أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الشعب على حق ولو كان على خطأ














المزيد.....

الشعب على حق ولو كان على خطأ


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2995 - 2010 / 5 / 4 - 16:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم إن سياسيين وكتابا ما زالوا يتعاملون مع يوم الاحتلال كيوم تحرير أغر, فإن كتابا آخرين, وفي محاولة منهم لتخفيف الصدمة, كانوا حاولوا العثور على تفسير أكثر مراعاة لموروثهم الوطني وحالتهم النفسية بما يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع الظرف الجديد, وبالطريقة التي تسمح لهم بالمراهنة على إمكانية أن ينتج الاحتلال طريقا أقل وعورة من ذلك الذي سلكه صدام حسين وجعله لا يؤدي سوى إلى الجحيم.
ومع الأكثرية المطلقة من أبناء الشعب العراقي التي جعلها صدام على استعداد للتصفيق والترحيب بأية قوة تساعدها على الخلاص منه, فإنه لم يكن صعبا علينا أن نبحث عن تفسير يجمع بين نقيضين لا يمكن لهما مطلقا أن يجتمعا معا تحت سقف واحد وهما, الترحيب بالخلاص من نظام صدام, الذي كاد أن يكون حلما أو خيالا, ومعه الترحيب بأية قوة ستحقق ذلك الحلم.
لكن الحال العراقية لم تكن حالا مستثناة, فالصراع بين الدول والمعسكرات قد ما يجمع بين حالتين متناقضتين من هذا النوع, أو بين حالتين على غرارهما, فلقد صفقت شعوب كثيرة للإحتلالين الأمريكي والسوفيتي بسبب معاناتها من الموجة النازية أو الشوفينية التي كلفتها كثيرا ودفعتها للمراهنة على إمكانات أن يخلق الاحتلال أوضاعا أفضل من تلك التي خلقتها النظم الدكتاتورية. إذ حينما يضغط الاستخدام السلطوي للوطنية كثيرا على المواطنين فإن مفهوم الوطنية ذاتها يصبح في خطر حقيقي وحتى إنه قد يتحول إلى مفهوم مستهلك ولا معنى له. وليس هناك شعب واحد في الكون مستعد لأن يبادل حريته وإنسانيته بوطنيته, ولهذا فإن الحكام الذين يدعون الوطنية سيكونوا أكثر خيانة لها وأكثر إضرارا بها حينما يضعون الشعب في خانق الاختيار بينها وبين الحرية وكأنهما مفهومان متناقضان لا يمكن لهما أن يجتمعا تحت سقف واحد.
إن ( الشعب على حق ولو كان على خطأ ) لأن الشعب ليس حالة مطلقة من الشر أو من الخير وإنما هو وليد حالته الظرفية, أما الموروث فيتراجع تأثيره أو يتقدم تبعا لطبيعة المؤثرات المرحلية. لذلك لا يجوز تحميله أخطاء المرحلة التي عادة ما تكون وليدة لظروف قاهرة أو نتيجة لسياسات وقيادات مخطئة, وعادة ما يكون الحكام هم المسؤولون الحقيقيون عن وضع الشعب في الحالة الخطأ. إن حكاما من هذا النوع, وفي المقدمة منهم الصداميون, هم آخر من يحق لهم الحديث عن الوطنية, لأنهم من وفر الأسباب القانونية والسياسية وحتى الأخلاقية التي دعمت قرار الاحتلال وجعلت تنفيذه أمرا ممكنا و سهلا ومرغوبا به أيضا. وإذا ما قيض مستقبلا أن تتم محاكمة القوى التي سهلت إحتلال العراق فإن الصدامين سيدخلون القفص كمتهمين حقيقين, وحتى إنهم سيدخلونه قبل غيرهم من المتهمين الآخرين, رغم إنهم عادوا الآن للعمل تحت خيمة الوطنية التي كانوا مزقوها من خلال سياسة عدوانية وقمعية تعدت حتى اللامعقول.
وإن من العيب حقا أن يستمر مسلسل الاستخدام السلطوي لمعنى الوطنية من قبل المجاميع الصدامية بهذا الشكل المقرف بعد أن كان تسبب بالكثير من الهزائم والآلام للعراق وشعبه, وهو استخدام لا يستطيع عليه سوى أولئك الذي لا معنى عندهم للعيب, وإلا كيف يستطيع أولئك الذين أوصلوا الشعب بقسوتهم وقمعهم وفسادهم إلى حالة ( الخطأ الصح) أن يقفزوا مرة أخرى من قفص الاتهام إلى منصة القضاة ليهاجموا غيرهم بإسم الوطن والوطنية وهم الذين كانوا قد تسببوا بوضعهما في مأزقهما التاريخي المشين والمهين.
