|
أسرلة القضية
عمار الجنيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 9 - 15:25
المحور:
القضية الفلسطينية
أسرلة القضية وحلّ الدولتين. يتطلّع العالم باهتمام وتأثّر منقطع النظير للصراع التاريخي بين إسرائيل والفلسطينيين، ويرى بأن الوقت قد حان لإنهاء قضية ومشكلة الشرق الأوسط التي بات يؤمن العالم أنه بحلّها فإن إحلال السلام يعني أن الطريق سالكة لحلحلة القضايا والإشكاليات العالقة في العالم، لكن الحكومة الإسرائيلية ما زالت ماضية في عنادها ورفضها لأيّة رؤية أو مسعى حقيقي لإحلال السلام، بالتنامي المستمر لحركة الاستيطان في القدس والضفّة الغربية وعمليات التهويد المتغوّلة والمُحبِطة لأي بادرة سلام، حيث يقف وزير الخارجية الإسرائيلي "افيغادور ليبرمان" على رأس هذا التوجه الموصوف بالعنصري بسبب عداءه للعرب وبسبب تاريخه السياسي المثير للضغينة ، حيث دعواته المستمرّة المعادية للعرب والمُحرّضة على العنصرية والموصوفة بالصهيونية المتطرّفة كدعواته المستمرّة لإبادة العرب وتطهيرهم عرقيّا؛ غير عابئ بنتائج معارضته للتوجه العالمي لحل قضية ومشكلة الشرق الأوسط المتمثّل بحل الدولتين، بل هو يسعى لتكريس الاحتلال وإقامة الدولة اليهودية ويحرِّض بعنصرية مقيتة على التنكيل بالشعب الفلسطيني لإذلاله وقهره وإنكار حقوقه وبما تجرّه هذه السياسات على عملية السلام وعلى الشعب الفلسطيني المضطهد، متكئاً على سياسته العنصرية المنطلقة من عدائه السافر للعرب والتي يدعو فيها لطرد العرب وإبادتهم واستبدالهم بمستوطنين يهود.
وقد أصبح مألوفا أن نسمع يوميا سعيا إسرائيليا لجعل القدس عاصمة لدولة إسرائيل، ولم يعد غريبا هذا السعي الإسرائيلي المحموم لتهويد المناطق والبلدات والمدن والقرى العربية، ، بل وشطب النكبة من المناهج المدرسية، وشطب أسماء تلك المدن والقرى من اللوحات المرورية الإرشادية ، وتحويل أسمائها إلى العبرية، ، وذلك في سعيها المتكرر لمحو حتى آثار اللغة العربية، وطمسها تمهيدا لإلغائها، وربما معاقبة مَنْ يتكلم بها داخل حدود الدولة مستقبلا، حتى تصير "الأسرلة" و "اليهودة" و "العبرنة" واقعا لا مفرّ منه؛ فالتضييق على خناق الفلسطينيين سواء بالتوسّع في الاستيطان أو سلسلة الاعتقالات والمداهمات اليومية المتكررة أو هدم المنازل الخاضعة أصلا لجدار الفصل العنصري أو بالانتهاكات الإسرائيلية التي ترقى في توصيفها إلى "جرائم دولية"؛ بسبب خرقها المستمر للمعاهدات والمواثيق والقانون الدولي؛ - وكل ذلك يجري تحت سمع وبصر وإرادة المجتمع الدولي وضغطه لوقف النشاطات الاستيطانية التي تعرقل مسيرة السلام- فممارسات الاحتلال الإسرائيلي في تصاعد وتسابق مع الزمن لتهويد مدينة القدس (بالتحديد)، بإمعانها في استخدام الوسائل والإجراءات التي من شانها أن تعجّل في ترحيل والفلسطينيين من أرضهم؛ حتى يتم الاعتراف ومن ثم الارتباط القسري والقهري للعرب بالدولة اليهودية ومحو وشطب التاريخ العربي، لينسجم ذلك مع توجّهات الدول اليهودية ب "الأسرلة" و "اليهودة"، مؤكدة عبر هذا النهج عنصريتها واضطهادها للشعب الفلسطيني، ومضيّها في سياسة تزوير الحقائق وتشويهها.
