أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 20 من رواية تصبحون على غزة














المزيد.....

الفصل 20 من رواية تصبحون على غزة


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


20
في ألمانيا تستقر دورة الحياة . الجاليات العربية التي على علاقات معه تؤم بيته عند المساء ، يسلمون عليه ويسألون عن الأهل في غزة ، كيف هم، وكيف يتدبرون أمرهم ؟ ما هي الأساليب التي يتحايلون فيها على الغلاء الفاحش وتدبير شؤون الحياة المعيشية ؟ كيف يتعايشون مع الاحتلال، وإلى متى ؟ أسئلة كثيرة تزيد الهموم ثقلاً وتهيّء التربة لانفلات العقل وتزيد من كثافة الغيوم التي تحجب الرؤيا .
وكيف يتعايشون مع الاحتلال وإلى متى ، يطن طنيناً موجعاً يصعب التماسك معه ؛ تجتاح كيانه موجة فريدة من الحزن والأسى تطفئ أضواء نصف حياته فيما النصف الأخر محصناً بمواتاة اللحظة المناسبة ، إنها ريتا التي ورثت عن أبيها اتزان التفكير عند شدائد الأمور ، التمسك بالعقل سليماً كي يحمي باقي أعضاء الجسم من الإصابة غير المتوقعة ، وحتى يتدخل في اللحظة المناسبة . وعن أمها، طاعة الزوج والتصرف معه بحكمة عندما يشتد به الغضب وتضيق في وجهه الدنيا ، تضيء أيامه في الليالي السوداء الحالكة ، وتقتسم معه غطاء السماء وافتراش الأرض عندما تعز النفس .
هذه هي ريتا المصنوعة من بقايا الاحتمالات وحكايات الأقدمين ، تنسج من جدائلها خيوط الأمل ومن فضلات الأطعمة وجبة صباحية طازجة ، تعيش اليوم وهي تفكر بالغد، وتحسب حساب المستقبل بكل احتمالاته المتقلبة ، تحلق في فضاءات لا يطأها إلا الباحثون ، وتغص في أعماق التربة بحثاً عن الجذور ، تداوي جراح الروح، وتشفيها من قروح التفكير، وتفتح مسالك الوصول إلى النهايات دون خوف من الخطوة الأولى ، نظرتها ثاقبة وعيناها مكحلة بطوابير اللاجئين الذين ساقتهم النكبة إلى حيث التشرد والضياع والاتكال على الآخرين ، تضع مصائرهم بين أيديهم ليقرروا ماذا يريدون : الدقيق المبعثر بين الأشواك، أم المصير المحمول على أسنة الرماح .
في الصباح ، كعادته ، يذهب إبراهيم إلى عمله ، يصطف الموظفون لاستقباله ، يهنئونه على العودة سالماً ، ثم يذهبون إلى مكاتبهم . تحضر له السكرتيرة القهوة ، يرتشفها بتلذذ اشتاق إليه ، يسألها فجأة : كيف كان العمل في غيابي ؟
- لم يتغير الانتاج . فقط تراكمت الأوراق التي بحاجة إلى توقيعك.
- أحضريها إذن ..
- قبل أن ترتاح، وتطلع بنفسك على سير العمل .
- نعم .
ذهبت سريعاً، ثم عادت، فيما كان إبراهيم ما يزال يرتشف القهوة بتلذذ .
- تفضل ، هذه هي ، لقد صنفتها تبعاً للأهمية والحاجة السريعة .
- لا بأس ..
وقبل أن تذهب استوقفها قائلاً :
- كم نحتاج من الوقت لتصفية الشركة ؟
لم ترد ، كانت بحاجة إلى استيضاح الأمر ، التأكد مما سمعت ، ولم يمهلها كثيراً ، طرح السؤال مجدداً :
- كم نحتاج من الوقت لتصفية الشركة ؟
وخيم الصمت ثقيلاً ، أجيالاً من المعاناة والانتظار . قطار الروح ما زال يسير على السكة رغم انحراف البوصلة عند المحطات الرئيسة ، والوقود المتبقي والمستكشف يكفي للسير حتى النهاية ودون توقف ، والأسئلة المهمة مؤجلة عند أبواب الحسم واللحظات المصيرية .
والصمت مازال مخيماً بانتظار توضيح لا بد منه كي تستقيم الأمور، والقهوة اللذيذة يرتشفها إبراهيم باشتهاء اشتاق إليه دهراً .
- لم افهم عليك ماذا تقصد ، كم نحتاج من الوقت لتصفية الشركة.
- أريد تصفيتها والعودة إلى فلسطين . وطني الأم أولى بجهدي وخبراتي لعلها تنفعه .
- وما فائدة النفع إذا لم يوفر لك الحماية المطلوبة ؟
- الحماية المطلوبة لها شروطها، ويجب على الجميع المساهمة في توفيرها ، إذ ما فائدة الانتماء إذا لم يكن بالأفعال، وتحمل مسؤولية المخاطرة، وتبعاتها على طريق الوصول إلى الأفضل .
- معك حق .
- إذن، كم نحتاج من الوقت؟
- ليس أقل من أربع إلي خمس سنوات ..
- هذا كثير .
- إذا لم تتريث ستبيعها بأقل من النصف ، وقد تغادر مثلما دخلت أول مرة ، صفر اليدين .
- لنباشر الإجراءات على نار هادئة ..
- مع مطلع الأسبوع القادم .
- لا بأس ..



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 19 من رواية تصبحون على غزة
- الأول من أيار
- الفصل 18 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 17 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 15 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 14 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 13 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 12 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 11 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 10 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 9 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 8 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 7من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 6 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 5من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 4 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل3 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل2 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل1 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل16 من رواية تصبحون على غزة


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 20 من رواية تصبحون على غزة