السياسي بمراجعة قراراته غير الناضجة.. ....ثم ماذا بعد المقاطعة؟؟.......... جاء قرار المقاطعة فكان أكثر الخطوات مبدئية وأكثرها اتساقا مع المواقف المعلنة منذ بداية المعركة الانتخابية ....(بيان الحزب فى يناير )...ورغما عن أن مقاطعة الحزب أعلنت بعد إجتماع جوبا إلا أننا بذلك اثبتنا إلتزامنا بالتحالف فلم نعلن موقفنا إلا بعد الإجتماع على عكس الحركة الشعبية التى لم تكترث البته برأى قوى الإجماع الوطنى ومواقفها فأعلنت موقفها قبل الإجتماع فأصبح ورقة ضغط رابحة على بقية القوي السياسية .....فدخلت الاجتماع بعد أن تأكدت من ضمانات خطها السياسي .....!! ولكن ..للاسف ...أعلنت المقاطعه بعد التاريخ المقرر من قبل قانون الانتخابات والذى وافق عليه حزبنا ضمنيا بدخوله فى السباق الانتخابي منذ البداية .....فجاءت بعد فبراير ...وبذلك فقدت صيغتها القانونية وثقلها العالمى امام المراقبين الدوليين واصبحت انسحابا أكثر منها مقاطعة.....فكان القرار بذلك شديد التأخير ..مرة أخرى بسبب تتبعنا لخطوات القوى السياسية الأخرى وانتظارا لها فضلا عن قيادتها بقرارات ثورية تأتى باكرة قبل الجميع فيلتف حولها الجماهير التى تبحث عمن يقودها فى اتجاه كوة الضوء بخطى واثقة !..وكانت النتيجة أن العمل التعبوى من أجل إنجاح عريض لخطوة المقاطعة كان عملا ضئيلا لا يذكر ...فلم يكن قطعا بحجم التعبئة التى بذلنا فيها الكثير من اجل ضرورة التصويت ..وبهكذا نكون قد أظهرنا ارتباك خطنا السياسي بل واقتربنا إلى خيانة آمال الجماهير التى ارهقناها هتافا قبل سويعات عن " صوتك امانة فى ذمتك.. ويا عزة مشوارك طويل...دربك على التصويت عديل".....وخيلنا إليها بهيستيريا حملات التدشين بأن القوى الوطنية ومن ضمنها الحزب فى إمكانها الفوز رغما عن قوانين المؤتمر الوطنى ....فظهر للمواطن العادى انهماك الأحزاب فى دعايتها الانتخابية ولم يظهر له المصاعب التى تواجهها تلك الأحزاب بسبب القوانين المقيدة للحريات........لذلك فإن خطوة المقاطعة لم تؤتى أوكلها من ناحية الصدى السياسي الواسع.....بالذات أنها جاءت متأخرة كما ذكرت سابقا فأربكت الناخب....!!...وفى رأيي أن الإقبال الضعيف على الاقتراع لم يحدث بسبب حصيلة العمل السياسي للحزب ...إنما عزوفا وعدم اكتراث من الناخب بمجريات الأمور بعد تضارب المواقف وفشل تحالف جوبا فى اتخاذ موقف موحد... ..تحليل وتقييم أم استمرار للركض خلف السياسي اليومي؟؟ نحتاج حتما للوقوف برهة لإلتقاط انفاسنا ..ففضلا عن اللهث المحموم خلف المكسب السياسي فلنقف للتقييم وممارسة النقد والنقد الذاتى ومحاكمة أنفسنا وآليات عملنا بشفافية والخروج من حالة التبعية والترقب إلى فضاء جديد من الريادة والقيادة فى الخط السياسي ......فدرب النضال مازال مستمرا وتحديات المرحلة القادمة تفرض علينا التقدم بحلول ورؤى عميقة بعمق الأزمة السياسية السودانية....فها هى مقومات " الوحده الجاذبة" قد انتفت بانهيار حلم الانتخابات النزيهة وقيام دولة ديمقراطية حقة تعمل على توازن السلطة والثروة والتنمية فى السودان واصبح الإنفصال سيفا مرفوعا على الرقاب قد يهوى فى جزء من الثانية...... فماذا نقدم فى الحزب من رؤى ومقترحات قبل الإستفتاء....وما هو الدور " الثورى" الذى من واجبنا الإضطلاع به فى هذا الظرف الدقيق؟؟ إذن..
إما أن نصدق أنفسنا وجماهيرنا الوعد. ..فنهب بتثوير حقيقي لخطنا السياسي لنعود ونصبح قوة إجتماعية كبري ونبادر لإنقاذ الوطن من الهاوية ..أو نرتضي لحزبنا كهفه ونستسلم ونتقبل العزاء على حلم السودان الموحد الذي بدأ فى التهالك التدريجي...
#شيراز_عبد_الحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسئلة ضرورية للخروج من النفق
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|