فمنذ الوعد البلفوري الذي تعهّد بموجبه بإقامة وطن قومي لليهود، ومنذ أن تحقق الاعتراف الاستعمار بوجود هذا الكيان، وقد بدأت إسرائيل باستباحة الإنسان والأراضي العربية لدرجة (استحلال) الدم والأرض والتاريخ والإرث الحضاري العربي، وحتى قرار الأمم المتحدة بالتقسيم في العام 1947 جاء ليؤكد أن تكون كل فلسطين أرضا يهودية ولو بالإكراه.
بعض هذه المدن أو البلدات العربية تعود في تاريخها إلى آلاف السنين، وما زالت قائمة بأسمائها العربية مذ ذاك الزمن الغابر، الذي شهد صولات الأنبياء وجولات انتشار رسالاتهم، كما شهدت أحداثا جساما وتاريخا من الحروب والمواقعات المؤثرة، ولم يغيّر العرب عليه شيئا تكريما للإرث الثقافي والديني والإنساني الذي تحمله، لكن إسرائيل في صراعها الطويل مع العرب؛ تَظهر في الإعلام الغربي على أنها (مسكينة) ولا حول لها وأنها مُحبّة للسلام وساعية له وان العرب هم الرافضون لمبادرات السلام، رغم انتهاكاتها الواضحة والصريحة لمبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية؛ فهل تستطيع إسرائيل بإجراءاتها ونهجها العنصري ذاك أن تمنع الفلسطينيين من تمسكهم بحق عودتهم المشروع!.
الإدارة الإسرائيلية لا تكفّ عن التحايل على إرادة المجتمع الدولي الراغبة في استقرار منطقة الشرق الأوسط الملتهبة في صراعها الأبدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتأخذ حكومة نتن ياهو في غيّها برفض إيقاف المطالبات الدولية وذلك باستكمال بناء المستوطنات حتى يعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات وبمهلة يحددها الإسرائيليون أنفسهم.
الفرصة مواتية لإقامة الدولتين وإحلال السلام الدائم المنشود وقيام دولة فلسطينية تعيش بسلام وهدوء جنبا إلى جنب مع الدولة اليهودية وفق مرجعيات الشرعية الدولية وذلك وفق جدول زمني يحدد شروط وطبيعة تلك المفاوضات المزمع عقدها بين طرفي الصراع، خاصة وأن إسرائيل الحاذقة في لعبة المفاوضات تسعى جاهدة لجرّ بعض أطراف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لكسب المزيد من التنازلات والمزايدات التي لا ترقى لمستوى الصراع أو لمستوى القضية، مستفيدة من غياب الشريك الفلسطيني والتهاء المنظمات والحركات السياسة الفلسطينية بالصراعات فيما بينها؛ وعلى الوجه الآخر فإن المواقف الدولية الرافضة للاستيطان الإسرائيلي تنهض في أهم دعائمها على عدم الاستجابة الإسرائيلية لمغريات شروط السلام، واعتبارها للقدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية، وسياستها اليومية في هدم البيوت ومصادرة الأراضي وتدنيس المقدّسات وتشريد العوائل المقدسية أو في الضفة الغربية، إنما تُعتبر كارثة حقيقية تحلّ بالعملية السلمية، وتُنذر بعموم الفوضى وتسيّده للموقف الراهن.
المرحلة على أهبة الدخول إلى ساحة نزاع سيرهق العالم بأسره، ويخرج عن نطاق السيطرة بحيث لن يكون له إلا الآثار السلبية المُرهقة والباهظة الثمن على الجميع، بالرغم من السعي الأردني الحثيث والإقليمي والدولي لإحلال وتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية المجمّدة منذ ولادتها قبل سبع سنوات وضمان عودة اللاجئين في شتات الأرض إلى دولتهم بحدودها المرسومة والمنصوص عليها دليا ضمن حدود ما يُعرف بال (67)، فرياح السلام التي تهبّ مواتية صوب إيجاد حلّ نهائي ودائم لفضّ معاناة الشعب الفلسطيني الرازح تحت أشرس هجمة عرفها التاريخ طالت الإنسان والحجر والتاريخ، لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية كما سابقتها ترفض هذه المحاولات الجادة ولا تعترف بهذه الجهود المخلصة لحلّ وتذليل الإشكاليات المواجِهة لعملية السلام، بل وتزدري عملية السلام برمّتها بإصرارها على المضي في بناء وترمي المستوطنات في القدس والضفة الغربية وتهويد غير مسبوق الرامية إلى طمس معالم هويتها العربية والإسلامية، رغم الجهود الأردنية والعربية والإسلامية للحيلولة دون ذلك.
#عمار_الجنيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|