من ناحية أخرى, لا شك إن الوضع الذي خلقه الاحتلال كان مزريا ومؤلما بحيث عجل بانهيار العناوين الكاذبة لحملته, تلك التي حاول من خلالها أن يتقمص دورا وهميا ولا وجود له إلا في المخيلة التي عطلها القمع الصدامي, ذلك القمع الذي تجاوز وظيفته الإستخدامية لحماية السلطة لكي يصبح مرضا نفسيا يعبر عن ذاته من خلال المزيد من القمع والقتل.
ومرة أخرى بات الشعب على أبواب الوقوع في مطب ( الصح الخطأ ) حينما وضعه رجالات الحكم الحالي في ظروف قاهرة ومؤلمة سيكون لها دون أدنى شك تأثيرا كبيرا على حثه للسير على طريق الخيارات المشوهة. وبعد عشرة أعوام سيكون هناك جيل بعمر السابعة عشر لم يكن قد ولد حينما كان صدام يحكم العراق, وهو جيل لم يتعرف سوى على الوضع الحالي ولم يتطلع سوى إلى وجوه رجاله المخيبة للآمال ولم يسمع سوى بأعمالهم المشينة. ومع الكثيرين من الذين تفاقمت مأساتهم بسبب الاحتلال ورجالاته من ذا الذي سيضمن إن هؤلاء لن يعيدوا الأخذ بخيار ( الصح الخطأ ) ولو بشكل معكوس فتشهد بغداد ما شهدته سابقا, أو ما يقترب منه, حين يخرج أهلها من جديد للترحيب بأية قوة تخلصهم من الضيم الجديد حتى ولو كانت هذه القوة أختا للشيطان نفسه, وحتى لو كان أول ما ستفعله إعادة نصب تمثال لحاكم إضطرهم ذات يوم للقبول بالاحتلال كأفضل السيئات .
إن الشعب الذي رحب بالاحتلال من أجل الخلاص من صدام حسين لن يكون صعبا عليه أن يرحب بأية قوة تعده بتغيير أوضاعه الخانقة المزرية من جديد, وتماما كما حدث بسبب الصداميين فإن رجالات الحكم الحالي سوف يتسببون مرة أخرى بوضع الشعب في خانق اختيار( الصح الخطأ ).
ومرة أخرى سيجري التلاعب بمفهوم الوطن والوطنية بشكل معيب.
ومرة أخرى ستدور الأسطوانة من جديد.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو ظهر عبدا لكريم قاسم الآن لسانده ( السنة ) وقاتله ( الشيعة ...
- القلم.. قدس الله سره, والكاتب.. حفظه الله ورعاه
- ليس هناك حل للعراق سوى أن تديره شركة أجنبية
- عن تشكيل الحكومة .. أزمة دولة وليست أزمة حكومة
- العراق ... وفرصة الخروج من المأزق الجديد.
- الديمقراطية العراقية... صح ولكن في المكان الخطأ
- التاسع من نيسان ...لا تخافوا, التأريخ لم يعد يُكْتَبْ بنفس ا ...
- من حقنا أن نخطأ ... ولكن ليس كثيرا
- كلام حق عن علاوي
- علاوي والمالكي ... وبيضات ألقبان
- لا تدوخونه ولا ندوخكم
- يا لها من وطنية رائعة
- أياد علاوي ... هل تكون الديمقراطية عون بدلا من فرعون
- صدمات انتخابية
- لماذا سقط صدام حسين
- ليس بإمكان الديمقراطية وحدها أن تخلق المعجزة
- هل بإمكان الديمقراطية وحدها أن تخلق المعجزة
- عن الديمقراطيتين .. الأمريكية والعراقية
- كما في السياسة كذلك في الطبيعة ... الديمقراطية وأحزاب رد الف ...
- وما زال العراق تحت التكوين


المزيد.....




- -ضربته بالعصا ووضعته بصندوق وغطت وجه-.. الداخلية السعودية تع ...
- كيف يعيش النازحون في غزة في ظل درجات الحرارة المرتفعة؟
- فانس: في حال فوزه سيبحث ترامب تسوية الأزمة الأوكرانية مع روس ...
- 3 قتلى بغارة إسرائيلية على بنت جبيل (فيديو)
- -يمكن تناولها ليلا-.. أطعمة مثالية لا تسبب زيادة الوزن
- Honor تكشف عن هاتف متطور قابل للطي (فيديو)
- العلماء يكشفون عن زيادة في طول النهار ويطرحون الأسباب
- لماذا نبدو أكثر جاذبية في المرآة مقارنة بصور كاميرا الهاتف؟ ...
- العراق.. انفجارات وتطاير ألعاب نارية في بغداد (فيديو)
- مصر.. محافظ الدقهلية الجديد يثير جدلا بعد مصادرته أكياس خبز ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الشعب على حق ولو كان على خطأ